غضون
الذين شاركوا في حفلة عدن من جمهور ومطربين وموسيقيين وإداريين نجوا من نيران المعركة التي شنها ضدهم السلفيون والإرهابيون.. نجوا جميعاً وعادوا إلى ديارهم سالمين بفضل إراداتهم في التحدي وممارسة حقهم في التمتع بالجمال والفن والبهجة.. وأنا أشعر بالخيبة لأني لم أجد رجال الدين المشتغلين بالإفتاء والوعظ والإرشاد المعتدلين، أو الموصوفين بالاعتدال، مشاركين في أي جزء من طود النجاة.._ لقد تضافر شيوخ “السلفية والقاعدة” وسووا صفوفهم ثم انطلقوا يهاجمون “حفلة غناء” بالتحريم والتكفير والتفسيق والقتل، ولم يخرج رجل دين معتدل ورشيد في “جمعية علماء اليمن” ليقول كلمة حق أمام الناس يبدد ويفرق بها جموع المحرمين والتكفيريين والإرهابيين._ وللإنصاف أعيد هنا تسجيل واقعة بطلها رجل شجاع ومتفرد في صراحته ومواقفه ومتميز في جرأته.. وهو الشيخ الدكتور علوي عبدالله طاهر الأستاذ في جامعة عدن وخطيب وإمام جامع الهاشمي، أشهر جوامع عدن، بل وجوامع اليمن كلها.. وهذا الشيخ الذي شذ عن المعتدلين الصامتين الذين لا ينسب إليهم قول، خرج ليدلي بدلوه حول معركة “السلفيين” ضد حفلة عدن.. وقال إن الغناء نعمة من نعم الله.. وأن الغناء في الأصل حلال.. وأن الغناء يتحول إلى نقمة ويصبح محرماً إذا صاحبه سلوك محرم كالتعري والتخنث.. وأن أول من غنى في الإسلام غناءً رقيقاً كان رجل يمني يدعى طاووس.. واشتهر كأكبر مغنّ في المدينة المنورة، ثم طرد منها نهاية القرن الهجري الأول، ولكن ليس لكونه مطرباً بل لأنه هبط في آخر أيامه إلى أسفل درجات سلم الغناء، و “تخنث”!