عدن في شعر د. محمد عبده غانم
اختار د. محمد عبده غانم لديوانه السادس عنوان" الموجة السادسة" وكأن دواوينه موجات متلاحقة ربما على شط صيره أو حقات. وهذا الديوان الصادر عن المكتبة اليمنية بصنعاء، دار أزال للطباعة والنشر- بيروت، يقع في أكثر من 250 صفحة من القطع الصغير ويحوي 68 قصيدة كثير منها قصائد طويلة ولكن في هذا الديوان نحو 20 قصيدة تفعيلية وهو مالم يحدث في قصائد دواوينه السابقة وان كان هناك بعض انفلات من صرامة الشكل ألبيتي في قصائد معدوة في "على الشاطئ المسحور" و"موج وصخر" .. وبالمناسبة اعتقد أن والدي كان أول من دعا إلى تسمية القصيدة الخليلية المعروفة بالعمودية بالقصيدة البيتية كان ذلك في مقيل اجتمع فيه عدد من الشعراء و المثقفين بصنعاء اواخر السبعينيات وكان منهم د. عبدالعزيز المقالح ود. عبدا لكريم الارياني وعلى حمود عفيف ومحمد انعم غالب وصالح عباس ممن اذكر إذ كان ذلك أثناء زيارة لي لصنعاء واقترح أن الشكل الحديث الذي سمته نازك الملائكة بالشعر الحر تكون تسميته بقصيدة التفعيلة وهي تسميه سبقها إليها آخرون وقد وجدت د. المقالح يسميها بالقصيدة السطر وعاد غانم فأكد رأيه بخصوص الخطأ في تسمية القصيدة البيتية بالعمود.في مقال له بمجلة المنتدى الدبوية " عام 1983 واعدت إنا نشر المقال في كتاب دراسات في الشعر واللغة" لمحمد عبده غانم الذي نشرته ندوة الثقافة والعلوم بدبي عام 1999 بعد رحيل غانم رحمه الله بخمسة أعوام القصيدة الأولى في الديوان بعنوان " دنيا الأفكار" تعود إلى عام 1945 يحيى فيها الشاعر الأستاذ المحامي محمود لقمان لصدور مجلته الثقافية الأفكار وكانت أول مجلة ثقافية تصدر في عدن وفيها بيت يقول:أن أعجب الناس من لقمان أولها[c1] *** [/c]فسوف يهدهشهم لأغــر وثانيهـاوهو هنا يشير إلى لقمان وصحيفة فتاة الجزيرة ولقمان الأول هو الأخ الأكبر لمحمود لقمان الذي عمل فيما بعد كبيراً للقضاه في عدن ثم في ابوظبي وفي القصيدة بيت يقول:والريح تدوي بانات مروعة[c1] *** [/c]ويملأ الجو بالرمضاء سافيهاويبدو أن هذه الصورة انطبعت في مخيلة الشاعر اليمني الكبير لطفي جعفر أمان وبدون شعور منه ولا قصد فظهر البيت في إحدى قصائده كما هو والقصيدة الثانية في الديوان مهداة إلى الشاعر لطفي أمان وهي ايضاً تعود إلى 1945 وإذا كان التاريخ صحيحاً فهذا يعني أن غانماً كان قد تبادل القصائد مع لطفي المولود عام 1928 أي وهو دون الثامنة عشرة من العمر مايدل على نبوغ لطفي المبكر في الشعر.هناك ايضاً قصيدة بعنوان" صدى تغريده" مؤرخة عام 1966 يرد فيها الشاعر على الشاعر محمد سعيد جرادة على قصيدته التي كان قد حيا بها صدرو مسرحية غانم الأولى "سيف بن ذي يزن"محمد مازلت الأمين على المنى[c1] *** [/c]إذا باعها الخوان بالعرض النزرفحد بالقوافي الخالدات بذكرها[c1] *** [/c]فكم تبتني الأمجاد ياصاح بالذكرمحمد ان طال الدجى في رحابنا[c1] *** [/c]فلا بد من أفق يشعشع بالفجرولولا الهوى كنا وكانت كلابنا[c1] *** [/c]سواء وزادت بالوفاء وبالصبروكانت مسرحية "سيف بن ذي يزن" التي أشاد بها جرادة مسرحية تاريخية تتحدث عن التحرر من احتلال الأحباش ولذلك كانت تحمل إسقاطا على الاستعمار البريطاني الذي كان راهنا واذكر ان والدي جمع الأسرة يوماً في أواخر الخمسينيات وقرأ علينا نحن زوجته و أولاده كل المسرحية