الخط الساخن
حوطة لحج تكاد تكون من اكثر المناطق اهمالا في بناها التحتية وتحديدا الخدمات، كما ان حظها من مشاريع التنمية يراوح عند نقطة الصفر، فعلى اختلاف الانظمة المتعاقبة عليها سواء إبان التشطير او التوحيد وعلى مدى عقود من الزمن لم تحظ باهتمامات السلطة، ولا ندري ما هو السبب.. واذا ذهبنا الى فرضية جهل المسؤولين بشأنها فذلك أرحم على أنفسنا من ان نفترض ان الاهمال والتهميش كان متعمدا، فالمصيبة هنا أكبر.حوطة لحج وضواحيها كانت حاضرة وزاخرة بحضارتها وتاريخها ورجالاتها.. عظمة تتجلى في رقيها المبكر والمتفرد فقد كانت السباقة في محيط الجزيرة العربية والخليج في وضع دستور لنظام حكمها.. ورائدة في استحداث أنظمة الري والزراعة، وقطنها طويل التيلة ذو الصفة التجارية كان ينافس في السوق العالمية انتاج أكبر الدول ثم نهضتها الثقافية والفنية والعلمية والرياضية هي عناوين حضارتها، ولا يرد هذه الحقائق الا جاحد او ناكر.فمن مدرستها الشامخة (المحسنية) رفدت البلد برمتها ليس على مستوى لحج فقط بل والمحيط اليمني برمته هامات كبيرة وعمالقة تأهلت بين حناياها، نهضوا بالبلد نهضة عظيمة بعضهم لايزال على قيد الحياة ومنهم من رحلوا عن دنيانا تاركين أجمل البصمات في حياتنا. وهنا لا يتسع المجال لذكرهم جميعا واورد على سبيل المثال لا الحصر أساتذة عمالقة منهم صالح دبا، عبدالله هادي سبيت، عبدالله حسن العالم، احمد سالم عبيد، محمد سعد الصنعاني، خالد فضل منصور، احمد مهدي المنتصر، حسن ابراهيم عطا.. وكثير من اعلام الأدب والفن والرياضة والزراعة بل ومجالات عدة حرثوا فيها وارسوا دعائمها ومضوا بصمت.ورغم الحسرة والغبن اللذين يملآن الصدور لمدى الوضع المزري الذي وصلت اليه لحج على يد الأنظمة المتعاقبة عليها، وكأنها لعنة حلت بهذه المنطقة، تشمخ المدرسة (المحسنية ـ العبدلية) التي أسسها الأمير محسن بن فضل العبدلي وطورها بعده أخوه عبدالكريم فضل كشاهد على ذلك المدى الحضاري الذي ذهبت إليه لحج ورجالها الذين تتلمذوا على أيدي أساتذة كبار استدعتهم وجلبتهم السلطنة العبدلية من مختلف الاقطار العربية.. اضافة الى ابتعاثها وإيفادها لعدد من ابنائها الى الخارج للتعليم العالي.اليوم يعاني هذا الصرح الشامخ من الاهمال والتدهور لمبناه الآخذ بالتداعي والتصدعات ومرت ذكرى تأسيسه (في العاشر من سبتمبر) مرور الكرام دون أي احتفاء.كل ما اتمناه هو التفاتة من ابنائها وخريجيها الذين لايزالون على قيد الحياة، لاعادة صياغتها من جديد على شاكلتها الاصلية وان يلموا شملهم في لقاء بين جوانحها، حتى ينفض غبار السنين عن وجهها وتسفر اشراقاته، فربما وكما يقول شاعر المهجر جبران خليل جبران (في قلب كل شتاء ربيع يختلج) طالما مازالت مدرستهم تردد صدى السنين الحاكي.