الأسواق اليمنية في قلب القرية العالمية
الأسواق التقليدية في صنعاء القديمة قديمة قدم المدينة نفسها وتجمع المصادر التاريخية على انها واحدة من أقدم المدن العربية ويقدر عمرها بأكثر من ألفي عام، وتعد أسواقها الشعبية ابرز ملامحها التقليدية، وما زالت أسواق صنعاء الشعبية تزاوج بإيقاع متوازن ومريح بين طابعها المعماري القديم وبين الأنماط العمرانية الجديدة، وحتى تسلل المحلات التجارية ذات الواجهات الزجاجية إلى هذه الأسواق لم ينل من أصالتها وجمالها العتيق فهي تاريخ وتراث متصل ومتواصل يرتبط فيه الحاضر بالماضي على نحو عضوي ووثيق يمنح الزائر فرصة لمعاينة وثيقة حية وهي شاهد تاريخي متجدد لنمط الحياة العربية القديمة ويعيد كمتحف حي توثيق الكثير من التقاليد والممارسات الشعبية التي اندثر الكثير منها في البلاد العربية الأخرى. في الجناح اليمني في القرية العالمية حرص اليمنيون على عرض بضاعاتهم بالأسلوب نفسه الذي يعرضوه في سوق الملح أشهر أسواق صنعاء القديمة وأقدمها على الإطلاق، ورغم عدم الاتفاق على سبب تسمية السوق بسوق الملح إلا أن الشائع انها عرفت بهذا الاسم لاشتهارها بالسوق الرئيسية للتوابل والبهارات، كذلك يتباهى اليمنيون في هذا الجناح بالصناعة الحرفية للسيوف والخناجر (الجنابي) وبالحلي الفضية المنحوتة والمشتغلة وبعضه يرجع تاريخه إلى عقود من الزمن.أشهر العروض في هذا الجناح فهو العسل الذي أصبح ومنذ ثلاثة أعوام يشكل نسبة عالية من مساحة القرية. وبسبب اعتقاد العارضين ان العسل أصبح مطلوبا من قبل زوار الجناح، أصبح التنافس كبيرا بينهما، كذلك هناك عروض للأحجار الكريمة، ولمختلف المنتوجات الزراعية.وخلال جولتنا في الجناح اليمني وسط المحلات التقينا بعدد من المشاركين، ويقول عبدالكريم الرازحي: تعتبر اليمن من البلدان العربية التي يشتهر سكانها بالصناعة الحرفية خاصة في مجال صناعة السيوف والجنابي والعقود الفضية. ويشتهر اليمنيون بإتقان مجموعة من الصناعات الحرفية اليدوية الشعبية ومن أهمها الصناعات الفخارية والجلدية والنحت على الخشب وصناعة العقيق وصياغة الذهب وغيرها، وعبر عصور مختلفة ازدهرت الصناعات الحرفية وتوارثها الأجيال عن آبائهم لكن ظهور السلع الصناعية البديلة والمستوردة في السوق اليمنية بعد الطفرة الصناعية أدى إلى انقراض بعض الحرف اليدوية ولكن ظلت العديد من الأسر الحرفية تحافظ على مهنتها.كما ان الكثير من هذه الصناعات الحرفية أصبحت تعرض للسياح داخل اليمن اما خارجه فهي تعرض في المعارض العربية والدولية التي تشارك بها اليمن. والعروض لا تقتصر فقط على الصناعات الحرفية ولكن أيضاً في العقود الفضية والأحزمة وغيرها من الصناعات والحلي التي تتزين بها المرأة اليمنية، والجميل ان هذه الحلي أصبحت مطلوبة من المرأة العربية، حيث تباع اكبر كمية منها لكثير من النساء العربيات وأيضاً الأجنبيات الآتي يزرن الجناح اليمني في القرية العالمية. - اليمن والعسل عرف