الاتصالات في اليمن .. إنجازات تعكسها الأرقام
صنعاء /سبأ :حظي قطاع الإتصالات في اليمن بإهتمام الحكومات المتعاقبة منذ فجر الثورة اليمنية المباركة ( 26 سبتمبر و14 أكتوبر ) بإعتباره أحدى ركائز التنمية وعاملاً أساساً لتحقيق النهوض المنشود في العصر الراهن عصر المعرفة والتقنية والتكنولوجيا.وحرصت الحكومات اليمنية على مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي والتي باتت تعرف بالثورة الرقمية نظرا لأهمية ذلك في خدمة أهداف التنمية في كافة قطاعاتها، و إدراكاً منها بأنه بات من الصعب على أي مجتمع أن يتطور دون الانفتاح على العالم والانخراط في المنظومة المعلوماتية العالمية والإندماج ضمن القرية الكونية الواحدة .وتفتخر اليمن اليوم بكون قطاعها الإتصالي صنف في تقييم دولي بأنه من أفضل القطاعات على مستوى المنطقة العربية التي واكبت تطورات التكنولوجيا وتقنيات المعلومات والاتصالات.التطور الذي وصلت إليه اليمن في هذا القطاع لايمكن مقارنته بما كان عليه الحال قبل الثورة اليمنية المباركة سواء في الشطر الشمالي الذي كان قابعا تحت ظلمات وطغيان الإمامه الكهنوتية المستبدة أو الشطر الجنوبي الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار المتسلط .. لانة لا وجه للمقارنة بين ذلك الواقع المرير الذي كانت فيه اليمن تتسم بالعزلة وصعوبة التواصل بين مناطقها فضلا عن عزلتها عن الخارج وبين ماوصلت إليه اليوم ليس جميع مدنها فحسب وأنما حتى مناطقها الريفية وجزرها من إنجازات رائدة تكفل لها الاتصال والتواصل مع أي دولة عبر أحدث تقنيات الاتصالات الرقمية ووسائلها المتعددة . [c1]الاتصالات في اليمن .. البدايات الأولى[/c] ولتسليط الضوء على واقع الأمس وبالحقائق والأرقام, فقد كانت خدمات الإتصالات قبل قيام الثورة اليمنية شبه معدومة سوى من بعض وسائل الاتصال التقليدية محدودة النطاق والاستخدام، والتي تمثلت في خدمة التلغراف بواسطة الخطوط المحمولة فردية السلك في المحافظات الشمالية والتي أدخلها العثمانيون أثناء حكمهم لليمن في أوائل القرن الماضي وأستمر هذا الحال حتى أواخر الخمسينات.وعلى الرغم من التطور الذي شهدته تكنولوجيا الإتصالات في ذلك الوقت إلا أن الحكم الإمامي الذي أحكم سيطرته على المحافظات الشمالية عمد إلى عدم إدخال أي أنظمة إتصال حديثة بإستثناء أنظمته المتخلفة التي ظل محافظاً عليها خلال الفترة 1956م- 1958م والذي إقتصر على /800/خط هاتفي خصص معظمها للأسرة المالكة وبعض الدوائر الحكومية.وفي المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت ترزح تحت نير الإستعمار البريطاني فلم يكن الحال أفضل مما كان عليه في المحافظات الشمالية ، حيث إقتصرت خدمة الإتصالات على إنشاء بعض السنترالات الميكانيكية نوع /استر وجر/ من قبل الإستعمار لإستخدامها في خدمة أهدافه .وفي آوائل الخمسينات تم توزيع تلك السنترالات على بعض أحياء عدن وأقتصر إستخدامها حتى بعد توسيع تلك السنترالات وإرتفاعها في بداية السيتينيات الى(7855) خطا هاتفيا بدرجة رئيسية لخدمة الاحتلال البريطاني ومؤسساته وبعض النشاطات التجارية البسيطة .