( 14 أكتوبر ) تفتح ملف قضايا حمل السلاح في اليمن
[c1] باحثون:خطوة منع حمل السلاح الطريق الآخر لتشجيع الاستثمار وبناء المجتمع المدني[/c]صنعاء / تحقيق/ أحلام الحملي – أكرم علي – ذويزن مخشف – تصوير/توفيق العبسي يواجه المجتمع اليمني منذ أمد بعيد قضايا اجتماعية عديدة تؤرق حال المرء كلما تزايدت تداعياتها وارتفع صوتها بأنين وصراخ الآلام.. ومن تلك القضايا البارزة منذ سنين أمام هذا البلد وسارعت الحكومة الآن لأجل حسمها من واقع الحياة المعيشية "انتشار عادة حمل السلاح".. فقد بدأت اليمن أخيرا بتطبيق خطوة تتجه إلى تأسيس وبناء مجتمع مدني حديث يزول عنه مختلف مصاعب الحياة لتأكيد أمل جذب وتشجيع الاستثمار في البلاد وذلك مع منع المواطنين من حمل الأسلحة النارية في العاصمة صنعاء وبقية عواصم المدن في إطار إجراءات قانونية رادعة لكبح انتشار العنف ودرءا للمآسي.فحقيقة اختلاف جميع المجتمعات بشتى أنحاء العالم لطريقة عيشتها هي باختلاف عاداتها وتقاليدها وثقافاتها التي لطالما يكون حراكها الرئيسي مغايرا مع وجود ظواهر كثيرة منها السلبية والإيجابية.. لكن في مجتمعنا اليمني الذي يبرز بتميزه عن غيره بأنه مجتمع "ذات طابع قبلي" تسيطر عليه عادات وتقاليد وثقافة القبيلة ما يعاني من جوانب الظواهر السلبية المنبثقة عن تلك الثقافات المسيطرة عليه أصلا والتي تؤثر بكل تأكيد على واجهة تطور هذا المجتمع الذي يعيش معظم مواطنيه بين الفقر حيث يعيش أربعة من كل عشرة يمنيين بما يقل عن دولارين في اليوم بحسب بيانات دولية.[c1]ثقافة السلاح باليمن[/c]وهنا في اليمن.. لا شك في أن ثقافة حمل السلاح واقتنائه هي واحدة من أهم علامات الثقافات المسيطرة كليا على طبيعة المجتمع وعاداته وقد تكون راسخة مثل رسوخ الجبال خصوصا في المجتمعات النائية والبعيدة الواقعة مثلا في المناطق الشمالية والشرقية.. غير أن الحاجة لاقتلاع هذه الثقافة وإنهاء ما تفسده لاسيما وأنها بدت مع نتائج الأبحاث العالمية بتصنيف المجتمع اليمني واقعة بالمرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية ضمن المجتمعات التي تسيطر عليها ثقافة السلاح.!!يرى مراقبون مطلعون بهذا الشأن بأن مستوى القبيلة وأيدلوجية مجتمعها باليمن على سبيل المثال قائلين "لا يغدو الطفل رجلاً إلا إذا حمل السلاح واستخدمه من منطلق إكمال المظهر والمكانة الاجتماعية له كرجل في المستقبل ،واضعين اعتبار إلى ما سيؤول إليه في المستقبل من خوض هذا الرجل غمار عادات وتقاليد القبلية في حل الشجارات التي قد تحدث بين أبناء القبيلة مثل التحكيم أو الدخول في حرب مع القبيلة المجاورة على أبسط الأمور".. وتأسيسا لذلك فإن ما يظهر بالمناطق القبلية وخصوصاً في الأسواق المركزية من ازدياد لهذه الظاهرة حينما يعتقد الزائر لهذه الأسواق أنه في معسكر جنود لا في سوق للبيع والشراء، بالإضافة إلى أسباب ومظاهر أخرى تدعم ثقافة السلاح مثل المناسبات وحفلات الأعراس التي يعتقد فيها البعض أن السعادة لن تتم إلا باستخدام أنواع مختلفة من السلاح مثل الآلي و البندقية والمسدس فضلاً عن تفاخر أصحاب المناسبة في نوعية السلاح المستخدم، وكمية الرصاص لإطلاقه ولا يهم أين تتوجه هذه الرصاصة التي قد تصيب أي شخص في مكان آخر وهي ما تسمى بالرصاصة "الطائشة" هذا إذا لم تصب الرصاصة أحد العروسين وتحدث الكارثة ويتحول حفل الزفاف إلى جنازة كما يقولون.