سطور
كان الأستاذ الدكتور علوي عبدالله طاهر قد أهداني نسخة من كتابه (( وسطية الإسلام )) ، وكان من المفترض أن أتناول عرضا له آنذاك ، غير أن أحد الأصدقاء الطيبين إستعار النسخة ، ولم يعدها إليّ إلا بشق الأنفس ، كعادة بعض الولوعين بالإستعارة السلبية ، فليعذرني الأستاذ الدكتور إذا لتأخري في العرض فما فعلته بملكي.ودعنا، عزيزي القارئ، نتساءل في بادئ الأمر ، فنقول : لماذا كتاب وسطية الإسلام ، بمعنى لماذا يتناول الكاتب موضوعا كهذا في زمن كهذا ؟يقول الكاتب في المقدمة :(( وقد عمدت القوى المعادية لللإسلام إلى توجيه وسائل إعلامها المختلفة للربط بين الأرهاب والإسلام ، لغرض تشويه صورة الإسلام )) ثم يتساءل الكاتب .. ماعلاقة الإسلام بالإرهاب ؟؟، ويحاول من خلال صفحات هذا البحث أن يصل إلى علاقة الإرهاب بالغلو في الدين ، ويخلص إلى نتيجة مؤداها أن وسطية الإسلام منهج شرعي خص الله به أمة الإسلام ، التي جمع لها في دينها نعمة الحقين ، حق الروح وحق البدن ،إذن فهي على هذا أمة مادية روحية ، وجعلها الله أمة وسطا .ويناقش الدكتور علوي طاهر في الفصل الأول من كتابه مفهوم الإرهاب ، ويتعرض لتعريفه ، وموقف الإسلام منه ، وعلى الرغم من التعريفات الكثر التي أوردها ، إلا أنه يؤكد أن المصطلح مازال غير واضح الملامح، ولا مشخص القسمات ، فالمجتمع الدولي _ كما جاء في هذا الفصل _ لم يتوافق على وضع تعريف له .ويصل الكاتب من خلال طرحه ومناقشته إلى نفي إية علاقة يحاول الغربيون إيجادها ، للربط بين الإرهاب والإسلام ، موضحا الأسباب الدافعة للإرهاب ، والوسائل الناجعة لمواجهته .أما الفصل الثاني فقد أفرد الدكتور علوي طاهر صفحاته للحديث عن موقف الإسلام من الغلو ، والغلو هو تجاوز الحد ، وهومخالف للشريعة الإسلامية ومقاصدها المتميزة بالسماحة واليسر ، حيث يقف الإسلام وسطا ، باحثا عن التوازن والإعتدال .ويأتي رفض الإسلام للغلو في الدين لما يؤدي إليه هذا الغلو من :1. التقصير في الواجبات 2.بعد المرء عن جادة الصواب3.تفريق الأمة وبعد أن بيّن الأخطار الناجمة عن الغلو ، عرّج على الأسباب المؤدية إليه ، وراح يناقشها باستفاضة ، واحدة تلو الأخرى ، فمن أمية وجهل بالدين ، إلى تفاوت العلماء في العلم والفقه ، إلى جانب الفهم الخاطىء لأحكام الشريعة ، وجملة من الأسباب غيرها .ويشدد في هذا الفصل على أهمية التربية الدينية الإسلامية في مجابهة ماتشهده بلداننا من غلو ، وهو يقصد بذلك الدعوة إلى تربية تقود إلى تنمية فكر الإنسان وتنظيم سلوكه وعواطفه على أساس الدين الإسلامي، وبقصد تحقيق أهداف الإسلام في حياة الفرد والجماعة ، وفي كل مجالات الحياة ، إنه يدعو إلى تربية شاملة للروح والجسد، وللعقل وللوجدان ، وليست تربية مقتصرة على معارف تقدم للإنسان ، ومعلومات عن الدين الإسلامي يلم بها المتعلم ، كما هو واقع الحال .ويأتي الفصل الثالث ، بعد أن تهيأ القارىء ، ليناقش الكاتب من خلاله القضية الأساس للكتاب ، وهي وسطية الإسلام .ويخلص في مقدمة الفصل إلى تعريف للوسطية مفاده ، أنها عدم الغلو في الشيء، اي لا إفراط ولاتفريط ، كما أنها _ أي الوسطية _ تفيد معنى الخيرية ، والعدالة .وهي موازنة بين المادة والروح ، من أجل إستقامة الحياة . ويوجه الكاتب دعوة صادقة إلى ضرورة الحوار مع الحضارات ، والآديان ويعد ذلك ،حسب رأيه ، فرض كفاية ، كما أنه يدعو إلى نبذ التصادم معها .يصل إلى هذا بعد أن أسهب في شرح خصائص وسطية الإسلام كالتوازن ، واليسر ، والتسامح، والسعة ، والمرونة في التشريع وغيرذلك من الخصائص التي تميز بها ديننا الحنيف ، واستقام عليها ، وصارت عمادا له في بنائه ، مما يدفع شبهة وسمه بالإرهاب والتطرف .وتقع الخاتمة بعد ذلك في إثنتي عشرة صفحة يلخص الكاتب فيها مجمل ماتم مناقشته ، فيما سبق من صفحات الكتاب ، حول وسطية الإسلام .وقد أستطاع الدكتور علِوي عبدالله طاهر أن يجمع في كتابه هذا زبدة القول فيما يتعلق بوسطية الإسلام ، وبسط البحث بشكل لايستعصي على أفهام القارىء وإن لم يكن مثقفا ،إذ كتبه بلغة واضحة غير عصية ، وعززه بإيضاحات تلخص الأفكار بعد أو قبل تناولها بالشرح .وهو أحد الكتب التي لاتكاد تستغني عنها أية مكتبة منزلية أو عامة .والكتاب من إصدارات عام 2008م للهيئة العامة للكتاب (صنعاء).