النعمان ...شخصية محوريــة في مجمل مراحل النضال
عدن/ نوال مكيشتستعد جامعة عدن بالتعاون مع مجموعة هائل سعيد انعم حاليا لإقامة ندوة أحياء الذكرى المئوية لميلاد الأستاذ والمفكر /احمد محمد نعمان احد رواد النهضة والتحديث في اليمن والتي ستقام خلال الفترة (9 - 11) نوفمبر القادم وتحت شعار تخليدا للذكرى المئوية لميلاد علم من أعلام الفكر والتحديث في اليمن وبمشاركة نخبة من أساتذة الجامعات اليمنية والباحثين والمثقفين والمهتمين بفكر وموقف وثرات النعمان .وتهدف الندوة التي يشارك فيها العديد من اساتذة الجامعات اليمنية والباحثين والاكاديميين الى ترسيخ واحد من اهم التقاليد التي يجب الحرص عليها لما تجسده من ابعاد وطنية وتربوية ملهمة للاجيال اليمنية الناشئة وهي الاحتفاء برموز اليمن من الشخصيات التي اسهمت اسهاما بارزا في مختلف المجالات السياسية والثقافية والادبية وتركت بصماتها في حياتنا الراهنة، وكذا تعريف الاجيال اليمنية الناشئة بالدور الذي اضطلع به رواد العمل الوطني الاوائل عامة والاستاذ احمد محمد النعمان على وجه الخصوص والتضحيات التي قدموها والمعاناة التي تحملوها في سبيل بناء اليمن الجديد، بالاضافة الى تسليط الضوء على الفكر الوطني للاستاذ النعمان ولحركة الاحرار اليمنيين من خلاله .وتتضمن محاور الندوة التي يراس لجنتها التحضيرية رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور ثمانية محاور رئيسية يتناول الاول سيرة حياة الاستاذ احمد محمد نعمان وتنشئته الاجتماعية، والثاني الفكر التحرري والتنويري والنهضوي للاستاذ احمد محمد نعمان، والثالث النعمان وقضايا الوحدة والحركة الوطنية اليمنية، فيما تتطرق المحاور الخمسة الاخيرة الى دور النعمان في مجال التربية والتعليم وموقفه من المرأة ودوره في مجال الصحافة والاعلام والبعد الوطني والقومي الانساني في مسيرته وارشيفه .وتاتي هذه الندوة في اطار جهود جامعة عدن الهادفة الى تخليد اعلام الفكر ورواد النهضة والتحديث في اليمن ومنهم الاستاذ المناضل احمد محمد نعمان الذي وصفه قائد المسيرة فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح ورعاه في مقدمة الطبعة الاولى من كتاب التأبين بانه “رائد مؤسس وقائد بارز من قادة الحركة الوطنية وعلم شامخ من اعلامها ومناضل صلب جسور لم تلن له قناة ولم تضعف له همة في مقارعة الخطوب والطغيان والاستبداد ومواجهة التحديات المتعاقبة التي خاضها شعبنا ضد حكم الكهنوت الامامي والتسلط الاستعماري على مدى عقود طويلة” .وفيما يلي نستعرض ملخصات لعدد من اوراق العمل والبحوث التي سيتم تقديمها للندوة والبالغ عددها قرابة 14 ورقة وبحث علمي .[c1]شخصية محورية في مجمل مراحل النضال[/c]الأستاذ عبدالحميد احمد صالح الصمبولي من كلية التربية طور الباحة اعتبر الأستاذ احمد محمد نعمان في بحثه الذي يحمل اسم الفقيد وانقلاب عام 1955م (أحداث ومواقف) شخصية محورية في مجمل مراحل الحركة الوطنية اليمنية منذ انطلاقتها الأولى .. مشيرا إلى انه بذل كل غالٍ ونفيس من أجل وطنه وشعبه الذي كان يرزح تحت نير الظلم والاضطهاد الإمامي الكهنوتي الذي جثم على صدور اليمنيين ردحاً من الزمن أذاقهم فيه مرارة الجهل والمرض والفقر والتخلف .واستعراض الصمبولي مختلف أحداث تلك الحركة بمراحلها منذ شرارتها الأولى “حادثة الحوبان” مروراً بمحاصرة قصر الإمام أحمد بعرضي تعز وصولاً إلى مرحلة الإعدامات التي طالت قادة الانقلاب وما تمخض عنها من نتائج وإفرازات على الصعيد الوطني .واشار الى انه كان لمواقف الأستاذ أحمد نعمان الأثر البالغ في توجيه سير أحداثها إلى النهاية , ولأهميتها في هذا المجال فقد خُصص لها حيّز مهم في البحث تم التطرقّ فيه إلى أبرز تلك المواقف الوطنية المشرفة التي تفرّد بها الأستاذ نعمان عن أقرانه من الرواد وبما يصب في مصلحة الوطن والشعب للوصول إلى أسمى الغايات .