قبل بضعة أيام ظهرت نتيجة امتحانات الثانوية العامة التي انتظرها الطلاب وأسرهم على احر من الجمر باعتبارها - النتيجة- تمثل نقطة تحول مهمة في حياة كثيرين منهم ، لذا فإني لن أتحدث عن اكتساح الذكور المراتب الأولى على مستوى الجمهورية في القسم العلمي وسيطرة الإناث على القسم الأدبي والبون الشاسع بين المعدلات النهائية لكلا القسمين بقدر ما يعنيني الحديث عن نسبة النجاح العامة التي بلغت 69 % والتي يتفق معي في الرأي كثيرون أنها تعد مخزية لوزارة التربية و التعليم وتدل بوضوح على أن هناك خللاً في العملية التعليمية لدينا هو ما جعل نسبة النجاح بذلك المستوى على الرغم من تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات .فعلى الرغم من التصريحات والإجراءات التي كانت تصدر عن وزارة التربية والتعليم وقيامها بتشديد المراقبة على العملية الامتحانية وإغلاقها لعدد من المراكز إلا أننا نحن اليمنيين لأنألو جهداً في التفنن والتحايل وابتكار طرق للغش الذي يشارك أولياء الأمور فيه لمساعدة أبنائهم على تجاوز عقبة الثانوية العامة بنجاح ربما استشعاراً منهم بأن امتحانات الثانوية العامة عادة ما تصاحبها إشكاليات متعددة إما لكثافة الأسئلة التي لا تتناسب مع الفترة الزمنية أو لصعوبتها أو لخروجها عن المقرر إضافة إلى دخول كثير من الطلاب الامتحانات دون إكمال المنهج لعدم وجود مدرسين لبعض المواد منذ بداية العام الدراسي أو بسبب أعمال الترميمات التي تنفذ في المدارس خلال العام الدراسي ونقل الطلاب إلى أماكن أخرى لاستكمال سنتهم الدراسية.من بين تلك الوسائل التي تستخدم للغش استغلال الطلاب وذويهم للخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات بإجراء المكالمات المجانية أو المخفضة في إطار الشبكة الواحدة فيقوم الطالب بإدخال هاتف جوال إلى قاعة الامتحانات ويكون معه على الطرف الآخر احد أفراد أسرته ليملي عليه الإجابات فيما البعض من أولياء الأمور استغل ضعف نفوس بعض الحراسات الأمنية القائمة على المراكز الامتحانية، فمقابل بضع مئات من الريالات كان الحراس يوصلون الإجابات إلى داخل قاعات الامتحانات وان كنت هنا أجدها مناسبة لأسال أين كان المراقبون والمشرفون مما يقوم به الحراس ؟! ولعل من بين الأساليب المستخدمة في الغش والتي يبدو أنها تفوقت على الأفلام العربية والأجنبية وحتى الهندية هي قيام بعض الأهالي بالتنكر وتحديدا النساء منهن على هيئة عاملات نظافة لإدخال الإجابات إلى أقاربهن وما خفي كان أعظم .إن كل ذلك يجعلنا نتساءل عن مدى أحقية كثير من الطلاب للدرجات التي حصلوا عليها وهم يبتدعون تلك الفنون المتعددة للغش .في مقابل ذلك نجد أن نسبة الرسوب بين أوساط طلاب الثانوية العامة بلغت 31 % الذين حسب الإحصاءات يقدرون بأكثر من (62) ألف طالب و طالبة وهو الأمر الذي يستدعي منا الوقوف ملياً للتأمل في مصير هؤلاء الطلاب خاصة إذا ما علمنا أن هناك طلاباً مشهوداً لهم بالتفوق الدراسي طوال سني دراستهم شكل رسوبهم ليس صدمة لهم أو لذويهم فحسب وإنما لكل من يعرفهم ويعرف مستوياتهم الدراسية فتحطمت بذلك أحلامهم التي راودتهم على صخرة واقع رسوبهم . وأنا هنا لا القي اللوم على المصححين واتهمهم بارتكاب الأخطاء لأنه ليس من حقي كما أني لن أقول انه تقصير من أولئك الطلاب لأنه من غير المعقول أن يجتهد الطلاب طوال أعمارهم ليأتوا في الأخير ويضيعوا جهودهم إلا إذاً كانت أصابتهم لوثة من الجنون، وهذا مالا أظنه. إذاً هناك خلل ما حدث ولكن أين ؟ وكيف؟ ومن المسئول عنه؟ ذلك ما أود أنا وغيري معرفته وكيف أن طلاباً يقضون أياماً عدة لايذهبون فيها للدراسة وان ذهبوا فإنهم يستهترون بالحصص الدراسية. يحصلون على أعلى الدرجات التي تخولهم دخول الكليات فيما متفوقون ضاع مستقبلهم ومضطرون لإعادة عام دراسي جديد للحاق بزملائهم .كذلك من ضمن التبعات التي نجمت عن إعلان النتائج قيام بعض الفتيات في بعض المحافظات بمحاولات انتحار نجح بعضها ناهيك عن اختفاء بعض الطالبات من منازلهن جراء صدمة الرسوب التي أصبن بها.ختاما أنا لست ضد الناجحين ولكني اشعر بالأسف على بعض الطلاب الذين كانوا يستحقون النجاح ولم يفلحوا في ذلك لسبب أو لآخر وأتمنى ونحن على اعتاب عام دراسي جديد ألّا يتكرر ما حدث هذا العام وحتى لا يقضى على مستقبل طلاب عدة وفي ذات الوقت لا تتحمل الوزارة تبعات الأعداد المهولة من الراسبين عند بداية كل عام دراسي جديد.
أخبار متعلقة