مع الأحداث
هل الانقلاب على عصر الرأسمالية، سوف يرتب مقاعد الزعامات الأمريكية والأوروبية، بحيث يأتي شعار «أوباما» بالتغيير حدثاً جديداً في تغيير أنماط الحكم والأشخاص، وإعداد قوائم أولية بالإصلاحات تشمل كل النماذج الكلاسيكية بما فيها تجهيز زعامات شابة بقيادات مختلطة من أصحاب التجارب والأجيال المعاصرة لعلوم الحواسيب والجينات، والاقتصاد بنموذجه المزيج من الاشتراكية الديموقراطية التي انتهجتها دول الشمال الأوروبي، مع الرأسمالية المتكيّفة مع التعديل والمراقبة الدقيقة لكل مسار العمل الاقتصادي، ليكون النظامان السياسي والاجتماعي فرعين ملتصقين به، ثم تأتي الثورة في التعليم وتغيير القوانين، وأنماط السلوك الاستهلاكي، كأحداث تفرضها صدمات ما جرى في السوق العالمية من هزات؟ ظاهرة أوباما بدأت تطرح الأسئلة في أمريكا، هل وصول رئيس أسود للبيت الأبيض مقدمة لحلول بديل آخر من عنصر لاتيني مستقبلاً، أو آسيوي، هندي، أو صيني، وماذا عن العنصر الأبيض الأوروبي الذي بدأ يتناقص لصالح تلك الفئات الزنجية، واللاتينية؟ وهل يعني هذا تبديلاً في القوى الداخلية عندما يأتي الزحف من فئات اجتماعية ظلت محتقرة ودونية، وأن إنذار (أوباما) قد لا يعطيه الفرصة بالوصول للبيت الأبيض، إما بخلق عراقيل تعيقه عن الحصول على النسبة المؤهلة للحكم، أو بأسلوب الاغتيال، حتى تنتهي هذه المسرحية التي لا تقل مؤثراتها عن أحداث 11سبتمبر أو زلزال السقوط المريع لمكوّنات الاقتصاد الأمريكي؟ في أوروبا قد لا تأتي التغييرات سريعة، ولكن من يتذكّر كيف أدت إضرابات الطلاب في فرنسا وإضرابات العمال في بريطانيا إلى تأثيرات كبيرة، يدرك أن الأزمة المالية العاصفة سوف تزيح معها معالم مختلفة، قد تمس الأطر الثابتة، ولا تسلم منها القيادات العليا وما خلفها في المؤسسات والشركات، ومع أن الأوروبي بطيء الحركة قياساً لأمريكا، إلا أن صدى التغيير في أمريكا غالباً ما يؤثر فيه، ومع احتمالات حدوث تفاعلات على جانبي الأطلسي، إلا أن التوقعات لا تزال ضبابية، طالما غبار الصدمة لم يهدأ.. على المستوى الآسيوي، قد لا تحتاج الصين إلى التغيير الحاد طالما لا تزال تحت قبضة الحزب الشيوعي، والهند لا تزال تتبع منهج الاشتراكية مع رأسمالية الدولة، وتبقى اليابان والكواكب الأخرى والتي قد تطبق نموذجها المبتكر المشابه لأجهزتها التقنية المتقدمة.. أما العالم الثالث المتفرج على المعارك، فهو يشبه مصارع طواحين الهواء، أي أن انتظار الخلاص من النموذج القادم مع أي قاطرة كبرى سيجعله ملحقاً بالتبعية لتلك الأنظمة وفلسفاتها والفارق هو أن من يأتي التغيير من بنيته الثقافية والاجتماعية، يختلف عن المستهلك لها من خلال الاستيراد، والأزمة في هذا العالم أنه مجرد لاعب في الساحة الخلفية أي أنه ميدان المعارك بين الأقوياء متى احتاجوا لذلك، رغم أنه المتأثر سلباً بحالة الانتكاسة الاقتصادية العالمية، وخاصة الدول التي تعتمد على المعونات أو الصادرات الزراعية وبعض صناعات الألبسة أو المواد الأولية خارج النفط والمعادن النفيسة، وقد يطال الخطر الدول التي تعتمد على السياحة الأوروبية والأمريكية، وهي مآزق لا تُطرح على ساحات تلك الدول بحيث تخرج منها بأقل الخسائر والنتائج من أزمات قد تكون متلاحقة وطويلة المدى.. [c1]*عن / صحيفة (الرياض) السعودية [/c]