غضون
- يردد سياسيون ومثقفون ينتمون غالباً لأطر وتنظيمات عصبوية عبارات تصدر عن اقتناعاتهم وثقافاتهم الخاصة التقليدية، ويريدون فرض هذه القناعات في الفضاء الاجتماعي العام الذي يميل إلى تقبل ما هو مدني وحداثي.- مثلاً .. يقولون اليمني في أصله «قبيلي» وشعب اليمن هو مجموعة قبائل والشخص الذي لا ينتمي إلى قبيلة لا يعد يمنياً .. ولو أن هذا الكلام صدر قبل مائة سنة مثلاً لكان مقبولاً في حينه .. فقبل ظهور الدولة كان السكان موزعين بين قبائل أو ينتمون إلى قبائل .. وكان لكل قبيلة أرضها الخاصة وأعرافها الخاصة التي تنظم العلاقات بين أعضائها .. وكان الانتماء الذي يلتزم به الفرد هو الولاء لقبيلته .. وهو إذا ذهب إلى مكان آخر كان يحسب ضمن الغرباء أو الخلعاء.- ومع وجود الدولة التي حلت محل «القبائل» - أو هكذا يفترض- صار الانتماء وطنياً, وتحول أفراد هذه القبيلة وتلك إلى «مواطنين» متساوين في درجة المواطنة يخضعون لدستور وقوانين الدولة في الواجبات والحقوق دون تمييز.. وحل الدستور وحلت القوانين الحديثة محل الأعراف القبلية الظالمة..- بأي حق يقول لي واحد من عُباد الوثنية إني لابد أن أكون«قبيلياً» وإلا سأجرد من حقي الأصيل كمواطن ينتمي إلى وطن اسمه «اليمن»؟- في ظل وجود الدولة صرت «مواطناً» ولائي لوطني وأمارس حقوقي والتزم بواجباتي بموجب دستور وقوانين الوطن..- إذا خضعنا لهؤلاء الذين يريدون فرض ثقافتهم الخاصة علينا سوف تخرب البلاد .. هذا الذي خرج من حجة وذهب لطلب الرزق أو الاستثمار أو السكن في حضرموت هو «مواطن»، وهذا الذي قدم من المهرة ليستقر في ذمار هو «مواطن» .. وإذا رجعنا إلى ثقافة القبيلة فهذا يعني أن كل «حاشدي» أو «عبدلي» أو «كازمي» أو «بكيلي» عليه أن يلزم حدوده وأن يمارس نشاطه وحريته في أرض قبيلته فقط .. هل يريد هؤلاء إعادتنا إلى ما قبل مائة عام ؟.