[c1]النعمان مؤسس للحركة الوطنية اليمنية الحديثة[/c]فريق قسم التاريخ بجامعة عدن والجمعية اليمنية للتاريخ والآثار بعدن في بحثه الذي يحمل عنوان “الأستاذ نعمان رائد مؤسس للحركة الوطنية اليمنية الحديثة (1909 - 1956م)” اشار الى انه بعد أنسحب العثمانيون من اليمن 1918م ، وبقاء الانجليز في عدن والمحميات تحول الحلم المزعج المتمثل بالوجود العثماني السابق ، إلى كابوس بتربع الإمامة على السلطة ، في شمال اليمن (المتوكلية) في الفترة (1918 - 1962م) .. موضحة كيف ان عوالم النعمان بدأت تتفتح على واقعه المأساوي ، من تخلف السلطة الإمامية، وجور الظلم والقهر الضرائبي ، والقمع العسكري الإمامي ، إلى جانب تكريس نظم تعليمية وثقافية تقليدية خرافية ومتخلفة ، وبالمقابل ما تشهده أقطار عربية أخرى من نهضة وتقدم.واشار الفريق الى ان الشاب نعمان يتطلع إلى “رياح التغيير” القادمة من العالم العربي ومن عدن المدينة اليمنية الرائدة في حقول الفكر والأدب ومعبر الحداثة للتعليم والصحف والكتب الحديثة ، ومن صدى التفاعلات الأدبية للمدن اليمنية تعز وصنعاء وإب وذمار والمكلا، هنا كان على نعمان أن يختار ، مواقفه الاجتماعية والثقافية ، ورؤيته المستقبلية لحياته وحياة مجتمعه الصغير ومجتمعه الكبير اليمن.وبحسب ما جاء في البحث فان الأستاذ أحمد محمد نعمان اتخذ من التعليم ركيزتهُ الأولى للنهضة والتغيير وهو يقر بالقول : “ إن مهنة التعليم هي التي نقلتني من فكرة المدرسة الابتدائية إلى فكرة الجمهورية” مطالباً بإخراج المدرسة والتعليم إلى آفاق العصر الملبية للنهضة والتقدم ، إن طريق التعليم والتنوير لدى نعمان كانت هي أبجديات الإصلاح والتغيير السياسي.ويرى البحث انه في السياسة والإصلاح آمن نعمان بالدولة المركزية ، التي توفر لمواطنيها الحرية والعدل والمساواة وأصبح مفهوم “ الإصلاح” لديه مفهوماً مركزياً للتطوير والتقدم ، يعتمد على سياسة إمام عادل، وجهاز إداري حديث ومنظم وغير فاسد ، وجيش نظامي حديث يبتعد عن القمع والظلم للمواطنين وبخاصة الفلاحين “ الرعية” ويحمي ويدافع عن حياض الوطن ، وعلى دستور عصري ، ومجلس شوري وطني، تسائل أمامه الحكومة الوطنية، وعلى ذات الأهمية القيام بتنشئة جيل صالح يقوم على التربية الدينية السليمة والعلم الحديث ، والتنوير الثقافي الذي نهجهُ رواد النهضة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين للميلاد ، وعلى الثقافة الإنسانية المفيدة ، والمعمقة لروح وقيم التعاون والتطور البشري.واعتبر الفريق نعمان رائداً وقائداً وزعيماً للتجديد والتنوير والأصلاح، للتجديد الديني الاجتماعي ، وهذا التجديد الذي إتبعه نعمان، كان استمراراً عملياً تطبيقياً لا نظرياً، لتجديد الشوكاني والأفغاني ومحمد عبده ولرواد النهضة العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين للميلاد.[c1]مشروع النعمان السياسي يقوم على ثلاثة مبادئ(الحكم الشعبي والعدل الاجتماعي والعلم)[/c]وتناول استاذ الفكر السياسي والعلوم السياسية المساعد بجامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي “التحديث السياسي والاجتماعي في فكر النعمان .واشار الى ان مشروع النعمان السياسي للتحديث يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية وهي:« الحكم الشعبي، والعدل الاجتماعي، والعلم» وهي التي أراد لها أن تسود في المجتمع اليمني بدلا من ثلاث قيم سائدة هي:« الاستبداد والرجعية، والاستعمار، والجهل» .ولتحقيق هذه المبادئ قال الدكتور فيصل في بحثه إن النعمان وجد نفسه منساقا للبحث عن « أدوات الهدم وأدوات البناء » من جهة، وعن نماذج « تجريبية وأخرى نظرية » من جهة أخرى. فكان تنوير العقل بالعلم والمعارف الإنسانية أهم هذه الأدوات، بهدف التحرر من الجهل والاستبداد والاستعمار.