القاهرة / وكالات"رامتان" هو الاسم الذي أطلقه عميد الأدب العربي د. طه حسين على منزله الذي تحول إلى مركز ثقافي، ويعتبر من الأماكن الثقافية البارزة في مصر، أقام العديد من الندوات الثقافية الفكرية منذ افتتاحه، ويواصل موسمه الثقافي لعام 2006 بعنوان "ثقافة المستقبل"، وبقدر أهمية المركز كصرح ثقافي يستقطب الأدباء والمفكرين، إلا أن أهميته تكمن بأنه منزل الأديب والمفكر د. طه حسين، بمجرد دخولك إلى المنزل ينتابك الفضول للبحث عن تفاصيل حياته من خلال مقتنياته، غرفة مكتبه، مكتبته، حجرة نومه، غرفة المعيشة....فضول لمشاهدة المكان الذي شهد معارك قاهر الظلام الأدبية والفكرية.[c1]رامة له ورامة لابنه:[/c]"رامتان" المنزل الذي انتقل إليه طه حسين عام 55 مع زوجته سوزان في منطقة الهرم، عاش فيه 20 عاماً إلى أن توفاه الله عام 37م وهو أول منزل يمتلكه، اشترى قطعة لأرض من الفنان يوسف وهبي، يتكون من دورين وحديقة واسعة مليئة بالأشجار، كان يحب السير في الحديقة والإنصات إلى صوت طائر الكروان، وحولته وزارة الثقافة المصرية الى متحف طه حسين بعد أن اشترته من ورثته، يحتوي المتحف على أثاث ومقتنيات طه حسين الفنية، بالإضافة إلى مكتبته (3 آلاف كتاب) التي كانت قد أهديت إلى دار الكتب المصرية واستردها المتحف، والأوسمة والنياشين والجوائز والمتعلقات الشخصية به، شهد رامتان انتخاب طه حسين رئيساً لمجمع اللغة العربية، واجتماعاته ومناقشاته، وفيه تولى عمله في جريدة الجمهورية، وفيه منح شهادة الدكتوراه الفخرية من ثلاث جامعات مرة واحدة مدريد، باليرمو وروما، في رامتان خاض معاركه من اجل التنوير والتقدم والتعليم، كما استقبل فيه نخب الأدب العربي والغربي منهم نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يوسف السباعي، محمود أمين العالم، عبد الرحمن الشرقاوي، أنيس منصور، يوسف غراب، ثروت أباظة، بالإضافة إلى أندريه جيد، ايفو أندريتش، سنجور وغيرهم، وقد أطلق الأديب طه حسين اسم رامتان على المنزل بعد أن انتقل للعيش به، رامتان كلمة عربية وهي "الرامة"، مكان بالبادية يستريح فيه المسافر، وإذا ثنينا الكلمة فهي "رامتان"، فطه حسين قرر أن يتكون المنزل من مسكنين، مسكن له ومسكن لمؤنس ابنه وزوجته السيدة ليلى العلايلي حفيدة أمير الشعراء أحمد شوقي، رامة له ورامة لابنه مؤنس، وذلك بعد أن تزوجت ابنته أمينة من محمد حسن الزيات.[c1]معاركه الأدبية:[/c]خاض معارك أدبية كثيرة مثل العلاقة بين الأصالة والمعاصرة، بين الموروث والمستحدث، العلاقة بين الشرق والغرب، نشر التعليم والقضاء على الأمية، وقضايا التجديد في الأدب والفكر، وما أن يفرغ من قضية حتى يفتح جبهة أخرى، كان قادراً على الرد وإثارة النقاش، فلم يتوقف يوماً عن القتال بقلمه، وشبهت طريقة طه حسين في القتال بالطريقة الفابية كما ذكر أ. رجاء النقاش في كتاب "طه حسين ومعاركه الأدبية"، وهو الكتاب الثاني في سلسلة تراث الجمهورية لعام 2006 صادر عن مؤسسة دار الجمهورية للصحافة ومن إعداد الأستاذ صلاح عطية، والطريقة الفابية في القتال تنسب الى القائد