ابن خلدون
انطلقت احتفاليات الذكرى المئوية السادسة لوفاة العلامة ابن خلدون في تونس، بندوة دولية ضمت تسعين باحثاً، وتستمر الأنشطة التي ستصل إلى 540 تظاهرة على مدار السنة، في المدن التونسية، كما تنتقل إلى فرنسا واسبانيا، وتشمل معارض الكتب والمخطوطات، التي تم جمعها خصيصاً لهذه الغاية والإصدارات الجديدة. ولعل الأكثر اثارة هي المسرحية التي يحضر لها المخرج عز الدين المدني، لتفتتح عروض "مهرجان قرطاج" المقبل. وهي عمل ضخم يرصد حياة ابن خلدون، ومرحلته التونسية بشكل خاص، ومغامراته المليئة بالدسائس. وبالمناسبة عاد الاهتمام ببيت ابن خلدون الذي ولد فيه، وما يزال قائماً في تونس العاصمة، وكذلك الكتّاب الذي كان يتردد عليه. كيف بدأت الاحتفالات؟ وكيف يبدو بيت ابن خلدون الذي يستقبل محبيه أكثر من أي وقت مضى. ستمائة سنة مرت على وفاة مؤسس علم العمران البشرى، العلاّمة أبي الوليد عبد الرحمن ابن خلدون، العبقرية التي أهدانا إيّاها القرن الرابع عشر الميلادي، وأهملتها القرون التالية. وكان لا بدّ من انتظار القرن الثامن عشر ليبعث ابن خلدون من جديد، ولتحدث المفاجأة في الأوساط العلمية الأوروبية بترجمة "المقدمة" إلى الفرنسية اولا، ثم الى الإنجليزية جزئياً، مطلع القرن العشرين، وإلى الألمانية أوائل ثلاثينات القرن الماضي، إلى أن نشرت بشكل كامل سنة 1958 في بريطانيا. وكانت المقدمة قد حظيت بدراسات عالمية للتعريف بها قبل هذا التاريخ، ثم توالت طبعاتها التي كان آخرها سنة 2006، مشمولة بتعليقات، منها ما قاله المؤرخ وعالم الاجتماع أرنولد توينبي، من أن مقدمة ابن خلدون "أعظم مؤلف من نوعه، لم يقم بإنجازه أي عقل من قبل في أي زمان ومكان".