ودعت دولة الكويت يوم 26 يونيه 2007م الشاعر البارز يعقوب عبدالعزيز الرشيد الذي وافته المنية في الكويت عن 79 عاماً إذ انه من مواليد 9 مايو 1928. والشاعر هو ابن مؤرخ الكويت المعروف الشيخ عبدالعزيز الرشيد مؤسس مجلة الكويت.تلقى يعقوب الرشيد رحمه الله تعليمه في الكويت وانجلترا وباكستان وعمل في مجال الصحافة في أول الأمر مديرا لتحرير مجلة الكويت عام 1950 وسكرتيرا لتحرير صحيفة الشعب عام 1958 ورئيساً لتحرير مجلة الشرطة عام 1959 كما عين نائباً لمدير الإذاعة الكويتية بين عام 1952 و1953.كما عمل لفترة في التدريس منها فترة في المدرسة العربية الكويتية بباكستان إما حياته العملية الرئيسية فقد كانت في السلك الدبلوماسي فقد عمل مديرا للمراسم بوزارة الخارجية بعد الاستقلال عام 1961 ثم وزيراً مفوضاً بين 1962م و1964 ثم سفيراً بوزارة الخارجية وسفيراً في الهند عام 1964 ثم في الأردن عام 1968 ثم زائير 1970 فباكستان فتركيا ثم نقل إلى الديوان عام 1973.وتزامنت فترة عمله سفيراً في الهند مع الفترة التي عمل فيها الشاعر الكبير عمر ابوريشة سفيراً لسوريا في الهند واذكر إنني التقيت في تلك الفترة عمر ابوريشة في مكتبة بالهند إذ كنت احضر للماجستير في جامعة روركي هناك وقرأ علي قصيدته في رثاء الأخطل الصغير.وقد تكونت صداقة بين الشاعرين يعقوب الرشيد وعمر أبو ريشة الذي قال عنه: " حياته في الشعر أغنى وأكرم من شعره في الحياة لقد ولد والبسمة على شفتيه يتكلم وهو يبتسم ويبتسم وهو يتألم فلم يستطع بغير الكلمة أن يطلعك على كوامن نفسه وخوالج حسه".وعندما زرت الكويت في ديسمبر 1999 لعقد قران ابن شقيقتي يسر سلطان على ابنة الأستاذ الدكتور عبدا لله القناعي رحمة الله أقام الشاعر المعروف د. خليفة الوقيان لي حفلة باذخة دعا إليها عددا كبيراً من الشعراء والأدباء المعروفين في الكويت ثم دعاني إلى لقائهم في المساء في مقر رابطة الأدباء الكويتيين وتعرفت ضمن من تعرفت عليهم من الأدباء، الذين كنت قبل ذلك عرفتهم من خلال كتاباتهم فقط، الشاعر المبدع يعقوب الرشيد الذي لم تبرح الابتسامة الرقيقة وجهه طوال الوقت تماما كما لاحظ ابوريشة. وقد أدركت منذ الوهلة الأولى بأنني إزاء رجل تملؤه المحبة والطيبة واللطف والتواضع وكنت ظننته اصغر في العمر من الواقع لذلك السبب وقد أهداني ديوانه " رفيف الجراح " هو ديوان كتب مقدمته الشاعر اللبناني المعروف جورج شكور والذي جمعتنا وإياه أيام في الخرطوم عام 2005م بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية مع الشعراء حيدر محمود وهدى الميثاتي ومبارك حسن خليفة وآخرين يقول جورج شكور:"قرأت الديوان بشغف كلمة كلمة بل حرفاً حرفاً فكانت الكلمات ترفرف أمامي كما رفوف الحساسين في الربيع إذ تغمس اجنحتها في فيروز السماء..والسفير الرشيد في السياسة سفير وفي الحب أمير ماكف يوماً من الحب والغزل.."لنستمع إليه يقول في قصيدة " رفيف الجراح".[c1]أدعوتني للحب في عرس المنـــــى والعمر يوغل في ظلام عثاري؟واللهفة الكبرى يغالبها الاســـــى ماعاد لي شمسي ولا أقمـــاريورفيف جرحى نـــــــازف متكــــبر يأبى الخنوع ليختفي بستـــــارهذا حفيف الشوق في ظلم الضنى هل بعد لي عزف على أوتـــاريمذبات قيثاري ربيب عـناكـــــــــب وبدا ضمور الدفق في انـهـاريردي الى من اللـيـالي دفئهـــــــــــــــا حتى أوارى سورة الاكــــــدارواصوغ في دنيا الهيــــــام قصيدة تشدو لفجر الحب كالأطـــيار[/c]وقد حصل الشاعر على العديد من الأوسمة والجوائز منها وسام الكوكب من الدرجة الثانية ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى من الأردن وجائزة جمعية الصحفيين الكويتيين وشهادة تقدير وزارة التربية وكرم من قبل المنتدى الادبي بعالية بلبنان وحصل عام 2006م على جائزة المجلس الوطني التقديرية التي نالها ايضاً الشاعر الكويتي المعروف علي السبتي.وقد اعاد يعقوب الرشيد مجلة الكويت التي كان قد اصدرها والده كما اعاد طباعة كتاب لوالده. وليعقوب عدة دواوين منها " سواقي الحب" 1974 ودروب العمر 1980 ورفيف الجراح 1997 وبعض قصائدة مقررة في المناهج الكويتية وهو يكتب الشعر البيتي ولكن ايضا بعض الشعر التفعيلي الشكل مثل قصيدته آه ياليت "التي منها:[c1]عيناك بحيرة أسرار حلوةتسبح فيها أحلامياعزف فيها أنغاميويمر القلب بشاطئهايسأل عنه سر الطغيانفي الأرضوفي عالمنا الحيرانفيقول الشاطئ:لا ادري..[/c]وفي آخر عام 2005 تلقيت دعوة كريمة من الكويت من خلال الصديق الكريم وليد المتروك مدير مكتب الكويت الإعلامي بدبي لزيارة الكويت وخصوصاً مؤسساتها الثقافية فحضرت مهرجان القرين وزرت مجلة الكويت ومجلة العربي ومؤسسة البابطين وذلك الصرح الحضاري العظيم مجلس الأمة الذي حضرت إحدى جلساته وزرت بعض المعالم الثقافية الأخرى وكان آخرها مقر رابطة الأدباء الكويتيين الذي رتب لي أحياء أمسية شعرية حضرتها نخبة من الشعراء والأدباء فهم د. خليفة الوقيان والشاعر الصحفي علي السبتي والشاعرة الناقدة نجمة إدريس وآخرون لعل أبرزهم كان صاحب الوجه المبتسم الودود الشاعر الدبلوماسي يعقوب الرشيد الذي تبادل معي العناوين واخبرني انه يفكر في زيارة دبي وسوف يتصل بي لذلك، وكان ذلك آخر عهدي به رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
|
ثقافة
الشاعر المبتسم يعقوب عبدالعزيز الرشيد- في ذمة الله
أخبار متعلقة