شخصيات خالدة
هارون الرشيد ابن محمّد المهدي ابن المنصور العباسي، أبو جعفر، خامس خلفاء الدّولة العباسية في العراق وأشهرهم.يُعتَبر هارون الرّشيد ألمع إسمٍ لا في تاريخ الخلافة فحسب، بل في تاريخ الدّولة الإسلامية في العصور الوُسطى، ذلك أنّه الإسم الذي يرتبط بعظمة الدّولة واتّساع مساحتها وازدياد ثروتها، واتّساع نشاطها في ميادين السّلم والحرب وهو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجبا على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.ولد هارون في 148 هجرياً ، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان. نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفياء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (781م) على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه أبو محمد موسى الهاديولاّهُ أبوه غزو الرّوم في القسطنطينية، فصالحته الملكة إيريني وافتدت مملكتها بسبعين ألف دينارٍ تبعث بها إلى خزينة الخليفة في كلّ عامٍ.تولّى الخلافة بعد اغتيال أخيه الهادي واستمرّ إلى سنة809م، فقام بأعبائها، وازدهرت الدولة في أيّامه. واتصلت المودّة بينه وبين ملك فرنسا كارلوس الكبير المُلقّب بشارلمان، فكانا يتهاديان التّحف.كان الرّشيد عالمًا بالأدب وأخبار العرب، فَصيحًا، له شعر وله محاضرات مع علماء عصره. وكان يُحسنُ معاملتهم. وقد اجتمع على بابه العُلماء والشّعراء والفُقهاء والقرّاء والقُضاة والكتّاب والنّدماء والمغنّون ، وكان حازمًا، كريمًا، متواضعًا، لم يُرَ خليفةٌ أجود منه ، وهو أوّل خليفة لُقّبَ بالكرة والصّولجان.لُقّب هارون الرّشيد بجبّار بني العبّاس، فكان كثير الغزوات، يحجّ سنة ويغزو سنة، وكان شجاعًا.اقترن إسم الرّشيد بنكبة البرامكة، وهُم من أصلٍ فارسيٍ، وكانوا قد استولوا على شؤون الدّولة، فقلق من تحكّمهم، فأوقع بهم في ليلةٍ واحدةٍ. وقيل إنّه أراد أن يصل بين البحر الأحمر والبحر المتوسّط.