وادي صغير بالمنطقة إلى جانب أشجار المانجو في الحسيني
استطلاع وتصوير/ خلدون محمد البرحيهي منطقة تستلقي بوداعة بين أحضان الحسيني، وتمتاز بطبيعة خلابة قلما يجد الزائر مثيلاً في أرض لحج المحروسة، تأسر حواسك حتى أنك تجد صعوبة في وداعها.. إنها ( الخداد ) أرض الخصوبة.. والتأريخ.. والمستقبل المشرق.تقع منطقة ( الخداد ) أعلى دلتا وادي تبن بمحافظة لحج على شكل مثلث متساوي الأضلاع، رأسه جسر الوادي وضلعاه الوادي الصغير في الاتجاه الشمالي الشرقي، والوادي الكبر في الاتجاه الغربي الجنوبي، وقاعدته مثلث خط بستان الحسيني أسفل الطريق الرئيسي : عدن – صنعاء، أو الخط الأسفلتي نفسه، ويبلغ أطوال عمودي المثلث حوالي (5) كيلو مترات وقاعدته حوالي (3) كيلو مترات..تحيط منطقة ( الخداد ) الواقعة على بعد (7) كيلو مترات من عاصمة محافظة لحج (الحوطة) عدد من القرى والعزل هي : الصرواح – كود العبادل – الجروبة – الحاسكي – الحبيل – المنصورة.وترتبط منطقة ( الخداد ) مع هذه المناطق بطرق ترابية متفرعة بغرض سهولة التنقل، بالإضافة إلى ارتباط منطقة ( الخداد ) بعاصمة المحافظة والمديريات ومحافظات الجمهورية بشبكة اتصالات حديثة متطورة تخدم تواصلها المستمر كمنطقة حيوية. يبلغ عدد سكان المنطقة أكثر من (7000) نسمة أغلبهم يشتغلون في أعمال حكومية، ومن تبقى منهم يشتغلون في الزراعة.كما أن المنطقة تحظى بنصيب وافر من الخدمات الأساسية كالتعليم، حيث يوجد بها مدرسة للتعليم الأساسي والثانوي يعود إنشاؤها إلى عام 1975م، والكهرباء التي أضاءت المنطقة مطلع الثمانينات.. وكذا المياه.منطقة إستراتيجيةتعتبر منطقة ( الخداد ) منطقة إستراتيجية في محيط محافظة لحج.. لوقوعها على الطريق العام الذي يربط عاصمة المحافظة بالقرى والمناطق والمديريات والمحافظات الواقعة إلى الشمال منها. وقد كان هذا الطريق العام فيما مضى يقسم المنطقة إلى شطرين متساويين، ونتيجة لتخوف الأهالي من الأضرار التي قد تلحق بهم جراء الحوادث تم نقل الطريق إلى الجهة الشرقية من المنطقة.. مع الاحتفاظ بالأهمية ذاتها.وتشتهر منطقة ( الخداد ) بأراضيها الصالحة لزراعة وإخصاب وإنضاج الكثير من المحاصيل وأنواع الفواكه والخضروات والحبوب والذرة، ووفرة المياه في وديانها، كما أن استخراجها من جوفها ساعد على انتشار الزراعة فيها واستمرارها. وتعتبر منطقة ( الخداد ) هي المصدر الأول للأزهار العطرية مثل : الفل والكاذي والياسمين إلى جميع محافظات الجمهورية. وتعد أراضيها صالحة لزراعة شجرة القطن بأنواعه، وقد أثبتت ذلك خلال الفترة الماضية.للمنطقة تأريختشير الدلائل إلى أن ( الخداد ) كانت آخر محطة يتوقف فيها القطار ( الريل )، كما كان يطلق عليه في الماضي قبل مائة عام في عهد الأتراك، حيث كان يأتي من محافظة عدن ليتزود المياه النقية الصافية التي كانت وما زالت تجود بها منطقة (الخداد)، وتدل على ذلك الأحواض التي ما زالت منتصبة وشاهدة على ذلك حتى يومنا هذا.