خلال نحو ساعة ثم نشرها في دار العلم للملايين في بيروت واذكر إنني كنت برفقة والدي يومها في بيروت عام 1964 حين قدمها لصاحب دار النشر منير بعلبكي الذي كان زميل والدي في الجامعة الاميريكية في أوائل الثلاثينيات وكان يكن احتراماً شديداً لوالدي الذي تخرج بامتياز وكان الأول على دفعته فقال لوالدي انه سينشرها دون قراءتها لأنه كان شديد الإشغال بتأليف قاموسه الشهير الذي صدر بعد ذلك تحت اسم " المورد" وتعرفت ايضاً خلال تلك الزيارة على شريك منير بعلبكي الأستاذ بهيج عثمان ومنذ عام كنت في معرض الكتاب بالشارقة وتعرف في الموقع الخاص بدار العلم للملايين على ابن بهيج عثمان واخبرني انه وابن منير البعلبكي هما من يملكان الدار وعرض علي نشر كتاب لي كما سبق ان نشر والداهما كتاباً لوالدي أي مسرحية سيف بن ذي يزن واذكر في صيف 1970 زيارة للشاعر اليمني الكبير إبراهيم الحضراني لعدن فذهبت مع والدي للقائه في فندق بكريتر في الميدان وكان هناك ايضاً محمد سعيد جرادة وتحدثنا عن مسرحية سيف بن ذي يزن فقال لي الحضراني " إن والدك سياسي خطير" فسألته عن سبب قوله ذلك لأنني اعرف ان والدي رجل تربية وأدب وشعر فقال الم يقل في مسرحيته على لسان سيف بن ذي يزن يخاطب حبيبته شمس:السم والخنجر الغدار مارفعا[c1] *** [/c]يوما عن الأمة العزلاء عدواناأن تقتلي سيد الأحباش قام لهم [c1] *** [/c]من بعده سيد يعلوه طغياناًفهذا رأي سياسي يرفض الاغتيالات السياسية ويومها اخبرنا والدي انه يخطط لمسرحية جديدة عن عمروبن معدي كرب وكان قد أراني مسودة مسرحيته الملكة اروى وعامر بن عبدا لوهاب اللتين نشرتهما جامعة الخرطوم فيما بعد فاقترحت عليه أن يكتب المسرحية الجديدة بالشكل التفعيلي فضحك جرادة ساخراً وقال " لم أكن أتصور أن ينصح شهاب والده أن يتخلى عن الشكل الرصين الذي يجيده لهذا الشكل الجديد" والحقيقة أن والدي كتب تلك المسرحية بالشكل ألبيتي ولكن كتب المسرحية التي تلتها وعنوانها " على بن الفضل" بالشكل ألتفعيلي كما بدأ بنشر القصائد التفعيلية وكتب كما أظن قد سبقته إلى الكتابة بذلك الشكل كنت اعرض عليه محاولاتي فيستقبلها بصدر رحب ويشيد بأي مواقع جمال وإبداع فيها.أما قصيدة" بطاقة غريب في العيد" والشاعر أرخها 8 يوليو 1971 في لندن فمطلعها :يقولون عيد قلت مايصنع العيد[c1] *** [/c]إذا جاء والأحباب دونهم البيدوهي بداية تذكرنا بقصيدة المتنبي الشهيرة" عيد بأية حال عدت ياعيد" ومنها، وهو يشعر بتناثر أولاده على أربع قارات متى يجمع الله الأحبة بعدما[c1] *** [/c]تناءوا وأقصتهم رياح النوى السودفهم بين شرق الأرض باتوا وغربها[c1] *** [/c]حيارى كأن الحب بين وتشريد كأن لم يكن حقات يوماً وصيره[c1] *** [/c]وشمسان للإلحان فيها معاميدمسارح حبي كيف شط بك النوى[c1] *** [/c]وكيف ترامت بالروابي الأخاديداانكرت عهدي عندما اغتال المنى[c1] *** [/c]مشيب وعاثت بالجبين التجاعيدويختم القصيدة الطويلة بهذا البيت:ساهواك مهما قيل غيرك الهوى[c1] *** [/c]ومهما استبدت بالأماني المواعيد وهو هنا يعيد صياغة قول الشاعر:بلادي وان جارت علي عزيزة[c1] *** [/c]وقومي وان ضنوا علي كراموهو عهد قطعه غانم لعدن على التقاء عاشقا لها كما بقي قيس عاشقاً لليلى حتى بعد ان زقت لغيره ونحن نرى كيف يرمز الشاعر إلى وطنه بمعالمه وجباله الشهيرة شمسان وصيره