[c1]الثورة المباركة .. الإنطلاقة الحقيقية [/c]جاءت الثورة اليمنية المباركة لتضع اللبنات الأولى للنهوض بهذا القطاع ، ولتؤسس لمرحلة الإنطلاق الكبرى والتحول النوعي والتي تعززت بعد إعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو 1990م , حيث دشنت اليمن خطواتها العملية بالتعاطي الفعلي مع التطورات العالمية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات من خلال التطورات الجذرية التي سعت الى احداثها في هذا المجال عبر خطط وبرامج استهدفت تطوير هذا القطاع كما وكيفا .. بما ينسجم وطبيعة التحولات التي شهدها اليمن الموحد وتسارع خطوات التحديث والتطوير في المجالات التنموية والخدمية كافة بغية ترجمة التطلعات والغايات المنشودة ليمن الثاني والعشرين من مايو.إن الهم الرئيسي الذي أولته الحكومات اليمنية المتعاقبة منذ إعادة الوحدة المباركة أنصب على إحداث قفزة نوعية في واقع الإتصالات في المحافظات الجنوبية والشرقية بما يتانسب مبدئيا مع ما هو حاصل في المحافظات الشمالية ومن ثم الإنطلاق صوب تحقيق أهداف التطوير المنشودة. ففي المحافظات الجنوبية والشرقية لم يكن في الـ 22 مايو 1990م سوى 713ر31 خط سنترال هاتفيا، جميعها تعتمد على التقنيات الميكانيكية القديمة والتي كانت صناعتها قد انقرضت في معظم البلدان، أما وسائل التراسل بين المدن الرئيسية فكانت تتركز حول محور اتصال ميكرويف يربط عدن بحضرموت بتقنيات سابقة ضمن نظام التقسيم الترددي بسعة إجمالية تقل عن 200 قناة . [c1]إنجازات عهد الوحدة[/c]خلال السنوات الأولى من عمر الوحدة اليمنية المباركة تمثلت المشاريع التي نفذتها الحكومة في استبدال جميع السنترالات الميكانيكية بسنترالات إلكترونية حديثة وربط المدن الكبرى فيما بينها وتوصيلها ببقية المدن في المحافظات الشمالية بسعات كبيرة وبتقنيات حديثة واستعمال احدث تكنولوجيا الاتصالات وهي تكنولوجيا الألياف البصرية ،حيثما أمكن ، أي في الممرات غير الصخرية ،إضافة إلى تسخير المحطات في عملية التواصل مع المواقع النائية آنذاك في سقطرى والمهرة والمكلا. وكانت أهم خطوة إتخذتها الحكومة لتطوير شبكة الاتصالات في المحافظات الجنوبية هو إنشاء كابل بحري بأحدث تقنيات الألياف البصرية يربط عدن بأهم عواصم العالم، عبر جيبوتي وبالتواصل مع كابل (سي ام وي2 )الدولي ، بسعة ابتدائية قدرها حوالي 345 قناة وانتهائية تبلغ اكثر من 10آلاف قناة،بالاضافة الى إنشاء سنترال دولي جديد بالتقنيات الحديثة وسعة ابتدائية تزيد عن ألف قناة دولية تربط الجمهورية اليمنية بكافة بلدان العالم .وفي الوقت ذاته كان العمل جاريا لاستبدال جميع السنترالات القديمة بأحدث التكنولوجيا وزيادة سعاتها بمقدار 50بالمائة ومنها شبكات ذات بنية تحتية حديثة ومتسعة في العديد من المدن ، كالمكلا وسيئون ،كما أنشئت شبكة الألياف البصرية في وادي حضرموت و شبوة و مدينة عدن ولحج وابين، فضلا عن إنشاء وصلة الميكرويف بين صنعاء وعدن، والمحطات الفضائية لربط سقطرى بالغيظة .و في ذات الوقت الذي كانت فيه معظم الجهود منصبة على رفع مستوى شبكة المحافظات الجنوبية والشرقية ، فإن العمل في المحافظات الشمالية كان مستمراً من حيث ارتفاع الخطوط المتعاقد عليها خاصة في مراكز المدن، أو إضافة مواقع جديدة في جميع المحافظات، والتوسع في شبكة الميكرويف أفقيا وعموديا بمئات القنوات ، وانتشار شبكات الألياف البصرية في مدينة صنعاء وضواحيها وفي سهول تهامة ، بكابلات و تجهيزات يابانية وفنلندية.وفي ظل هذا التطور قفزت السعة المجهزة في الشبكة الوطنية قفزة نوعية حيث بلغت السعات الهاتفية المجهزة في الشبكة الوطنية للهاتف الثابت في مختلف محافظات الجمهورية حتى نهاية النصف الأول من العام 2008م مليون و 333 ألف و 902 خط هاتفي مقارنة 153 الف و 866 خطا هاتفيا مجهزا في العام 1990م ، فيما وصل عدد الخطوط الهاتفية المستغلة منها حاليا إلى مليون و43 ألف و46 خطاً هاتفياً .