11 فبراير قصة في سطور
في كل الثورات، تشكل الجماهير العريضة طاقة الثورة ووقودها، فهي التي تدفع الثمن لتشتري النصر بتضحياتها ومعاناتها مهما عظمت حتى استرخاص الروح من أجل الحرية والكرامة ودفاعاً عن الأرض والعرض.. وإليها عادة تنتمي قوافل الشهداء.. هذه الحقيقة التاريخية جسدها شعبنا في أكثر من محطة من محطات النضال والاستبسال منها محطة الشرف والمجد في 11 فبراير حين أصر ثوار أكتوبر على ان يجعلوا من هذا اليوم الذي كان في الأصل مناسبة استعمارية بغيضة إلى قلوب شعبنا يوم يثير الخوف والهلع والرعب، بدل النشوة والفرح في نفوس المستعمرين وقواتهم العسكرية وصنائعهم المحلية، بل وان يجعلوا منه آخر 11 فبراير للوجود الاستعماري السلاطيني على تربة هذا الوطن.ولهذا اليوم يوم الشهداء خلفية إذ يأت من فراغ بل بالتضحيات نوجزها في السطور التالية.[c1]البدء 9 فبراير 1967م :[/c]وجهت الجبهة القومية نداء إلى جماهير الشعب تدعوهم الى الاضراب العام يوم 11 فبراير ذكرى تأسيس الاتحاد الفيدرالي سيء الذكر.بالمقابل السلطات البريطانية تصدر تحذيرات شديدة اللهجة ضد القيام بالاضراب، وتهدد بقمع أية مظاهرات، كما تصدر قراراً رسمياً يمنع تحرك السيارات أبتداءً من صباح “10 فبراير” وحتى اشعار آخر.[c1]10 فبراير 1967م:[/c]القوات البريطانية تنزل الفين من جنودها الى مختلف مناطق عدن لمنع المظاهرات التي يتوقع ان تبدأ اليوم بعد صلاة الجمعة ويتمركزون في مفارق الطرق وفوق العمارات.ـ رغم ذلك خرجت المظاهرات التي دعت لها الجبهة القومية بتجاوب جماهيري كبير ووقعت أثناء ذلك عدة اصطدامات اطلقت القوات البريطانية النار على المتظاهرين.بالمقابل شن الفدائيون عدة هجمات على دوريات الجيش البريطاني واوقعوا فيها الكثير من الخسائر، وعلى أثر ذلك أعلنت السلطات البريطانية حظر التجول في عدن ودار سعد ابتداءً من منتصف الليل ليلة 11 فبراير.[c1]11 فبراير 1967م :[/c]البريطانيون وعملاؤهم من السلاطين يضطرون الى الاكتفاء باقامة حفل محدود في عاصمة “الاتحاد البغيض” بمناسبة الذكرى الثامنة لتأسيس الاتحاد الفيدرالي المزيف الذي قام في عام 1959م وحسب راديو لندن في ذلك الحين (لقد جرى الاحتفال “في جو من المخاوف”).في حين اكتشف لغم في المهبط الذي كان مقرراً ان تنزل فيه طائرة الهيلوكبتر التي ستنقل المندوب السامي البريطاني الى مكان الاحتفال في مدينة (الاتحاد) كما اكتشفت ستة مدافع مورتر مؤقتة ومصوبة نحو المكان.وبرغم حظر التجول في عدن خرجت المظاهرات في بعض انحاء عدن مسرح الحدث وحاضنة صناعة المآثر البطولية ووقعت عدة هجمات فدائية على القوات البريطانية وسقط عدد من الشهداء على رأسهم الشهيد مهيوب علي غالب “عبود” كما أصيب عدد آخر بجراح واعتقال العشرات.وقد شمل الاضراب والتظاهر في هذا اليوم مناطق أخرى من الإمارات الخاصة “للاتحاد آنذاك وكذلك حضرموت” وعلى أثر ذلك الجبهة القومية تعلن مد أجل الاضراب والتظاهر ليومين آخرين (12 و13 فبراير1967م) حداداً على أرواح الشهداء.