واضاف ان النعمان ناقش موضوع التحديث السياسي بين: التجربة والافتراض الممكن، فتعرض - في موضوع تحديث الحكم - إلى التجربة وهي تطبيق سابق للديمقراطية في اليمن منذ عهد الأتراك، حيث كان هذا التطبيق محل رضا النعمان مقارنة بنظام الإمامة (موضوع النقد). فقد عملوا على« تشكيل مجلس إدارة في صنعاء برئاسة الوالي ومشاركة بعض الأعيان من اليمنيين... وإدخال أسلاك البرق للمرة الأولى عام 1873،... جلب مطبعة عربية وتركية (عثمانية) صدر عنها أول صحيفة يمنية هي (صنعاء)» وبين الحذيفي انه في المقابل نجد في تراث النعمان افتراضات فكرية (رؤية نظرية) حول الديمقراطية التي اهتدى إلى تمثلها في المستقبل أي أنه وهو يقدم للحكومة الديموقراطية أو ما أسماه بالحكم الشعبي كان يختمر في ذهنه نموذجان: الأول: نموذج تجريبي للحكم التركي في اليمن بالصورة الإيجابية ونموذج افتراضي، أي أنه لم يكتف بما كان عايشه في ظل الأتراك ورآه إيجابيا، بل إنه سعى إلى تمثل نموذج نظري للديموقراطية بالصورة التي ارتسمت في ذهنه وهو يقدم البدائل والحلول الممكنة لقضية اليمن المتمثلة في مشكلات: الاستعمار والاستبداد والجهل.[c1]المستشرقون الروس اهتموا بالأستاذ النعمان[/c]اما رئيس مركز البحوث الدستورية والقانونية بتعز الأستاذ الدكتور قائد محمد طربوش ردمان فاستعرض في بحثه قراءة لدراسات المستشرقين الروس المتعلقة بزعيم حركة الأحرار (النعمان) حيث اوضح ان المستشرقون الروس اهتموا بحركة المعارضة اليمنية في ستينات - ثمانينات القرن العشرين، وذلك لان هذا الجيل من المستشرقين قد زار اليمن وعمل فيه فترة من الوقت، وهو ما جعله يرصد الأحداث عن قرب .واشار ردمان الى انه صدرت ستة كتب عن شمال اليمن في الاتحاد السوفيتي أولت لحركة المعارضة اليمنية قدرا من الاهتمام في الفترة ما بين 1971 - 1989م وكان اهمها كتاب ثورة 26 سبتمبر 1962م في اليمن للمؤلفة جولوبوفسكايا والذي استعرضه في بحثه.ويوضح ردمان كيف ان مؤلفة الكتاب اعتبرت الأستاذ أحمد محمد نعمان الزعيم الأول للمعارضة منذ بداية الأربعينيات وذلك بعد أن منع الإمام يحيى المنظمات الأدبية وأغلق مجلة الحكمة في بداية الأربعينيات وهو ما أدى إلى هبوط حركة المعارضة في صنعاء فنزح المعارضون إلى تعز خوفاً من التنكيل، ثم بعد ذلك إلى عدن في مايو .واستعرض ردمان تحليل الكاتبة الذي شمل الوضع الناشئ بعد اغتيال الإمام يحيى صباح 17 /2 /1945م وانتقال السلطة إلى عبدالله الوزير. وكذا تحليل الكاتبة لانقلاب 1955م حيث تتحدث عن موقف أحمد محمد نعمان قائلة بأنه كان قد لوحظ بعض الاضطرابات في الحديدة أينما كان البدر، ولهذا قرر الإمام عبدالله إرسال وفد إلى البدر للحصول على موافقته على تتوجيه إماماً، وكان ضمن الوفد أحمد محمد نعمان الذي وافق على تنفيذ أية مهمة توكل إليه، وبرر موقفه هذا بأنه اتبع منذ البداية تكتيكاً يقوم على أساس إبعاد أحمد بمساعدة عبدالله، والآن إبعاد الأخير بمساعدة البدر .واشار الدكتور ردمان ان وجهة نظر المستشرقين الروس حول موقف الأستاذ أحمد محمد نعمان لم تتغير بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م فلا يزال الرجل زعيم المعتدلين والإصلاحيين وأن كان المستشرقون قد دعموا في كتاباتهم الريدكاليين في المعسكر الجمهوري وأنصار الجمهورية العربية المتحدة في اليمن.[c1]النعمان موسوعة ثقافية وعلمية في عصر الثالوث[/c]ويستعرض الاستاذ الدكتور بدر سعيد علي الاغبري من كلية التربية جامعة صنعاء الجهود التربوية عند الأستاذ النعمان .. مشيرا الى ان الأستاذ النعمان يعد موسوعة ثقافية وعلمية في عصر كان يعاني من الثالوث الرهيب (الجهل والفقر والمرض). واوضح الاغبري إن الأستاذ النعمان لما يمتلكه من علوم ومعارف وثقافة واسعة وما اضطلع به من مهام جسيمة كان بالإمكان تسخير ذلك في سبيل الكسب والتجارة والربح فيربح نفسه ولكنه أبى ذلك إن جاهد وناضل في سبيل مصلحة الوطن وضحى فكانت التضحية عظيمة وجسيمة .. منوها بإنه كان يؤمن ويوقن بأن المجتمع اليمني مجتمع متخلف وإنها نتيجة طبيعية أوجدها الاستعمار البريطاني والحكم الأمامي لذا فقد ظل ينشد ويتطلع في كتاباته وأحاديثه التوجه إلى التعليم باعتباره السبيل الوحيد للتقدم والتطور من خلال مقولاته (علموا أبناء اليمن) يا أبناء اليمن عليكم بالتعليم. واوصى في ورقته البحثية بإطلاق اسم الاستاذ النعمان على قاعة من قاعات الجامعات اليمنية واحد شوارع العاصمة صنعاء والعاصمة الاقتصادية والتجارية عدن وذلك تخليدا لذكراه وإلى إسهاماته العظيمة في الدفاع عن الثورة والجمهورية.