هيئة الأمر بالفوضى والتنكيل بالعباد
هل حقاً ما سمعنا عنه من تشكيل هيئة للأمر بالمعروف على حد قولهم وإنها قد بدأت بالتفتيش في ضمائر الناس في بعض محافظات الجمهورية؟؟ .. هل يعقل أنه بعد مضي أكثر من أربعة عقود على ثورة سبتمبر الخالدة، والرابع عشر من أكتوبر المجيدة ، وإعادة تحقيق وحدة الوطن في الثاني والعشرين من مايو في العام 1990م والتي تعتبر بحق ثورة كل الثورات ، هل بعد كل هذا يأتي إلينا نفر من الناس ينصبون أنفسهم فوق دستور الجمهورية اليمنية وقوانينها ونظمها؟! في تقديرنا إن هذا هو المنكر بشحمه ولحمه لأن مثل هذه الدعوات تكون في أساسها مخالفة لدين رب العالمين الذي أمرنا بأن نخالف الرهبنة والكهنوت ليكون المسلم على علاقة مباشرة مع المولى عزوجل وبدون الوساطة التي تتجلى في مثل هذه الدعوات. هل يعقل هذا أو يعقل أن يكون هناك من لايزال بعقلية (أحمد يا جناه ) ويريد أن يضع نفسه موضع دستور الجمهورية ويعطي لنفسه الحق في ملاحقه الناس وإلحاق الضرر بمواطني البلاد والحد من حرياتهم التي ناضلوا من أجلها ومن أجل أن يوجد دستور وقوانين ونظم تكون مرجعية يلجأ إليها كل الناس في هذه الأرض الطيبة؟ ! فأين أحفاد العلماء والمفكرين والأدباء أبطال ثورة 48م ، التي أحبطت بفعل عوامل خارجية، الذين قدموا أرواحهم من اجل الدستور والنظم والقوانين؟ وأين أحفاد الثلايا في حركته والتضحيات الجسام لمناضلي أبناء اليمن الأبرار من تنظيم الضباط الأحرار ومن جبهة التحرير والجبهة القومية والتيار المدني واليساري وأبناء القبائل الأوفياء وعلماء اليمن الحقيقيين في دحر الكهنوت وكل أشكال التخلف في آخر محاولاتهم لحصار صنعاء في السبعين وكيف كان الرد حاسماً لنصرة الثورة والتحديث والتجديد. هل يعقل أنه في القرن الحادي والعشرين، عشرات الملايين يتحكم في قدرهم ومشيئتهم ومختلف أمورهم نفر من الناس بعدد أصابع اليد ، ينصبون أنفسهم أوصياء على دين رب العالمين وعلى الشعب المسلم الذي بذل كل غال ونفيس من اجل الدفاع عن الإسلام وعن الثورة والجمهورية والوحدة المباركة.. وهؤلاء النفر لا أحد من هذه الملايين يجهل مواقفهم المعادية للثورة والجمهورية والوحدة المباركة، بل ولكل أمر جديد في مسار الحياة المتطورة التي تشهدها البلاد أرضا وإنساناً. والأدهى من كل ذلك أنهم يريدون أن يمرروا مثل هذه الأفكار المحنطة على شعبنا ويعيدوه إلى عصور الكنيسة تلك التي كان القس فيها يتحكم في مصائر الناس وفي مختلف شؤونهم على أنه وصي إلهي وهو وضع عفى عليه الزمن، حيث لم يعد للكنيسة علاقة بالسياسة وأمور السلطات وهم يريدون ذلك باسم الإسلام ، وكأن العلماء الحقيقيين والعديد من الناس في بلادنا لا يعرفون أن الإسلام يحرم مثل هذه الوصايات على الإسلام والمسلمين. والأنكى من كل ذلك أن الأحزاب الوطنية اليسارية والتقدمية بما فيها الحزب الحاكم، لم يفتح فاه أو تنبس ببنت شفة وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء، متناسين أن مثل هذه الزلات ستأتي على الأخضر واليابس ولسوف يسجل التاريخ مثل هذه الانهزامية النكراء لمدعي التحديث سواء كانت السلطة أم المعارضة.. والمعذرة من مثل عبارة (مدعي) لكني أجدها مناسبة لكل الأحزاب ولكل منظمات المجتمع المدني ولكل النقابات والاتحادات ومختلف التيارات حتى الاخوانيه منها، لأنها أضحت حزباً سياسياً له مكانته في الساحة اليمنية. أقول أيها الأحباب من مختلف شرائح الوطن، ومن كل بيت في هذا الوطن الغالي إنه معلوم للجميع أن كل بيت في شمال الوطن أو جنوبه قبل أن يتوحد قدم تضحية من اجل الثورة والتحديث والتجديد والوحدة المباركة.. أقول إن عليكم الوقوف أمام هذا المد الرجعي الكهنوتي المتخلف وأمام هذه الإرادة التي لاتسعد ولا يروق لها بال إلا بالتصيد في الماء العكر وبإطلاق مثل هذه الدعوات التي لاتريد من خلالها المحافظة على الفضيلة وإنما على المصالح ، ذلك لأن الفضيلة هي سمة مجتمعية، وليس من هو أحرص عليها مثل المجتمع اليمني، بل هؤلاء الدعاة هم دعاة أمور أخرى سيكشف عنها المستقبل، هم يريدون أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على دين رب العالمين الذي لا يعطي الحق في المساءلة والحساب إلا لنفسه باعتباره خالق الكون والناس أجمعين وهم بذلك يريدون أن يفرضوا هيمنتهم على هذا البلد خارج قيمه ودينه الإسلامي الحنيف ودستوره ونظمه وقوانينه التي ناضل وضحى من أجلها على امتداد القرن فهم يدعون تحت عباءة الإسلام وهم دعاة التخلف في أرقى صوره وأشكاله. ثم لماذا في هذا التوقيت من اجل إعادة نظام (أحمد يا جناه) ؟!