وحقات والشعراء دائماً يرمزون الى مسارح حبهم بالمعالم الجغرافية مثل جبل التوباد او نهر بويب او دجلة ام البساتين التي يعيش بها اليوم جبروت الاحتلال وفي قصيدة " دموع الشيخ" وهي مرثية طويلة لصديقه وشقيق زوجته وتلميذة الشاعر علي لقمان وتصل القصيدة الى 60 بيتا يبكي فيها عذابات علي لقمان وتشرده بسبب الحكم الشمولي الجائر ومنها نقتطف :سلبوه اعز شيء لديه [c1] *** [/c]وهو صوت البراع في الأوراقلايطيق البقـاء في الجسـم حر[c1] *** [/c]ان تكن منه روحه في وثاقان يمت لم تمت دواوينه العشرة[c1] *** [/c]تدوي في حرسهـا الدفاقلا ولا مسرحيـة تلو أخرى[c1] *** [/c]زخرت بالهموم والأشواقوبكت للشقـاء بين الأشقـاء[c1] *** [/c]ومادار بينهـم من شقاقسوف يبنى علامة لنضال[c1] *** [/c]نصبت في الطريق للطراقكنت أرجو بان تعيش إلى ان[c1] *** [/c]تكتب الشعر باكيـا في فراقيوهو هنا يذكرنا بقول شوقي وهو يرثي حافظا:قد كنت أوثر ان تقـول رثائي[c1] *** [/c]يامنصف الموتى من الإحيـاءوقد توفي علي لقمان في أمريكا عند أنجاله ونقل جثمانه إلى صنعاء في 1979 ودفن هناك في مقرة خزيمة حيث دفن غانم نفسه في أغسطس 1994 رحمهما الله فقد جمعتها مقبرة واحدة كما قمعتهما من قبل عدن وجمعتهما عشق عذرياً وعلى لقمان خالي ووالد زوجتي وقد رثيته انا ايضاً بقصيدة منها:ان صنعـاء غيبت في ثراهـا[c1] *** [/c]المعيا من القمان قرماكم تجلى ملء الصحافـة نثرا[c1] *** [/c]وتسامى ملء الدواوين نظماوينادي بيقظة اليمن الام[c1] *** [/c]وكانت تحيا ردى مدلهماكرمهما ذاب في يديه عصيـرا[c1] *** [/c]بابليا شذى ولونا طعماان تكن في الحشـا قـد احتضنه[c1] *** [/c]فهو طفل في الليـل عانق إما كيف يحيا ذو الفضل؟ يحيا غريبا[c1] *** [/c]في بلاد تعاق فضلاً وعلماكيف يحيا الأديب ان لم يكن توقا؟..[c1] *** [/c]ولو حطم البراعـة؟.. خصماكيف يحيا الحر العزيز؟ .. طريدا[c1] *** [/c]عند من يعشقون في الليل حكماوفي ديوان الموجة السادسة مرثية تفعيليه الشكل للطبيب حافظ محمد علي لقمان الذي توفي في ابوظبي في 23 يوليو 1982م اثر حادث سير وكان غانم نفسه يعمل في تلك الفترة في ابوظبي مستشاراً ثقافياً في سفارة اليمن هناك . وحافظ هو أخ اصغر لعلي لقمان وكان زميلاً لي في كلية عدن يسبقني بسنة ثم تزاملنا في جامعة أبردين حيث تخرجت فيها في الهندسة الميكانيكية تم الكهربائية وتخرج هو في الطب وكان زميلي في نادي الكرة الطائرة بالجامعة بل اشتركنا في تأسيس النادي وانتخبوني أول رئيس له وكانت وفاته في عنفوان الشباب صدمة لمحبيه الكثيرين في اليمن والإمارات وكنت قبيل حادث وفاته في يوم جمعة أصلي مع والدي في مسجد ابوظبي الكبير ولاحظت على جوار المسجد الآتي " لكل اجل كتاب" وعندما كتب والدي مرثاته جاء فيها:ياليت شعري كيف لم تنسل الاساعتان اوثلاثحتى رايتها أمامي كرة أخرى تلوح" لكل أجل كتاب"ونحن من نؤمن بالله نقولاللهم لا اعتراضقصائد الديوان التي تتناول قضايا الوجود والموت في الديوان كثيرة وقد رأينا غانما يتناول هذه القضايا الفلسفية في عدة قصائد في دواوينه السابقة ومن هذه القصائد في هذا الديوان " إلى ساعة" وخواطر قبار وبعد الدفن.