د. غادة شوقي الهبوب لصحيفة( 14 أكتوبر ):
لقاء/ محمد أحمد الدبعيلاتزال ممارسات وعادات غير صحية تتبع لو نمعن النظر فيها لرأينا العجب العجاب.اذ يعزى إليها التسبب بالكثير من الأمراض.وتأتي مشكلة مرض الكزز الوليدي في ظل إغفال البعض- لشيوع الجهل وضعف الوعي الصحي لاسيما في الأرياف- بأهمية الولادة النظيفة وضرورة تحصين الفتيات والنساء في عمر (15 - 45 عاماً) ضد هذا المرض الفتاك. الأمر الذي يستدعي -إلزاماً- رفع نسب التطعيم بلقاح الكزاز والتغطية للولادات النظيفة الآمنة بما يفضي إلى بلوغ الهدف الوطني بخفض معدل الإصابة إلى اقل من حالة واحدة لكل ألف ولادة حية فنكفل بذلك التخلص من هذا المرض القاتل.ولهذه الغاية تقام حملات وجولات تحصين من حين لآخر للفئة المستهدفة من النساء في عمر(15-45 عاماً) على مستوى المديريات التي ينخفض فيها الإقبال على تحصين النساء بلقاح الكزاز، ومنها حملة التحصين للتخلص من الكزاز الوليدي الجاري التي تقرر تمديدها حالياً عبر مرحلة تكميلية خلال الفترة من (19 - 22 ابريل 2008م) في المديريات ذاتها بمحافظات(الضالع-إب-الحديدة-لحج) مستهدفة بلا استثناء الفتيات والنساء ممن ينتمين إلى الفئة العمرية من (15 - 45 عاماً) المتزوجات وغير المتزوجات وكذلك الحوامل في أشهر الحمل المختلفة.حيث تتخذ الفرق الصحية المقدمة لخدمة التحصين في هذه الحملة سائر المرافق الصحية والمدارس، بل ومواقع ثابتة وأخرى متحركة لأداء مهامها الإنسانية المثلى.وقوفاً على تفاصيل مشكلة الكزاز الوليدي لما يمثله هذا المرض من خطر على صحة وسلامة المواليد والأمهات، وتصحيحاً للممارسات والعادات غير الصحية المسببة لهذا المرض، وما يشترط لتكتمل الوقاية منه وأهمية تحصين النساء في عمر (15-45 عاماً) ضد هذا المرض.. قمنا بإجراء لقاء مع الدكتورة/ غادة شوقي الهبوب-نائب مدير البرنامج الوطني للتحصين الموسع بوزارة الصحة العامة والسكان فإلى التفاصيل:[c1]الاحتواء والمكافحة[/c]كيف هو الوضع في العالم، وكذا في بلادنا فيما يتعلق باحتواء ومكافحة مرض الكزاز الوليدي؟ وما الداعي لإقامة حملات ضد هذا المرض طالما قد نقذ العديد منها في اليمن خلال السنوات الماضية؟*مرض الكزاز الوليدي مشكلة فيها خطورة على الصحة ليس في كل البلدان، وانما في البلدان المحدودة الخدمات في مجال رعاية الامومة والتي يكون فيها التحصين ضد الكزاز- عادة-ضعيفاً.وفي تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية قدرت حالات الإصابة الكزاز الوليدي في العالم بحوالي (500 ألف) حالة سنوياً، ولكن نتيجة تنفيذ حملات تحصين نوعية في بعض البلدان الكبيرة انخفضت نسبة الإصابة في السنوات الأخيرة.وبحسب تقديرات منظمة الصحة عام 1987م حصد المرض نحو (800 ألف) حالة وفاة، وانخفض العدد عام 2000م إلى نحو (200 ألف) حالة وفاة بعد أن طبقت الكثير من الدول إستراتيجيات التخلص من مرض الكزاز.والمُضي في تطبيق إستراتيجية التخلص من داء الكزاز لا يزال قائماً في الكثير من البلدان ومنها اليمن. فالأمر مهم حيث انه يمثل إحدى الأهداف الداعمة للصحة، دفع به وعززة شراكة ودعم منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف، باعتبار آن التخلص من مرض الكزاز سيسهم بشكل كبير في تحقيق الهدف الرابع للألفية الثالثة للتنمية الذي يقضي بتخفيض معدل وفيات الأطفال أقل من خمس سنوات بنسبة الثلثين حتى 2015م.أما عن الحملات التي أقيمت خلال السنوات الماضية فقد كانت في بعض المحافظات وبعض المديريات على مستوى تلك المحافظات، واختيرت المديريات على أساس أنها ذات خطورة، حيث رصدت فيها حالات إصابة بالكزاز.