في كلمة للدكتور عبد العزيز بن حبتور رئيس جامعة عدن في حلقة النقاش بذكرى 17 يوليو:
عدن/ 14 أكتوبر - تصوير علي الدرب:في كلمته أمام أكثر من خمسين مشاركاً من العلماء والمفكرين والباحثين في شتى المجالات بمناسبة الذكرى الـ( 31) لتولي الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم بالانتخابات في 17 يوليو من عام 1978م، تحدث الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن بكلمة قيمة حول هذه المناسبة فيما يلي نصها:في البداية باسم جامعة عدن أرحب بضيوف الجامعة الحاضرين معنا في هذه الحلقة النقاشية وأخص بالذكر الأستاذ / أحمد الحبيشي رئيس مجلس إدارة مؤسسة 14 أكتوبر رئيس التحرير، وأيضاً زملاءه الصحفيين الذين يشاركون في هذا الحوار لهذه الفترة المخطط لها والتي تدار فيها الحلقة لمدة ساعتين ونصف تقريباً.نحن في الجامعة نظمنا هذه الحلقة النقاشية بالتعاون مع إخواننا في مؤسسة 14 أكتوبر هذه الجريدة الرصينة والمدرسة الصحفية ، اخترنا هذا الموضوع لأنه موضوع أولاً حيوي وموضوع الساعة وموضوع يتجدد معنا تقريباً في كل سنة تمر بها البلاد من تجارب ومن إنجازات وأيضاً من مصاعب و تحديات تواجه بلادنا.. فلذلك نحن عندما اخترنا هذه الحلقة اخترناها لأننا نريد أن نقيم بشكل مشترك ما هي الإنجازات التي تحققت و ما هي التحديات التي مازالت قائمة وأيضاً ما هي آفاق العمل المستقبلي لأنشطة المؤسسات الثقافية والإعلامية وأيضاً المؤسسات الأكاديمية .ونحن عندما نحتفي بمرور واحد وثلاثين عاماً على هذه الذكرى لابد من التأكيد على بعض العبر والدروس واستخلاص ما يمكن استخلاصه في مسيرة عملنا الإداري والسياسي والتنموي . أولاً قبل واحد وثلاثين عاماً تقريباً عندما عرض منصب كرسي الرئاسة على كل من هم الأقرب إلى هذا الموقع كان الكل يرفض أن يتولى هذا المنصب.. يرفض لأنه يعرف تماماً أن هناك مشكلات كبيرة.. لا يستطيع أي من أولئك الزعماء الذين تدافعوا على المواقع .. لا يستطيع أن يجازف وأن يواجه كافة التحديات ، وأنتم تتذكرون أنه في 1978م كان هناك إشكالات كبيرة كانت هناك مدن في ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية هي التي فيها دولة.. وعدا هذه المدن لم تكن الدولة حاضرة على الإطلاق.. وكانت الدولة في صنعاء وتعز وإب والحديدة وخارج هذه المدن كانت القبيلة مسيطرة سيطرة كاملة على مقاليد الأمور .. ومن أبسط وظيفة في الدولة إلى أعقد وظيفة في الدولة كانت القبيلة بمؤسساتها الاجتماعية تقوم وتحل محل الدولة.. وبالتالي فالموضوع لم يكن بالنسبة للرئيس أو من فكر في أن يأتي إلى هذا الموقع مسألة فيها مغنم لا .. فالمسألة كانت أعقد بكثير، كان هناك تحد كبير لهذه الدولة كلها وكان عقد الانفراط أسهل بكثير من عقد التماسك، والضم في حلقة واحدة هي حلقة الدولة.طبعاً الناس كانت ترفض حينها لأن هناك مهابة للكرسي كانت هناك إعدامات واغتيالات وشيخ القبيلة كان يأمر وينهي داخل أمانة العاصمة صنعاء وكان هذا الوضع موجوداً وكان أيضاً شخص الرئيس عندما كان لهم يتم اختياره كان لابد من الاستئذان من بعض مراكز القوى الموجودة على الساحة آنذاك وكانت كثير من المرجعيات هي التي تقرر من يكون الرئيس فمرة يأتي الإرياني ومرة الغشمي ومرة يأتي الحمدي وهكذا دواليك لأن هناك آلية كان لابد من العودة إليها عندما يتم اختيار الرئيس.لكن مع مجيء الرئيس وهذا ليس مدحاً في هذا الأمر ولكن المصادفة التاريخية وأحياناً الظروف التاريخية تقتضي أن يجتمع في لحظة من اللحظات من أجل أن تقرر مصير أمة وهذا ما حدث تماماً عندما حدث أن تم تشكيل لجنة واختيار فخامة الرئيس ليكون هو من يتولى هذا الموقع.الموضوع الثاني كان لابد من وجود شيء كي يثبت لهذه الدولة ضمان استمرارها.