أما قصائده التي يتحدث فيها عن الأماكن الشهيرة التي قام بزيارتها وتفنن في وصفها فمنها قصائد" في ظلال القيروان" " وحديث الضفتين " التي كتبها على البروفسور وقصيدة على ضفاف دال" التي كتبها في كشمير و" الحب والرخام" الذي كتبها من وحي زيارة لتاج محل وكنت انا قد كتبت عنه قصيدة قبل والدي بنحو 14 سنة إذ عشت فترة في الهند في آخر الستينيات حيث حصلت على شهادات عليا من جامعتها الشهيرة روركي في مجال تطوير موارد المياه.وفي الديوان قصائد عاطفية وغزلية عديدة من الشكلين ألبيتي والتفعيلي وقصائد عدة عن القضايا السياسية والاجتماعية منها " يافلسطين" وبعد المذبحة أي بعد مذبحة صبرا وشتيلا وكنت أنا قد تأثرت كثيراً بتلك الجريمة الرهيبة وكتبت يومها قصيدة بعنوان:" المذبحة قبل الأخيرة" نالت الجائزة الأولى للشعر في الإمارات عام 1983. ومن قصائد والدي عن مأساة فلسطين ايضاً الوسام و هي قصيدة ساخرة تتخيل ثرثرة في الكنيست وقصيدة نشيد الريح التي كانت من وحي إخراج الفلسطينيين من لبنان عقب الاحتلال الإسرائيلي عام 1982م.وهناك عدة قصائد من وحي صنعاء التي عمل فيها والدي عميدا لكلية التربية ولكلية الدراسات العليا ومستشاراً لرئيس الجامعة في الفترة الأخيرة من عمرة نحو 15 عاماً وهناك قصيدة عن تكريم البردوني ولكننا لن نتحدث عن هذه القصائد اذ تناولناها في بحث مستغل عن صنعاء في شعر غانم تكرمت صحيفة 26 سبتمبر بنشره مؤخراً وهناك قصائد طويلة هامة مثل" اتكاءه على عكاز غاندي" التي ترجمتها السفارة الهندية في الإمارات الى الانكليزية والهندية وقصيدة" من وحي المهرجان" أي مهرجان حافظ شوقي بالقاهر في أكتوبر 1982 والذي ترأس غانم بعض جلساته وشارك فيه من اليمن عبدا لله البردوني وإبراهيم الحضراني ايضاً وقد القى الأديب السوداني الكبير عبدا لله الطيب ثلاثة أحاديث إذاعية طويلة عن قصيدة والدي من خلال إذاعة السودان وعبدالله الطيب نفسه شارك في المهرجان وترأس بعض حلقاته كما شارك في المهرجان أمل دنقل الذي خرج من المستشفى حيث كان يعالج من السرطان في مرضه النهائي والقى قصيدته الشهيرة لاتصالح اما البردوني فألقى قصيدة "وردة من دم المتنبي" قصيدة غانم بلغت 117 بيتا ولعلها اطول قصائد الشاعر جميعا ويتناول الشاعر فيها مواضيع عدة منها القضية الفلسطينية تشبت الحكام بالكرسي: لوعشـت ياحافظ حتـى ترى [c1] *** [/c]مايصنع الكرسي بنا منصبامازال مفتوناً بأصحابه[c1] *** [/c]يمسكهم بالرغم ممن أبىكأنما قد سمروا فوقه[c1] *** [/c]بالصلب في الواحه أنشبافان يقوموا قام او هرولوا[c1] *** [/c]هرول اوساروا شي الهيدبىوهناك قصيدة طويلة أخرى بعنوان" العالم عام ألفين"ويبدو ان عدداً من شعراء اليمن في صنعاء اتفقوا على ان يكتبوا عن نفس الموضوع والشاعر يكتب القصيدة كمن كان وراء القبر وهو يرد على ابنه الذي يستفسر عن أحواله عام الفين بعد ان رحل بثمان سنوات، وفي الواقع رحل غانم عام 1994 أي قبل عام الفين بست سنوات والابن في القصيدة يتغنى بشعر أبيه بإعجاب ولا ادري من أولاده كان والدي يقصد فكل أبنائه شعراء ومعجبون بشعره ويقول في آخر القصيدة:وتلاشى ماكان في اليمن الميمون من فرقة ومن اضغانلم يعد لانشطارها لشمال وجنوب شان ولأشبه شانبل غدت وحدة يعيش بنوها في وئام ماينقضي وأمانولصنعاء في الديار مقام لايضاهيه غيره أو يدانيفهي عند الجميع عاصمة القطر ونبع الإلهام والإيمانولها في الجنوب ميناءها الحر كما كان من قديم الأوانوعلينا أن نتذكر أن هذه النبوءة كتبت عام 1980.