كما تفاوت عدد مراحل الحملة التي نفذت في المديريات. فالبعض نقد فيها ثلاث جولات والبعض الآخر جولتين، ومن بين المديريات ما نفذ فيها جولة واحدة. حيث جاء تنفيذ هذه المراحل من عام (2000 - 2005م) فكان من الضروري دعم النساء اللاتي آخذن الجرعات السابقة بالجرعات المتبقية حتى تكتمل مناعتهن وكذا تطعيم بقية النساء اللاتي لم يسبق تطعيمهن.[c1]المرض وتداعياته[/c]*نسمع كثيراً عن مرض الكزاز الوليدي ونجهل عنه الكثير.. فهل لكم أن توضحوا لنا أصل وطبيعة هذا المرض؟ وكيف تبدو اعراضه وما يعقبها من تطورات؟*مشكلة الجهل بأدنى شروط ومعايير الوقاية من مرض الكزاز لا يزال لها صدى وتأثير في المجتمع، خصوصاً في بعض الأرياف التي لا يهتم فيها الناس بتعليم الفتيات فالجهل -للأسف- هو أكثر ما يعزز بقاء المشكلة.وتسمى الجرثومة المسببة للكزاز/التيتانوس ( كلوستريديم تيتاني) وهي جرثومة لا هوائية متحركة ، تشبه عصا الطبل.وللعلم فان الكزز أحد الأمراض القاتلة المعروفة المنتشرة في كثير من بلدان العالم النامي، ومن بينها اليمن، مقرونة عدواه بالممارسات غير النظيفة أثناء التوليد، كاستخدام أدوات ليست نظيفة ولا معقمة أثناء قطع الحبل السري للمولود وممارسة عملية التوليد بشكل، غير سليم ونظيف، مما يؤدي إلى تلوث الحبل السري بجراثيم الكزاز المنتشرة في التراب وبراز الإنسان والحيوان وفي كل الأدوات والأشياء الملوثة بهذه الملوثات، وان لم يتضح للعيان أنها ملوثة، بل وحتى الأيادي غير النظيفة من الممكن أن تكون ملوثة ايضاً بجراثيم الكزاز، ومن ثم تنتقل هذه الجراثيم بسبب الولادة غير النظيفة إلى المولود ويمكن أن تنتقل كذلك إلى الأم، من خلال الحويصلات السامة التي تطلقها الجرثومة فتنتشر في جسم المولود لتصل إلى الجهاز العصبي مسببة له مضاعفات خطيرة للغاية.وعند إصابة المولود بالمرض لا تظهر عليه الإصابة من الوهلة الأولى، إنما يبدو بصحة جيدة من دون ظهور علامات تشير إلى انه مصاب حتى اليوم الثالث أو في الفترة الواقعة بين اليوم الثالث واليوم الثامن على الولادة.وبظهور الأعراض تحدث تشنجات في عضلات الوجه والرقبة والجسم، وترتفع درجة حرارة الجسم، ومع تدهور الحالة تتوالى نوبات من التشنج والاهتزاز وتتقلص العضلات فيصبح المولود عاجزاً عن فتح فمه وعن البكاء. كما يعجز ايضاً عن الرضاعة ويتوقف عن التنفس بصورة مفاجئة ومن ثم يموت بعد هذه السلسلة الواسعة من المعاناة.وعلى الأم ملاحظة اعراض الإصابة على وليدها والتي تتلخص في:-زيادة درجة حرارة الجسم(الحمى).-عجز المولود عن مص الثدي بسبب تشنجات عضلات الوجه والفكين.-زيادة نبضات القلب.-التعرق الشديد.تصلب جميع العضلات في الوجه والرقبة والظهر والجسم.-تشنجات في سائر الجسم.-عدم القدرة على التبول والتبرز.-تقوس الجسم.-انقباض أصابع اليد بإحكام وعدم القدرة على فكها بسهولة.-صعوبة التنفس.وإذا ما حاولت الأم تغذية المولود بالحليب وهو بهذه الصورة، فان الحليب يمكن أن يحُدث(شرغة)، فينساب إلى الرئتين مسبباً التهاباً في الجهاز التنفسي قد يؤدي إلى الوفاة.بالتالي إذا ظهرت بعض هذه الصور من المعاناة لابد من إسعاف المريض إلى المستشفى على الفور.*أين تتواجد عصيات جراثيم / مرض الكزاز؟[c1]مستودع الكزاز[/c]تتواجد عصيات مرض الكزاز في أمعاء الحيوانات والإنسان، وفيها تكون كامنة غير ضارة، وهي لا تسبب المرض والاعتلال للحيوان مطلقاً، فالإنسان المتأثر الوحيد بالمرض ومن تظهر لديه الأعراض والمضاعفات بعد تلوث جرحه بمادة ملوثة تنتشر فيها عصيات الكزاز أو إذا جرح- اساساً- بأداة حادة ملوثة(مسمار-قطعة حديد أو زجاج- شوكة) مالم يداوه ويعتني به ويتلقي الحقنة المضادة للكزاز (التيتانوس) بعد حدوث الجرح أو تلوثه مباشرة.ولا يشترط وضوح تلوث الأشياء أو المواد أو الأدوات بجراثيم المرض، وذلك ان هذه الجراثيم لا ترى بالعين المجردة قادرة على البقاء حية لمدةٍ طويلة في الظروف القاسية، مثل (ارتفاع درجة الحرارة-البرودة الشديدة-الجفاف).