ونتيجة لتزايد أعداد القتلى والمصابين يوميا بسبب حوادث إطلاق النار سواء تلك التي تحدث في الأعياد ومواسم الإعراس فقد بدأت اليمن بالفعل بأولى الخطوات باتجاه الحد من أعمال العنف عبر حملة دشنت في ابريل الماضي لإغلاق متاجر بيع المسدسات والبنادق بدون ترخيص ويؤكد توجه الدولة في هذا الموضوع بما أنفقته الحكومة حتى الآن من ملايين الدولارات منذ تلك الشهور الأخيرة لشراء القنابل والمدافع وحتى المدفعية المضادة للطائرات من مواطنين عاديين.ومع بداية هذا الشهر (سبتمبر) وتأكيدا للسابق جاء قرار الدولة على المواطنين بحظر حمل أسلحة نارية في العاصمة ومختلف مدن البلاد الرئيسية، ولعلنا كمواطنين صالحين علينا أن نقتدي بالسلوك الحضاري الذي تحاول الحكومة الآن فرضه على الجميع دون استثناء فالحظر يشمل"المسؤولين الكبار" بما يسمح لحراسهم الشخصيين فقط بحمل المسدسات أو البنادق وسيغطي أيضا القبائل المدججة بالسلاح والجماعات ذات النفوذ التي تقاوم سيطرة الحكومة.وحدد القرار مهلة على المواطنين لتسليم أسلحتهم للدولة. ويعتقد محللون أن كميات كبيرة من الأسلحة وصلت إلى أيدي المواطنين المدنيين في أعقاب الحرب الأهلية صيف عام 1994. [c1]حمل السلاح.. زينة[/c]ولما تمثله هذه القضية من بعد وأهمية متراكمة الخصوصية بالنسبة لليمنيين تواصل "14أكتوبر" تقصيها وبحثها عن استنتاجات مع المختصين، فالباحثة سامية شرف العامري الاختصاصية الاجتماعية بجامعة صنعاء ترى ظاهرة حمل واقتناء السلاح باليمن كظاهرة متفشية في مجتمعنا"هي وليدة ثقافة جاءت منها إذ أنها ليست ثقافة دفاع عن النفس وإنما ثقافة مظهرية، بمعنى أن كثير من الأفراد يحملون السلاح من باب الزينة وأشكال المكانة الاجتماعية للرجل، كما نلاحظ وجود تباين واضح في ثقافة السلاح على مستوى المدن اليمنية". وتابعت قائلة "كل منطقة تحكمها ثقافة معينة..فمثلاً محافظات صنعاء ومأرب والبيضاء والجوف يعتز أفرادها بحمل السلاح والسلاح مكون أساسي من ثقافتهم نتيجة لطبيعة مجتمعاتهم الجبلية والزي الشعبي الذي لا يكتمل مظهره إلا بالسلاح ربما لثقافات دخيلة ولعوامل اجتماعية وراثية".وتضيف العامري التي تعد حاليا مشروع دراسات عليا في مجال علم الاجتماع قائلة إن هناك دراسات أثبتت أن اليمن تأتي ثاني دولة بعد الولايات المتحدة الأمريكية في حمل السلاح على رغم من اختلاف أيدلوجية وواقع مجتمعنا عن المجتمع الأمريكي.. فالشواهد تثبت أن نسبة حمل السلاح في اليمن عالية جداً إلا أن نسبة الجريمة في اليمن منخفضة مقارنة بدول أخرى لا تقتني مجتمعاتها السلاح بشكل أكبر".