هذه الدولة لابد أن تكون حاضرة في صنعاء أي آلية الدولة تكون في صنعاء . فعندما يتخذ القرار في صنعاء ويطبق في صنعاء ويتم البحث في آلية تطبيق هذا القرار كان الأمر مختلفاً تماماً حيث أنه قبل هذا الأمر كانت عواصم عربية أخرى هي التي تحدد ما هي صيغة القرار حتى الراتب الذي يأتي لمؤسسات الدولة مثل المؤسسات العسكرية والأمنية كانت تأتي من بعض العواصم المجاورة.وهناك مجموعة من النقاط ممكن أن نقف أمامها الأولى كانت البحث عن صيغة لوجود دولة تقوم بتنمية معينة ، هذه التنمية هي في شكل برامج وفي شكل بحث عن آليات استقرار لهذه الدولة في ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية . أيضاً في الكلمة التي ألقاها فخامة الرئيس يوم تسلمه هذه المهمة ركز على مجموعة من الموضوعات.. النقطة الأولى ركز فيها على قضية التسامح وقال إننا سنمد أيادينا لكل من يريد أن يقوم معنا بالعمل التنموي خدمة للإنسان ، بمعنى أن لغة التسامح هذه لم تكن موجودة حيث كان سائداً حينها الثار السياسي والقبلي كان قائماً وبالتالي هذه اللغة ربما بدأت بشكل بسيط لكنها توسعت وتطورت وتحولت إلى سلوك وإلى نهج وممارسة عرفناها لاحقاً إلى يومنا هذا.النقطة الثانية كان موضوع الاستقرار حيث كان لابد من وجود مؤسسات تحفظ هذا الاستقرار وتواصل هذا الاستقرار ومع مراعاة الظروف والشروط الاجتماعية الأخرى التي نعرفها جميعاً.لا نستطيع أحياناً أن نتجاوز الواقع لمجرد الحلم بوجود لغة نريد أن نعممها بأن هذه اللغة نريدها أن تكون سائدة وبالتالي المسألة ليست إرادوية بل هي مسألة موضوعية في النمو والتطور الذي يسحب كل أمة من الأمم في الدنيا والعالم .أيضاً كان في حديثه يتم التركيز على بناء الإنسان وتم تطوير جهاز التربية والتعليم وأيضاً الجامعات والمؤسسات الثقافية وتم إرسال العديد من الدفعات الطلابية وكانوا يبعثون إلى الغرب والشرق آنذاك فهناك طلاب يبعثون إلى الاتحاد السوفيتي آنذاك وطلاب يبعثون إلى عواصم مثل باريس ولندن ونيويورك وواشنطن وغيرها من العواصم العربية والعالمية.وكما قلنا إن مركز القرار السياسي بدأ يتحول بشكل تدريجي خلال هذه الفترة من تلك العواصم العربية إلى صنعاء وكان هذا شيئاً من الاختلاف جرى حوله وشن هجوم شرس ضده هذا الموضوع والموقف وجرى عدم الإقرار به. أما فيما يتعلق بنقطة بناء الدولة وأنا لا أريد أن أدخل في التفاصيل لأن كافة الأوراق التي ستناقش والمداخلات التي ستطرح تصب في مجملها في هذا الاتجاه لكني أقول إنه كان هناك تركيز على تطوير التشريعات وتطوير اللوائح والنظم والانتقال من الدستور المؤقت إلى الدستور الثابت والدائم وأيضاً الشروع في بناء المؤسسات التشريعية والقضائية وأيضاً التنفيذية بما ينسجم مع الشيء المتاح والممكن تنفيذه في الواقع وطبعاً هذا الأمر استمر إلى أن وصلنا إلى يوم الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م حيث حصل هناك تحول كبير على المستوى الاجتماعي والسياسي والثقافي حيث حدثت نقلة في قضية التوحيد مع آلية الديمقراطية التي تم الاتفاق عليها. وطبعاً في الآلية الديمقراطية ليست المنفلتة من عقالها بل بشروطها القانونية النظامية المعروفة وكل ذلك في ظل واقع أيضاً اجتماعي معروف وحدد أيضاً اتساع وعي الناس به أيضاَ معروف وحدوده معروفة وبالتالي لابد من الإشارة إلى أن بناء الدولة أرتبط في هذه المرحلة خلال (31) سنة بسلسة متواصلة من التطور مع وجود كثير من الخضات التي اعترضت وجود بناء هذه الدولة لأسباب موضوعية عديدة منها الذاتي ومنها أيضاَ الموضوعي بحكم التطور الذي يحدث خارج إطار وعينا ورغباتنا الشخصية فهذا المجتمع ينمو بأعداده الهائلة التي نحن نلمسها ونعرفها.هناك في الحقيقة العديد من المحطات التي مر بها فخامة الرئيس وكانت أخطر محطة هي يوم تثبيت الوحدة اليمنية المباركة حيث كان لابد من وجود قرار جرئ وواضح إما أن يحدث نماء وتطور لمؤسسات الدولة والحفاظ على شرعيتها أي شرعية الدولة أو أن يتم التسليم بالدعوات التي طالبت بالانفصال آنذاك وكان الخيار للرؤية الأولى وتم تثبيت الوحدة اليمنية في يوليو من عام 1994م .