كما اوصى بإنشاء جامعة يمنية حكومية وبمشاركة القطاع الخاص تحمل أسم جامعة النعمان وجمع كل كتاباته ومؤلفاته وإصداراته في مجلد يسهل للباحثين الرجوع إليه وتضمين تلك المؤلفات والكتابات في مناهج ومقررات الجامعات اليمنية بالاضافة الى تضمين شخصية النعمان وما آثره وأفكاره السياسية والتربوية في مناهج التعليم العام.[c1] يقظة فكرية كشفت له دروباً كثيرة[/c]وقدم الاستاذ المساعد بقسم الفلسفة وعلم الاجتماع بتربية عدن الدكتور احمد بن احمد سالم في ورقته البحثية رؤية في سيرة وفكر الاستاذ احمد محمد نعمان واشار الى ان “الأستاذ” أحمد محمد نعمان احتل في تاريخ اليمن المعاصر بصورة عامة، وفي تاريخ الفكر اليمني السياسي والثقافي والتربوي بوجه خاص مكانة ما نَحسبُ أنها كانت لغيره من معاصريه أو ممن أتوا بعده من سياسي اليمن ومثقفيه.وقال ان يقظته الفكرية هذه وهو لا يزال في ريعان الشباب كشفت له دروب كثيرة أفضت به إلى امتلاك رؤى فكرية وثقافية وسياسية ، قضى حياته المديدة بعد ذلك مبشراً وداعياً لقيمها الجديدة ومناضلاً صلباً من أجل تحقيقها ، فكان حقاً رائداً عظيماً للفكر السياسي(6)، في تاريخ اليمن الحديث وهذا يفضي بنا إلى التأكيد على أن الحديث عن الأستاذ لا يمكن أن يكون معزولاً عن المرحلة التاريخية التي عاش فيها الأمر الذي يجعل الحديث عنه مرتبطاً بالحديث أيضاً عن البواكير الأولى “للنهضة” الوطنية اليمنية في ميادين السياسية والثقافية والفكر.ويرى الدكتور سالم ان الأستاذ اراد ان تكون مواقفه من القضايا الوطنية الكبرى دائماً في غاية الشفافية والوضوح ، وهو بهذا يكون قد سبق غيره أقلهُ على المستوى الوطني والقومي في الأخذ بمبدأ الشفافية والمصارحة. وهذه واحدة من المعاني والدلائل التي يمكن استخلاصها من مواقفه هذه، ومن سيرته الكفاحية عامة.واضاف : لقد كان الأستاذ فاعلاً وشاهداً على كثير من مراحل التحول والتوتر ، بل وأكثرها خطورة وأهمية في تاريخ اليمن ، وهو الذي وجد نفسه شهيد هذه التحولات، فهو من حيث كونه زعيم سياسي وطني ومفكر اجتماعي حرص كل الحرص على أن لا تطاله المفاسد رغم المواقع والمكانات والأدوار التي اضطلع بها، لقد كان مستميتاً مصمماً على التحرر والتحلل من كل المغريات والمطامح والتطلعات الضيقة.واوضح ان الأستاذ أحمد محمد نعمان نجده بسيرته الكفاحية العريضة وبثقافته العميقة الموسوعية وهمومه وطموحاته وأمانيه نجده أنصع صفحة وأكثرها إشراقاً وتشريفاً في تاريخ اليمن، وهي الصفحة ذاتها التي استقطبت حباً ووفاءً وتقديراً حقيقياً وصادقاً من قبل قطاعات واسعة من الشعب الذي لم يبخل أو يتردد في دعمه ومؤازرته والالتفاف حوله والوقوف إلى جانبه في المحن والشدائد التي كانت كثيراً ما تعترضه. فقد كان محط ثقة وتصديق الجميع قلّما حظي به زعيم وطني مثله. حقاً كان علامة فارقة ونموذجاً أصيلاً بين سياسينا ومفكرينا اليمنيين.[c1]الصانع الأول لحركة الأحرار اليمنيين[/c]اعتبر الدكتور في قسم الدراسات الاسلامية بآداب تعز علي عبد الحق محمد الأغبري في ورقته بعنوان (النعمان وقضايا الوحدة والحركة الوطنية اليمنية) الأستاذ احمد محمد نعمان من ابرز رواد الحركة الوطنية اليمنية ، فهو الصانع الأول لحركة الأحرار اليمنيين كما قال عنه رفيقه في النضال الشهيد محمد محمود الزبيري .. مشيرا الى انه جمع في شخصيته عدة صفات ، لاتتوفر إلا للنادرين من الزعماء .