وبسؤالها عما يغذي ويدعم ثقافة حمل السلاح في اليمن من وجهة نظرها كباحثة علم الاجتماع قالت العامري إنه المجتمع القبلي الذي تسوده مبادئ محصورة ومغلقة، فالقبلي لا بد أن يكون رجل مكتمل الرجولة والرجولة من منظور القبيلة لا تكتمل إلا بحمل أو اقتناء السلاح كما أن مبدأ التباهي والذي يسيطر على الكثير من العائلات في اليمن وخاصة في الأعراس والمناسبات هو أيضاً مصدر يغذي ثقافة السلاح".كما أرجعت الباحثة سبب انتشار ظاهرة حمل المواطنين للسلاح إلى أن العادات والتقاليد والموروثات القديمة تلعب أيضا بالمجتمع اليمني دور كبير بإبراز هذه القضية باعتبارها – والكلام لا يزال للباحثة العامري - "الموجه الأول لثقافة السلاح..فمثلا لذلك "نلاحظ في الأعراس الرجال يلبسون اللبس الشعبي مدعم بالسلاح الأبيض والناري وأحياناً القنابل وفي حالة تم منعهم من استخدامه تحججوا أن هذه هي طبيعة وعادات القرى التي يأتوا منها وهو ملموس في عدد من المدن والمناطق اليمنية".ومع ذلك فقد اتفقت هذه الباحثة مع اعتقادات أخرى ترى ما يبرر بشأن حمل و اقتناء السلاح في اليمن بأنه حماية للشعب من أي خطر خارجي وقالت عن هذا المضمون"هناك مناطق يمنية تعاني من طول الحدود البرية ولا يمكن تقنين حمل السلاح فيها، لأن من الخطورة على تلك المجتمعات تجريدها من السلاح، ولكن نحتاج إلى توعية في كيفية اقتناء السلاح والتعامل معه".[c1]المسلح مثقفا أما المثقف مسلحا:[/c]أما في حالة الشاعر والأديب المعروف عبد الإله الضباعي من خلال الحديث معه حول علاقة الثقافة بمظاهر التسلح والتبندق وما إذا كان المسلح مثقفاً أو المثقف مسلحاً يعتقد وبما أنه (ابن شيخ مشائخ)"أن حمل السلاح ليس ثقافة، لأن من يحمل السلاح عقله فاضي ولا صلة له بالثقافة مطلقاً لأن من ثقافة السلاح القتل والفتن أما ثقافة المعرفة فتعني الوعي والنضوج والأخلاق والقيم النبيلة، فقاطع الطريق مثلاً هل يكون مثقفاً عند حمله للسلاح؟ وقتل النفس المحرمة.. أي ثقافة تلك التي تدفعه لإزهاق الأرواح ببندقيته التي يحملها؟ وإن من يغذي ثقافة السلاح هم أشخاص ليس لديهم أي وعي أو تفكير في النهوض باليمن ويتملكهم الطمع والدمار لأغراض كسبٍ شخصية لا تعبر إلا عن النفسية المركبة على العدوانية ولإجرام أما المثقف الحقيقي فسلاحه قلمه، ويجب أن يكون كتابه وفكره عبر التسلح بالعلم والمعرفة وهما أقوى سلاح، أما سلاح الموت والدمار فهو التخلف بعينه".ويؤكد الشاعر الضباعي على أهمية خطوة قرار الحكومة في عملية تطوير المجتمع اليمني وتغيره سلوكه على النحو الحضاري قائلا "كنا قبل 3000سنة أصحاب حضارة ويجب أن نلحق بالركب أما حملنا للسلاح فهو يعيدنا إلى الخلف بوصمنا بالتخلف.. فنحن نريد أن نبني يمن جديد وحضاري..فالعالم اليوم هو عالم من المعارف والتكنولوجيا في الوقت الذي يجب علينا ًالمحافظة على العادات والتقاليد الموروثة لكن ما هو سيء يجب أن ننبذه، والمفترض بشكل عام أن ننبذ حمل السلاح طالما والدولة تحمي المواطن فإذا كانت فكرة السلاح سيطرت على عقولنا فاقرأ على العلم الفاتحة".