غضون
- القواعد التي أنشأها فقهاء الأصول الإسلاميون قبل أكثر من ألف عام حول مقاصد التشريع, كانت قي ذلك الوقت فتحاً فقهياً كبير الأهمية .. فقد قالوا إن مقاصد التشريع (أي وضع قانون ما في المجتمع) لابد أن تدور حول حفظ الدين, وحفظ النفس, وحفظ العقل, وحفظ النسل, وحفظ المال.. فالقوانين هدفها حماية الدين, وتحريم قتل النفس, وتحريم كل ما يذهب العقل, ومنع الاعتداء على الملكية الخاصة, وحفظ الأسرة .-الآن ونحن نعيش في هذا العصر هل علينا التوقف عند هذه المقاصد الخمسة؟ أم لابد من التوسع فيها لتشمل مقاصد تشريعية أخرى مثل حق المسلم في حرية اعتناقه العقيدة التي تميل نفسه نحوها, ومثل الحق في التعبير والحق في الزواج من دون قيد ديني, والحق في التعدد والاختلاف, والحق في التفكير.- كذلك الأمر فيما يتعلق بأسس الشريعة الإسلامية, فمنذ القدم ونحن مثل أسلافنا نتعلم في المدارس والمعاهد والمساجد أن الشريعة الإسلامية تعني بالعقائد والعبادات والأخلاق .. أي بمسألة إفراد الله بالعبادة من دون شريك وأداء الصلوات والفرائض التعبدية الأخرى بصورة صحيحة, وإرشاد المسلم إلى اتباع طرق محددة فيما يتعلق بالسلوك القويم مثل الصدق والأمانة والعفة وكرم الضيافة وإغاثة الملهوف .. لكن على هذه الشريعة أن لا تهتم وليس عليها أن تهتم اليوم بالعلاقات الدولية أكانت هذه العلاقة في إطار الحكومات أو المنظمات أو الشعوب؟.- من الناحية العملية تتم الأمور في العالمين العربي والإسلامي وفقاً لما هو عصري, فالتشريعات الصادرة عن المؤسسات التشريعية تتجاوز في الغالب حدود «المقاصد الخمسة» وتضع للشريعة الإسلامية أسساً إضافية تستوعب الجديد وتتعامل مع المتغيرات تعاملاً فيه قدر كبير من الإيجابية .. لكن تبقى المشكلة في الخطاب الديني الذي يحاصر الناس على مدار الساعة بثقافة المقاصد الخمسة والأسس الثلاثة للشريعة, وبالطبع وإن الناس بحكم عاطفتهم الدينية يتفاعلون مع هذا الخطاب.