أفكار
بات مصطلح الحوار بين الأديان والثقافات متداولا في الإعلام بكثرة هذه الأيام, وحل تدريجيا محل مصطلح الصراع والصدام بين الأديان والحضارات, وانتقل الحديث عن الحوار والتعايش من المستوى الوطني الي المستوى الأممي, بحيث بات المصطلح مطروحا علي الصعيد الدولي.فقد عانت البشرية عبر تاريخها الطويل من صراعات الأديان والمعتقدات, وفي مراحل تالية من الصراعات الطائفية التي شهدت مجازر وعمليات إبادة واسعة النطاق في أنحاء مختلفة من العالم، وفي السنوات الأخيرة بدأت ملامح الصراع بين الأديان والحضارات مع المراحل الأخيرة من عمر الحرب الباردة، حيث سعى اليمين الأمريكي المحافظ إلي البحث عن عدو جديد بعد تراجع ثم انهيار الاتحاد السوفيتي، ووجدوا العدو في الأصولية الإسلاميةوجاءت اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر2001 في الولايات المتحدة لتقدم لهذا التيار فرصة نموذجية يمكن استثمارها للدفع باتجاه صدام الحضارات وصراعها،بل وصدام الأديان وكانت النتيجة المترتبة علي ذلك صراعا وحروبا في مناطق، توترات داخل دول متعددة الأعراق والأديان، رغبات محمومة في الصراع, مع تأصيل نظري لأصول الصراع وضروراته، ووسط هذه الأجواء المحمومة، بدأت أصوات رشيدة تتحدث عن ضرورة التوافق والتعايش بين الحضارات والأديان، وأن طريق الصدام لن يقود سوى الى الفناء وبدأت الأصوات تتعالى مطالبة بالحوار، الاحترام المتبادل التعايش, وقد أخذت اسبانيا ودول عربية زمام المبادرة في الدعوة إلى الحوار والتعايش ومحاربة التطرف والغلو والإرهاب بصرف النظر عن مصدره، وتم في هذا السياق عقد عدة مؤتمرات وصولا الى المؤتمر الضخم الذي عقد في إسبانيا بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقد تطورت الفكرة ووصلت الي المستوى الأممي من خلال الاجتماع الذي سيعقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الحوار بين الأديان والثقافات والذي جاء بدعوى من العاهل السعودي.في تقديري أن عقد مثل هذا المؤتمر يمثل بداية مرحلة جديدة يسود فيها الحديث عن التعايش والحوار بدلا من الصراع والصدام، وهو أمر ينبغي الحفاظ عليه وتطويره لمصلحة البشرية جمعاء، وليس إتباع حضارة أو دين معين، فالتعايش مصلحة للجميع في إطار من الاحترام المتبادل للأديان والثقافات والحضارات وأيضا المقدسات.*عن صحيفة «الأهرام» المصرية