أشهر أنواع العسل في اليمن وله أسماء تاريخية تغنى بها الكثير من الشعراء مثل عسل دوعن أو عسل جردان، والعسل اليمني بشهادة الكثير من متعاطيه، يعد من أجود أنواع العسل في العالم، نظرا لاحتفاظه بخواصه الطبيعية كافة ومن ضمنها غذاء ملكات النحل الذي يبقى ضمن تركيبته، فيما تمتاز خلايا العسل بكونها طبيعية تماماً. ويقول أيمن احد عارضي العسل في الجناح اليمني: العسل اليمني يصنف وفقاً لطبيعة زهرة الشجرة التي يجلب النحل الرحيق منها، ويصنف العسل وفقا لاسم هذه المنطقة أو تلك، مثل عسل سدر جحه وسدر وصباي وسدر عصيمي وسدر شبوه، وغيرها من المناطق، وعسل شجر السدر ينتشر في مناطق مختلفة في اليمن.ومن الأشجار التي يستخرج منها العسل بوفرة شجر السمر، وهي أشجار شوكية يصل ارتفاعها إلى أربعة أقدام، ومواسم أزهارها في شهر ابريل، ويمتاز طعم هذا الصنف من العسل بحدة مذاقه، ويستعمل لعلاج أمراض البرد المختلفة، أيضاً من أصناف العسل الرائجة في اليمن عسل المراعي.وهو عسل يجلب النحل رحيقه من نباتات وأشجار مختلطة، ويختلف مذاقه ولونه وفقا لطبيعة أزهار هذه النباتات، مثل الفلفل والزنجبيل التي تعد من النباتات الحارة، ويكون موسم حصاد عسل المراعي في شهر فبراير، ولكن عموما العسل المطلوب والذائع الصيت هو عسل دوعن نسبة لمدينة دوعن في محافظة حضرموت. عبدالرحمن محمد الكدرس شارك في أكثر من معرض ويقول: هناك معروضات كثيرة في الجناح ولكن جانب البهارات والمنتوجات الزراعية المطرية نحن نختص بها، ونعرض حاليا كل أنواع المنتوجات الزراعية والبهارات بمختلف أنواعها، ابتداء من الفلفل الأحمر (البسباس) والحلبة وبهارات من مختلف الأنواع مثل الزنجبيل وعيدان قرفة، والحناء.وكذلك جميع أصناف البن التي تصنع منه القهوة اليمنية، وأيضاً أصناف الزبيب الذي تشتهر به كثير من الأراضي اليمنية وأشهره زبيب «رازقي» والمنتوجات الزراعية عموما لها طلب كبير من قبل زوار القرية أو من اليمنيين المقيمين في الإمارات. وأخيراً فإن الجناح اليمني ابتعد هذا العام عن تقليده الذي اعتاد عليه في السنوات السابقة حيث اعتمد في مجسماته السابقة على المعالم والآثار اليمنية مثل «باب اليمن» و«قلعة الغويزي» وغيرها من المعالم التاريخية.واكتفى القائمون على الجناح هذا العام بتجميل السور الخارجي بالقمريات والتي هي من أهم وأكثر المعالم البارزة التي تميز البيت اليمني، بخاصة البيت الذي يأخذ بطريقة المعمار اليمني القديم، حيث تشكل القمرية أو العقد، المزدان بألوان زاهية وجذابة عنصرا معماريا متميزا ينفرد به الطراز المعماري اليمني القديم والحديث، ولصناعة القمريات حرفيين مهرة يتواجدون في معظم المناطق اليمنية التي تأخذ بهذه الزخرفة، بخاصة منها المناطق الجبلية، أبرزها العاصمة صنعاء، حيث يندر أن نجد بيتاً صنعانياً قديماً أو حديثاً خالياً من القمرية، التي يتفنن البعض منهم بها إلى درجة يفوق اهتمامهم بأشياء أخرى ضرورية في المنزل.