الروماني "فابيوس" الذي كان أسلوبه في الحرب "إطالة القتال ومناوشة العدو بين الحين والآخر، وعدم الاشتباك مع العدو في معركة حاسمة"، كان اسلوبه مصدر الهام لعدد من المفكرين والأدباء الانجليز الكبار فقاموا بتأسيس الجمعية الفابية عام 1884، ومنهم برناردشو، سيدني ويب وزوجته بياتريس ويب، وتتلخص مبادئ الجمعية في ضرورة تغيير المجتمع عن طريق الإصلاحات التدريجية وليس عن طريق العنف والانقلاب والثورة، هذا الأسلوب في الحرب الفكرية هو الأسلوب الذي استخدمه طه حسين خلال حياته كلها، والجدير بالذكر أن الكتاب يقدم بعض صفحات جاوز عمرها الخمسين عاماً نشرت في صحيفة الجمهورية منذ الأيام الأولى لصدورها، ضم اثني عشر عملاً لطه حسين، تنوعت بين المقال الأدبي، والمقال السياسي والاجتماعي، والقصة المترجمة، والكتاب الملخص، واختلف المقال ما بين مناقشة لأمور السياسة الدولية أو قضايا الحياة اليومية او القضايا الأدبية، وكلها تتناول قضايا ما زالت قضايا اليوم، بالرغم من أنها كتبت منذ أكثر من نصف قرن، وكانت أولى وكبرى معاركه الفكرية من خلال كتابه "في الشعر الجاهلي" الصادر سنة 1926، الذي استخدم به المنهج العقلي في البحث والدراسة، فبدى وكأنه يمس بالدين والقرآن الكريم، مما أدى إلى وقوفه أمام النائب العام بتهمة التعدي على القرآن الكريم والدين الإسلامي، ولكنه نجا منها بحكمة النائب العام الذي اعتبر بعد التحقيق معه أن العبارات التي استخدمها طه حسين في كتابه، "إنما أوردها في سبيل البحث العلمي لاعتقاده أن البحث يقتضيها"، وكانت لدى طه حسين أدوات متعددة يشن من خلالها حروبه الأدبية، مثل الجامعة، المجمع اللغوي والصحافة التي كانت أداته الأولى وسلاحه الأساسي، فقد أدرك أهمية الصحافة منذ بداية حياته وقبل ان يصل الى سن 20، فطرح من خلالها أفكاره وجعلها ميدان الحرب لمحاربة من يقفون ضد التطور والحرية والتجديد، يقول طه حسين عن فكره "لا ينحاز إلى طائفة ولا يتعصب لمذهب، ولا يقيد نفسه الا بحقوق الشعب والوطن، في الكرامة والعزة والحياة الصالحة التي لا يشوبها نقص أو هوان". [c1]نصيحته للشباب:[/c]نصيحة للشباب رددها د. طه حسين في أكثر من صحيفة وفي أكثر من لقاء..."أنهم لاهون عن القراءة الجادة، تجذبهم أضواء السينما والتلفزيون، ينشغلون بها عن قراءة أمهات الكتب التي تفتح لهم آفاقاً واسعة، وتضئ أمامهم الطريق وتخلق منهم المثقف الواعي المستنير، فالشباب الذين يعرفون اللغة العربية عليهم أن يدرسوا الأدب العربي القديم والحديث، والذين يعرفون اللغات الأجنبية عليهم أن يطلوا منها على العالم الرحب الفسيح للفكر والثقافة الأجنبية، وهذه الوسيلة الوحيدة لكي ينتجوا شيئا ذا بال"- مجلة آخر ساعة-.حياة طه حسين هي تاريخ حياة مصر على مدى نصف قرن، فكره مدرسة مهمة للتعلم منها، من أهم مؤلفاته "الأيام" 1929 روى فيها سيرته الذاتية في سياق التطور التاريخي لمصر، وتجسد كفاح إنساني وفكري لشخص فقد بصره عندما كان عمره 3 سنوات ليصبح من رواد التنوير في الفكر العربي.
|
ثقافة
رامتان « منزل قاهر الظلام »
أخبار متعلقة