اليونسكو تعلن رسمياً الأغنية الصنعانية ضمن التراث الإنساني العالمي
صنعاء / سبأ:أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) رسميا الأغنية الصنعانية ضمن التراث الانساني الشفهي العالمي وغير الملموس وادخلتها ضمن مجالاتها الرائدة في هذا القطاع.وقال مديرعام اليونسكو كويشيرو ماتسورا إن هذا الإعلان يأتي في إطار اهتمام المنظمة بالمحافظة على التراث غير المادي عبر العالم أجمع وحمايته نظراً للتهديدات التي يواجهها في ظل أساليب العيش المعاصرة ومسيرة العولمة.من جهته أوضح الدكتور محمد عبد الباري القدسي أمين عام اللجنة الوطنية اليمنية للتربية والثقافة والعلوم في تصريح لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) أن الإعلان الذي جاء بناءا على طلب مندوب الجمهورية اليمنية في اليونسكو ومتابعة من الجهات ذات العلاقة , يهدف إلى وضع استراتيجية طويلة المدى من اجل حماية تراث الأغاني الصنعانية , ويشمل التسجيل الصوتي والمرئي والتوثيق في سجلات وطنية وتدريب الكوادر على الإلمام بهذه المهارات .وأشار القدسي إلى أن الحكومة اليابانية وافقت على مشروع خطة العمل للحفاظ على الأغاني الصنعانية ضمن برنامج تعاونها مع اليونسكو للعامين 2006- 2007م.ولفت إلى أن المشروع يهدف إلى التوعية بالمعرفة والمهارات الخاصة بالأغاني الصنعانية التقليدية ونشرها وترويجها والحفاظ على الآلات المصاحبة لها مثل " العود ،الصحن النحاسي ، القنبوس (أي ألة العود القديمة) ", لافتا إلى أن المشروع سينفذ بإشراف مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة واللجنة الوطنية اليمنية لليونسكو والمركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية وجامعة صنعاء وأمانة العاصمة ومركز التراث الموسيقي اليمني .ونوه امين عام اللجنة الوطنية لليونسكو إلى أن مهمة إدارة المشروع أوكلت إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية.ويأتي تصنيف الغناء الصنعاني كأحد روائع التراث الإنساني الشفهي العالمي لامتلاكه عدة مميزات جعلته متفرداً عن الألوان الغنائية اليمنية وكذلك العربية والعالمية حيث يتفرد الغناء الصنعاني بعدة مميزات تقنية وجمالية وإيقاعية إضافة إلى تميز كلماته وشعره الحميني الرقيق ، وارتكازه على آلتين مميزتين لا تستخدمان في أي نوع من أنواع الغناء، تنسجمان وتتجانسان مع الكلمات والعزف والصوت المميز، وهاتان الآلتان هما العود والصحن ,لأمر الذي جعل هذا اللون الغنائي اليمني محط أعجاب واسع ليس في اليمن فحسب وانما في المنطقة العربية بشكل عام وكذا محط اهتمام ودراسة الكثير من المعنيين بالبحث عن كنوز التراث الإنساني العالمي الشفهي.ويرى المهتمون أن هذا الاعتراف من قبل المنظمة العالمية بهذا التراث العريق سيعطي دفعة قوية للحفاظ عليه وتسويقه إلى شعوب العالم، كما أنه يعكس التقدير الذي يحظى به التراث اليمني ببعده الإنساني العظيم. وظل الغناء الصنعاني رغم الغزو الثقافي والموسيقي المواكب للعولمة بكل أشكالها محتفظا بأصالته ورونقه الخاص إلا أن ذلك لا يعني إنه سيظل محصن وهو ما يقتضي حمايته والمحافظة عليه بما له من خصوصيات في العزف وأساليب الأداء الصوتي بالتسجيل الصوتي والمرئي والتوثيق التاريخي والاجتماعي، وجمع الآلات بشكل علمي ومهني حسب مقاييس دولية.