ويشكل انتشار السلاح في البلاد أحد المرتكزات الرئيسية المعيقة لعملية التنمية وتحد أيضا من عملية توسع في المشاريع الإنمائية خصوصا في المناطق الريفية والنائية فضلا عن جذب المشروعات الاستثمارية.وتقدر أرقام دولية أن عدد الأسلحة النارية الموجودة في البلاد قد تصل إلى رقم مهول إلى حد 50 مليون قطعة سلاح لكن مسؤولين غربيين قللوا من هذا الحجم وقالوا إن الرقم قد يكون اقرب إلى 20 مليونا إي سلاح واحد لكل يمني.[c1]التثقيف الديني[/c]ومن ضمن توجه الحكومة في سعيها لكبح انتشار حمل السلاح مواجهة القضية كذلك عن طريق أعمال التوعية الإعلامية والتثقيفية لرفع مستوى الوعي الاجتماعي والديني خاصة بين المناطق الأشد تأثرا بالظاهرة وذلك من خلال مشاركة رجال الدين المعتدلين في عملية تكوين رؤى منهجية تبسط واقعية المعيشة بدون أن يتحملوا أعباء حمل السلاح.وقال محسن شائع أحد آمة وخطباء الجوامع بأمانة العاصمة صنعاء عن الموضوع "مما لاشك فيه أن حمل السلاح من أعظم أسباب قتل النفس التي حرمها الله فما أن يتشاجر رجلان حتى يسرع كلاً منهما إلى إشهار سلاحه خاصة عندما يكون حاملاً سلاحه فيضرب النار إما ببندقية على أخيه فيرديه قتيلاً أو جريحاً، ويكون بذلك قد أغضب مولاه وأستوجب لعنه وقذف بنفسه في عظيم العذاب..قال الله تعالى( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)".وقال شائع "حمل السلاح عادةً سيئة وخطيرة ولها سلبياتها الكثيرة فهي مظهر من مظاهر العجب والغرور وعلامة على الكبر والتباهي وكل ذلك مما تأباه الشريعة الإسلامية ويتنافى مع الأخلاق الإسلامية ، والأصل في الإسلام أن المسلم لا يحمل السلاح إلا لأسمى عبادة وهي الجهاد أما انه يحمل السلاح للعجب والتظاهر وترويع أخوانه المسلمين فهذا منهي عنه في الإسلام".وتابع يقول "ولقد شدد النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم بل ونهى عن الإشارة إلى ميم بسلاح حتى وإن كان مزاحاً كما جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح لأنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار).فحمل السلاح سبب في إزهاق أرواح بريئة وإقلاق للسكينة العامة وإذا أردنا القضاء على ظاهرة حمل السلاح يجب أن نبحث عن الأسباب التي تساعد على حمل السلاح فندرسها ثم نعالجها ، فإن كان حمل السلاح تفاخراً وتباهي وتكبراً فهؤلاء يردعون ومن ولي الأمر وإن للتقاضي أو الثأر فتحقيق العدل والمساواة هما المخرج ، وعلى القضاة أن يتقوا الله ويفصلوا في قضايا المواطنين فكثيراً ما يماطل الحاكم في إطلاق الأحكام مما يدفع صاحب الحق بندقيته ويذهب ليقاتل أو يقتل دفاعاً عن ماله أو عرضه أو يثأر ممن قتل أباه أو أخاه ، فإذا ما تحقق العدل وردت الحقوق إلى أهلها واقتص ممن قتل النفس المحرمة عند ذلك يطمئن العبد ويعلم أن هناك قضاء عادل يرد له حقه ومظلمته فلا يحتاج إلى حمل السلاح عندها".ويقول رجال مجتمع أن قرار الدولة الأخير بمنع حمل السلاح فكرة جيدة للبدء بالتطور الشامل في كل مناحي الحياة بمشاركة السكان والمجتمع مع الحكومة في بناء الدولة الحديثة.