أمين عبدالله إبراهيم:من الواضح أن هناك صلة وعلاقة وطيدة بين الثقافة الدينية والتربية السكانية باعتبار أن مسائل علم التربية السكانية تتضمن موضوعات وقضايا تتصل بالانسان في ذاته ومن جهة مولده وتطور مراحل عمره حتى نهايته بالوفاة ، وكذلك ما يطرأ على تلك المراحل العمرية المختلفة من طوارئ ومواقف صحية واجتماعية ونفسية وسلوكية قد يعتريها من المشكلات ما تقتضي الحل والعلاج ، ناهيك عما يستلزم الجنين وهو في بطن امه من رعاية مصاحبة ، او فحوص مسبقة تعالج موضوع الخصوبة وما تقتضيه من تدخل علاجي او تقويم يستهدف سلامة الجنين من بدء التفكير في تحصيله. كما يهتم علم التربية السكانية بالانسان من جهة كونه كائناً اجتماعياً يعيش مع غيره ويتنافس معهم على موارد البيئة التي يعيشون جميعاً عليها، ذلك إن حظ كل إنسان من ناتج تلك البيئة متوقف على عدد السكان الذين يعيشون عليها ، قلة او كثرة ، كما يشمل العلاقات الانسانية التي تنشأ بين هذا المجموع السكاني ، وما يتطلبه من تنظيم سلوكي في اطار الحقوق والواجبات الاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع وهذه المسائل كلها وغيرها لها اتصال وثيق بالمبادئ الدينية التي تتولى تنظيم امرها او تقويمها للوصول الى الحياة الكريمة التي تنشدها الاديان للانسان في كل زمان ومكان. ورغم تلك الاهمية ، فإن المؤسسة الدينية في بلادنا باعتقادي - ما تزال بعيده عن الاهتمام اكثر بدورها الذي يجب ان تقدمة حيال هذه المادة العلمية ذات الاهمية الاجتماعية والانسانية الخاصة ، ومرد ذلك القصور الواضح ، يرجع - باعتقادي - الى امرين اثنين : الأول يتعلق ببيان المشكلات التي تعترض دور المؤسسة الدينية في قيامها بواجبها حيال مادة التربية السكانية ومن بين تلك المشكلات عدم وضوح البناء العلمي لتلك المادة رغم اهميتها وقصور او قلة ومحدودية انتشار المؤلفات القيمة التي كتبت فيها ، وان كثيراً من مسائلها ما زال اسير الشكوك في الفهم ، الامر الذي يقلل من الاقبال عليها ظناً انها تتنافى مع مبادئ الدين الاسلامي الحنيف ، كما تسود ثقافة شعبية رافضة لمسائل التربية السكانية نتيجة فهم خاطئ يدور حول مخالفاتها او مخالفة بعض مسائلها للتوجيه الديني الصحيح ، واقتصار او ضعف التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية المختلفة للوصول الى انجاح مهمة المؤسسة الدينية في القيام بتلك المادة ، وضعف اهتمام وسائل الاعلام الجماهيرية بها. أما الأمر الثاني فإنه يتعلق بالحلول المقترحة لعلاج تلك المشكلات ، من هذه الحلول اختيار العدد الكافي ممن يصلحون للقيام بهذا الدور العلمي التثقيفي في المؤسسة الدينية مع وضع المواصفات العلمية والشخصية التي يجب ان تتوافر في هؤلاء الذين يختارون للقيام بهذا الدور الوطني المهم ، ومن اهمها ان يكون معتدل الفكر ، متوازن الشخصية ، يتمتع بذكاء فطري وبالادراك الكامل لاهمية دوره في هذا الموضوع الحيوي المهم واهمية علم التربية السكانية ، وان لا يتنافي مع مبادئ الدين الاسلامي الحنيف. ومن بين تلك الحلول ايضاً ما يتعلق بمهمة المؤسسة الدينية للقيام بهذا الدور ، وذلك من خلال القيام بتوفير الحوافز الكفيلة بتوجيه الدارسين للاهتمام به ، والعمل على ترسيخ ثقافة شعبية تنمي الحياة ولا تقيم عداء بينها وبين الدين ، وضرورة التنسيق والتعاون الكامل بين المؤسسات العملية الرسمية وغير الرسمية في هذا المجال مع ابراز اهمية علم التربية السكانية ، ودور الاعلام في التعاون لترسيخ تلك المفاهيم ، وذلك من دون اهمال لواجب المراة في القيام بهذا الدور مع النساء في المؤسسة الدينية.
دور المؤسسة الدينية في التربية السكانية
أخبار متعلقة