فالشقيقة المملكة العربية السعودية ، لم تمكن هذه الهيئة إلا بموجب وفاق سياسي وليس ديني بين بيت آل سعود وبيت آل الشيخ وهم الآن بصدد الحد من هيمنة هذه المؤسسة التي كان ضررها أكثر من نفعها اجتماعياً وسياسياً وتطوراً ولربما أوشكوا أو هم في طريقهم إلى إخراجها من دائرة الوفاق الذي كان له ما يبرره في المراحل السالفة على تأسيس الدولة السعودية التي أضحت الآن قادرة ليس على بسط كل نفوذها فقط بل هي دولة عظيمة ومهمة في منطقة الشرق الأوسط والجزيرة العربية. ثم السؤال الأهم تقريباً في هذه العجالة هو حول هذه الوزارة المسماة بحقوق الإنسان وحول المواثيق الدولية المتعلقة بهذه الحقوق والمؤتمرات التي تعقد وتصرف عليها الدولة من أموال الشعب وقدراته المادية، هذه المؤتمرات المتعلقة بثقافة التسامح ونبذ الفرقة والتضييق على الناس ، وكذا الدعوة إلى فض الاشتباك بين الدين والسياسة، ورفض الاستغلال السياسي للدين مثل الذي يدعو إليه هؤلاء النفر، فهم سياسيون ولا تمت دعوتهم إلى الدين بصلة. ثم ماهو رأي وزارة الحقوق في مثل هكذا تصانيف،؟؟؟.. اليس لهذه الوزارة من حقوق فهي تدعي أنها الحامية لحقوق الإنسان وأنه تقع على عاتقها مهام جسام تتعلق بالحريات وبمختلف الحقوق المدنية والسياسية ويقع في مقدمة هذه الحقوق حماية الأعراض والأفكار والرأي والرأي المخالف وكذا حقوق المواطنين في ارتياد الشواطئ والمنتجعات والنوادي العامة ومختلف محلات التنزه ليستنشق الناس هواء نقياً خالياً من ثاني أكسيد الكربون لأمثال هذه الدعوات ، ثم ماهو رأي وزارة السياحة في مثل هكذا دعوات، والأهم من كل ذلك ماهو رأي وزارة الأوقاف خاصة والسياحة في بلادنا تأخذ في أساسها هذا الطابع ألا وهو الطابع التاريخي والسياحي الثقافي ، وأنا اقترح أنه في حالة ملاقاة مثل هذه الدعوات شيئاً من الاستجابة فإني اقترح تسليمهم وزارة العدل والنيابة العامة ووزارة السياحة والثقافة والداخلية وغيرها من الوزارات ، أما التعليم والتعليم الجامعي فهما في الجيب.ولا ينبغي أن يفهم من هذا أننا مع الرذيلة ، كلا وألف كلا فالمجتمع اليمني بطبعه مناصر للفضيلة ولايمكن له أن يغض الطرف إذا وجد شيئاً من الرذيلة وذلك من خلال أجهزته الرسمية التي وجدت وفقاً لدستوره وقوانينه وأنظمته ألم يكن الإيمان يمانياً والحكمة يمانية لأننا موحدون لله الواحد قبل الإسلام؟!والشعب اليمني باعه طويل مع دين الألفة والمحبة والعدل وعدم الوصاية والكهنوت ولأننا أصحاب حضارة معلومة للخاص والعام وقد قال فينا القائد والزعيم صلوات الله عليه وسلامه ( أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً ، الإيمان يمان والحكمة يمانية) ، ونحن هنا نعزز قول الزعيم الأعظم بحكمة اليمانيين وكذا قول المولى عزوجل وهو يخاطب نبيه الكريم فيقول له (... لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر) وليس أنت يا محمد أيها الإنسان الفقير إلى الله فكيف بكم يا من تدعون الحفاظ على الفضيلة في مجتمع ناضل وما يزال يناضل من اجل أن تسود كل أشكال الفضيلة والعدل وفق أسس ومعايير ونظم وقوانين وليس وفق مشيئتكم التي تختزن مختلف أشكال الحقد والكراهية للثورة والجمهورية والوحدة ولناس هذا الوطن الذين يتطلعون إلى تحقيق المزيد من الحريات العامة وإلى المزيد من التحديث والتجديد في مختلف أشكال الحياة وفي المساواة بين الحقوق والمواطنة للرجل والمرأة وهي فعلا اليوم تشهد العديد من النقلات على هذا الطريق!