وكما في معظم دواوين غانم السابقة نجد عدة قصائد نثرها بين أيدي ابنائه وأحفاده ومنها "الوثبة الآخرة" كتبها لابنته عزة بمناسبة حصولها على الدكتوراه عام 1984 "والعطر المطلق" كتبها لابنته سوسن بمناسبة حصولها على الشهادة الجامعية بتفوق وكانت تدرس في المنزل دراسة غير متفرغة وترنيمة للعودة لابنه الطبيب الفنان نزار غانم بمناسبة تخرجه عام 1984 من جامعة الخرطوم في الطب وقصائد كتبها في ميلاد احفادة لبيب ابوبكر ألقربي ثم اخيه نسيب ويسر حسين مهيوب سلطان وئام شهاب غانم ثم شقيقها وضاح ووجد وقصيدة بعنوان " الرسم" أهداها لأمل ابنة عصام غانم على لسان أخيها محمد بمناسبة حصولها على الجائزة الأولى في الرسم في مسابقة بين الأطفال في بريطانيا وفي بعض هذه القصائد يحن إلى عدن ويأسى لتفرق الأسرة.أما في قصيدة " في السبعين" التي كتبها الشاعر بمناسبة بلوغه ذلك السن، وكان قد كتب قصيدة في الخمسين وقصيدة رائعة في الستين فيستعرض جوانب من حياته وخصوصا بتنقله بين عدن والخرطوم وصنعاء وابوظبي ويقول فيها:ليس في شمسان أو عيبـان فـرق في المقـرفهما صنوان في السفـح وفي غارووكروإذا الموج على حقـات قد طاف بصخرفعلى حدة للصخرة مايغري ويفـريفي ثرى للوطن الأم ثري النفـح ثرثابت في الوطن الثاني وموصول بنجروالوطن الثاني هنا هو الإمارات العربية المتحدة إذ بلغ السبعين وهو يعمل مستشاراً في سفارة اليمن هناك وكانت الإمارات تحتضن يومها أشقائي د. قيس ود. عصام ومن قبل ذلك كنت قد هاجرت إليها كما هاجرت قبلي شقيقتي سوسن مع زوجها المهندس حسن سلطان فاقمنا احتفالاً في ابوظبي واجتمع الشمل الشثيت بعد سنوات من التفرق وكانت هديتي لوالدي يومها ديواني الأول "بين شط وآخر" الذي جعلت الإهداء فيه باسمة وكانت هدية قيس كتابة الطبي الأول وجعل الإهداء باسم والدي وكان والدي يومها قد تسلم من دار العودة ديوانه الذي جمع دواوينه الخمسة وقد أكرمني والدي بجعل الإهداء باسمي. وكانت مناسبة سعيدة مرت بناء في يناير 1982 في الإمارات أكرمنا الله بنا وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها والديوان يحوي ايضاً نحو عشرين قصيدة تفعيليه فيها الشيء الكثير من الحداثة وشئ من الغموض وقلت فيها الموسيقى المتدفقة التي تعودنا عليها في شعر غانم البيتي ومن أهم هذه القصائد "المنياس" التي نشرتها مجلة الدوحة وقصيدة حديث جواز السفر التي تحدث عن معاناة العربي في التنقل بين البلدان العربية بينما تنقله في البلدان الأجنبية أسهل بكثير ولو ان شيئاً من تلك السهولة قلت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ولو مؤقتا ان شاء الله.واخيراً نتوقف عند قصيدة " الباب المحفور" التي أهداها إلى باب عدن الشهير الذي حطم عام 1962 في زمن الحكم البريطاني بحجة توسيع الطريق فخسرت عدن واحداً من أهم وأروع معالمها:باب محفور في الصخروالباب الآخر في صدريقلبي بالجرح يقاسيوالصخر الصلد القاسيكيف اتفقا؟الصخر يطوف باب القلبوالقلب يعانق باب الصخرمفتوحاً ابدا لايغلقإلا بيد الحفار..لقد عملت مصر المعجزات لإنقاذ معبد أبو سمبل عند بناء السد العالي فهل كان إنقاذ باب عدن مستحيلا؟ كم تألمنا لنسفه فقد كان رمزاً رحم الله والدي الشاعر الحساس العاشق لعدن الذي كتب هذه القصيدة عام 1983 بعد أكثر من عشرين عام على ضياع ذلك المعلم.