الأعمال الإرهابية الجارية هذه الأيام، وتحديداً في محافظات (أبين,لحج،شبوة) تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن تلك التحليلات التي كانت بالأمس افتراضات، أصبحت اليوم حقيقة تترجم على أرض الواقع المعاش، وذلك بشأن التنسيق والتعاون الإرهابي القائم بين تنظيم القاعدة والحراك الانفصالي، كما أن هذا التنسيق أنسحب إلى تغيير إستراتيجية الأهداف المرصودة لأعمالهما الإرهابية..لقد أصبح اليوم، تنظيم القاعدة و الحراك يعملان في إطار إستراتيجية إرهابية واحدة تستهدف مصدر المعلومات الاستخباراتية، كهدف رئيسي باعتباره مصدر قلق وخطر على تنظيم القاعدة وعلى العناصر الإرهابية في ما يسمى بالحراك الانفصالي..القاعدة، طبعاً غيرت إستراتيجيتها باستهداف الجهاز الأمني بدلاً عن العدو الصليبي وحلفائه، والحراك باع نفسه للقاعدة،أي أنه باع نفسه للشيطان الإرهابي للقيام بتنفيذ هذه الإستراتيجية.التنسيق القائم بين الفصيلين الإرهابيين مكن تنظيم القاعدة من سرعة تنفيذ إستراتيجيته الجديدة، والانتقال بها من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ. وهي طبعاً مرحلة كان تنفيذها يشكل عقبة أمام تنظيم القاعدة في السابق،حيث لا يمكنه الانتقال إليها بمفرده وبهذه السرعة، وبالقدرة غير العادية،وبهذا الظهور والتحدي , فلولا ذلك التنسيق القائم بينه وبين عناصر الحراك الانفصالي لما أستطاع أن يدير كل هذه الأعمال الإرهابية التي تستهدف القيادات العسكرية والأمنية، وبدون الحراك الانفصالي, ليس بمقدور القاعدة تحقيق كل هذا الانتشار وخوض المواجهات المباشرة مع الأجهزة الأمنية وقوات الجيش بصورة شبه يومية..وهو تكتيك لم يكن مطروحاً ضمن تكتيكات تنظيم القاعدة طوال تاريخ وجوده الإرهابي في الساحة الدولية.إذ أن القاعدة ظلت طوال السنوات الماضية تعتمد في تنفيذ عملياتها الإرهابية على عنصري المباغتة والتخطيط الدقيق اللذين يمكنانها من تحقيق النجاح المعقول مع الحفاظ على كوادرها قدر المستطاع.وهي عندما تقدم على تنفيذ أية عملية إرهابية تتحكم في أعصابها وتستحضر التأني والتريث لفترة طويلة بين عملية وأخرى وليس كما هو حادث اليوم..إذ كانت في السابق لا تقدم على أية عملية إرهابية إلاَّ بعد الدراسة والتحليل الدقيق لها، وتوقع نتائجها..على عكس ما يجري اليوم أمامنا والذي أهملت فيه القاعدة العنصر الزمني في تنفيذ عملياتها الإرهابية.كما أنها أسقطت من حساباتها النظر إلى حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق بها جراء سقوط عناصرها ضحايا وتحرص أكثر على الاّ يكونوا من قياداتها المهمة والفاعلة في هيكلها وفي نشاطها.إذ أن حساب الربح والخسارة لدى تنظيم القاعدة كان لها أولوية خاصة في تكتيكاتها، لأن مسألة الحفاظ على كوادرها تتصدر سياساتها والنشاط الإرهابي للتنظيم، فلا تقدم على عملية إرهابية إلاَّ وقد رتبت وخططت بدقة متناهية لضمان نجاح أية عملية إرهابية.. وإن لم تكن بنسبة مائة بالمائة، فإنها تضمنها على الأقل بنسبة معقولة لا تقل في حدها الأدنى عن النصف.لا يمكن للقاعدة الوصول إلى هذا الانتشار الحاصل اليوم في أرجاء الوطن..في الريف والحضر، في القرية وفي المدينة، بمفردها، وإنما بفضل عناصر الحراك الانفصالي وتحت حمايتهم، فأصبح الإرهابيون ينتقلون من مكان إلى آخر بحرية ودون عائق يذكر.. ينتقلون من الريف إلى الحضر.. من القرية إلى المدينة والعكس، ومن محافظة إلى أخرى، ومن مديرية إلى أخرى، ولا يعترضهم عارض، ودون وجود ما يخشونه.