في مداخلات لعدد من المشاركين في ندوة ملحمة السبعين يوماً :
متابعة / ذويزن مخشف:تتوالى الندوات – الاراء – الدراسات عن ملحمة»السبعين يوما» التي استبسل فيها رجال قوات الجيش والأمن والمقاومة الشعبية في صد مؤامرة الملكيين والمرتزقة ضد الدولة الجمهورية، تلك الأحداث الماضية وتضحيات أولئك الرجال الجمهوريين تسجل الآن بأحرف من نور كشهادات تكتب في ذاكرة التاريخ اليمني القديم والمعاصر.ذكريات عن وقائع العمليات العسكرية التي دارت رحاها في جبهات مختلفة وشارك فيها جميع اليمنيين من الشمال إلى الجنوب لفك الحصار عن العاصمة صنعاء..فبعد مرور(40) عاما على واقعة ملحمة السبعين يوما تنشط الذاكرة مرة أخرى لتعيد المجد وإبداعات الشعوب في الحرب والسلم.في جلسة أمس الثلاثاء حول ندوة توثيق الثورة اليمنية فيما يتعلق بمناسبة ذكرى أربعين عاما على ملحمة السبعين يوما كثف المشاركون وهم من المناضلين القدامى العسكريين والمدنيين والذين قسموا إلى مجموعات أحاديثهم عن تلك الحرب والتضحيات الجسام التي عبروا فيها عن وقوفهم إلى جانب الجمهورية ونظام الدولة الجمهوري.«14أكتوبر» تواصل لليوم الثالث من بدء أعمال الندوة استعراض بعض أوراق العمل التي تحمل في طياتها الشهادة للتاريخ وتوثيق خلود وأمجاد الرجال في صناعة الثورة اليمنية(شمالا وجنوبا).[c1]المقدمات السياسية لحصار صنعاء[/c]يقول المناضل العميد احمد علي حسين في تمهيد ورقة عمله إلى الندوة إنه لم يكن قيام ثورة 26سبتمبر وليد الصدفة وإنما كان امتدادا وتواصلا لنضالات الشعب اليمني ضد حكم آل حميد الدين الكهنوبي المتخلف الذي بدأ منذ العشرينات..فحركة 1948 مرورا بانقلاب 1955 وصولا إلى عدد من الانتفاضات الشعبية ذات الطابع الفلاحي والمظاهرات الطلابية والعمالية في مناطق من البلاد والتي بمجملها تعبر عن سخطها الشديد واستنكارها ظلم النظام الملكي القائم حينذاك ولم يكن قيام ثورة سبتمبر أيضا معزولا عن المتغيرات الدولية والعربية منها بالذات على الرغم من تلك العزلة الرهيبة التي كان قد فرضها النظام الملكي على البلاد.وتناولت الورقة الحديث عن خطة الملكيين لاحتلال صنعاء فقد كانت خطة عسكرية محكمة لاحتلال صنعاء من قبل الخبراء العسكريين الأجانب وعلى رأسهم الجنرال(كوندا) أمريكي الأصل ومسؤول المخابرات المركزية الأمريكية في شبه الجزيرة العربية ودينار إضافة إلى خبراء عسكريين آخرين سينفذون الجوانب الرئيسية من الخطة العسكرية وقيادات الوحدات والمهاجمة والتخطيط لها بهدف تضييق الخناق على صنعاء المحاصرة وإجبارها على الاستسلام ومن ثم تصفية قوى الثورة والجمهورية بعد استنزافها عسكريا خاصة وأن القوى الرجعية والإمبريالية قد أقلقها كثيرا حسم الصراع المسلح في الشطر الجنوبي من الوطن لصالح الجبهة القومية في 30نوفمبر1967.وأوجزت ورقة عمل المناضل حسين خطة الملكيين لاحتلال صنعاء عن طريق»التوسع في فتح معسكرات جديدة بصورة عاجلة لتدريب المزيد من المرتزقة الأجانب والعملاء المحليين المغرر بهم إضافة إلى وجود المعسكرات السابقة في (خميس مشيط) وغيرها..قطع كل الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية لصنعاء،احتلال المرتفعات الإستراتيجية المطلة على العاصمة،القيام بالضرب المركز على المعسكرات والمطارات والمؤسسات الاقتصادية،العمل على دفع القبائل المجاورة لصنعاء للتمرد على النظام الجمهوري، قطع التموين عن العاصمة، عمليات وهمية ضد أهداف ثانوية بغرض تشتيت، تنفيذ المرتزقة والعملاء لتفجيرات بهدف إقلاق السكينة داخل العاصمة».