وبلغ عدد مراكز الاتصالات في عموم محافظات الجمهورية حتى نهاية النصف الاول من العام 2008م 14 ألف و 221مركزا اتصاليا.[c1]ريف اليمن يرتبط بالعالم[/c]وعلى الرغم مما حققته الحكومة في هذا المجال إلا أنها ظلت تسعى الى تحسين خدمات الاتصالات سواء من خلال تبني الإستراتيجيات أو تنفيذ مجموعة ضخمة من المشاريع، أبرزها مشروع اضافة 500 ألف خط هاتفي، بهدف توسعة خدمات الاتصالات في جميع مناطق الجمهورية، بتكلفة 31 مليوناًو30 ألفاً و400 دولار، ومشروع اضافة 115 ألف خط ريفي، لتجاوزالتدني في التغطية الهاتفية للريف اليمني وإيصالها لأكبر عدد ممكن من التجمعات السكانية في المناطق الريفية.وفي ذات السياق ارتفع عدد الخطوط الهاتفية الريفية في المحطات الريفية إلى 193 ألف و 578 خطا هاتفيا، حتى نهاية النصف الاول من العام 2008 وبزيادة 3 الاف و 548 خطا هاتفيا في العام 1999م ، ويبلغ المستغل منها حتى الان 168 ألف و 718 خطا هاتفيا .وفي المقابل توسعت خدمات الانترنت التي دخلت الخدمة في اليمن للمرة الاولى في عام 1996م وازداد عدد المشتركين فيه والمترددين عليها حتى نهاية الربع الاول من العام الحالي 2008م إلى 233 ألف و210 مشتركين .. مقارنة بـ 3 الاف و 862 مشتركا في العام 1999م و 24 الف مستخدم في العام 2000م، ،فيما ارتفعت مقاهي الانترنت من 50 مقهى في العام 2000م الى 940 مقهى حتى نهاية الربع الاول من العام 2008م.[c1] رعاية المبدعين وتوطين التكنولوجيا [/c]وقد تبنت الحكومة ضمن إستراتيجيتها لتطوير هذا القطاع مشروع (مدينة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات)بتكلفة للمرحلة الاولى منه بلغت حوالي مليارين و 238 مليون ريال.وياتي هذا المشروع بهدف إقامة مجمع تقني متكامل يعنى بتقنيات الاتصالات والمعلومات وصناعة البرمجيات، واستقطاب الكفاءات المتخصصة والمبدعة القادرة على تحويل هذه الافكار إلى برامج عملية في المجالات الاقتصادية والعلمية , وتحوي عدداً من المراكز والشركات المتخصصة العاملة في مجالات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والتدريب وصناعة البرمجيات. [c1] يمن نت بوابة ثانية للعبور إلى العالم[/c] ولم يتوقف الطموح عند ذلك بل عملت الحكومة على إنشاء البوابة اليمنية للانترنت (يمن نت)، لتمثل بوابة عبور لليمن إلى شبكة الإنترنت العالمية، وبهدف توفير بنية تحتية مناسبة؛بغرض تحقيق الاستفادة الشاملة من معطيات تقنية المعلومات والاتصالات، وتوفير خدمة بجودة عالية وبتكلفة مخفضة؛باعتبار ذلك من الأولويات الحكومية الاستراتيجية .بالاضافة الى ذلك تم تنفيذ مشروع (شبكة تراسل المعطيات والمعلومات) المعني بتوفير البنية الأساسية لشبكة تراسل وتبادل المعطيات وفق سرعات عالية وسعات كبيرة لربط كافة الوزارات والمؤسسات والبنوك والشركات والهيئات والمصالح والجامعات بقنوات مباشرة مع فروعها عبر شبكة تراسل واحدة.كما تم تدشين أعمال البرنامج الوطني لتقنية المعلومات / الحكومة الالكترونية / ومشروع فخامة رئيس الجمهورية لتعميم الحاسوب ، الذي تم في اطار مرحلتيه الاولى والثانية توزيع اكثر من 9000 جهاز حاسوب بتكلفة تجاوزت ملياري ريال بهدف تعميم ثقافية الحاسوب واستخدامات الانترنت.[c1]الهاتف السيار .. قصة نجاح في اليمن[/c]وفيما يخص خدمات الهاتف النقال فإنها لم تكن معروفة قبل العام 1990 حيث دخلت هذه الخدمة إلى اليمن في العام 1992م.