اليمن وإمكانية قيام السوق المالية
[c1]* معيارالشفافية المالية والإدارية مطلب أساسي لقيام السوق..وتطور التشريعات اليمنية وانسجامها حافز كبير لإنشائها[/c]عبد الله بخاشتلعب الأسواق المالية دوراً بالغ الأهمية في عملية جذب وتنمية المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمار ويسمح وجود سوق نظامي للأوراق المالية ( البورصة ) بزيادة القدرة على حشد المدخرات التي تحتاجها الاستثمارات وتوسيع الملكية في المجتمع ، فتتزايد أهمية هذه السوق في الوقت الحاضر في ضوء التطورات الهائلة في ميادين الاتصالات والمعلومات مما أدت إلى زيادة التكامل والاندماج بين السوق كما هو معروف تأريخياً بأنه المكان الذي يلتقي فيه طرفا العرض والطلب في وقت محدوديتهم فيه عملية تبادل احتياجات الطرفين من السلع والخدمات سواء بالمقايضة أو بيعاً وشراءَ، كما ارتبطت تسمية السوق المالية بمصطلح (البورصة) التي ظهرت في القرن السادس نسبة إلى أحد كبار التجار في مدينة ( بروج ) في بلجيكا وأسمه (فان دي بروج) الذي كان يملك قصراً في مدينة بروج يلتقي فيه كبار التجار لممارسة العديد من الصفقات التجارية ، وقد أجريت دراسة مشتركة بين المؤسسات العربية لضمان ، الاستثمار وسوق عمان المالي تناولت الدور التنموي لسوق الأوراق المالية (البورصة) وعرفتها بأنها السوق التي يتم فيها التعامل بالأوراق المالية بيعاً وشراءً بحيث تشكل إحدى القنوات الرئيسية التي ينساب المال فيها من الأفراد والمؤسسات والقطاعات التنموية بما يساعد على تنمية الادخار وتشجيع الاستثمار من أجل مصلحة الاقتصاد .وتعتبر الأوراق المالية عصب الحياة للأسواق المالية باعتبارها السلعة الرئيسية المتداولة في أسواق رأس المال وتلعب الأوراق المالية دوراً هاماً في توفير المال اللازم للشركات العامة والخاصةو تعتبر سوق الأسهم في السعودية أكبر سوق مالية في الدول العربية حيث بلغت القيمة السوقية في نهاية 1996م حوالي (46) بليون دولار من إجمالي القيمة السوقية المالية العربية البالغة نحو (108) بليون دولار وتأتي بعدها الكويت بنحو (21) بليون دولار وبعدها مصر بحوالي (14) بليون دولار وفي بلادنا كانت دراسة نفذت بدعم من صندوق النقد العربي والبنك الدولي بهذا الشأن رشحت خمس شركات حكومية وخاصة قطاعات الأسمنت والأدوية والمواد الغذائية والاتصالات كنواة أولية للسوق.[c1]المزايا والفوائد[/c]وأن لتحقيق عملية تنمية وتطوير السوق المالية ، ولقيام سوق نظامية للأوراق المالية عدد كبير وهام من المزايا والفوائد الاقتصادية لليمن لعل أهمها :تشجيع وتعزيز مستوى ومعدل عملية الادخار والاستثمار في الاقتصاد اليمني بدلا من لجوئها إلى التمويل التضخمي ، وتوسيع وتعميق النظام المالي وإدماج الوساطة المالية التقليدية بالنظام الرسمي ، وتمثل السوق عاملاً هاماً لنجاح برنامج الخصخصة في الاقتصاد اليمني وكما تعمل على خلق شعور بالطمأنينة لدى المستثمرين المحليين والأجانب في مصداقية توجه الدولة وجديتها في الأخذ بنظام السوق لكي يحسن المناخ الاستثماري العام ويحفز عملية تدفق رؤوس الأموال الخارجية الخاصة وعودة رؤوس الأموال اليمنية المهاجرة وأيضاً الاستفادة من الفرص والابتكارات والتطورات في السوق المالية الدولية وما يصاحبها من ظهور وخلق أدوات مالية واستثمارية بصورة مستمرة والمساهمة في زيادة فعالية السياسة النقدية والمالية ورفع كفاءتها في تحقيق أهدافها ورفع الوعي الادخاري والاستثماري في المجتمع اليمني.