القاهرة / 14 أكتوبر/ نهـال قـاسمعقد نادي القصة بالقاهرة مؤخراً ندوة لمناقشة المجموعة القصصية الأولي للكاتبة مريم الخولي "شمس الملوك" الصادرة عن مركز الحضارة العربية عام 2007، للوقوف على أفكار المجموعة ومدى قدرة القاصة على التعبير عنها بوضوح وللتعرف على عالم القاصة الإبداعي، حيث أكد الكاتب يوسف الشاروني أنها استطاعت أن تضع القاريء لأدبها أمام مفارقة مهمة للغاية، تلك الكامنة في الاختلاف الكبير الذي تعتريه حياة المصريين على ما كانت عليه في الماضي وتحديداً في العصر الفرعوني بما يمثله من تفرد وزيادة علمية وحياة العصر الحالي المليئة بالمشاكل والهموم اليومية·وأشار إلى أن الكاتبة استخدمت التاريخ الفرعوني ـ كجزء أساسي ـ في الخطاب السردي للمجموعة، التي ناقشت فيها العديد من القضايا المهمة، التي تسود مجتمعاتنا العربية عامة والمصرية خاصة بدءاً من العلاقات الزوجية المتفسخة وارتفاع نسبة الطلاق، وقضية الفقر وانعكاسه على الأسرة المصرية، وفكرة عمل الأطفال في سن مبكرة وفكرة الأنوثة ومعاناة المرأة ومشاعرها شديدة الخصوصية سواء الغنية أو الفقيرة إلخ، وإن المجموعة في مجملها تعكس حلم الكاتبة في واقع مغاير يتناسب لأحفاد حضارة الفراعنة القدماء بكل ما تحمله هذه الحضارة من عراقة وتقدم ورخاء أملاً في مستقبل أفضل·[c1]آلام نفسية[/c]وقال الناقد د·عبدالمنعم تليمه: إن المجموعة تتكون من إحدى عشر قصة قصيرة تتراوح صفحاتها ما بين 6 و 8 صفحات وأن معظم هذه القصص تحمل عناوين تتميز نوعاً من الحراك وعدم الثبات والاستقرار والقلق والتوتر والإحباط وهو ما يعكس مضامين هذه المجموعة وشخصياتها، التي تعاني من نفس هذه التوترات، والآلام النفسية ويجمعها نفس الواقع المصري على نحو قصة "رياح بلا رمال، انتظار، صرخة، انعدام الرؤية، عصير المانجو، شمس الملوك، المرآة، الملف الأصفر الليموني، وليمة لم تتم، قطار الليل، شاهد إثبات"·وأوضح: أن الكاتبة عمدت في مجموعتها إلى إيجاد نوع من التواصل ما بين التواصل ما بين الحضارة العربية والإسلامية المصرية العصرية، والحضارة الفرعونية القديمة والموروث الثقافي الضخم للبنية الثقافية المصرية بما فيها من دين وأخلاق وحكمة وفن، والتي تمثل تحدياً كبيراً يواجه أي كاتب أو مبدع في الحقول المختلفة، سواء كان في نص مسرحي أو روائي أو شعري أو قصة قصيرة باعتبارها من أقدم وأخلد وأبقي حضارة شهدتها البشرية وقيامها علي عبادة الإلة الواحد والتحلي بالأخلاقيات والقيم، التي تراعي ما عليه من واجبات وتجنب الخطأ حتى لا يقع أمام مسألة الخالق سبحانه وتعالي، فضلآً عن نبوغهم العلمي في الطب والعمارة والأدب والزراعة، والتي لا زالت مثار إعجاب ودهشة العالم حتي اليوم·[c1]علاقات مضطربة[/c]وأشار إلى أن الكاتبة تمكنت بذكاء شديد من الاهتداء إلى فكرة المعادل الموضوعي، الذي نجده في كل قصص المجموعة على نحو قصة "رياح بلا رمال"، حيث نجد أن هبوب رياح الخماسين المحملة بالأتربة يعادله تفكك وفتور العلاقة ما بين البطلة وزوجها، وعندما يعود الدفء إلى العلاقة، لتنقضي هذه الرياح وتغزو الآمال الجديدة وفي قصة "المرآة" نجد