تعتبر المخطوطات القديمة أهم مصدر لكتابة التاريخ الإنساني ، وهي ايضاً مرجع اساسي لدراسة تاريخ الشعوب السياسي والثقافي والاقتصادي ، وقد اعتنى اليمنيون منذ القدم بحفظ المخطوطات وتناقلها بين الاجيال ، وفي متحف عدن ومكتبة جامعة صنعاء ومتحف صنعاء ، ومكتبة جامعة زبيد توجد اقدم المخطوطات ، والتي تعد أهم الوثائق للتاريخ اليمني القديم ، وهي كنوز ثقافية يجب المحافظة عليها وحمايتها من التلف ، وذلك من خلال توسيع اقسام المخطوطات في المتاحف اليمنية والمكتبات التخصصية وتوسيع صالات المكتبات ، وترميم المخطوطات التي تعرضت للتلف لان هذه المخطوطات لاتحمل الوثائق الهامة وحسب، بل هي كنز الدولة اليمنية ، وتوجد في هذه المتاحف المخطوطات التي اغلبها تعود إلى خمسة قرون ، ومنها ما تعود إلى عصر ماقبل الاسلام وهذه المخطوطات نجدها في متحف صنعاء ، ومتحف عدن الذي يوجد فيه خارطة عدن القديمة وخريطة التجارة اليمنية إلى بلاد الشام والقرن الافريقي منها القوافل التجارية للبان والبخور والبن اليمني ، كما يوجد في متحف صنعاء مخطوطات قديمة في التشريع والفلسفة والتاريخ والفلك والكيمياء ، اضافة إلى مخطوطات القرآن الكريم والمكتوبة بماء الذهب ، ومخطوطات علوم الفقة حيث نجدها بكمية كبيرة في مكتبة جامع زبيد.وتتضمن المخطوطات الحديثة والتي نجدها في مكتبة باذيب بعدن ومركز التوثيق في صنعاء وهي مخطوطات لعدد من الباحثين والدارسين والخريجين الاكاديميين ، بخط اياديهم وتحوي نبذاً مختصرة عن الابحاث والدراسات التي يقومون بها ، ولكننا اذا أمعنا النظر في حفظ المخطوطات الحديثة نجد معظمها يتعرض للتلف بعد مرور فترة بسيطة ربما يكون ذلك بسبب الاهمال من قبل ادارة المكتبات او عدم الحفظ الجيد للمخطوطات ، التي يجب ان تحفظ تحت درجة حرارة معينة ، مع ضرورة مكافحة الارضة التي تتلف الاوراق المتعلقة بالمخطوطات . ومن خلال جولتي بمتحف عدن قسم المخطوطات ومتحف صنعاء قسم المخطوطات ومكتبة باذيب بعدن ومكتبة الجامعة ومكتبة الاحقاف ، لم اجد اجهزة الكمبيوتر التي تنظم فهرسة وتصنيف المخطوطات ، كما هو موجود في الدول المتقدمة تكنولوجياً في تنظيم المخطوطات ، رغم دخول اجهزة التكنولوجيا الحديثة في بلادنا واستخدامها في معظم المرافق الخدماتية ، وانني استغرب افتقار المكتبات العامة لاجهزة الكمبيوتر ، التي يجب ان يستعين بها امناء المكتبات في الاقسام المختلفة للمكتبات ، في خدمة المراجع ، والبحوث ، والادارة المالية وتوثيق وتصنيف المخطوطات والسؤال الذي يبرز امامنا لماذا لاتقوم الدولة بتوسيع اقسام المخطوطات ، وتأخذ ركناً مميزاً في المتاحف او المكتبات التخصصية او المكتبات العامة ؟! فهناك اكثر من مليون مخطوط فيها ، اضافة إلى المخطوطات الحديثة ، منها ما يعود إلى كبار الشعراء والعلماء والجغرافيين اليمنيين والعرب .. اضافة إلى أدب الرحلات والعادات والتقاليد في اليمن ، الا اننا لازلنا حتى الآن في أمس الحاجة إلى مهتمين بعلم الفهرسة الحديثة ليس فقط في المكتبات العامة والتخصصية ولكن في معظم مكتبات الجامعات اليمنية التي تمتلك عدداً كبيراً من المخطوطات القديمة والحديثة والتي كثيراً ماتتعرض للتلف السريع . ان عالمنا العربي الراهن يواجه اليوم تحديات كبيرة من العولمة والغزو الثقافي المعولم الذي له كبير الاثر على الثقافة العربية بشكل عام والثقافة اليمنية بشكل خاص ، ومن هنا يمكننا القول انه لايكفي الحفاظ على اصالة التراث ، بل يجب علينا نشره بين افراد المجتمع ومناقشته ، وفي حوار مفتوح مع المتعلمين وطلاب المدارس والمهتمين والمتخصصين ، وتطوير العمل المكتبي والتوثيقي في اليمن .. مع ترميم المخطوطات القديمة التي تعرضت إلى التلف لانها تعد من أهم الوثائق المتعلقة بحضارة الدولة .. اما بصدد المخطوطات المتعلقة بالتاريخ الطبيعي فقد عثر على رسوم تفصيلية تتضمن نباتات وحيوانات ومشاهد محلية واسماكاً وغير ذلك مما يشكل واحدة من اهم المساهمات في التاريخ الطبيعي .. مما يذكر ان بعض هذه المخطوطات تعرضت للتلف وهي في أمس الحاجة إلى الترميم .. كما تم العثور في حضرموت على عددا من المخطوطات الموسيقية مع مواد فريدة تتعلق بشؤون التاريخ الطبيعي .. وهناك جهود من قبل المختصين في التاريخ والآثار يقومون بالبحث عن الكنز المفقود والذي يضم عدداً من المخطوطات الموسيقية . والمعلقات الشعرية التي تعود إلى الدولة الحضرمية القديمة .. ومنها موشحات دينية .. ان الاهتمام بالمخطوطات القديمة والتي تعود إلى عصر ماقبل الاسلام ، يحتاح المزيد من الجهود ، انها مسألة هامة تعني الجميع فهذه النسخ المخطوطة ، في معظمها نسخ اصلية وتعد كنوزاً لا تقدر بثمن، اما المخطوطات التي نجدها في بعض المتاحف والمكتبات البعض منها طبق الاصل حفظت باستخدام التصوير الفوتوغرافي او عن طريق الحصول على صور طبق الاصل ، فمثلاً عن طريق فحص بعض المخطوطات نجد العلامات المائية ، الحبروالريشة ، وعن طريق استخدام الاشعة مافوق البنفسجية ، وغير ذلك من الاساليب الخاصة ، غالباً مايجد المختص بدراسة المخطوطات ان ماوجد هو عبارة عن نسخ للمخطوطات الاصلية ، اذ ان النسخ التي هي طبق الاصل يمكن ان تنطوي على بعض التشويه ، ويأمل المعنيون بدراسة المخطوطات القديمة .. ان هناك عدداً من المخطوطات الاصلية في بعض المواقع الاثرية في مأرب مازالت تحتاج إلى الاكتشاف والترميم ، ووضعها في المتاحف والمكتبات التخصصية حسب التوثيق . ان مايلفت النظر مع الاسف حسب رأي عدد من الباحثين والدارسين ، أنه لا يوجد اهتمام كبير من قبل الجهات المختصة لفهرسة المخطوطات القديمة والحديثة وهذا مايعرقل سير العمل عند البحث الجاد لهذه الكنوز المهملة في عدد من المكتبات العامة والتخصصية .