النصب باسم الفقراء ·· أحدث صيحة في عالم الإحتيال
القاهرة/14اكتوبر/هشام نصر :حذر خبراء في علم الاجتماع من خطورة انتشار استغلال اسم فقراء اليتامى في جمع الأموال والكسب غير المشروع تحت ستار العمل الخيري ، واعتبروه جريمة كبري في حق المجتمع ، ويتخذ هؤلاء المحتالون من آلام الأيتام ومعاناتهم وسيلة لاستدرار عطف الناس المحبين لعمل الخير بحجة رعاية وكفالة هؤلاء الضعفاء خلال حملات إعلانية منظمة ومؤثرة لجمع التبرعات، ثم يستغلون هذه الأموال لأنفسهم ولا يتركون للأيتام إلا الفتات فيحرمونهم من حقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة·وقال الخبراء : يجب على المجتمع مواجهة هذه الظاهرة والتصدي لمرتكبيها بحزم لحماية هؤلاء المساكين من جشع المتاجرين بآلامهم بتشديد العقوبة وتنشيط دور الجهات الرقابية في متابعتهم .يؤكد د· أحمد زلط وكيل كلية التربية بجامعة قناة السويس ان كفالة الأيتام ورعايتهم رسالة إنسانية عظيمة أكدت عليها الشريعة وكافة الدراسات التربوية، فمن الناحية الشرعية يقول رسول الله صلى الله علية وسلم «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» وأشار بالسبابة والوسطي وفرج بينهما، ويقول تعالي في كتابه الحكيم: «أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض علي طعام المسكين»·· فالمولى سبحانه وتعالى يحث علي حسن معاملة اليتيم والعطف علي المسكين لضعفهما وحاجتهما إلي الرأفة والرحمة والمعونة·· ومن الناحية التربوية والاجتماعية تعتبر كفالة اليتيم نوعاً من التكافل الاجتماعي المطلوب إذا كانت النوايا والأهداف إنسانية واجتماعية ، أما إذا كانت من أجل التكسب من وراء الاستيلاء علي أموال الغيرفهذا بما يمكن أن نسميه تسولا غير مباشر·ويضيف "زلط": بدأت ظاهرة استغلال الأيتام في التكسب من قبل ضعاف النفوس في الانتقال من المدن الكبري وعواصم المحافظات إلي القري ولقد لاحظت بالفعل انتشار الإعلانات، التي تحث علي التبرع للأيتام في كل مكان حتي علي مستوي القري، وذلك بفتح هذه الجمعيات فروع لها في أماكن عديدة وفي أثناء الربط بين الحسابات المركزية والفرعية قد يحدث التلاعب·ويشير د· زلط إلي أهمية تكثيف الإشراف علي تلك الجمعيات من قبل وزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الداخلية وعدم ترك الفرصة سانحة لبعض المغرضين للتكسب بطرق غير أخلاقية لاهدف لها سوي الاستيلاء علي الأموال بدون وجه حق·[c1]مسئولية مشتركة[/c]ويقول د· عبدالله سمك الأستاذ بقسم الأديان والمذاهب بجامعة الأزهر: مشكلة استغلال لبعض الجمعيات للأيتام لاستجداء عطف الناس والاستيلاء علي أموالهم فتقع مسئوليتها علي ثلاث جهات هي أجهزة الدولة والجمعيات الخيرية والمواطن نفسه·· فلابد أن يكون للسلطة الرسمية دور في حماية أموال اليتامي من الوقوع في أيدي العابثين المنحرفين، وهذا يتطلب رقابة قوية وجادة من وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية ووزارة العدل بكل أجهزتهم الرقابية والتنفيذية، التي تمتلك من الصلاحيات ما يمكنها من ردع أي منحرف فتحمي بذلك الجانب الرسمي لهذه الأنشطة الخيرية من الانتهاك، كما تقع علي الجمعيات الخيرية نفسها مسئولية غرس الثقة في النفوس بإقامة مشروعات خيرية