منبر التراث
[c1]في جامعة المنصورة[/c] شخصية قيس بن الملوح الذي قيل أنه عاش في العصر الجاهلي , وأحب ابنة عمه ليلى إلى درجة الجنون ـ على حسب قول الرواه ولذلك أشتهر باسم ( مجنون ليلى) عند أصحاب السير الشعبية ـ مازالت تثير جدلا وتساؤلات كثيرة حتى هذه اللحظة بين المؤرخين المحدثين والباحثين الحاليين المختصين في تاريخ العصر الجاهلي من جهة والأدباء والشعراء من جهة أخرى . ولقد دار الجدل بين المؤرخين والأدباء والشعراء عن قيس بن الملوح هل هو شخصية حقيقية أم شخصية وهمية موضوعة نسجها الرواه والقصاص من بنات أفكارهم ؟. بل أن بعض المستشرقين من المؤرخين الغربيين أدلوا بدلهم في ذلك الموضوع . والحقيقة أن قيس بن الملوح حظى بعناية فائقة من قبل جامعة المنصورة المطلة على ضفاف النيل الخالد . ومن أجله أقامت ندوة عليمة و حضرها لفيف من أساتذة ودكاترة الأدب العربي . وحضرها أيضا عدد من أساتذة التاريخ . وكان من بينهم عدد من المستشرقين الغربيين مختصين بالأدب العربي بصورة عامة والجاهلي بصورة خاصة . [c1] محكمة تاريخية[/c] وكان من الطبيعي أن تطرح على مائدة تلك الندوة العلمية عددا من الأبحاث القيمة والمداخلات الممتعة . والحقيقة أن تلك الندوة العلمية حول شخصية قيس بن الملوح هل هي حقيقة أم موضوعة وضعها الرواة والقصاص في وقت متأخر وعلى وجه التحديد في العصر العباسي ؟ . ولقد صارت تلك الندوة أشبه بالمحاكمة التاريخية. فقد كان كل مجموعة من الأساتذة والدكاترة ، والمستشرقين , والأدباء والكتاب يدافعون عن صحة أقوالهم ، وآراؤهم ، وأفكارهم من خلال الدلائل والبراهين والحيثيات التي يطرحونها , ويفندوا مزاعم أقوال الآخرين .[c1] من أمراء الغساسنة[/c]ولقد أدلى بعض الشعراء بدلوهم في مسألة ابن الملوح ، قال بما معناه " أن قيس بن الملوح شخصية حقيقية وليست من صنع القصاص والرواة , وأنه بالفعل عاش في العصر الجاهلي . ويواصل حديثه ، فيقول : " لقد كان قيسا هذا أميرا من أمراء إمارة الغساسنة وكان مشهورا بالشجاعة والإقدام ، وكان فارسا لا يشق له غبار , وكان مبارزا بالسيف يخشاه أشجع الشجعان . وكان إلى كان جانب ذلك شاعرا مجيدا شعره يذوب رقة ومشاعر عذبة , وفي يوم من الأيام وهو في طريقه مع والده إلى قيصر الروم والذي كان بينه وبين إمارة الغساسنة عهودا ومواثيق والتي كانت الأخيرة أشبه بدرع يحمي الإمبراطورية البيزنطية من ملوك الفرس. قلنا : سابقا أنه في يوم من الأيام ، كان في قصر الإمبراطور البيزنطي الروماني . وكانت بجانب الإمبراطور فتاة غاية في الجمال والبهاء , ومن أول نظرة سحرت عقل وقلب الأمير قيس بن الملوح , ولم يستطيع قلبه الفكاك منها . وكانت تلك الفتاة الرائعة الحسن ابنة الإمبراطور الروماني . فقال فيها أشعار من الغزل العفيف تلقفها شعراء الصحراء الشاسعة المترامية الأطراف ، فتناقلها الألسن حتى وصلت إلى مسامع القيصر الذي غضب غضبا شديدا من أشعاره الذي يعرض بابنته وأن ما فعله ابن الملوح جرما كبيرا يستحق عليه عقاب الموت . وفي نهاية الأمر قتل جنود الإمبراطور الروماني قيس بن الملوح في معركة غير متكافئة وقيل أنه قاتل قتال الشجعان ومات وهو مازال ممسكا بقبضة سيفه وفي خبر آخر أنه مات مسموما . والحقيقة أن القصص , والروايات في العصر الجاهلي كانت مشهورة ومعروفة . ولقد شغف الناس بها شغفا كبيرا بسبب أوقات الفراغ الكبير الذي كان يلفهم في الصحراء الواسعة . فعندما يرخي الليل سدوله ويصمت كل شيء من حولهم . فإن بعض من القصاص أو الرواة يقفون في مضرب من مضارب القبيلة ، فيرون روايات وقصص تارة عن الفروسية وتارة عن الغزل والعشق . ويبدو أن هؤلاء القصاص أو الرواة كان لهم أسلوبا ممتعا في وصف رواياتهم وقصصهم مما كان يؤثر على مشاعر وأحاسيس المستمعين وكان شباب الحي وشيوخه ونساؤه وفتياته المخدرات وراء الأخبية كل هؤلاء يتابعون الحديث في شوق ولهفة ـ على حسب قول الدكتور شوق ضيف ـ . والبعض الآخر يقول بما معناه : " أن شخصية قيس ابن الملوح أو مجنون ليلى ـ على حسب قول القصاص الشعبيين ـ أنها نسجت من خيال الرواة والقصاص في العصر العباسي . وكان كل قاص أو راوي يضيف على صورة ابن الملوح ، ألونا زاهية تعجب بها المستمعين , ويحاول كل قاص أو راوي أن يدخل في تلك الشخصية أخبار وروايات أخرى جديدة لم يسبقه أحد من قوله.[c1]نور وجه القمر[/c]وعقب صحفي في أحدى الصحف المصرية على تلك الندوة التي ناقشت قضية قيس بن الملوح هل هو شخصية حقيقية أم موضوعة قائلا بما معناه : " أيها الأساتذة والدكاترة الكبار ، والمستشرقين المحترمين أتركوا لنا قيس بن الملوح كما عرفناه منذ شرخ شبابنا بأنه كان عاشقا متيما بحب ابنة عمه ( ليلى ) . وأنه قال شعرا ينساب عذوبة ورقة وجمال يحرك الجماد ويدغدغ المشاعر . مهما تحاولون ـ أيها الأساتذة والدكاترة الكبار ـ أن تغيروا صورته وتحولوه بفلسفتكم إلى شخصية أخرى غير الذي نعرفها منذ طويل ، فإنه لن ولم يتغير في عقولنا وقلوبنا سيظل كما عرفناه صورة عاشق أو قل عاشق في محراب الحب والجمال . ولقد فشل علماء الفضاء عندما أذاعوا على العالم أن القمر ما هو إلا جبال باردة ، وأرض موحشة , وظلام دامس وعلى الرغم من ذلك لم يمنعونا و يمنعوا الشعراء أن يتغزلون بنور وجه القمر , و يشبهون الفتاة الرائعة الحسن بالقمر " .