قصة قصيرة
عبدالإله سلام :مريم فتاة صغيرة قاصر.. جاءت إلى المستشفى تشكو التهابات في ساقها.. قرر لها الطبيب الرقود في المستشفى.. طال رقودها.. لها الآن ما يقارب الشهر.. مريم ابنة وحيدة.. ليس لها من يساعدها ولم يأت أحد لزيارتها.. تزوجت بهذا السن بعد أن فرض عليها أبوها الزواج من رجل أكبر منها سناً يقارب الأربعين سنة وهي لا تتعدى الثانية عشرة.. دخلت المستشفى ولم يأت زوجها لزيارتها أو أحد من أقاربها.. مريم لا تزال عذراء. تركها أبوها تصارع الحياة.. توفى والدها بعد أن تزوج من امرأة مرة ثانية قريبة من سنها.. أمها لا تعرفها فلقد توفيت وهي في الخامسة من عمرها.. في المستشفى عاشت بين تلك الجدران.. عرفت كثيراً من الممرضات وأصبحت صديقة لهن وللمرض. بعد زفافها طلبت من زوجها أن يأتي بأرملة أبيها للعيش معها فلقد ربتها.. وهي بمثابة أم لها.. وافق الزوج. ولكن مرضها شغلها عن متابعة حياة زوجها.. الذي غاب عنها ولم تعلم شيئاً عنه.. تركها في المستشفى تعاني الأمرين قالت يوماً لإحدى الممرضات : أن في نفسي شيء يعذبني ولا أستطيع البوح به أبداً. قالت لها الممرضة : قولي لي أنا أحفظه.قالت : أجد زوجي سعيداً عندما يجلس بجانب أرملة أبي أكثر مما أجلس أنا.قلت لها : أتركي هذا.. فأنتِ الآن مريضة وسوف تشفين بعد أيام وتخرجين للحياة.. وهذه تعتبر مثل أمك تماماً.. تركت مريم تلك الخواطر.. وراحت تهتم بصحتها.. لكن النفس زادتها اكتئاباً.. فلقد زادت عندها الخواطر لا تدري ما تقول لهذه الخواطر والهواجس.. في أحد الأيام زارها قريب لها علم أنها ترقد في المستشفى. قال لها أن أرملة أبيك قد اهتمت بزوجك.. وهما الآن لا يفترقان أبداً إذا لم يجدها في البيت.. بحث عنها عند الجيران.. وقد اتفقا على الزواج.. جن جنون مريم ونزلت عليها صاعقة.. أحست أن زوجها قد أفل منها ولن تجده بعد الآن أبداً ظل شغلها علمت اليوم أنه سيتم زفاف زوجك لأرملة أبيك.. لم تقدر مريم إلا على البكاء.. قالت في نفسها الموت أفضل شيء.. سأموت.. حاولت الانتحار ولم تفلح.. لكن فكرت بالعقاب الشديد.. بعد الزفاف.. حاول الزوج زيارة مريم فلقد أحس بالذنب.. لقد اعترف بذنبه لكن زوجة أبيها منعته من الزيارة. هددته بالانتحار.تذكرت مريم يوم زفافها.. وتلك الزغاريد والنسوة اللاتي كن يحملن الحناء وملابسها إلى بيت زوجها.. كانت تسمع طلقات الرصاص في الهواء.. وهي فرحانة لا تعلم شيئاً مما يدور من حولها.. تذكرت أمها التي لا تعرفها إلا خيالاً.. وأبوها الذي تزوج من امرأة صغيرة السن وغادر الحياة.. كانت الدمعة تذرف منها.. وهي على سرير المستشفى لا تستطيع عمل شيء.في أحد الأيام نادت إحدى الممرضات.. قالت لها : أريد أن أزور زوجي قالوا إنه مريض فحملتها.. غادرت مريم المستشفى.. لزيارة زوجها.. لكن القدر كان أسرع.. فلقد دست الزوجة الأرملة السم له بالطعام عندما سمعت بزيارته لمريم.. ومات على أثرها.. قررت مريم أن تموت بجانبه لكن القدر لم يرد لها.. مات الزوج وبقيت الزوجة الأرملة ماذا تعمل زادت الغيرة على مريم.. الذي أقدم على زيارتها اليوم الأول.. وحتى لا يتضح أمرها رمت بنفسها في إحدى آبار القرية. سمعت مريم بالخبر. عادت مريم إلى المستشفى للعلاج أكملت مريم علاجها.. وزال الألم من ساقها حيث أصبحت ممرضة ماهرة.. يحبها الكثير من المرضى تزوجت وتركت الماضي.. لتعيش حياة جديدة.