هذا يعني أن جراثيم الكزاز موجودة في البيئة من حولنا.. في كل مكان، ومن هنا تأتي خطورتها. إذ إنها يمكن أن تلوث جميع أنواع الجروح.ودخول جراثيم الكزاز إلى جسم الإنسان يحدث بفعل جرح أو وخزه من أداة أو شيء ملوث بالتربة أو بغبار الشارع أو براز الحيوان أو الإنسان، أو بسبب تلوث الجرح بهذه الملوثات.كما تحدث عدوى المرض عقب الولادة ووضع المولود لدى قطع الحبل السري بأداة حادة غير نظيفة وغير معقمة، أو ممارسة ذلك أثناء الختان. كذلك الأمر إذا وضعت مواد ملوثة على مكان الجرح بعد قطع الحبل السري أو الختان.[c1]الولادة النظيفة[/c]*ما الشروط الواجب توافرها للولادة النظيفة الآمنة التي تقي الأم ووليدها الإصابة بمرض الكزاز؟*من الضروري للوقاية توافر شروط ومعايير الولادة النظيفة والآمنة بتوافر كل متطلبات النظافة، كالفراش النظيف وقطع القماش النظيفة، وان تكون يدا المولدة (القابلة) نظيفة، فلا تقوم بالتوليد إلا بعد غسلهما بعناية فائقة بالماء والصابون.وعند قطع الحبل السري لا يكون إلا بأداة معقمة، كالموس الجديد، وايضاً ربطه يجب أن يكون بخيط نظيف ومعقم بغليه في الماء قبل استخدامه لمدة نصف ساعة على الأقل.واحذر من مغبة وضع أي مادة ملوثة على سرة المولود، مثل (الملح-التراب-الكحل-السمن) أو غيرها من المواد. إذ أن استخدام هذه المواد الملوثة أو الأشياء غير النظيفة يمكن أن تسبب الإصابة بالمرض، لاحتوائها على جراثيم الكزاز.ومن ناحية أخرى تأتي التطعيمات واللقاحات اللازمة ضد الكزاز لتقوم بدورها الذي يعزز ويؤكد الحماية من هذا المرض القاتل.[c1]لقاح الكزاز[/c]*ماذا عن لقاح الكزاز ومواعيد أخذ جرعاته؟ وماذا عن الآثار الجانبية المصاحبة له؟*يولد الأطفال محميين من الكزاز إذا كانت أمهاتهم -اساساً- حصلن على وقاية وحماية من المرض من خلال آخذهن للقاح الكزاز. حيث انه معطل لجراثيم المرض، سليم وفعال، ويؤدي إلى حماية تعتمد على عدد الجراعات. فإذا أخذت النساء منه خمس جرعات فمعنى هذا أنهن سيحصلن على وقاية وحماية من المرض مدى الحياة، وايضاً يولد أطفالهن محميين ضد الكزاز الوليدي لفترة وجيزة تمتد إلى شهرين- تقريباً بعد الولادة.ولقاح الكزاز عبارة عن سائل في عبوة تحوي الواحدة منها على عشر جرعات، ومقدار الجرعة الواحدة منها نصف( ملم) تسحب في حقن صغيرة، ومن ثم تحقن بها المرأة في أعلى الذراع الأيسر(العضد).ويمكن للعامل الصحي استخدام عبوة اللقاح المفتوحة لمدة شهر مادامت ضمن فترة الصلاحية، شرط أن يحافظ عليها باردة عند درجة حرارة تتراوح مابين(2-8 درجات مئوية) وايضاً بعيدة عن التلوث.إما الآثار الجانبية للقاح فهي نادرة جداً فقد تحدث حمى خفيفة في اليومين التاليين للتطعيم وفي حالات نادرة يحدث الم موضعي واحمرار خفيفين.وأعود لأؤكد بأن الجرعة الواحدة من اللقاح لا تكفي لتأمين الوقاية الكاملة من الكزاز الوليدي مدى الحياة بل يجب تحصين كل النساء في الفئة العمرية من (15 - 45 عاماً) ضد مرض الكزاز الوليدي، الجرعات الخمس منه.كما لا تعاد الجرعة أو الجرعات مطلقاً بسبب الفواصل الزمنية الطويلة بين الجرعة والأخرى، مهما طالت وتباعدت.وإذا تأخرت بعض النساء عن أخذ الجرعة، فلا يعني هذا التخلي عن بقية الجرعات، بل لابد من استكمال كل الجرعات.وما أود قوله ختاماً، أن التحصين يشمل-بلا استثناء-جميع الفتيات والنساء في عمر(15 - 45 عاماً) .. المتزوجات وغير المتزوجات، وحتى الحوامل في مختلف أشهر الحمل.فهو لا يضر بالحمل ولا يسبب مشكلة للأم أو الجنين، مؤمناً للأم حماية تستمر لحياتها كاملة إذا حصلت على جرعات اللقاح الخمس المضادة للكزاز الوليدي، وأيضاً يحمي المواليد بصورة مؤقتة حتى الشهر الثاني من العمر.