النموذج الأمريكي في الإصلاح يهدف لإضعاف الأنظمة العربية
نهر النيل في أبهى حالاته في القاهرة
القاهرة/14أكتوبر/وكالة الصحافة العربية:حذر تقرير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في مصر من تراجع مؤشرات التنمية في المجتمع المصري والتي تفتقر إلى أبسط الخدمات الضرورية التي تكفل حقوق الإنسان مع ضرورة توزيعها بشكل عادل ، لأن هذا من شأنه خلق حالة من الاحتقان والتوتر والدخول في حالة من عدم الاستقرار.وأشار التقرير إلى أن طريق مصر نحو الديمقراطية العادلة والعمل بنظام ديمقراطي يتطلب وجود أحزاب فعالة ومشاركة في الحياة السياسية ووجود نظام انتخابي حر وشفاف وتمثيل عادل لمختلف فئات المجتمع وصحافة حرة تلتزم بميثاق الشرف الصحفي تطبقه نقابة مستقلة وقوية وأيضا احترام حقوق الإنسان المصري.وطالب المركز في تقريره الذي جاء تحت عنوان (مصر والنظام العالمي الجديد ) بأن تلتفت مصر إلى تطوير وتوثيق علاقتها بالدول الكبرى ، مشيرا إلى الاتحاد الأوروبي والصين واليابان وروسيا ، خاصة أن الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر مصدر للمعونة الأجنبية لمصر بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بلغت معونة الاتحاد الأوروبي لمصر عام 2005م 5.391 مليون دولار أما الصين واليابان فتعتبر مصر من أكبر الدول العربية المتلقية للمساعدات اليابانية سواء في شكل منح أو قروض وبالنسبة لروسيا نظرا لخبراتها العسكرية والزراعية المتطورة ، فقد أمدت مصر بحوالي 73 % من احتياجاتها من القمح عام 2005 ، مؤكداً أن شراكة مصر القوية مع الدول الكبرى من شأنها التخلص من التبعية الأمريكية. وأفاد التقرير أن تأجيل مصر لأحد عناصر تحقيق التنمية الشاملة والتي تتضمن التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنمية البشرية وتوفير الاستقرار والأمن من شأنه التأثير بالسلب على المصلحة الوطنية ،خاصة أن مصر من الدول التي ترفض النموذج الأمريكي ، لكنها تؤمن بأن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية لها فوائد كثيرة وفي نفس الوقت مصر حريصة على إقامة التوازن في علاقتها مع القوة الأعظم في العالم وعلى تجنب الصراع وإدارة الخلافات في المنطقة بأسلوب يضمن مصالحها أولا .وأوضح التقرير أن هناك فرصا متاحة لمصر في النظام الدولي الحالي شريطة وجود سياسة داخلية تستهدف النهوض بالقدرات المصرية والبشرية والعمل على الوصول إلى درجة الاكتفاء الذاتي خاصة في السلع الاستراتيجية التي تمس الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي الداخلي ما يكسب مصر قدرة على التحرك المستقل والفاعل والمؤثر محليا وعالميا وهو أمر ليس من الصعوبة تحقيقه إذا تم توظيف الموارد المصرية لخدمة الصالح العام وأكد التقرير أن مشكلة مصر ليست في قلة مواردها وإنما في سوء توظيف وإدارة هذه الموارد · وأكد التقرير أن مصر في حاجة ملحة إلى رؤية وطنية صادقة وأولويات عمل تأخذ في الاعتبار مصالح الأطراف الأخرى وما يمكن أن تقدمه مصر لها إذا أرادت أن تمثل دور الشريك الفعال في علاقاتها بهذه الدول الكبرى ، فالعالم اليوم يقوم على تبادل المصالح واستمرار ما تقدمه الدول الأخرى لمصر رهنا بما تستطيع مصر تقديمه في المقابل ومن ثم فلابد من إعادة النظر في أسس ومقومات السياسة الخارجية المصرية حتى لا يتجاوزنا التاريخ .فير وزير الخارجية السابق ود .نورهان الشيخ أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة · من انسياق مصر وراء النموذج الأمريكي في الإصلاح والديمقراطية والذي من شأنه خلص من النظم العربية ، مطالبا بضرورة قيام مصر بإعادة النظر في مصالحها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومما يمكن أن يقدمه كل طرف للآخر ، مع ضرورة إيجاد صيغة جديدة تعظم الاستفادة المصرية وتضمن لها الاحترام اللائق دوليا وإقليميا وهذه الصيغة تسعى إلى أن تكون مصر شريكا وليس تابعا اذا أرادت مصر استعادة قدرتها التساومية والتعارضية والانتقال إلى مرتبة الشريك الفاعل والمؤثر.وشدد التقرير على ضرورة خلق تعاون قوي بين مصر والدول الكبرى الأخرى لتكون قاعدة تنطلق منها إلى المستقبل خاصة أن المؤشرات تدلل على أن النظام الدولي لن يستمر أحادي القطبية إلى الأبد، لذلك لابد من وجود تعاون مصري مع روسيا ودول الاتحاد الاروربي واليابان والصين وقبل الاستفادة من هذا التعاون فعلى مصر تدعيم عضويتها في العديد من التجمعات الإقليمية التي تضمن احترام حقوق الإنسان بها.