واوضح ان النعمان تميز بالحكمة والسياسة في مسيرته الطويلة في الحركة الوطنية ، متمثلا قوله تعالى :( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) فكم ارسل مذكرات الى الامام احمد يطالبه بإصلاح الأوضاع .. مشيرا الى ان الإمام لو انه استمع إلى نصائح النعمان ربما لم يحدث ما حدث من تغيير نظام الحكم .واضاف : قد تميز أسلوبه بالسلم حتى وصف ب(غاندي اليمن ) لأنه كان ينبذ أسلوب العنف ، لذلك عارض قتل الإمام يحيى رغم تحمس الكثير، ومما يظهر حكمته ونظرته البعيدة انه كان من المعارضين السفر إلى صنعاء عند سماع إشاعة وفاة الإمام يحي طالبا التريث لمعرفة الحقيقة لكن اندفاع الآخرين الذين أصروا على السفر فكانت النتيجة إعدام الكثير من الزعماء الأحرار، وسجن البعض الأخر في سجن حجة ومنهم النعمان.أما عن موقفه من وحدة الشعب اليمني فاشار الدكتور عبدالحق الاغبري الى انه كان يؤمن أن الشعب اليمني شعب واحد في الشمال والجنوب على حد سواء ، ويتجلى ذلك من اختياره مدينة عدن كمركز انطلاق الحركة الوطنية اليمنية ، وكذلك في اختياره صديق الكفاح الاستاذ الزبيري وهو من المذهب الزيدي ، ليحارب فكرة التفرقة الامامية من اثارة النعرات الطائفية ( القحطانية ) و (الهاشمية) وكذلك عند تهنئته الرئيس جمال عبد الناصر بمناسبة قيام الثورة المصرية ضد النظام الملكي حيث هنأه ( باسم الشعب اليمني في الشمال المستبد والجنوب المحتل ).[c1] لنضاله ثلاث جبهات سياسية وثقافية وتعليمية[/c]واستعرض الدكتور علوي عبدالله طاهر من جامعة عدن في ورقته نضال النعمان في ثلاث جبهات “السياسية والثقافية والتعليمية”.ففي الجبهة السياسية تطرق الدكتور علوي الى نزوح النعمان والزبيري وبعض رفقائهما الى مدينة عدن ومشاركته في حركة 1948م والذي لم يكن راضياً عنه ولم يسارع في الذهاب إلى صنعاء للمشاركة في الحكم، كما كان من المعارضين لانقلاب 1955م حيث كان وقتها في صف الامير البدر .ويروي الدكتور علوي انه بعد فشل الانقلاب اقترح النعمان على الإمام أحمد تشكيل حكومة برئاسة البدر، بحيث يكون الإمام هو المرجع فرد عليه الإمام قائلاً :(( ألا يكفيكم الفتنة الأولى تريدون أن تجددوا الفتن أنت والإرياني ؟))، فرد عليه النعمان متسائلاً : أية فتنة ؟ وعندئذ استدعى النعمان البدر وواحداً من أصهاره، ثم خاطب الإمام قائلاً : انت قاتلت من أجل أن تعيد العرش لإخوتك، وكنا نحن في السجن أردنا أن نرد لك الجميل بأن نطالب بولاية العهد لابنك ، فوقف إخوتك هذا الموقف بدلاً من أن يقدروا الجميل لك كما قدرناه نحن. فرد عليه الإمام قائلاً: والله صدقت والله إني كنت محاصراً والرصاص يطلق على بيتي ، وأن أخي عبد الله بالغرفة عندي ، وأنا أنصحه بعدم الخروج لئلا تصيبه الرصاص صنعت له كل واجب، أما ابني فلا أفلِّته، قال النعمان: «نحن لم نعمل أي شيء إننا بما قدمته لنا أردنا أن نفعل ذلك ، والآن إذا أردت تأجيل هذا الأمر فلا مانع من ذلك »، وهنا قرر النعمان ترك الأمير البدر وأبيه والانضمام إلى حركة الأحرار التي أتخذت من القاهرة مقراً لها . وفي الجبهة الثقافية اوضح علوي انه عندما طلب النعمان والزبيري ورفقاؤهم من السلطات البريطانية حق اللجوء السياسي رفضت ذلك، إلاَّ بعد تقديم ضمانات بعدم الاشتغال بالسياسة، وهو ما جعل النعمان ورفاقه يحولون النضال السياسي إلى نضال ثقافي، أي أنهم التقوا العمال في أماكن تجمعاتهم وفي مبارز القات، وبحثوا معهم مشكلات البلاد ، وناقشوهم في الوسائل الكفيلة للتخلص من المعاناة والفقر والجهل والمرض والظلم والتخلف بكافة أشكاله وألوانه.واشار الى ان الجمعية التي اسسها الى جانب رفاقه عملت على اصدار صحيفة (صوت اليمن ) لتعبر عن أهدافها وتنقل وجهات انظارها . وشغل النعمان مديرا لتحرير للصحيفة في حين كان الزبيري رئيس التحرير، حيث استطاع أن يحدث تأثيراً عظيماً في الحركة الثقافية اليمنية بالإضافة إلى التأثير السياسي .