مفكرة سكانية
د. فهد محمود الصبريتستمد القضايا المهمة أهميتها من مواضيعها أو تأثيرها على المدى القريب أو البعيد وكلما ارتبطت هذه القضايا بالبشر وحياتهم سواء (الاجتماعية أو الاقتصادية.. الخ) وتكون في أعلى درجاتها من الأهمية ارتبطت بصحة البشر واستمرارهم في أفضل الظروف. من هنا كان الشباب مرحلة عمرية ترتبط بشكل لازم ببعض الشروط تجعلها تصل إلى حد الوجوب ومن هذه الشروط الملازمة لفترة الشباب هي الصحة .. فالصحة ليست فقط جانباً من حياة الشباب وإنما شرطها الأساسي، ولا تتوجه الجهود بصدد الشباب إلى أمهات وآباء المستقبل فحسب، بل تعنى أيضا بحالتهم الراهنة.وإذا كان للطب معاييره وقياساته المعتمدة، فالأمر يختلف بالنسبة للصحة، فهي شأنها شأن المرض مفهوم نسبي، يختلف باختلاف الأفراد والجماعات والمجتمعات، ويختلف كذلك عبر الزمن والتاريخ وتتداخل فيه معايير النوع والانتماء الاجتماعي، فالجسد شأن فردي، بمعنى أنه يخص رجلاً أو امرأة في ذاته ولذاته، ولكنه في الوقت ذاته شأن اجتماعي، بمعنى أنه مثقل بالاعتبارات الاجتماعية والثقافية والتصورات التي تنقلها الجماعة إلى الأفراد عبر التنشئة. وما بين الفردي والجماعي، يتحول الجسد إلى رهان لصراع سلطات مختلفة، من طبية وأخلاقية، ودينية وسياسية.والحديث عن الصحة يأخذ في الاعتبار بمجمل هذه المتغيرات، والمكون الاجتماعي/ الثقافي لصحة الشباب هو ما ينبغي أن يتجلى من خلاله ذلك التوازن الدقيق بين “الحماية” حماية الشباب والمراهقين من قبل الأسرة والدولة على السواء، وبين “الحقوق” وبين الحرية المسؤولة، فصحة الشاب والشابة ملك له ولها، وبين الصحة العامة للمجتمع ككل. ولصحة الشاب لغة تقابل احتياجاتهم، وتساؤلاتهم المقترنة بمراحل حياتهم وأوضاعهم الاجتماعية. وعبر هذه اللغة يتم توصيل المعرفة والتوعية بالحقوق، ودعم السلوكيات الحسنة وتغيير السلوكيات الضارة وما وراءها من معايير أو معتقدات خاطئة.وهذه اللغة هي نقطة الالتقاء المتوتر بين المشكلات الصحية التي يعاني منها الشبان والشابات، والمشكلات التي يواجهها صانع السياسات في التعرف على مشكلات الشباب ومخاطبتهم.