وبطبيعة الحال فقد حقق صدور قرار منع حمل السلاح بالعاصمة صنعاء والمدن الكبرى نتائج مرضية حتى الآن وبنسبة 80 في المئة في جوانب عديدة مثل السطو والقتل. مسؤولو وزارة الداخلية يؤكدون في تصريحاتهم عن ذلك أن الحملة الحالية على الأسلحة في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات أدت إلى الحد من السطو على الأراضي بنسبة 80% منذ بدء تطبيق قرار وزارة الداخلية بمنع دخول الأسلحة الى صنعاء وعواصم المحافظات منذ يوم 23 أغسطس الماضي. وأظهرت بيانات الداخلية أن السلطات الأمنية تمكنت من ضبط (1954) قطعة سلاح حتى نهاية الأسبوع الماضي منها 575 قطعة سلاح في أمانة العاصمة والبقية في عواصم المحافظات إضافة إلى ضبط 5118 قطعة سلاح متنوعة في الحزام الأمني ومنعها عن دخول عواصم المحافظات. كما أكدت البيانات أنه تم مصادرة بعض الأسلحة عندما كان أصحابها يحاولون إدخالها إلى بعض المدن خلسة.[c1]حمل السلاح ليست منظومة للشخصية اليمنية[/c] قال عبد الجبار ردمان وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء عن ظاهرة انتشار حمل السلاح بأنها قضية أصبحت جزءا وأضاف "نحن نقول أن حكم العادة يصبح جزءاً من ثقافته والتعاون والتواصل مع أبناء المنطقة والبعض يحاول أن يقدم صورة حمل السلاح بأنها جزء من المنظومة الشخصية اليمنية على اعتبار أنها نمط من أنماط الشخصية اليمنية وهذا طبعاً نوع من اللبس والتلبيس لقضايا من الناحية الاجتماعية تعتبر فيها مغالطة كبيرة لأن نمط الشخصية لا يعتمد إلا على منظومة الثقافة وهذه الثقافة هي انعكاس لطبيعة المجتمع وإذا ما تأملنا لطبيعة المجتمع سنجد بطبيعة الحال مجتمع مسالم بطبيعته متسامح بثقافته وجزئية التسامح هي الشيء الجميل في حياة الإنسان اليمني وفي شخصيته، وصحيح أن نجد الإنسان اليمني منفصل سريع الغضب لكنه يحمل في تكوينه الشخصي قيم التسامح التي لا نجدها في أي شعب من الشعوب العربية أو العالم الثالث لكن مع ذلك نقول للإنسان اليمني في تبنيه لحمل السلاح واعتبار هذا السلاح جزء من التمنطق والمظهر الخاص بشخصيته لا تشبه عن حركات أو رجولة الإنسان وإنما تشبه عن نوع من الزينة الذي اعتاد عليها الإنسان اليمني"..وأستطرد ردمان يقول "وطبعاً في الثمانينات والسبعينات كان حمل السلاح في الأرياف متفشي بدرجة مخيفة وملفتة للنظر لكن حالياً مع بداية القرن الواحد والعشرين نجد أن الإنسان اليمني في مناطق كثيرة بدأ يتحفظ كثيراً عن عملية حمل السلاح وتستطيع القول إن عناصر التحديث لعبت دور كبير في اكتساب الإنسان بعض المفاهيم الحضرية بحيث أنه أصبح الإنسان أكثر قدرة على فهم طبيعة بناء شخصيته وطبيعته، و أيضاً حمل السلاح أصبح هو بحكم العادة ليس إلا ولا يمكن أن نعتبره جزء من شخصيته لأنها ليست المكون الأساسي للشخصية هي الثقافة وحركة المجتمع في ضرورة وقدرته على إكساب الشخص عناصر جديدة في بيئته الثقافية".