وفي الجبهة التعليمية اشار الى ان النعمان كان قد أمضى ست سنوات مدرساً في مدرسة الحجرية ومديراً لها ، عقب انتهائه من الدراسة في معاهد زبيد العلمية ، وأمضى بعدها مدرساً لثلاث سنوات في تعز، عمل في أثنائها مديراً للمعارف، ولما انتقل إلى عدن عمل مدرساً في مدرسة بازرعة الخيرية الاسلامية لمدة ستة أشهر فقط، وبعد خروجه من سجن حجة عقيب أحداث عام 1948، عمل مدرساً في بعض مدارسها لمدة اربع سنوات ، وشغل في أثنائها مديراً للمعارف في حجة، ولشغفه بالتعليم استغل فترة وجوده في سجن حجة ليقوم بتعليم بعض المساجين وتحرير بعضهم من الأمية ، وصار بعدها مستشاراً للمعارف في عموم مملكة الإمام يحيى، قبل أن ينتقل إلى صفوف المعارضة، بما يدل على أن النعمان كان محباً للعلم وشغوفاً بالتعلم، فهو لا يدع فرصة إلا ويستغلها لنشر العلم، معتبراً التعليم المرتكز الأساس للنضال الوطني .[c1] تمتع بمستوى عال من الثقافة والاطلاع[/c]واستخلص الباحث والاكاديمي بقسم التاريخ كلية الآداب جامعة ذمار الدكتور مهيوب غالب احمد كليب في الندوة في ورقته البحثية الاستاذ احمد محمد نعمان: المعلم... القائد.. (نشأته..حياته..مواقفه..)” ان الاستاذ النعمان تمتع بمستوى عال من الثقافة والاطلاع، فكونت تلك الثقافة إلى جانب خبرته في العمل السياسي والتنظيمي، شخصية عبقرية فذة. وبذلك كان الأستاذ النعمان سياسياً من الطراز الأول ومحاوراً عنيد، صعب المراس، يثق بنفسه وبشعبه ثقة عالية، فشكل بذلك مدرسة سياسية وحزبية قائمة بذاتها. الأمر الذي أهله لقيادة حركة الأحرار اليمنيين دون منازع، فكان قائدا ومجاهدا وسياسياً محنكاً. كما كان عالماً وخطيباً مفوهاً، وباختصار كان حكيم عصره.وقال : لأن الأستاذ كان يتمتع بكل تلك الصفات والمزايا، فقد كان بمثابة الحكم الذي تتجه إليه الأنظار حين تشتد النزاعات المناطقية والمذهبية. وحين اشتداد المعارك الجانبية بين أبناء الثورة والوطن، والتي وصلت حد الاقتتال، سواءً في الشمال أو في الجنوب على حساب القضايا الكبرى، فضل الأستاذ النعمان العيش بعيداً عن الأرض التي ناضل من أجلها والشعب الذي ضحى في سبيل انعتاقه وتحريره.[c1] صانع النور في اليمن[/c]ويرى اللواء محمد علي الأكوع في ورقته التي سيقدمها للندوة ان النعمان هو صانع النور في اليمن وهو الصانع الأول لقضية الأحرار والمؤمن بالتعليم منذ يفاعته .ونبه الاكوع الى ان لقب الاستاذ الذي اطلق على النعمان كان اول من اطلقه عليه هو الامام احمد وذلك عندما قال “البدر عيني اليمين والأستاذ عيني اليسار.” وكان عنوان كتاب أربعينية وفاته كلمة (الأستاذ)، فقط. وحتى بمصر وعدن وصنعاء وغيرها كان هو الأستاذ والقاضي هو لقب الشهيد محمد محمود الزبيري.وقال الاكوع ان النعمان كان منذ يفاعته لا يرتضي لنفسه احتلال المقام الثاني في أي ناد أو ندوة أو جلسة أو دور ونحو ذلك. وكذلك في مواقفه وآرائه وكتبه. واشار الاكوع إلى أن النعمان كان دينامو ومحرك الحركة الوطنية وعمودها الوطني, مع أن الزبيري كان رسمياً بالمقام أو المركز الأول كرئيس الجمعية اليمانية الكبرى, أو رئيس وصاحب الامتياز لصحيفة (صوت اليمن) والمرجعية المقبولة عند الجميع في وقت الأزمات والخلافات. لكن النعمان كان هو المسيطر على كل شيء نشاطاً وإدارة وخاصة مالياً, مما جعل مقاليد أمور الحركة الوطنية كلها في يده, وهو ما ضايق الآخرين, زيادة على بخله وإصراره على أن يعتمد كل شخص على نفسه في تأمين معيشته. حتى أنه والزبيري قد عملا كمدرسين بمدرسة بازرعة. مما أضطر بعض رفاقهما لطلب الأمان والعفو من ولي العهد وعادوا إليه في تعز كالشامي والموشكي وغيرهما. لكن الأستاذ لتشدده مالياً قد أمن استمرار الحركة الوطنية وصدور صوت اليمن وكسب الأنصار والمؤيدين والمشتركين في الحركة الوطنية في الاتصال بالمهاجرين بالخارج و بالداخل. واستعرض الاكواع محطات ومواقف في حياة الأستاذ منها انه كان يرى ان العقل والعدل والكفاءة هي المطلوب, ولما سيطر المشايخ على عهد الجمهورية الثانية وأضطر القاضي عبد الرحمن لموافقتهم على ذلك لأن لهم حقاً في مقابل نصرهم الجمهورية