في محاضرته أمام المشاركين في المخيم الأول لجامعة عدن.. مدير أمن عدن:
[c1] يوم 22 مايو 1990م هو الميلاد الحقيقي للدولة اليمنية الحقيقية كونها جعلت من سيادة القانون واحترامه عنواناً بارزاً في بنائها السياسي والاقتصادي والاجتماعي [/c]تفاعلاً مع الزخم الشبابي المفعم بالحيوية والنشاط والحماس الايجابي الذي يشهده نادي ضباط الشرطة بمدينة عدن خور مكسر المستضيف للفعاليات الثقافية والرياضية والفنية والفكرية التي تنظمها جامعة عدن في مخيمها الشبابي الصيفي الأول.القى العقيد ركن/ عبدالله عبده قيران مدير أمن محافظة عدن محاضرة قيمة بعنوان »الأمن عامل من عوامل التنمية وتعريف الشباب بالأمن الحديث« ونظراً لأهميتها نالت اعجاب واستحسان الجميع وبما تطرقت إليه من مواضيع شائقة سردها بأسلوبه السلس المفعم بالشفافية.هاكم نصها والتي أدارها باقتدار أ . د/ محمد أحمد العبادي مدير عام الإدارة العامة للأنشطة في جامعة عدن.رصد الندوة/ أحمد علي مسرع/تصوير: علي الدرب (الأمن عامل من عوامل التنمية وتعريف الشباب بالأمن الحديث) قال تعالى : »الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف« الربط الوثيق بين الأمن والتنمية عبرت عنه الآية السابقة بدلالة صريحة لا تحتاج معها إلى مزيد من ايضاح فالأمن حاجة أساسية لكل مجتمع، تعاظمت معه التنمية والبناء والتطور حتى قيل بحق لا تنمية بدون أمن، والأمن بالمفهوم العام يعني : احترام الجميع لكافة القوانين واللوائح المنظمة لحياة المجتمع في كافة مجالاتها، وعلى أساس من هذا الاحترام تبين الدولة بكافة مؤسساتها وأجهزتها السياسية والإدارية والأمنية.والأمن بهذا المفهوم القانوني كان العنصر البارز في قيام الحضارات اليمنية القديمة، حيث كان القانون اليمني القديم حامياً للملكية والحرية من خلال قانون »حمير« وقبله قانون »قتبان« الذي يعود إصداره إلى القرن الثامن قبل الميلاد وفي دولة »سبأ« وجد ما يسمى »بالمزود« وهو المجلس التشريعي، وسمي في دولة حمير »مشور« وابان حكم هذه الدولة كانت تدرس قوانين الحرب وقوانين التجارة، ووجدت فيها مجالس تشريعية للمدن كان من ضمن مهامها نشر وشرح قوانين الدولة.أيها الشباب.. هذه اللمحة التاريخية القانونية للدولة اليمنية القديمة يجب أن ترسخ فينا عقيدة الأمن وأهميته باعتباره شيئاً أصيلاً في تراثنا، وينبغي أن يكون كذلك في حاضرنا، وهذا ما حدث بالفعل في بناء الدولة اليمنية الحديثة الذي كان الـ 22 من مايو 1990م هو تاريخ ميلادها، فقد جعلت من سيادة القانون واحترامه عنواناً بارزاً في بنائها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.أخلص إلى القول، مما أردت أن أمهد له بأن بالأمن يتحقق باحترامنا وتمسكنا بالقانون ولوائحه وأنظمته ولأن ذلك الاحترام كان سلوكاً أصيلاً في حياة أسلافنا، فيجب أن يكون كذلك في سلوك أمتنا في الحاضر.ثم بعد أن مهدت لكم بهذه التقدمة البسيطة ألج وإياكم إلى محاور المحاضرة، مقسماً إياها إلى محورين :الأول : نتكلم فيه عن الأمن وأثره على التنمية.الثاني : فأتناول الحديث فيه عن الأمن الحديث.[c1]المحور الأولالأمن والتنمية[/c]أيها الشباب.. سأدع لغة الأرقام هي التي تتحدث معكم عن عظيم المنجزات التي حققتها بلادنا في كافة مجالات وميادين التنمية البشرية والمادية خلال الفترة التي عاشت فيها بلادنا منعمة بأمن وسلام واستقرار حقيقي وقد أماتت وإلى الأبد - بإذن الله تعالى - تلك الأيام والشهور والسنين المأسوية التي عاشتها بلادنا بين الحروب الشطرية والتناحر السياسي والحزبي والطائفي، وحلت محلها الأيام التي حفلت بأعراس ديمقراطية وحرية سياسية.لا أطيل عليكم فأنا على يقين من أن لغة الأرقام كفيلة بأن تعطيكم الرسم الواضح لما شهدته بلادنا من طفرة تنموية هائلة تحققت بفعل تحقق الأمن والاستقرار خلال الفترة من عام 1995م وحتى العام 2005م.