[c1]مقومات ضرورية[/c]ولقيام سوق مالية في اقتصادنا ، يؤكد خبراء الاقتصاد على ضرورة وأهمية توافر مجموعة من الشروط والمقومات لإنشاء السوق ولعل أهم هذه الشروط والمقومات تلك التي يحددها داوود عثمان أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ومنها :اقتصاد وطني يتميز بالنمو المتواصل والمرتفع واستقرار في بيئة الاقتصاد الكلي والبيئة السياسية وكذلك سياسات حكومية تشجع القطاعات الخاصة والاستثمار الخاص وأيضاًً بنية أساسية هيكلية تنظيمية ومحاسبية وإدارية وإشرافية متطورة ، وقطاع أعمال متطور ومنظم وانتشار الشركات المساهمة ووجود عدد كافي من المستثمرين لضمان كفاية الطلب على الأوراق المالية، وتطور خدمات إدارية للاستثمار والمحافظ الاستثمارية والاستشارات المالية وتحليل السوق والمخاطر ومنها أيضاً إطار قانوني وتشريعي ومؤسسي يضمن التعامل العادل وحقوق ومصالح المتعاملين والإفصاح الدقيق عن المعلومات وشفافيتها لتشجيع المنافسة وخلال هذه الفترة فقد توفرت العديد من المقومات إلى حد كبير أولها استعادة قدرة الاقتصاد اليمني على النمو وتحقيق معدلات مرتفعة منه بعد عدة سنوات من التراجع والتدهور في الأداء الاقتصادي ومن ناحية أخرى تحقق خلال السنوات الأخيرة بعد تطبيق برنامج الإصلاح قدرة كبيرة من الاستقرار على المسستوى الكلي وفي الوقت الحاضر تتبنى الحكومة إستراتيجية للتنمية تعتمد على القطاع الخاص وتشجيع المستثمرين والاستثمارات الخاصة وزيادتها وزيادة دورها في الاقتصاد القومي وأيضاً قيامها بتنفيذ برنامج الخصخصة يهدف إلى نقل العديد من المشروعات العامة إلى القطاع الخاص إدخال النظام الديمقراطي والتعددية السياسية ومن المتوقع أن يزداد تحسن البيئة السياسية والاستقرار السياسي في المستقبل مع ترسيخ التجربة وتراكم خبرة الممارسة الديمقراطية ومع ذلك لا يكفي ما تحقق في هذه المقومات لقيام السوق فهناك حاجة إلى تطوير قطاع الأعمال المنظم وتشجيع شركات المساهمة في اليمن على طرح أسهمها للاكتتاب العام وتشجيع مؤسسات الادخار التعاقدي وشركات التأمين وصناديق المعاشات على المشاركة في السوق وكذلك هناك حاجة إلى تشجيع إنشاء المؤسسات المتخصصة في ترويج الإصدارات وتقديم الخدمات والاستشارات المالية وإدارة المحافظ الاستثمارية وغيرها ويقول الدكتور/ علي البحر يجب أن تكون الشركات ذات ملكية عامة أو مساهمة واعتبر الشركات المساهمة تجربة محدودة جداً ويمكن أن نستثني منها تجربة البنك اليمني للإنشاء والتعمير باعتبارها شركة مساهمة رائدة وكذلك البنك الأهلي التجاري في عدن ، ويمن موبايل .[c1]الشفافية مطلوبة[/c]ويؤكد الدكتور/ البحر في هذا الصدد على أمر غاية في الأهمية هو ضرورة وجود معايير خاصة وأهمها معيار الشفافية على اعتبار أن موضوع تداول الأسهم في سوق الأوراق المالية يتطلب شفافية واضحة بشأن نشاط الشركات ورأس مالها وحجم مبيعاتها وأرباحها السنوية وتقديراتها المستقبلية وهو ما يتعارض مع واقعنا حيث أن شركات الأشخاص ذات الطابع الأسري في ازدياد وأسهمها لا تتداول ، أما عن الشركات التي يمكن تداول أسهمها في سوق الأوراق المالية فهي متعددة المجالات كالبنوك وشركات التأمين وشركات الإقراض العقاري وشركات الأدوية وشركات الأغذية وشركات التقنية الحديثة و غيرها، ويخلص الدكتور / البحر إلى القول بأن لفظ ما يسمى بالشفافية المالية والإدارية يتمحور في مجموعة من البيانات والمعلومات المالية ، التي تعكس الوضع المالي لشركة ما والتي تنوي الدخول في سوق الأوراق المالية ، ولا تقتصر مسألة الشفافية على تلك الشركات أو المؤسسات وإنما تنعكس أيضاً على شفافية الموازنة العامة للدولة وأوجه استخدامها ومصادر إيراداتها وغيرها من البيانات المرتبطة بها .