وعن دوره في القتال إلى جانب الجمهورية ذكر المناضل حسين في ورقته قائلا»كنت في جيش سبتمبر وبرتبة ملازم في سلاح المدرعات ولأن القوات المدافعة عن صنعاء وبالذات القوات المسلحة توزعت في المواقع الإستراتيجية للدفاع عن العاصمة..في حادثة أو قصة(الواقي) فإني أتذكر أن أفراد هذا الموقع والمواقع المجاورة له كان لديهم دبابة بدون واقٍ لمحركها وكان هذا يمثل خطورة على موتور الدبابة إذ من الصعب استخدام المدفع دون وجود واقي ولأهمية استخدام هذه الدبابة توجهنا بها إلى بني حشيش لسحب واقٍ من إحدى الدبابات المحترقة لكن هذا الاقتراح يعني المغامرة و المخاطرة بالحياة إذ كانت بني حشيش بيد العدو ومع ذلك مضينا بتلك الخطوة ونجحنا في بلوغ موقع خشم البكرة».وأشار إلى أن معركة الأزرقين كتب لها النجاح حيث انتهت وقد تكبد العدو خسائر كبيرة في العتاد والأفراد وفر أفراده من القرية باتجاه المرتفعات الخلفية كان ذلك في 20/1/1968.[c1]المحور الشمالي الغربي[/c]صاحب هذا العنوان أو الجبهة القتالية لملحمة السبعين يوما هو المناضل احمد صالح الصوفي الذي التحق قبل الثورة بالجيش كعريف في «البرانية» بقيادة صالح بن ناجي الرويشان أمير البيضاء آنذاك وذلك في عام 1959 ويقول : حاربنا ضمن جيش نظامي محلي في «الصومعة» محافظة البيضاء وناطع ونعمان وحريب وذلك ضد الاستعمار والسلاطين حتى قيام الثورة عام 1962.ويقول الصوفي في ورقة عمله عن جبهة القتال في المحور الغربي الشمالي إنه «اتجه وبعض الزملاء إلى إعادة مدينة حريب التي سقطت في أيدي الملكية وشريف بيحان والاستعمار وكان فيها أولاد الحسن و السياغي واتجهت حملة من طريق رداع بقيادة وزير الإعلام آنذاك الأحمدي وقتل الوزير في «أبلح» وفشلت الحملة وأنضم الذين معه إلى صفوف الملكية ما عدا سرية مدفعية وسلاح متوسط بقيادة المقداد انضموا ألينا واستمرينا في التقدم وانضم إلينا الشيخ أحمد ناصر الظفري الذي كانت أبلح ضمن حدودهم القبلية وواصلنا التقدم بقيادة الشيخ احمد عبدربه العواضي وكل من جونة عبدربه العواضي وصالح المجاهد ومحمد عبده نعمان وجبر بن جبر وناصر الأحرق ومحمد أحمد العواضي وأحمد سالم».يسترجع المناضل الصوفي أحداث معارك دحر الحصار عن صنعاء قائلا»كانت الكتيبة الثالثة من لواء الوحدة بقيادة الرائد علي صلاح آنذاك تدافع عن حجة المحاصرة ودعيت إلى اجتماع في قيادة لواء الوحدة في عصر وبرئاسة الفريق حسن العمري والمناضل عبد السلام صبره والشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والمقدم مجاهد أبو شوارب وكلفنا بذلك وقادة الوحدات يدعمونا بالذخائر وعبد السلام صبره استعد لتموين الجيش الشعبي بقيادة أبو شوارب والأحمر وقمنا بتنفيذ الخطة وفتحنا الحصار وزودنا الأخ الرائد علي عبدالله صالح آنذاك بالأفراد وحمود عاطف بالجيش الشعبي الذي صمد صمود الأبطال في حصار حجة وتاريخه يعتبر الثاني بعد حصار صنعاء».[c1]وقائع الكتيبة الأولى وشهادات أخرى[/c]العميد محمد اليناعي في ملخص ورقته المقدمة إلى جلسة أمس الثلاثاء نذكر عنه القول»كانت جميع القوات تتحلى بمعنويات عالية جدا وكانوا لا يهابون الموت برغم قلة الإمكانيات وعرقلة الطلبات من البعض في صنعاء إلا أننا اجتزنا تلك المرحلة بصبر وتضحية كبيرة وبصمت وكنا لا ننتظر شكرا من احد حتى جاء يوم النصر الكبير.