أم ريحان وهي امرأة جميلة ولها حضور في الأربعين من عمرها، وكانت تجلس أمام المرآة لتمشط شعرها، فلما غزا الشبب شعرها الأسود في ذات الوقت الذي تشعر فيه بصحوة جنسية تجاه زوجها، الذي هرب مع فتاة صغيرة فتحمل حينئذ مرآتها وتخفيها في القبو، وحين يعود الأمل مرة أخرى تعيد وضع المرآة إلى مكانها·وأضاف د·تليمه المجموعة تتأرجح ما بين الفانتازيا والغموض واعتمادها على المفارقة، فالنيل الذي كان في الماضي مصدر للنماء والرخاء تحول في العصر الحاضر إلى رمز للبخل والضياع والتلوث، وبعد أن كان المصري القديم يتجنب تلويث النيل ويحافظ عليه وعلى نقائه، نجد أن الإنسان المعاصر يعمد إلى إلقاء القاذورات ومخلفات المصانع فيه، كما أن الضرائب في الماضي كان يتم تقديرها حسب منسوب الفيضان وهو نوعاً من العدالة الاجتماعية ، كما نجد نوعاً من المقابلة في قصة "رياح بلا رمال" ما بين تلك الرائحة، التي اعتادت عليها ندى التي تعمل في حقل السياحة ـ كمرشدة ـ في مقابر قدماء المصريين والأماكن السياحية، التي تحمل عبق التاريخ، ورائحة العطر الذي يعبق المكان الحالي الذي تقطن فيه ندى مع زوجها رؤوف والذي يحمل اسمه نوعاً آخر من المقابلة ما بين اسمه وسوء معاملته لها·[c1]السرد الذاتي[/c]وأكد د·شريف الجيار أستاذ الأدب والنقد بجامعة بني سويف أن اللغة العربية المستخدمة في المجموعة تبدو عصرية للغاية، إضافة إلى أنها تستقيم نحوياً وبنيوياً وتركيبياً، موضحاً أن الكاتبة في مجموعتها استعانت بكم هائل من المجازات والاستعارات والرموز الشعبية المصرية المستلهمة من الأمثال والحكم والمواويل والسير الشعبية والتراث الضخم من الحكي والقص في الرواية المصرية علي غرار قصة "ألف ليلة وليلة، الأميرة ذات الهمة، عنترة، أبوزيد الهلالي"إلخ·كما أن الخطاب السردي داخل المجموعة يتأرجح ما بين نوعين من السرد الذاتي والموضوعي، فهناك السارد العليم،الذي يتوقف فجأة عن السرد ليمنح شخصيات القصة فرصة مشاركته الحكي وهو ما يبطل ما يعرف بهيمنة السارد وشعور القاريء بالملل·وأشار الجيار إلى أن الكاتبة اعتمدت على ضمير الأنا في قصتين فقط، حيث تقوم الشخصيات المحورية فيها بسرد الأحداث مما يكون أكثر وقعاً وتأثيراً على المتلقي ويمنحه فرصة اكتشاف ما يدور في ذهن الشخصيات مباشرة، والتي يبدو فيها تأثر الكاتبة بالمسرح الذي يعتمد علي الحوار المباشر الحر، كما استخدمت الكاتبة ضمير الغائب هو وهي في تسع قصص على غرار قصة "شمس الملوك"، والتي دارت حول لحظة واحدة في موقف الأتوبيس ، مما يدل على وعي الكاتبة بأسلوب الحكي في القصة الحديثة، والتي تقوم علي الومضة والموقف السريع فقد استخدمت ضميرين فقط "هو وهي" دون ذكر لأسمائهم·وأضاف أنها استخدمت هذه التقنية كوسيلة لاسترجاع الذات للأحداث، المكان، والزمان، الحب ورؤيته يتحقق في حلم اليقظة، وكذلك التقنية، التي تضع القاريء داخل الحدث مباشرة دون مقدمات أو تمهيد، منتقداً بعض القصص ومنها قصة "المرآة"، والتي تحتاج إلى مزيد من الترابط في أحداثها وإعادة صياغتها، كما انتقد تكرار اسم أم ريحان نحو عشر مرات في أماكن كان يمكن استبدالها بضمير آخر·