بقبائلهم وشهدائهم وجهودهم فتولوا وزارات ومحافظات ومؤسسات. لكن الأستاذ رأى أن الواجب أقتضى منهم تلك التضحيات وليست المسألة مقاولات أو بيع أو شراء حتى أن بعضهم كان يفرض نفسه على المجلس الجمهوري كما فرض نفسه في منزلة رئيس جمهورية محافظته, فقال له الأستاذ: “ اختر لك منصباً من ثلاثة : أما رئيس جمهورية محافظتك وفتحنا سفارتين بيننا وبينك وجوازات سفر وعلمين أحدهما بصنعاء والآخر عندك, أو رئيساً لرئيس المجلس الجمهوري أو محافظاً فقط!!” ثم قامت قيامة أخرى ومعه آخرون من المشايخ والضباط ودولة شقيقة لأن المجلس الجمهوري أوقف الحرب بين اليمني واليمني جنوبيين وشماليين 1972م في يوم وليلة. وبدأت صنعاء مع عدن ترسيان قواعد الوحدة اليمنية فضاق أولئك بالمجلس الجمهوري فضايقوه, فبادر بتقديم استقالته دستورياً لرئيس البرلمان, فسلمها للعسكرتاريا المتضامن معهم. وشرد النعمان من جديد. [c1]حكومة النعمان حملت مشروعا وطنيا متكاملا[/c]الاستاذ الدكتور فؤاد راشد عبده من كلية العلوم الادارية جامعة عدن تناول الإصلاح المالي والإداري في بيان حكومة النعمان 1971م ومقاربة بين ضرورة الأمس واليوم.واشار الى ان برنامج حكومة النعمان 1971م حمل مشروعاً وطنياً متكاملاً غايته بناء مجتمع يمني حديث وبناء دوله يمنية حديثة دولة النظام والقانون حيث جسد هذا المشروع الهم الوطني الكبير للأستاذ أحمد محمد نعمان وفكره الليبرالي المبني على الإصلاح والتغيير والتطوير والانفتاح على العالم.واوضح ان بيان حكومة النعمان كشف عن نهج سياسي وفكري رصين اتبعه النعمان من أجل تثبيت النظام الجمهوري الوليد، وبناء وتحديث المجتمع والدولة اليمنية. ويرى الدكتور فؤاد ان مضامين بيان حكومة النعمان ووصفة الأصلاحات المالية والإدارة تبين بأنه استند إلى ثلاث مقومات هي دراسة عميقة للواقع المعاش، وتشخيص للمشكلات القائمة، وتحديد للأولويات والاحتياجات العاجلة، ومتابعة للجديد الذي ينتجه الفكر الاقتصادي والإداري ومتابعة للتجارب العالمية، والاستفادة من ذلك، وتوظيف ما أمكن في وصفه البيان للإصلاح المالي والإداري، لهذا يكتسب بيان حكومة النعمان حيويته وحداثته، وما زالت العديد من أبعاده تمثل ضرورة لاستكمال عملية البناء والإصلاح الراهنة.واضاف : لم يكتب النجاح لمشروع حكومة النعمان وبرنامجها الإصلاحي فما هي إلا أشهر معدودة حتى قدم النعمان استقالة حكومته في اغسطس 1971م، ولا شك في أن عوامل وأسباب عدة وقفت خلف عدم نجاح مشروع حكومة النعمان وبرنامجها الإصلاحي.. مشيرا الى ان هناك سببين اثنين على الاقل من بين هذه الاسباب هي المقاومة الشديدة لقوى التخلف، ومراكز النفوذ المنتفعة من بقاء الوضع كما هو عليه، والتي استشعرت بان الإصلاح المالي والإداري سيضر بمصالحها الشخصية الأنانية والضيقة وعدم توافر الإرادة السياسية الداعمة لمشروع التغيير والبناء إجمالاً ولمشروع الإصلاح المالي والإداري تحديداً الذي نادى بها الأستاذ أحمد محمد نعمان .. متسائلا : كيف كان سيكون حالنا اليوم لو نفذ مشروع الإصلاح المالي والإداري الذي جاء في بيان حكومة النعمان عام 1971م؟ .[c1]ترشيد الحكم وتنوير الرعية منهجا النعمان[/c]من جانبه استعرض استاذ الفكر العربي الحديث والمعاصر المساعد في قسم الفلسفة بآداب جامعة صنعاء الدكتور عبدالرب علي حيدر “فلسفة ترشيد الحاكم في فكر وتجربة الأستاذ/ أحمد محمد نعمان”.وتناول الدكتور عبدالرب في بحثه نموذجاً من التفكير السياسي في اليمن من منتصف العقد الثالث من القرن العشرين إلى النصف الثاني من العقد الخامس من نفس القرن، واتخذ من الفكر السياسي للشخصية التنويرية البارزة الأستاذ/ أحمد محمد نعمان نموذجاً. وركز الباحث بشكل خاص على فلسفته في التغيير “من الأعلى”، عبر “ترشيد الحاكم” كطريق أيسر وأقرب في المشروع النهضوي لليمن.ويرى الدكتور عبدالرب إن ترشيد الحكم وتنوير الرعية هما خطان رئيسان انتهجهما الأستاذ أحمد محمد نعمان من اجل تحقيق مشروع الانبعاث الوطني وتحقيق التنمية الشاملة لليمن الموحد الحر والسعيد.