لو حصل ولا سمح الله – احتلال «لتبة العرة» لتم احتلال جميع المواقع المحيطة بها من جميع الجهات وهذا بشهادة الجميع ولكن كان الدفاع من قبل كتيبة لواء النصر دفاعا مستميتا ولم ينجروا إلى الإغراءات التي كانت تعرض عليهم من المرتزقة ومن يعاونهم فكان الرفض التام ودحرهم وهزيمتهم شر هزيمة... حيث استلمت أمر احتلال العرة من المقدم حسين المسوري قائد سلاح المشاة في 6 /12 /1967م». يقول المناضل حسين صالح الخولاني في شهادته عن ملحمة السبعين يوما»أما بالنسبة لوضع القوات الملكية فكان مخيفا لنا حيث تجمع قادتهم حول العاصمة وتم توزيعهم على النحو التالي : 1 – المحور الشرقي بقيادة/ قاسم منصر 2 - المحور الغربي بقيادة / احمد بن الحسين حميد الدين 3 - المحور الشمالي بقيادة / علي بن إبراهيم حميد الدين 4 - المحور الجنوبي بقيادة / محمد بن الحسين حميد الدين و ناجي الغادر و قاسم سقل.. هذا ومع كل محور عدد من الخبراء العسكريين الأجانب المرتزقة للعمل على المدفعية الثقيلة والمعقدة , وكانت توقعات القوة المعادية - نتيجة للقصف الشديد بالمدفعية طويلة المدى من عيار 155 م و 105 م و 120 م هاون والحصار المستمر على صنعاء - انهيار معنويات قواتنا جراء الجوع والخوف وشدة الحصار إلا أن الصمود والثبات لقواتنا ومواطنينا خيب آمال قادة الملكيين وجنرالاتهم المرتزقة وقواتهم التي يزيد عددها عن أربعين ألف شخص أمام قواتنا التي لا تتجاوز أربعة آلاف مقاتل بما فيهم المقاومة والجيش الشعبي».يتحدث المناضل عبد الله غانم أبو غانم قائلا «ابدأ الحديث عن دوافع وأسباب الحصار على العاصمة صنعاء :بعد نكسة حزيران 1967م اتخذ قرار من القيادة المصرية بسحب جميع القوات المصرية المتواجدة في اليمن وبدؤوا الانسحاب على ثلاث مراحل :[c1]المرحلة الأولى :- [/c]انتشار القوات المصرية من المحور الشمالي الشرقي إلى مشارف صنعاء [c1]المرحلة الثانية :- [/c]بدء سحب بعض القوات المصرية إلى الجمهورية العربية المتحدة .[c1]المرحلة الثالثة :-[/c]الانسحاب النهائي للقوات المصرية من اليمن في منتصف أكتوبر 1967م وقد وضعت خطة في ذلك الوقت على أن القوات اليمنية تحل محل القوات المصرية التي كانت في جحانة وبيت السيد وجبل الصمع والأزرقين وجبل النبي شعيب وحلت فعلا في هذه المواقع فعندما اتضح للقيادة اليمنية أن العدو يعد العدة لمهاجمة القوات اليمنية فقد اتخذت قرار سحب القوات اليمنية من تلك الأماكن إلى مشارف العاصمة وتوزعت في أربعة محاور وتم وضع خطة دفاعية عن العاصمة .وكان هناك تعاون كبير عندما يحصل ضغط على أي محور كان يتم التعاون بين جميع المحاور وكان لسلاح المدرعات الدور الكبير في صد أي هجوم على جميع المحاور بقيادة محمد عبد الخالق والأخ/ علي قاسم منصر قائد ( كـــ2 ) مدرع وكذا الكتيبة السادسة مدرع المتواجدة في رسلان كان لها دور كبير بقيادة الأخ / محمد عبدا لله أبو لحوم فهي المغذية لأي موقع يطلب منها التعزيز وخاصة المحور الشمالي .الحقيقة أن كل القوى الثورية الخيرة مثل المقاومة الشعبية والمثقفين الذين كانوا سندا للقوات المسلحة المتواجدة في المحاور من بعد (5 نوفمبر) وتحت قيادة الفريق حسن العمري –رحمه الله – كانت الروح المعنوية عالية جدا عند كل فرد وأصبح الشعار «الجمهورية او الموت» , ولاننسى دور الجيش الشعبي بقيادة المشايخ الذين كان لهم دور وطني».