[c1]مغالطات ظاهرة حمل السلاح[/c]لكن أستاذ الاجتماع عبد الجبار ردمان يرى البعد في خصال تطور ظاهرة حمل السلاح وانتشاره بأنها "نتيجة لحالة التوتر والقلق وعدم الاستقرار الذي لا ينعم بزمن.. فقبل قيام الثورة كانت تعتبر سبب من الأسباب التي دفعت الإنسان لحمل السلاح لكن مع وجود الدولة المركزية وقدرتها على فرض سيطرتها وتواجدها على كثير من الأقاليم اليمنية وخصوصاً بعد الوحدة ليس هناك دافع بعد أو سبب لحمل السلاح لأسباب هي جزء من شخصية الإنسان اليمني واعتادت القيادات السياسية سابقاً أنها تروج لمقولة أن كلنا قبائل وأن كل إنسان يحمل السلاح هو جزء من تكتيك أو شخصية الإنسان, وهذه هي من المغالطات أو تكاد تكون أن تقول مقولة اجتماعية تحمل في طياتها كثير من المغالطات التي لا تجدي أو لا تكسب النظام السياسي عناصر التأييد إنما لا بد أن يكون للدولة دورها الرئيسي وقدرتها على التغلغل في كل أجزاء الوطن اليمني بحيث أن نفرض سلطة القانون ويصبح النظام والقانون سيد الموقف لكل أبناء المجتمع ومع ذلك نقول إن النظام السياسي مدعو في إطار هذه القضية إلى ردم كثير من الفجوات وخلق حالة من الاستقرار السياسي والاجتماعي لدى الإنسان اليمني ومن ثم القضاء على ظاهرة الثأر ويعتبر عنصر من العناصر التابعة لحمل السلاح وجود حالة من التسيد أو التنازع بين التكوينات القبلية ونحن ندرك التكوينات القبلية أن لها حدود ولكل قبيلة حدودها الخاصة وهذا يدفع كثير من القبائل إلى حمل السلاح وهي طبعاً ليست بعادة أصله في تركيبة السلوك والثقافة اليمنية وإنما هي دخيل على المجتمع اليمني.. ومعلوم على عبر التاريخ أن الإنسان اليمني بطبيعته متسامح ومتعاون وقدمت كثير من التجارب عن شخصية الإنسان اليمني وميله إلى البناء والتحضر وإلى إرساء دعائم التعاونيات أو ما نسميها المدرسة التعاونية داخل المجتمع اليمني كمدرسة رائدة في العالم الثالث لم يأتي شعب من الشعوب بها وطبعاً عكست السبعينات وبداية الثمانينات الشخصية اليمنية المتسامحة وقدرتها على البناء وتقديم جل ما يمكن أن تقدمه أي أسرة يمنية من دعم ومساندة لكل المشروعات التنموية الأهلية".وعند سؤاله عن بقضية المثقف مسلحا أجاب قائلا"هناك نوع نسميه (الخولجة) الفكرية في طرح كثير من القضايا لكن الإشكالية تكمن أنه لقب بطبيعته مسلح لأنه مسلح بالعلم ومسلح أيضاً بالرؤى والأيدلوجيات وهذا طبعاً جزء أساسي من مكونات عناصر التحديث أو الإمكانات التي تكسب الإنسان القدرة على التعامل مع المعرفة خصوصاً نحن في عصر العولمة وهذا العصر يعتمد على البيئة المعرفية والمدعو أيضاً إلى مجتمع المعرفة ومجتمع المعرفة لابد أن يكون كل إنسان متسلح بالثقافة والمعرفة والعلم ليكون قادراً على تسويق نفسه داخل مجتمع العولمة أو المجتمع العالمي.. إذاً هنا لو جئنا تقول للمثقف بماله من مخزون معرفي وتراثي بهذا المجتمع لابد أن يكون هو الأروع أو الإطار المشرف في مجتمعه بحيث أنه يتبنى كثير من القضايا والجوانب الفكرية ليدافع عن أصالته وحضارية بشكل أفضل هذه الرؤى التي يتسلح بها لكن أن يكون المسلح مثقف وطبعاً هنا لابد من تفصيل هذه الجزئية لأن هذه الجزئية لا توصل ما نسمي المثقف بالمسلح وإنما لابد أن نؤكد أن المثقف المسلح قد يكون هذا طبعاً فبعض المثقفين يميل إلى نوع من الحماية الذاتية خصوصاً في حالة إذا وجد أن المجتمع الذي يعيش فيه لا يتبناه أو لا يصبح هذا الاستقرار الاجتماعي والسياسي للإنسان يؤدي بكثير من المثقفين إلى حمل السلاح عبر تراخيص السلاح.