طبعاً كل ما تحقق للقاعدة ليس بفضل حجمها وإنما بفضل عناصر الحراك الانفصالي والتنسيق والتعاون بينهما ,الأمر الذي يدحض نفي البعض هذا التنسيق وذاك التعاون الماثل أمامنا..لأننا في حال نفينا وجود هذه العلاقة بين القاعدة والحراك نكون قد غمطنا هذا الأخير حقه في الإرهاب ومنحناه لشريكه الآخر، وهو ما لا يجيزه قانون الإرهابيين أنفسهم .. لأن هذه الأعمال الإرهابية، ماركة تخطيط وتصميم قاعدية بامتياز.. يشترك في تنفيذها عناصر الحراك الانفصالي, وهو بوضعه هذا,لا يصنع لنفسه بطولات وإن كانت هلامية,وإنما يلوك ثوم الإرهاب القاعدي بفمه.وأمام هذه الأخطار الإرهابية، بقي لنا البحث في الوسائل والخطط التي يتوجب الذهاب إليها، حتى نتمكن من هزيمة هذا الإرهاب، ووأد تلك الأخطار.. إذاً ما العمل وكيف يمكن تجاوزها.. وما الطريقة التي يجب إتباعها لمواجهة الإرهابيين؟!في السطور التالية سنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات..إذا ما أردنا الانتصار على الإرهابيين،فإنه يتوجب على الأجهزة الأمنية أولاً، والمجتمع ثانياً، التحرك بسرعة لاتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الكفيلة بصد الإرهاب والإرهابيين.يتطلب الأمر من الأجهزة الأمنية، خاصة المعنية بمكافحة الإرهاب وملاحقة عناصره، أن تدرك تماماً أنها هي المستهدفة، وأنها أصبحت أمام غول الإرهاب مباشرة، الذي يهدف في الأساس زعزعة الاستقرار والأمن في الوطن عموماً، لكنه لن يتم له ذلك إلاَّ عبر القضاء على الكوادر الأمنية، وإنهاك الجهاز الأمني أولاً حتى يصل إلى استهداف الاستقرار في اليمن كله.لذلك على السلطات الأمنية أن تعمل على تجهيز مؤسساتها الأمنية بكل ما يلزم.. بالكادر البشري المطلوب وتأهيله التأهيل اللازم وتزويده بالعتاد والسلاح والتقنية والتكتيك اللازمين، وأن تضع كادرها الأمني في حالة استعداد ويقظة أمنية دائمة، لكي يتمكن من حماية نفسه قبل حمايته للآخرين، حد قول قيادات أمنية- ما نطلبه اليوم من القوات الأمنية التنفيذية ليس حماية المجتمع، وإنما هو حماية نفسها من خطر الإرهاب الذي يستهدفها من قبل تنظيم القاعدة والحراك الانفصالي»..وهي بالطبع نتيجة صحيحة لأنه إذا ما وفرت العناصر الأمنية الأمن والحماية لنفسها، فإن الأمن سوف يعم أرجاء البلاد.وأما النقطة الثانية التي يتوجب على الأجهزة الأمنية إتباعها أو اتخاذها، فهي التنسيق الدقيق، أولاً فيما بينها ,ومع المجتمع المحلي ثانياً، بشأن تبادل المعلومات حول العناصر الإرهابية، ابتداءً من القرية والعزلة مروراً بالمديرية والمحافظة، وصولاً إلى المركز- العاصمة.. بحيث يشكل هذا التنسيق بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي, سياجاً وطوقاً أمنياً محكماً حول الإرهابيين، يمنع تحركهم وتواصلهم للقيام بنشاطهم الإرهابي أو على أقل تقدير إعاقتهم عن تنفيذ عملياتهم الإرهابية بهذه السهولة, وبهذه الحرية المطلقة التي نراها اليوم.. وبغير ذلك يستحيل تحقيق الأمن والاستقرار..وبدون القيام بخطوات إجرائية من قبل السلطات والمؤسسات الرسمية المعنية تعيد الثقة للمواطن بسلطان القانون وقدرة الدولة على فرض هيبتها في أي مكان، وعلى كل شبر من أرض هذا الوطن.. فإننا سنظل نندب حظنا التعيس، ونبكي شهداءنا الواحد تلو الآخر، إلى ما لا نهاية، فهل استوعب الجميع حجم الأخطار المحدقة بالوطن، حتى ولو كانت البداية موجهة ضد الأجهزة الأمنية؟!!
أخبار متعلقة