ففي مجال الطرق التي تعد من أهم أركان البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية، أنفقت الحكومة حوالي »200« مليار ريال لتشييد شبكة متطورة من الطرق تربط كل أجزاء الوطن ببعضها، وتتكون شبكة الطرق في اليمن حالياً من (10) آلاف كلم أسفلتية.وشهد قطاع الاتصالات الهاتفية والمعلومات وخدمات البريد تطوراً كبيراً وقفزة نوعية في عهد الوحدة المباركة، فقد وصل عدد خطوط الهاتف الثابت إلى »1.240« مليون خط، وهناك الآن أكثر من مليوني شخص يستخدمون الهاتف النقال »الجوال« وأكثر من »35« ألف مشترك في خدمة الانترنت.وسجل قطاع الصناعة تحولاً جذرياً من خلال سعي الحكومة إلى تشجيع التوجه نحو الاستثمار في القطاع الصناعي حيث بلغ عدد المشروعات الصناعية المرخصة من الهيئة العامة للاستثمار نحو »2.531« بتكلفة استثمارية »469.5« مليار ريال توفر »74.5« ألف فرصة عمل.وجاء القانون رقم (4) لعام 1993م بشأن المناطق الحرة مكملاً لهذا الدور الحيوي التجاري والصناعي الذي تشهده بلادنا في حاضرها، ووضعت خطة استراتيجية لها تشمل إنشاء عشرات المشاريع الحيوية والاستراتيجية، منها مشروع المجمع الصناعي في البريقة على مساحة »34« هكتاراً وكذا إنشاء منطقة للصناعات الثقيلة وأبروكيماوية على مساحة »235« هكتاراً، وتقدر الدراسات العائدات الاقتصادية المتوقعة للمنطقة بحوالي »500« مليون دولار سنوياً بعد الانتهاء من مشاريع المرحلة الأولى كما تقدر خلق »20 - 30« ألف فرصة عمل في حال تطوير »100« هكتار فقط من المنطقة الصناعية.وشهدت مثيلاتها من القطاعات الأخرى نفس التقدم وبنفس الوتيرة من الأرقام العالية.وانصب اهتمام الدولة أيضاً على العنصر البشري باعتباره دينامو التنمية وعمودها الفقري في سبيل إيجاد عناصر مؤهلة ومدربة وقادرة على زيادة الإنتاج، والإسهام الفعال في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.توسعت خارطة التعليم لتشمل التعليم الفني والمهني الذي صارت معاهده التدريبية تشمل (15) محافظة إضافة إلى أمانة العاصمة، وازدادت مؤسسات التدريب من (6) عام 1990م إلى (59) في عام 2004م كما تخرج من المعاهد التقنية والمهنية »4046« طالباً في عام 2004م مقابل »708« في عام 1990م.أيها الشباب.. الأرقام مذهلة ولا يتسع المجال لذكر الكثير منها، وهي أرقام ولا شك ستزيد بكم أنتم أيها الشباب، إذا ما جعلتم من تحقيق الأمن واحترام القانون عنواناً لسلوكياتكم الحياتية.[c1]المحور الثانيالأمن الحديث[/c]أيها الشباب.. تقول الدراسات الأمنية التخصصية أنه كلما زادت رفاهية المجتمع وازداد ازدهاره فإن الجريمة للأسف تتطور معه وأضرب لكم مثالاً بسيطاً على ذلك التلازم بين تطور المجتمع وتطور الجريمة فمع ظهور أجهزة الحاسوب »الكمبيوتر« وما يقدمه من خدمات عديدة لمستخدميه أهمها بالطبع »خدمة الانترنت« وجد في العصر الحديث ما يسمى »بالجريمة الالكترونية«.وإذاً فإن هذا التلازم الحتمي بين التطور والجريمة يفرض بالطبع تطور وسائل مكافحته، والأمن الحديث أيها الشباب صارت له دلالتان هامتان :الأولى : مادية.الثانية : إنسانية.ولكن قبلها اسمحوا لي - أيها الشباب - أن نقف وقفة بسيطة أمام مفهوم الامن الحديث.إن احداث الحادي عشر من سبتمبر غيرت مفهوم الدول للأمن، فقد قام على أنقاض برجي مانهاتن مفهوم حديث للأمن يتخطى حدود الدول بل لم يعد مفهوم الامن الحديث يحمل المعنى الاقليمي وإنما أصبح له المفهوم العالمي أي أن الامن الحديث هو أمن كافة ساكني الكرة الارضية ويعني هذا أن امن كل دولة فيها أصبح امراً كسائر الدول الأخرى على هذا المحور ، مما حتم عليها التوقيع على العديد من الاتفاقيات الدولية سواء لتبادل الخبرات والمعلومات او لتبادل المجرمين.وبعد أن أوضحنا بايجاز مفهومنا للأمن الحديث أتناول بإيجاز ايضاً دلالاتهففي الجانب المادي: أولت قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحةاهتماماً كبيراً بتطوير وتحديث الاجهزة الامنية كماً ونوعاً وفي مختلف الأصعدة والمجالات الامنية، أحدثكم بها ايضاً من خلال لغة الارقام باعتبارها اللسان الفصيح في ايصال الافكار الى المستمع دون رتوش أو تزييف.