النيل بالقرب من كورنيش المعادي
[c1] نمو بطيء [/c]وأوضح التقرير أنه رغم ما يتجه تعاون مصر مع الدول الكبرى فإن نمو العلاقات المصرية الروسية يعد بطيئا ودون المستوى ، كما أن العديد من المشروعات المشتركة والتي تم الاتفاق بشأنها لم تدخل بعد حيز التنفيذ ومازال حجم التبادل التجاري بين أي من البلدين ضئيلا جدا خاصة بمقارنته بحجم التبادل التجاري ضئيلا بين البلدين ودول أخرى حيث لم يتجاوز 935 مليون دولار عام 2005 كان نصيب الصادرات المصرية 273 مليون دولار منها وألمح التقرير إلى أن توثيق التعاون مع الجانب الروسي من شأنه استعادة التعاون بين البلدين في المجال العسكري ويتضمن ذلك ليس فقط توفير قطع الغيار لبقايا الأسلحة المصرية ولكن عقد صفقات جديدة تمكن مصر من الحصول على منظومة من الأسلحة المتقدمة على النحو الذي يمكن مصر من تطوير وتنويع ترسانتها العسكرية ومما يعزز التعاون بين البلدين التفاهم السياسي والاستراتيجي والتقارب في المواقف بين البلدين من القضايا الوطنية والإقليمية لاسيما القضية الفلسطينية والمواقف المتشابهة من الاحتلال الأمريكي للعراق كذلك يضيف التفاهم بين البلدين التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتبادل الخبراء وتدريب الفنيين وكذلك تطوير الزراعة واستصلاح الأراضي مشيرا إلى أن المستقبل الحقيقي لمصر هو تطوير القطاع الزراعي على نحو يمكنها من إشباع الاحتياجات الاساسية لمواطنيها وروسيا من الدول التي تمتلك خبرات واسعة في هذا المجال خاصة إنتاج القمح.وأكد التقرير على ضرورة تعاون مصر مع دول الاتحاد الأوروبي باعتباره ثاني أكبر مصدر للمعونة الأجنبية بعد الولايات المتحدة ويعتبر أكبر مصدر للسياح حيث يمثل مواطنوه أكثر من نصف عدد السياح الوافدين إلى مصر سنويا. [c1]إزالة القيود التجارية[/c]وتخوف التقرير في نفس الوقت من اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية الموقعة بين الطرفين في يناير عام 2001 في إطار إعلان برشلونة عام 1995 والتي دخلت إلى حيز التنفيذ في يوليو 2004 بسبب انعكاساته السلبية على الصناعات المصرية الناجمة عن إزالة القيود التجارية المصرية أمام المنتجات الأوروبية في وقت تتواضع فيه القدرة التنافسية للصادرات المصرية ويرتفع العجز في الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي الى 4.5 مليار دولار أي حوالي 54% من إجمالي العجز في الميزان التجاري المصري ، وتزداد المخاوف من احتمال تحول الاستثمارات الأوروبية المباشرة عن مصر إلى دول شرق آسيا .وأشار التقرير إلى ضرورة عدم إغفال دور الصين واليابان في تنمية الشعب المصري حيث تعتبر مصر من أكبر الدول العربية المتلقية للمساعدات اليابانية سواء في شكل قروض أو منح أو مساعدات فنية· كما أسهمت اليابان في عدد من المشروعات التنموية الضخمة منها المساهمة بـ70 مليون دولار لإعادة تحديث وتأهيل مستشفى الأطفال الجامعي. وعلى جانب التجمعات الإقليمية طالب التقرير مصر بأن تكون لها رؤية مستقبلية حقيقية وفعالة من خلال عضويتها في هذه التجمعات لأن أي دولة تحاول التحرك منفردة لا قيمة ولا فعالية لها خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي .