غضون
* يستطيع رجال الدين - إذا أرادوا - المشاركة في مكافحة الإرهاب، كأن يقولوا الحق في هذه المسألة وبوضوح، وقد قال الإمام علي: «رب قول أنفذ من صول».. لكن عليهم أولاً التحرر من الخوف المسيطر على رجال الدين المعتدلين الذين يخشون أن يكون مصيرهم كمصير آخرين قتلوا في العراق وباكستان والجزائر وغيرها على أيدي الإرهابيين لإسكات صوت الحق، ويتعين كذلك على رجال الدين السلفيين أن يتخلوا عن الثقافة والأحكام والفتاوى القديمة والجديدة التي تعتبر المرجعية الشرعية التي يستند إليها الإرهابيون في ما يقومون به من قتل ودمار تحت مسمى «الجهاد».. ويجب أن يكون هؤلاء شجعاناً بما يكفي لإعلان أخطائهم ومراجعة نهجهم الفكري والكتب التي يدرسونها.. فمن ذا ينكر أن معظم عناصر تنظيم القاعدة قد تتلمذوا على الخطاب السلفي وفي المراكز السلفية بدليل أن (القاعدة) يؤكد في بياناته أن جزءاً من نشاطه موجه ضد الذين يقول إنهم «يحاربون» تلك المراكز أو من يعتقل أحداً من طلابها أو العاملين فيها، وهذا يعني أن (القاعدة) يعتبرها مؤسسات تعليمية تخدمه وتزوده «بالمجاهدين».* ومن غير المجدي أن يخرج علينا رجل دين بكلمات يقولها مثل إن «الجماعة الضالة» تخالف الشريعة وتشوه صورة الإسلام، بدليل أن (القاعدة) يعتبر أصحابه الأعلم بالإسلام وشريعته وأن ما يقوم به هو «جهاد» شرعي في سبيل الإسلام والمسلمين ضد «النظام المرتد» والجنود والضباط الذين يسميهم «مرتدين وإن نطقوا بالشهادتين وصلوا وصاموا وحجوا وزكوا».. وتذكروا أن الخوارج على جهالتهم كانوا إذا غلبهم الإمام علي بحجته ومنطقه قالوا: «كافر ما أحسن لسانه»!! وتنظيم (القاعدة) يعتبر الفقهاء ورجال الدين المعتدلين «علماء السلطان»، بل إنه يأخذ على السلفيين إنهم يتكلمون عن «الجهاد» باللسان ولا يتقدمون خطوة عملية نحو «جهاد الطلب» وقد قالها أيمن الظواهري عنهم وزاد سخر منهم.وعلى أي حال.. لا يبدو أن هناك جدوى من أي كلام قد يقوله رجال الدين عندنا أو عند غيرنا لقيادات وأعضاء تنظيم (القاعدة)، لأن الشقة قد بعدت والقوم قد ذهبوا في طريق ليس فيه خط عودة، والسبيل مع هذا الشر رده بالشر.* إنما أي خطة تعنى بمكافحة الإرهاب فكرياً يجب أن تركز على المستقبل وتحول دون مد الإرهاب القائم بزاد جديد.. وإذا كان رئيس الجمهورية يعول على لجنة العلماء المشكلة أخيراً القيام بشيء في هذا المجال، فإن أي نتائج مرجوة أو مرغوبة لابد أن يسبقها تخطيط وتدبير كافيان تقوم بهما الحكومة وهذه اللجنة وجمعية علماء اليمن أولاً بالاتفاق على إغلاق المراكز التعليمية الدينية الخاصة وخاصة تلك التي ثبت أنها ينابيع للتطرف، وأن تعاد صياغة الكتب التعليمية بحيث تنقى من القنابل الثقافية والفكرية للمودودي وسيد قطب وأتباعهما، وأن يعتمد في تلك الكتب صحيح ما قرره ديننا في التعاليم والأحكام المتعلقة بالأخلاق وعلاقة المسلم بأخيه المسلم وما قرره الإسلام في العلاقات بين الدول والأديان.. وغير ذلك من التعاليم والأحكام التي تربي وتهذب ولا تهدم.