وقد شهدت الساحة اليمنية تطورا ملموسا في هذا المجال على الرغم من قصر الفترة سواء من حيث عدد المشتركين او المستفيدين من هذه الخدمة ،أو تعدد الانظمة المشغلة لها .وكنتيجة للتوجه الحكيم للقيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس /علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وحرصه على اشراك القطاع الخاص في عملية التنمية أطلقت هذه الخدمة للتنافس بالسماح للشركات بالدخول للاستثمار فيها، بعد أن كانت مقتصرة حتى عام 2001م على شركة تيليمن للاتصالات اللاسلكية، من خلال دخول شركتين للقطاع الخاص هما / سبأفون/ و/سبيستل/ بالاضافة الى خدمة الهاتف النقال عبر الأقمارالاصطناعية (الثريا) للاستثمار في هذا المجال بنظام / الجي إس إم/ .وحرصا من الحكومة على تحسين هذه الخدمات للمواطن وكسر الاحتكار وفتح باب التنافس في هذا المجال عملت على ادخال خدمة / يمن موبايل / بنظام / سي دي إم إي/ كبديل أفضل لنظام خدمات الاتصالات اللاسلكية / تيليمن / لتكون اليمن بذلك أول دولة عربية تعتمد هذا النظام الذي يعمل بكفاءة عالية ويصنف عالميا بالجيل الثالث للهاتف النقال ليصل عدد المشتركين في خدمات الهاتف النقال بنظامي الجي إس إم والسي دي إم إي الى أكثر من 4 ملايين ونصف المليون مشترك ، بالاضافة الى دخول شركة جديدة بنظام جي اس إم تحت اسم يونيتل هتس( وآي).[c1] تيليمن .. عهد جديد [/c]وقد كان لإنتقال ملكية الشركة اليمنية /تيليمن/من إدارة شركة البرق واللاسلكي البريطانية إلى ملكية المؤسسة العامة للاتصالات أثر إيجابي في تضييق الخناق على ظاهرة تهريب المكالمات الدولية و ارتفاع ايرادات الاتصالات الدولية بتقليص فارق الدقائق التي كانت تتعرض لقرصنة الاتصالات الدولية بطرق غير شرعية وبدون أي عائدات مالية تذكر لخزينة الدولة .وقد عمدت تيليمن إلى تحديث نظامها السابق بنظام يمن موبايل مما اسهم في تخفيض رسوم الاتصالات الدولية الى اكثر من خمسين في المائة.[c1]الألياف الضوئية .. أحدث تقنيات[/c]ولعله من المفيد الاشارة الى ان ما وصلت اليه اليمن في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات لم يكن ضربة حظ وانما توفرت لها بنية تحتية تمثلت في تغطية الجمهورية بشبكة الألياف الضوئية، وربط مدنها الرئيسية والثانوية بشبكة تراسل ذات تقنية عالية وبسعة تراسلية قادرة ليس على تلبية احتياجات الاستخدام الحالي ، وإنما تلبي ايضا الطلب لهذه الخدمة لخمس سنوات قادمة من خلال شبكة يبلغ طولها حوالي 8600 كيلومتر من الألياف الوطنية التي تربط فيما بين المدن، بالاضافة الى ان اليمن ترتبط منذ العام 1995 بشبكة من الالياف الدولية عبر الكابل البحري بطول 226 كم الى جيبوتي ومنها الى عددمن الدول العربية وجنوب شرق آسيا واوروبا. فيما تتواصل الجهود لاستكمال ربط اليمن عبر الألياف الضوئية مع سلطنة عمان بطول 700 كيلو متر وبتكلفة اجمالية بلغت مليار و500 مليون ريال.[c1] الاتصالات وعلاقتها بمكافحة الفقر [/c]ويتجلى حرص الدولة على تحديث الاتصالات من خلال المشاريع ذات الصلة بذلك وما تتطلبه من تكاليف ضمن خططها التنموية المدروسة التي تستهدف الانسان اليمني في المقام الاول ، بالاضافة الى ما احدثته هذه التطورات من فائدة على المواطن والمؤسسات التعليمية والهيئات البحثية ، واسهم ايضا بدعم جهود الحد من البطالة ومكافحة الفقر من خلال ما وفرته من فرص عمل سواء لمن يعملون في مجال هندسة الاتصالات او من خلال عشرات الآف من العاملين في مراكز الاتصالات المنتشرة في مختلف انحاء الجمهورية والعاملين في مقاهي الانترنت.