[c1]12 فبراير 1967م :[/c]حاولت السلطات رفع حظر التجول عن عدن ودار سعد من السادسة صباحاً، ولكن تجدد الهجمات الفدائية اضطرها الى اعادة حظر التجول في التواهي وكريتر بعد أربع ساعات من رفعه.[c1]13 فبراير 1967م :[/c]استمر الاضراب العام الشامل بناءً على دعوة الجبهة القومية حداداً على الشهداء الذين بلغ عددهم في الايام الماضية بين 30 الى 40 شهيداً وما يقرب من ضعف هذا العدد اصيبوا بجراح مختلفة، أما الذين اعتقلوا فقد بلغ قرابة الألف مواطن منهم من حكم عليه بالسجن أو الغرامة، كما تم تسفير أكثر من مائة مواطن من مواليد ما كان يسمى بالشمال آنذاك.وفي نفس اليوم وقع انفجار هائل في مستودعات الوقود التابعة للجيش البريطاني في حجيف.[c1]15 فبراير 1967م :[/c]خروج جنازة رمزية مهيبة للشهيد “عبود” اشترك فيها آلاف المواطنين وفي 16 و17 فبراير قام المعتقلون السياسيون في سجن المنصورة باضراب عن الطعام في هذين اليومين حداداً على أرواح شهداء أحداث 10 الى 13 فبراير 1967م.ومن وحي هذا اليوم الذي حوله ثوار أكتوبر ومعهم جماهير الشعب من مناسبة استعمارية بغيضة الى يوم من أيام المجد والشرف والاستبسال يجب علينا جميعاً في السلطة والمعارضة ان نقف سداً منيعاً ضد الارتداد والانحراف وضد سرقة تضحيات الشهداء وقطع الطريق على من يريد ان يضع للثورة أهدافاً غير تلك الأهداف التي سقط من أجلها صانعوها الحقيقيون والمتاجرة بدمائهم الزكية لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.واليوم في ذكرى شهدائنا الأبطال ومن على منبر صحيفة “14 أكتوبر” الرمز بنت الثورة الشرعية نتقدم بالعتاب الى الرفاق الذين نسوا أو تناسوا في غفلة الزمن بقصد أو غير قصد هذا اليوم الذي صنعوه مع رفاق السلاح والكلمة الداعمة، والومهم ولا أحد غيرهم فهم من عايش وقاسم هؤلاء المعاناة والنضال ورسموا سوياً معالم الطريق للخلاص من المستعمر والمراحل اللاحقة. ونذكر أيضاً حكومتنا ذات العلاقة خاصة بقرارات الندوات والمؤتمرات المتضمنة الاهتمام بمناضلي وشهداء الثورة في كل بقعة من أرض اليمن الحبيب وآخرها ما جاء في خطاب الرئيس حول تكريم وإعادة الاعتبار لمناضلي حرب التحرير من مختلف القوى السياسية والوان الطيف اليماني دون تمييز في كلمته التي القاها في الندوة الخاصة (بتوثيق تاريخ الثورة اليمنية “الانطلاق ـ التطور ـ آفاق المستقبل” الجزء الخامس المنعقدة في عدن مسرح الحدث وحصن صناع نوفمبر.وندعو لاخراجها من الادراج الى حيز التنفيذ لتترجم على أرض الواقع من أجل الارتقاء بأوضاع أسر الشهداء والمناضلين الذين مازالوا على قيد الحياة وانتشالهم من الحالة التي هم عليها والتي أصبحت لا تطاق بفعل اخطبوط الفساد الجاثم على الصدور وحاجب فرحة الحلم الجميل التي طالما حلم بها شعبنا وقواه السياسية الشريفة.وفي هذا اليوم أيضاً لا يسعنا إلا طلب المغفرة والرحمة وجنة عرضها السموات والأرض مستقراً لشهدائنا وان يحشرنا ربنا نحن واياهم في رفقة سيد المرسلين نصير الفقراء والمستضعفين.« إنا لله وإنا إليه راجعون »