كما تعتبر أول منطقة يصل التلفون ( الطار ) إليها، وذلك لمتابعة حركة ( الريل) وما قد يلاقيه في رحلته الممتدة ذهاباً وإياباً من وإلى عدن، ولكن ضعف الاهتمام ذاك الوقت أدى إلى اختفاء كثير من العلامات الدالة على هذه المعالم.بستان الحسينيتحتضن المنط قة أكبر وأشهر بستان في اليمن، وهو بستان ( الحسيني ) الذي لا يزال يذكر بأنواع الفواكه التي تبرعمت وأورقت وأثمرت في جنباته، ساد بعضها وبعضها باد، ومن هذه الفواكه التي عرفها بستان ( الحسيني ) الموز بأنواعه ( الكاكي والشكليتي وقرن الوعلوالبلدي والشناوي ).. والأخير لا يزال منتشراً وينتج منه بكثرة قياسية، والمانجو بأنواعه ( أبو سنارة، البابيري، الحافوصي والمومبي – نسبة إلى مدينة مومبي بالهند ). وهناك أنواع من الجوافة والبابي والنارجيل والرمان والليمون والخرنوب والشيكو، والأخير أن من الأشجار الهندية وهي من ألذ وأحلى الفواكه الهندية، والبيدان وهو من الأشجار الجميلة المنظر وهو نوع من أنواع اللوز.الجدير ذكره أن كلمة ( بيدان ) محرفة من الكلمة الهندية ( باذام ) ومعناها (لوز)، إلى جانب ذلك كان يوجد قصب السكر ( المختار ) والعباسي والجامبو والفنص والحمرك والعاط الأبيض والعاط الأحمر والعنب.ويعود الفضل الأول في وجود هذه الفواكه والخضروات لله سبحانه وتعالى ثم للأمير الشاعر أحمد فضل القمندان الذي عاش ( 1883 – 1983م ) لكن معظم تلك الفواكه اندثرت من بستان الحسيني لعوامل وأسباب عدة، أهمها عدم الاهتمام. ويواجه اليوم بستان ( الحسيني ) الذي ذاع صيته في الدول العربية المجاورة خطر الاندثار، حيث تواجه أشجار المانجو الزوال بموتها والاحتطاب الجائر الذي يطالها من المستأجرين والمواطنين على حد سواء، وهو ما ينذر بزوال إحدى عجائب محافظة لحج وهو ( الحسيني ). وما ضاعف من قلق أبناء المنطقة على جنتهم الدنيوية هو تشييد مصنع لـ ( الدامر ) على بعد أمتار قليلة من البستان، الذي حتماً أن لغازاته المتطايرة خطراً كبيراً على الإنسان، وعلى الطبيعة.منطقة سياحيةتعتبر منطقة ( الخداد ) من أجمل المناطق على الإطلاق، حيث كانت قبلة لأعداد كبيرة من الزائرين من داخل المحافظة وخارجها يفدون إليها في الإجازات والعطل الرسمية للاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة، واستنشاق هوائها العليل.. وكذا الحصول على شيء – كتذكار – مما تجود به أشجارها من فواكه وأزهار – وإذا ما تضاعف الاهتمام بهذه المنطقة واستثمارها كمنطقة سياحية فإنها ستعطي مردوداً مادياً كبيراً خاصة أن هذه المنطقة ترتبط بالأمير ( القمندان) و ( الحسيني ) خير ما عرفت لحج.استحداثاتإن القادم إلى المنطقة يلاحظ الكثير من التغيرات التي طرأت عليها، كازدياد عدد المزارع المنتشرة هنا وهناك التي حولت مناطق متصحرة إلى جنة خضراء وارفة.. ويلاحظ أيضاً أن المنطقة أنشئت فيها محطة للوقود تقدم خدماتها للذاهبين والآيبين عبرها، وكذا مصنع للسيراميك.ويبدو أن الخير الوفير قادم إلى هذه المنطقة الجميلة لتزداد ألقاً إلى ألقها وتتزين كعروس في ليلة زفافها، عبر جملة من المشاريع التنموية والخدمية العملاقة.