حيث أصدر القانون رقم 01 لعام 1002م بإنشاء اكاديمية الشرطة التي تضم عدداً من الكليات والمعاهد مثل كلية الشرطة، كلية الدراسات العليا، كلية التعليم التخصصي، ومعهد تدريب أفراد الشرطة وكلية الدراسات والبحوث العلمية.وفي يناير أعدت وزارة الداخلية استراتيجية أمنية تهدف الى التوسع والتواجد لخدمات الشرطة في المديريات البالغ عددها 222 وجرى تنفيذ اولى مراحل خطة الانتشار الامني التي بدأت عام 2002م بإنشاء (31) منطقة أمنية في محا فظات شبوة ومأرب والجوف 0كما تم في المرحلة الثانية لعام 3002م انتشار خدمات الشرطة في (621) مديرية و(07) نقطة أمنية ومرورية شملت معظم المحا فظات، وهكذا امتدت تلك المراحل حتى تم تنفيد المرحلة الخا مسة والتي شملت كافة مديريات الجمهورية 0كما شهدت هذه الفترة تحديث آليات العمل في المصالح التابعة للوزارة مثل مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية ومصلحة الأحوال المدنية ومصلحة السجون، بهدف تحسين صورة الأداء الأمني حيث بدأ العمل بنظام إصدار جوازات السفر الآلية منذ سبعة أعوام كما تم إصدارالبطاقة الشخصية الآلية وبلغ عدد الفروع التي يطبق فيها النظام على مستوى المحافظات (10) فروع حتى نهاية عام 2004م.كما صدر القرارالجمهوري رقم (1) لعام 2002م بشأن إنشاء مصلحة خفر السواحل لحماية أمن سيادة الجمهورية وحماية مصالحها الاقتصادية في البحر الاقليمي وحراسة السواحل والجزر والموانئ البحرية ومكافحة التهريب والتسلل والهجرة غير القانونية من وإلى أراضي الجمهورية عبر البحر. ولأن المرأة اليمنية أصبحت خلال السنوات الماضية من عمر الوحدة شريكاً فاعلاً في مجالات الحياة ثم انتشار الشرطة النسائية ادراكاً من الوزارة لمدى حاجة العمل الأمني بمفهومه الحديث للعناصر النسائية والتي كان يشكل غيابها بمثابة ثغرة تضيع معها الكثير من الحقائق المرتبطة بنصف المجتمع.أما بالنسبة للدلالة الإنسانية لمفهوم الأمن الحديث فإن أصدق ما القول كدلالة اهتمام الحكومة بهذا المعنى الإنساني للأمن الحديث، توجيهات فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة في لقائه التشاوري بقيادة وزارة الداخلية والتي تضمنت الحث على توثيق عرى العلاقة بين الشرطة والمواطنين باعتبار أن الأمن لم يعد مسئولية أجهزة الشرطة وحدها أو الحكومة وأجهزة الشرطة فقط وإنما أضحى مسؤولية الجميع الراعي والرعية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال خلق الصداقات القوية بين المواطنين ورجل الشرطة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال تحقيق أجهزة الشرطة لشعارها أنها في خدمة الشعب ولا يتأتى كذلك إلا من خلال محو الرواسب والأفكار السيئة التي تحاول بعض القوى الحاقدة على الوطن أن تلصقها بأجهزة الشرطة مستغلاً الحرية الإعلامية لتنفيذ سمومها.ودعونا نكون صرحاء وأقول إننا أولينا اهتماماً بالجانب المادي لمفهوم الأمن الحديث ونجحنا فيه والحمد لله ويدل على ذلك انخفاض مستوى الجريمة المنظمة في بلادنا ونجاح الأجهزة الأمنية في كشف غالبية الجرائم المرتكبة.أما في الجانب الإنساني فإنه وبلا شك لم نوله اهتماماً كبيراً خلال الفترة الماضية ولكن كما حدثتكم عن حديث فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية في لقائه التشاوري الذي جمعه بقادة وزارة الداخلية كان حديثه منصباً بدرجة أساسية على الجانب الإنساني لمفهوم الأمن الحديث، وبالفعل فإن قيادة وزارة الداخلية ممثلة بالأخ/ نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور/ رشاد العليمي تترجم توجيهات فخامة رئيس الجمهورية من خلال وضع الخطط الاستراتيجية للاهتمام بالجانب الإنساني للأمن الحديث وهو ما يعني أن المرحلة القادمة ستشهد اهتماماً كبيراً بهذا الجانب وترصد له كل الوسائل والامكانيات بما يحقق في المحصلة الأخيرة قيام صداقة وثيقة العرى بين المواطن والشرطة.