واكتفى استاذ الفكر العربي في بحثه بعرض جهود الاستاذ الفكرية والعملية في ترشيد الحاكم، تاركا مسألة جهوده التنويرية للرعية علي الرغم من أهميتها لبحث آخر.ويرى الدكتور عبدالرب إن فكرة ترشيد الحاكم التي انتهجها الأستاذ النعمان تأتي انسجامًا مع الروىء الفكرية التي تشبع بها في مدرسة زبيد علي يد كبار مشايخ الشافعية هناك, والذين ساروا في الجانب السياسي على نهج الاشعرية التي تدعوا إلى دعم وتأييد السلطان المسلم ولي أمر المؤمنين عملاً بقولة تعالى “ اطيعوا الله واطيعو الرسول وأولي الأمر منكم” .[c1]خطاب النعمان يفيض بالحيوية والديناميكية[/c]وقدم استاذ علم الاجتماع بجامعة عدن أ. د . سمير عبد الرحمن هائل الشميري في بحثه “قراءة سوسيولوجية في خطاب النعمان التنويري”، حيث اشار الى ان الخطاب التنويري للأستاذ النعمان يفيض بالحيوية والديناميكية وبدفقات حارة من الصدق والمحبة للمظلومين ، لم يكن خطاباً صلداً ولا متحجراً ولا خطاباً عارياً من المعاني والمقاصد المحمودة ، بل كان خطاباً مترعاً بروح الانتماء للوطن مغموساً بالهم اليومي يحلم بالحرية وبحياة خالية من البطش والقيود والأقفاص الحديدية والتعذيب وإذلال آدمية الإنسان .ويرى ان خطاب النعمان ايقظ النفوس الراقدة ووجه العقول والبشر صوب مقاومة الأوضاع الفاسدة والحياة الراكدة والكئيبة لانقشاع سحائب الظلم والعتمة الدامسة والأهوال القاسية، فأستخدم بداية أسلوب النصيحة والتقويم و نادى بقوة إلى إصلاح الحال ، ثم أنتقل إلى مربع المقاومة ورفض ثقافة الخضوع والطاعة وقاوم كل معاني الظلم والاستبداد بوعي منير وبعقلانية متزنة مع شيء من رومانسية الشعارات المجلجلة التي ملأت سماء المنطقة العربية في تلك الحقبة الزمنية، ثم جاءت المرحلة الأخيرة المدموغة بالواقعية والحكمة والمصارحة والتي أتسم فيها بعدم حجب الأسرار أو التحفظ ، ووعى بعمق ضرورة وجود دولة عادلة لإحقاق الحق وللخروج من كهف التخلف ، فبدون ذلك لن تفلح التنمية والعدالة ولا المواطنة المتساوية ولن تشرق شمس الديمقراطية والحرية في المجتمع. واوضح الشميري ان خطاب النعمان التنويري تواكب مع جملة من الخطوات العملية على أرض الواقع , ففـي اللحظـة التي كان ينتـج فيها خطاباً تنويرياً , كان يقوم في الضفة الأخرى بتطبيق أفكاره في الواقع بلغـة عملية عميقـة الدلالة والمقاصد.وبين أهم القسمات للخطاب التنويري للأستاذ / أحمد محمد نعمان منها انه آمن بدور العلم وأعتبــره العامل الحقيقي للنهضة والتغييــر، وكان يدعو إلى إصلاح المجتمع والراعي والرعية عن طريق نشــر العلم والمعرفة وتنوير مضائق الأذهان واستخدام أساليب التنوير والإقناع، ونادى بضرورة التخلص من الاستبداد والنظــم القهرية والشمولية , ولن يتم ذلك عبــر العنف أو القوة الغاشمة أو عبر الهزات الكبرى , وإنما عبر إرادة قوية وبخطوات مدروسة وعبر تدرج وسلاسة حتى لا يفقــد المجتمع توازنه الطبيعي، وغيرها من القسمات التنويرية. [c1]مذكراته أفادت من تطبيق منهج السرد[/c]فيما تناول بحث د . سالم علي سعيد مذكرات الأستاذ النعمان ومدى قربها من أدب السيرة الذاتية، حيث أشار الى انها قد أفادت من تطبيق منهج السرد في إثبات هذه الفرضية . وعرض الدكتور سالم أهم الآراء النقدية التي تناولت أدب المذكرات والسيرة الذاتية لاسيما أن النقاد مجمعون على أن هناك ملامح عديدة تضع المذكرات بجانب السيرة الذاتية . وقدم البحث نماذج دالة على ذلك ، وإن لم تكن تلك الملامح هي الغالبة على كل النص . وتوقف البحث عند فصول غلب عليها أسلوب السرد القصصي إلى جانب ذلك فهناك فصول غلب عليها سمات البحث التاريخي أو الاجتماعي أو السياسي غير أن كون السارد واحدا (الأستاذ النعمان) فذلك يجعلها جزءا من النص المسرود.
النعمان مع صديقه محمد سيف ثابت ونجله عبدالله
من اجتماعات اللجنة التحضيرية للندوة