وأوضح أنه رغم التجمعات التي تحظى مصر بعضويتها أو بوضع المراقب فيها فإنها جميعا ليست فعالة بالقدر الكافي ، كما أن الدور المصري في معظمها محدود للغاية ونبه التقرير إلى ضرورة إعادة تقييم هذه التجمعات والثقل الحالي والمتوقع لها وكذلك تقييم الدور المصري في اطارها ودرجة الاستفادة المصرية من العضوية بها وبناء على هذا التقييم والتحليل يتم التركيز على أحد هذه التجمعات أو اثنين منها ليكونا محور التحرك المصري اقليميا فالإفراط الدبلوماسي والتشتت الحادث لا يتناسب وطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر علي الصعيدين الداخلي والخارجي ، فهناك حاجة ملحة إلى تركيز واضح في أولوياتنا الخارجية والتجمعات المهمة التي يجب الإلقاء بثقلنا فيها ولعب دور مهم بها ومحوري في إطارها ، فحين غابت الرؤية والأهداف تقلص الدور المصري في عدد من الدوائر المهمة الإقليمية والدولية. [c1]عمق استراتيجي[/c]وأكد التقرير على أنه إلى جانب الدور العربي الذي لاجدال حول محوريته وأهميته ، تبرز في هذا الإطار أهمية استعادة الدور المصري في إفريقيا كعمق استراتيجي لمصر لاسيما منطقة حوض النيل ذات الأهمية القصوى والتأثير المباشر على بقاء واستمرار كيان الدولة المصرية ذاته ولكن الأهم هو الوقوف على حجم خسائر مصر الحالية والمستقبلية من انحسار دورها الإفريقي ولاشك أن استعادة مصر لدورها هذا يجب أن ينطلق من رؤية جديدة لمقومات التعاون ومجالاته وبرامج تنموية حقيقية تجد فيها هذه الدول مصالح حيوية لها وتعود بالنفع اقتصاديا واستراتيجيا على مصر . ومن المهم والضروري تفعيل منظمة الاندوجو لدول حوض النيل تعتبر نقطة بدء مهمة في هذا الخصوص وهو التجمع الذي أنشئ بمبادرة مصرية عام 1983 إلا أن نشاطه تجمد في مطلع التسعينات نتيجة تصدع العلاقات السياسية بين الدول الأعضاء واذا استطاعت مصر إعادة بناء جسور الثقة من دول الاندوجو وقامت بإحداث طفرة ملموسة في التعاون فيها لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني سوف يمثل هذا تحولا ايجابيا في السياسة المصرية .وأشار التقرير إلى أن المطلوب ليس دورا قاريا لمصر يفوق قدراتها وامكاناتها الحالية ويخرج أيضا عن نطاق أولوياتها الوطنية وإنما المطلوب دور اقليمي فاعل يحقق المصالح الوطنية المباشرة والحيوية لمصر ، ولابد أن يكون لمصر هدف في ايجاد اسلوب جديد يؤدي إلى الاستغناء تدريجيا عن المساعدات المالية المباشرة لصالح الاستثمارات والمشاركات والمعونات الفنية ونقل التكنولوجيا والتعاون في مجال الأبحاث المشتركة وأن ترحب مصر بالتعاون مع أي دولة شريطة عدم التدخل في شئونها الداخلية وقد أوصى التقرير بضرورة أن يكون الإصلاح في جميع جوانبه إصلاحا مصريا تمليه المصلحة المصرية ويقره الشعب المصري وفق الأسلوب الذي يراه وبما يحقق مصالحه.