لكن أن يكون المسلح مثقف طبعاً فيها تجني على مفهوم المثقف الذي يعتبر رؤية مشرقة للمجتمع إنما نقول قد يكون المسلحين بشكل عام غير مثقفين ولا يجدوا تبعات حمل السلاح وما يجني أيضاً من منازعات أو ظواهر أو اعتداءات وربما قد يتهور البعض إلى استخدام العنف كوسيلة للتعبير عن مخزون خاص به من الكراهية والبغضاء لبعض الأطراف نجد بعض المثقفين استطاع بحكم وظيفته وهو إما أن يكون ضابطاً أو مسئولاً أو مدرساً أو ما إلى ذلك لديه رؤية ولديه معرفة جيدة ومع ذلك يحمل السلاح ليس للتمظهر وليس أيضاً تعبير عن عناصر القوة وإنما يشعر بحالة التوتر والخوف من جماعة معينة وطبعاً نحن لو أدركنا ضعف الاستقرار الاجتماعي والسياسي وخلقنا هذا الجانب في إطار النظام السياسي لوجدنا أن هذه الإشكالية تنفس من حالة المجتمع اليمني ولا يمكن بعد ذلك أن يلجأ أي شخص طالما هناك استقرار وهناك نظام وهناك قانون ويؤمن كلاً منا بمشروعية هذه النظم والأطر ويأخذها في فكره وحركته اليومية لحماية المجتمع وحماية الأفراد ومنهم الأمن الاجتماعي والأمن الخاص". [c1]تأييد النخبة[/c]فيما يقول الدكتور محمد عبد العزيز يسر ـ عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء عن خطوة الحكومة بمنع حمل السلاح بأنه ممتاز وقرار جريء وكرجال مجتمع نرحب بهذا القرار الممتاز الذي يباركه أيضا الشعب اليمني وشخصيات علمية وأكاديمية وشخصيات قبلية.. وأعتبر عميد كلية الآداب أن حمل السلاح بقى خلال الأربعة عقود يمثل مشكلة كبيرة بين أوساط المجتمع وكان نتائجه هذا الخلل بتزايد عدد الضحايا من المواطنين والمتشاجرين لأن هؤلاء ليس لهم حلول في قضاياهم الاجتماعية أو التجارية أو مشاكل الإرث إلا أن يرجعوا إلى السلاح قبل أن يلجئوا إلى القانون أو إلى الشرع أو إلى حتى العرف ونتج عن ذلك سقوط عدد كبير جداً من الضحايا وكان بالإمكان تجنبها والاحتكام إلى العدل وإلى القضاء وإلى القانون وإلى الشرع.. ثانياً لا يكون من حمل السلاح على أكتاف اليمنيين إلا الإخلال الأمني وما كان من ذلك من نتائج وخيمة بالنسبة لصناعة السياحة تضررت تضررا (لا حول ولا قوة إلا بالله ) كبيراً لوجود الأسلحة في أيدي المواطنين لأن السائح يأتي محمل بكاميرا أو في يده خريطة أو في يده كتاب أو في يده دليل سياحي ويتواجه مع شخص مسلح وبالتالي شجع وجود الأسلحة على وجود جرائم أمنية وراح ضحيتها أبرياء سواء من اليمنيين أو من الأجانب الذين يأتون لقضاء عدة أيام لمشاهدة آثارنا السياحية والحضارية فليس من المعقول ولا من المنطق ولا من الدين ولا من الحياء أن أقابل هذا السائح بتلك الهجمات الشنيعة والمروعة التي جعلت من اليمن منطقة طاردة للسياحة.. وخلال حديثه لـ"14أكتوبر" قدم عبد العزيز يسر عميد كلية الآداب نصيحته