- سمعت لشيخ باكستاني وهو يقول لمراسل قناة الجزيرة: انقطع التيار الكهربائي عن منازلنا فقمت بتجميع السكان وسرنا إلى أماكن المولدات الكهربائية وقمنا بتدميرها.. هذا التصرف غير الرشيد هو السائد في المجتمعات المتخلفة بما في ذلك مجتمعنا.. ردود أفعال مدمرة تصدر كتعبير احتجاجي على مثير بسيط أو مشكلة يمكن حلها.. في حالة أولئك الباكستانيين الذين انقطعت عنهم الكهرباء ليوم أو يومين كان يمكن معالجة المشكلة في اليوم الثالث وتعود الكهرباء إليهم.. أما وقد دمروا مولدات الكهرباء ومزقوا شبكة الإمدادات فسوف يطول وقت الظلام بالنسبة لهم لأن ما دمروه يحتاج إلى وقت لإصلاحه ويحتاج إلى أموال من الخزانة العامة والتي هي أموال دافعي الضرائب وأموال عامة للمجتمع نصيب الأسد فيها مهما كثر الفاسدون.- هذا السلوك غير الرشيد ورد الفعل غير المعقول لا يزال هو السائد عندنا.. ينقطع الماء عن المنازل يومين فيذهب المحتجون لتخريب محطة المياه أو شبكة الإمداد وبذلك يقطعون المياه عنهم لأيام إضافية.. تنطفئ الكهرباء فيذهبون لضرب منشآت إنتاج الكهرباء أو توصيلها.. يريدون التظاهر احتجاجاً على رفع أسعار سلعة أو خدمة فتتحول المظاهرة إلى مهرجان عام لتخريب ونهب ممتلكات عامة.. إحراق مكتب.. قلع عمود كهرباء.. تكسير إشارات المرور.. قلع الأشجار.. وهلم جرا.. المهم أنه مجتمع يعبر عن تذمره أو الاحتجاج على بؤسه بوسائل تفضي به إلى المزيد من البؤس والبقاء في القاع.. والعجيب أنه يمضي الوقت كله في الشكوى من الفساد والفاسدين، وكأن ما يقوم به شيء آخر غير الفساد في الأرض.- والأعجب من ذلك أنه رغم أن هذا السلوك غير الرشيد له تاريخ طويل إلا أن المنظمات غير الحكومية والأحزاب وحتى وسائل الإعلام الحكومية لم تلتفت إليه ولم تصدر عنها حتى الآن أي مبادرة لتوعية الجمهور بخطورة مثل هذا السلوك غير الرشيد وغير الحضاري والتنبيه إلى أن تكاليفه تدفع من أموال الناس أنفسهم.. فضلاً عن كونه سلوكاً همجياً كان يقوم به البدائيون وسكان الغابات.إن أشكال الاحتجاجات معروفة.. وأول شروطها أن تكون سلمية.. وأن تكون بناءة.. فالناس يستطيعون ممارسة الضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم دون حاجة بهم لتخريب ممتلكاتهم.. علينا أن نتعلم من الراشدين في الغرب.. الذين يسقطون حكومات دون أن يسقط قتيل أو تقلع شجرة في الشارع.
الاحتجاج على البؤس بمزيد من البؤس
أخبار متعلقة