تكتسب مصداقية لدي المواطنين ومع الوقت سيكون لدينا رصيد من الجمعيات الأهلية الخيرية المشهود لها والموثوق فيها بشرط أن تشرف عليها أجهزة رقابية رسمية تحافظ علي أموال الأيتام وتعمل علي إيصال التبرعات إلي مستحقيها·ويضيف د· سمك أن المسلم الحق هو المسؤول عن كل تصرفاته فلا تكفي نواياه الطيبة سبباً لإيداع أمواله في أية جهة دون أن يتحري عنها ويتأكد من مصداقيتها وسمعتها الحسنة، فإذا ما اعتمدنا علي حسن النية في مثل تلك الأمور نكون مشاركين في ضياع حقوق الأيتام·ويشير إلي أن الله تعالى حدد الجزاء في الآخرة عن فعل ذلك الأمر بنفسه أو بمساعدة غيره من جنس العمل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "كما تدين تدان» وليتدبروا قوله تعالى: "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً» فكما أكلوا أموال فقراء اليتامي ومنعوها عنهم، فإنهم لايملكون أعمارهم وليخشوا أولادهم فريسة الذئاب أمثالهم ينهشونهم وينتهكون حرماتهم ويأكلون أموالهم كما فعلوا هم بغيرهم من يتامي المسلمين·[c1]خاسروحيد[/c]ويقول الشيخ فرحات سعيد المنجي من علماء الأزهر الشريف: إن ما ينفقه المسلمون من أموال لكفالة الأيتام هو من أموال الزكاة، التي حدد لها الشرع عدة مصارف في قوله تعالي: >إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم»، ويعتبر الأيتام من الفقراء والمساكين وقد أوصي رسول اله صلى الله عليه وسلم: في أكثر من حديث باليتيم وجعل كافله رفيقاً له في الجنة ، لكن هناك بعض الجمعيات أو الأشخاص لايعرفون لأموال الأيتام حرمة ولا يتورعون عن استغلال عاطفة الشفقة لدي الناس علي اليتيم للاستيلاء علي أموالهم بالباطل، ورغم أنهم بفعلتهم هذه يقعون تحت طائلة القانون إلا أن العقاب الإلهي أكبر لارتكابهم عدة معاصي فهم يغشون المسلمين·ويؤكد الشيخ المنجي علي أن القائمين علي هذه النوعية من الجمعيات هم فئة ضالة يجب بترها تماما من المجتمع، لأنهم يهدمون قيما أصيلة في النفوس كعاطفة الشفقة علي اليتيم بل وعن أنهم يبثون الشك وعدم الطمأنينة في نفوس المواطنين فيختلط الأمر عليهم فلا يدرون أين الصادق من الكاذب وفي النهاية تقع الخسارة كلها علي اليتيم فلا يصل إليه شيء·[c1]فقر وحاجة [/c]ويوضح الشيخ المنجي أن سلوك هذه الجمعيات يعد أكلا لأموال الناس بالباطل، الذي نهي الله تعالي عنه كما توعد الله سبحانه من يأكل أموال اليتامي بشكل خاص في قوله عز وجل «إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً» ومن ناحية أخري لا يشفع الفقر والحاجة لهؤلاء المحتاجين عند الله تعالى لتبرير أكلهم لأموال الأيتام بالباطل والاستيلاء عليها لأنفسهم لأن هذه الأموال ليست من حقهم لأن المتبرع بالمال أخرجه من ذمته لغرض معين وجزاء هذه الأموال علي نية المتبرع وليس علي نية الجامع·· لذلك ينبغي علي كل مسلم أن ينتبه لهذا الأمر عند التبرع بأمواله بالبحث عن الأماكن المشروعة لرعاية الأيتام، والتي تخضع لرقابة من أجهزة الدولة حتي يطمئن إلي أن فرصة التلاعب بأموال التبرعات ضئيلة للغاية إن لم تكن معدومة·ويصف د· إسماعيل عبدالباري أستاذ علم الاجتماع من يقوم بهذا الفعل بأنه خارج عن نطاق الشرعية وعن رسالة وأهداف تلك الجمعيات ·ويحذر د·عبدالباري