[c1]اهتمام متأخر[/c]وعن تأخر إنشاء سوق أوراق مالية في بلادنا يقول الدكتور / علي الحاوري في دراسة علمية له حول إنشاء سوق الأوراق المالية :يبدوا أن اهتمامنا في إنشاء سوق الأوراق المالية في بلادنا قد جاء متأخراً نسبياً الأمر الذي فوت على اقتصاد بلادنا إمكانية الاستفادة من فرصة النمو السريع لرفع القدرة الاستيعابية لتوظيف المدخرات الوطنية توظيفاً رشيداً خلال الفترات السابقة وأن تأخير إنشاء سوق الأوراق المالية في بلادنا يمكن يعطيه متميزة واحدة فقط هي الاستفادة من تجارب كل الدول التي سبقتنا في هذا المضمار وتلافي السلبيات وإنشاء سوق الأوراق المالية يلبي حاجيتنا وطموحاتنا الوطنية ويستوعب التطورات الاقتصادية والتوجه الجديد للسياسة الاقتصادية الحرة ويعمل على تنمية الادخار وتوجيهها نحو الاستثمارات ، لذا لا بد من توفر الانسجام الكامل في التشريعات المختلفة التي لها علاقة وارتباط بإنشاء السوق المالية ونشاطاتها والتي يمكن أن تحفز وتلعب دور أساسي في قيامها أو توفر لها المناخ الملائم لنشاطها وتفاعلها مع الاقتصاد الوطني .[c1]الطلب والعرض[/c]مشكلة أخرى يطرحها المراقبون الاقتصاديون بهذا الصدد ضمن قوائم التحدي وهي مسألة العرض والطلب على الأوراق المالية في اليمن والتي تتصف بالضيق والمحدودية نتيجة ثلاثة أسباب أساسية ذكرها الباحث نبيل العلفي في دراسة بعنوان (متطلبات إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن) تأتي البنية الهيكلية للمؤسسات الاقتصادية في مقدمتها أولاً إذ أن غالبية المؤسسات القائمة تعتبر شركات عائلية مغلقة أو شركات ومؤسسات حكومية وثانياً الصعوبات المرافقة لعمليات تأسيس الشركات المساهمة من حيث الإجراءات الإدارية والقانونية المعقدة من جهة ومن جهة أخرى افتقادها لعنصر الحوافز المشجعة لها والكفيلة بزيادة عددها ونموها إلى ثقة جموع المستثمرين وصغار المدخرين وثالثاً الغياب الكامل لأوراق وأدوات الدين الخاصة القابلة للتداول.لكن على الرغم من ذلك فإن التطورات التي تشهدها البيئة الاقتصادية والاستثمارية في اليمن ـ بحسب الباحث العلفي ـ تشير إلى وجود إمكانيات للعرض من الأوراق المالية بما يمكن من إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن ، وتستند هذه التقديرات على عدة عوامل تتمثل في طرح شركات ومؤسسات عامة للخصخصة والتي يتوقع أن تشكل أسهمها النصيب الأكبر من الأوراق المالية المتداولة في السوق حيث يتوقع أن تطرح الحكومة ما يقارب عشر شركات ومؤسسات للخصخصة ، ثم التوسع المحتمل في نشاط القطاع الخاص الناتج عن انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي وتبنيها لفلسفة اقتصادية تشجع وتدعم القطاع الخاص في طرح أسهم بعض شركاتهم للاكتتاب العام رغبة منهم في تعزيز دورهم الاقتصادي ، فضلاً عن توجه الدولة في ضوء تجربة أذونات الخزانة نحو توسيع نطاق إصداراتها وفتراتها وتوجهها نحو توفير المزايا والإعفاءات المشجعة للمستثمرين لإنشاء الشركات المساهمة.