وكانت الندوة التي نظمتها وزراة الثقافة والسياحة في إطار فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية عن " فن الغناء الصنعاني... جذور وآفاق" ،أكدت على أهمية الخروج بهذا اللون إلى مساحات أوسع وبتوزيع موسيقي حديث, خاصة أن كل مخرجات هذا اللون من الأغاني ظل أسير قوالب وأشكال لم تجدد منذ قرون.وأصدرت منظمة اليونسكو اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي التي اعتمدها مؤتمر اليونسكو في أكتوبر 2003، وصادقت عليها 30 دولة حتى الآن مما سيسمح بدخولها حيز النفاذ في 20 أبريل 2006 .. ومن المتوقع أن تصادق عليها اليمن قريبا بعد أن أحالها مجلس الوزراء إلى الجهات المختصة لاستكمال إجراءات الانضمام لهذه الاتفاقية الدولية. وتهدف هذه الاتفاقية إلى صون التقاليد وأشكال التعبير الشفهي وفنون المشاهدة، والممارسات الاجتماعية، والطقوس والتظاهرات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، فضلاً عن المهارات المرتبطة بالصناعات الحرفيةالتقليدية. وتنص الاتفاقية على إعداد قائمتين , قائمة تمثل التراث الثقافي غير المادي للإنسانية , وقائمة للتراث الثقافي غير المادي الذي يستدعي أعمال صون ملحة.كما أنها تقضي بإنشاء صندوق لصون لهذا التراث تتوفر موارده عن طريق مساهمات الدول الأطراف ومصادر أخرى.ويواجه التراث الثقافي غير المادي في جميع أنحاء العالم تهديدات متزايدة بالتلف وفي كثير من الأحيان بالاندثار، ويعول الكثيرون على هذه الاتفاقية في حماية هذا التراث بعد دخولها حيز النفاذ، خصوصا بعد أن التزمت اليونسكو منذ عام 2001 م بتنفيذ أنشطة على الأمد القصير لحماية التراث الإنساني الشفهي .وقد إصدرت المنظمة ثلاثة إعلانات لروائع التراث الشفهي وغير المادي للإنسانية (2001، 2003 و2005) تحدد 90 رائعة من 107 بلدان منها الإنشاد الديني اليمني، واستفادت 27 دولة من تلك البلدان حتى الآن من دعم اليونسكو لإطلاق خطط عمل لصون الروائع.هذا في حين يرفض الفنان اليمني الكبير محمد مرشد ناجي (المرشدي) تسمية الاغنية الصنعانية ويرى أنها موشح يمني له أهميته وخصائصه المتميزة في الموسيقى ، مشيرا إلى أن تسمية أغنية يجعل هذا اللون كأي لون غنائي عادي لكن الموشح له صفة فنية خاصة تعطيه قيمة عند علماء الموسيقى والهيئات العلمية العربية والدولية المهتمة بالتراث.واعتبر المرشدي تجربته مع الموشح الصنعاني بأنها تكتسب اهمية خاصة في مسيرته الفنية الطويلة التي تجاوزت نصف قرن ، منوها إلى أن هذا الاعتراف العالمي يعطي امتياز خاص لهذا اللون المميز، الذي يمتد جذوره إلى العصر العباسي.ويراهن الفنان محمد مرشد ناجي على المستقبل الكبير الذي ينتظر هذا الفن اليمني ، لافتا إلى انه سيظل مزدهرا ويحمل طابعا خاصا به مهما تكاثرت الألوان الحديثة من الفنون.يذكر أن الأستاذ المرشدي له اهتمامات خاصة بالموشح وقدم ابحاث في هذا المجال كان آخرها الندوة الإقليمية حول الموشح في البحرين عام 2002م التي كشف فيها أن أصل الموشح من اليمن وأثار ذلك جدلا واسعا في الوسط الغنائي العربي .