المواطنين من أن ينخدعوا بما تدعو إليه تلك الجمعيات المنحرفة·· كما أنه يجب علي أجهزة الإعلام أن تقوم بمسؤوليتها في محاربة المتاجرة بآلام الأيتام فلا يقتصر نشاطها علي تقديم الأعمال الدرامية وبرامج التسلية والمسابقات بل يجب عليها إلقاء الضوء علي ما تقوم به هذه الجمعيات وتوعية المواطنين بأهدافها السيئة وأغراضها المشبوهة وتوضيح الصورة للمسئولين عما تقوم به تلك الجمعيات من أعمال لاتتسم مع أهداف إنشائها، والتي تسيئ في نفس الوقت للجمعيات الأخري التي تمارس عملها بطرق مشروعة وأساليب سليمة وبقواعد قانونية تحفظ لليتيم حقه في الأموال، التي تصل إلي هذه الجمعيات الشرعية بحكم الشرع والقانون· كما ينبغي أن تشدد الرقابة علي تلك الجمعيات المشبوهة لمعاقبة كل من تسول له نفسه القيام باستغلال موقعه في الجمعية واستغلال ذكائه الشرير في توظيف الأيتام لتحقيق مصلحة ذاتية·· فهؤلاء لصوص يجب محاسبتهم جزاء مارتكبوها في حق مجتمعهم، ومن ثم له عقاب شديد في الآخرة ويجب وأن تنال تلك الجمعيات المشبوهة ما تستحقه من عقاب ويتم إغلاقها وتقديم المسئولين بها للمحاكمة الجنائية بتهمة التسول والتصرف في أموال الأيتام بدون وجه حق، وليت هؤلاء المخالفون يدركون ما لكافل اليتيم من مكان عند المولي عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي يقول: «الساعى على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله»[c1]تشديد العقوبة [/c]ومن الناحية القانونية يقول د· جمال الدين محمود ونائب رئيس محكمة النقض أن قانون الجمعيات الأهلية ينظم إجراءات إنشاء هذه الجمعيات وطرق إدارتها ومتابعة أنشطتها وقد راعي المشرع عند إعداد قانون الجمعيات ترك قدر من الحرية لإداراتها ومتابعة أنشطتها الخيرية أو الثقافية أو الاجتماعية، وكذلك مراجعة مواقف مؤسسيها وأهدافهم من إنشاء هذه الجمعيات وفي نفس الوقت راعى القانون وجود جهة مسؤولة عن محاسبة إدارات الجمعيات وتوقيع العقاب عليها إذا انحرفت بأهدافها أو عجزت عن تحقيقها·ويوضح أن جمعيات رعاية الأيتام هي جمعيات تقوم بعمل خيري وتعتمد في تمويلها علي تبرعات أهل الخير والإعانات، التي تخصصها لها وزارة الشؤون الاجتماعية واستغلال المسؤولين لما يرد لهم من هذه الأموال لتحقيق أغراض شخصية يعد من الكبائر، لأنه كأكل مال اليتيم من أقرب الناس إليه وقد توعدهم الله جل شأنه بالعذاب الشديد·ويري د· جمال الدين محمود أن هذا الفساد يأتي في حالة غياب الرقابة والمتابعة سواء من القائمين علي إدارة الجمعيات أو من الموظفين المسؤولين عن متابعة عمل الجمعية في وزارة الشئون الاجتماعية·ويضيف : المشكلة أن القانون يعتبر أموال هذه الجمعيات أموالاً خاصة فلا ينال من يهدرها أو يختلسها العقوبة المشددة التي ينالها الشخص لو كان المال المهدر من المال العام·ولمواجهة هذا الفساد الذي يقع في بعض الجمعيات يجب تشديد العقوبة حفاظاً علي أموال هؤلاء اليتامي·· وأن تكون هناك عقوبات ولو مالية علي إهمال إدارات الجمعيات في تحقيق أهدافها الخيرية التي تحث عليها القيم الدينية والإنسانية·· وكذلك تنشيط دور الجهات الرقابية الحكومية في متابعتها فلا تكون المراقبة تجرى سنويا، كما هو الحال الآن بل يجب أن تكون الرقابة بشكل دوري·