لمن يحلون قضاياهم بالسلاح فقال موجها الكلام لهم "ابتعدوا عن اللعب بالنار وأرجعوا إلى القضاء والمحاكم وأرجعوا إلى العرف وبعون الله تعالى ستحل القضايا، هناك إحصاءات مخيفة جداً بعضها رسمي في المجلات والصحف اليومية وما يندى له الجبين أن تسمع زهق أرواح العشرات والمئات بل و الآلاف كل عام نتيجة حمل السلاح وأن نلجأ لحلول مشاكلنا بضرب النار فهذا النوع من التعامل نوع متوحش نوع ليس فيه إنسانية نوع يخدش حياء المجتمع اليمني الذي نعرفه ويعرفه الآخرون مجتمع مسالم مجتمع حضاري مجتمع يمتاز بالكلمة الطيبة وبهذه المناسبة أنصح كل من يحمل السلاح فليضعه في بيته وأكرر من يحمل السلاح أن يضعه في بيته لأنه لم يعد هناك لدى المواطن أي معيار لقيمة الشخص وليس قيمة الشخص تكمن في الآلي أو المسدس أو ما شابه ذلك من أدوات العدوان ليس هذا منظر حضاري ولا أن نقيم الناس بما يحملون من سلاح والعكس صحيح.. من يحمل السلاح هو إنسان غير حضاري لا يأبه بالقوانين ولا بالدستور ولا بالعرف فنحن نكره هذا المنظر نكره أن نجد إنسانا مسلحاً بالآلي نريد إنساناً مسلحاً بالعلم نريد إنساناً مسلحاً بالثقافة نريد إنساناً مسلحاً بالوعي والإدراك هذا نسميه إنسان حضاري إنسان يستحق الحياة إنسان يبني وطنه إنسان يبني لأسرته لأن الأسرة هي أولى مراحل التربية فهؤلاء الناس المسلحين لا يأتون إلا بتشجيع أهلهم وذويهم وعشيرتهم وقبيلتهم وبمناسبة شهر رمضان الكريم نقول بداية طيبة بداية إنسانية نكرر دعوة الجميع أن ينبذ السلاح ونرميه بعيداً وليس الشجاع من أقدم على قتل أخيه ولكن الشجاع من يمسك نفسه عن الغضب كما جاء في الحديث الشريف".[c1]التشخيص النفسي لحمل السلاح[/c]ثمة مشاكل يعاني منها الأشخاص الحاملين للسلاح فرأي الطبيب النفسي بهذا الشأن يتحدث عنه الدكتور عبد الحافظ الخامري ـ أستاذ علم النفس في جامعة صنعاء الذي وصف الشخص الحامل لسلاح بأنه شعور باللاطمأنينة ويقول "أي يعتقد ويشعر أنه مهدد ولذلك يحمل السلاح لكي يرد على ما يعتقد أنه مصدر التهديد وأنه بذلك يحمي نفسه فحامل السلاح ليس هو الشخص الشجاع كما يظن هو أو يظن الآخرون بل هو ذلك الشخص الذي يشعر بخوف دائم وقد يكون مصدر هذا الخوف ربما أنه تربى و كبر في بيئة غير آمنة".ويضيف الخامري مقترحا لمعالجة هذه الظاهرة من وجهة نظر نفسية بشرط أن يبدأ بالتشخيص السليم للظاهرة والذي على أساسه تكون طريقة العلاج المناسبة والناجحة قائلا "بقيام مراكز علمية لبحث الظاهرة ثم وضع الحلول مع العلم أننا سنجد هناك حالات مرضية (حقيقية) تشبث بحمل السلاح تحت مبررات شتى البعض منها واهية".وعن الأسباب التي تؤدي بالمرء إلى حمل السلاح قال الطبيب النفسي الخامري بأنه يمكن تصنيفها ب"الأول قلة الشعور بالأمن والأمن النفسي بوجه خاص. والثاني هي النزعة العدوانية لحامل السلاح إذ أنه يفضل أن يكون معتدياً على أن يعتدى عليه.. ثم ثالثا نوع من الاستعراضية المرضية وهي هنا تعني نوع من التعويض عن الشعور بالنقص وإظهار القوة كنوع من التعويض عن الشعور بالنقص".