وهذه المحطات كلها عندما ندرسها بشيء من الموضوعية من دون الحديث بكراهية للواقع أو بحب إلى درجة العمى لهذا الواقع سنجد أن هناك أمراً إيجابياً كبيراً قد تحقق في الواقع وأيضاَ نمواً في وعي الناس نمواً في مؤسسات دولة ونمواً في تقديم الخدمات للشرائح الاجتماعية المختلفة من المواطنين وبالتالي أية مصاعب تحدث هنا وهناك هي مصاعب موضوعية يفرزها الواقع بحكم النماء والتطور الذي يحدث .وهناك قضية لابد من التركيز عليها على الأقل في سياق حديثي أنه في عام 2006م كان هناك صراع انتخابي كبير حول اختيار رئاسة جديدة ، إما أن يتم اختيار فخامة الرئيس أو يتم اختيار الشخص الذي تقدمت به المعارضة والذي هو فيصل بن شملان ..الرئيس آنذاك قدم برنامجه الانتخابي ، هذا البرنامج كان عبارة عن استقراء لآراء الناس ومتطلباتهم واحتياجاتهم وعلى أساس هذا البرنامج تم اختيار الرئيس وكان واحد من بنود البرنامج الانتخابي للرئيس هو تطوير آلية الدولة بما يخدم الاستقرار والنماء والديمومة وهو الانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات فالحكم المحلي واسع الصلاحيات له أنصار وله خصوم وأنصاره في الحزب الحاكم وخصوصه أيضاً في الحزب الحاكم وكذا الحال في أنصار الحكم المحلي واسع الصلاحيات أيضاً في المعارضة وخصومه في المعارضة إذاَ لابد من التمييز بين هذا الطرح السياسي أحياناً الذي يتم المبالغة فيه من أجل أن يسقط المشروع أو يتم الإفراط في الانتقاد غير المسؤول لهذه التجربة القادمة من أجل إسقاط هذا المشروع.هذا المشروع العقلاء يقولون وأنا لا أدعي أنني واحد منهم لكن العقلاء يقولون إنه فقط في آلية التطوير الذي سيحدث للحكم المحلي واسع الصلاحيات هو الذي سيقضي على الجزء الأكبر من المشكلات التي تحدث أي المشكلات على المستوى الشعبي أو على المستوى التنموي أو التي تواجه القضايا الأخرى التي تتعلق بتعميم ثقافة الكراهية وتعميم ثقافة عدم الود ، كل القضايا ستؤول إلى المجلس المحلي ، إلى السلطة المحلية إلى الحكم المحلي من خلال تلك القوانين التي ستعدل.هنا الأمر يعول على كل الخيرين في أن يقفوا مع برنامج فخامة الرئيس من أجل تطبيقه وتحويله إلى واقع لأن هناك من يدعي ويقول أنه أذا أعلنا الحكم المحلي واسع الصلاحيات فقد نفاجأ أننا نأتي إلى الفدرالية وبعد الفدرالية الانفصال ..والبعض يقول إن هذا الحكم المحلي واسع الصلاحيات هو يقضي على أحلام ومشروعات ( للأسف ضيقة ) و(مشروعات صغيرة) ودائماً نقول صغيرة لأنها أقل من إرادة الناس وأقل من طموحاتهم ونقول دائماً إننا مهما كبرنا لا يمكن أن نكون نحن بثقافتنا أو بمشاريعنا أكبر من هموم الناس وهموم الشعب لذلك فنحن نؤكد على أن برنامج فخامة الرئيس نسعى بشكل جماعي وموضوعي وهادئ إلى تحقيقه بشكل تدريجي خلال السنتين التي تم التمديد لها في اجتماع مجلس النواب الأخير .هذه الملحوظات وددت في الحقيقة أن أبدأ بها هذه الورشة وأنا سعيد جداً مرة أخرى بمشاهدة هؤلاء الأساتذة الكبار الذين يجلسون أمام هذه الطاولة للحديث حول واحدة من مراحل تطور المجتمع اليمني من خلال الحدث الكبير في 17 يوليو الذي نحتفل به سنوياً. كما أود مرة أخرى أن أشكر الأستاذ أحمد الحبيشي الذي استطاع أن يحول هذه الصحيفة 14 أكتوبر إلى صحيفة ديناميكية متطورة ومقروءة وهي ليست للحاكم كما يدعي البعض فهي صحيفة فعلاً تنتقدنا أكثر مما تنتقدنا المعارضة ولكن بها مهنية عالية وفيها موضوعات مشوقة وفيها مادة للقراءة واحترام العقل فلذلك نحن نشكره ونشكر أيضاً الطاقم الذي يقود هذه المؤسسة ونشكر أساتذتنا الذين حضروا اليوم للمشاركة في هذه المناقشة .* والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.