المتابع لما يعتمل في تفعيل مصفوفة الحوار الوطني عبر ممثلي المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك يجد أن جسور التواصل والتفاهم بينهما قد عكرتها بعض الأصوات النشاز التي لا ترتقي دوماً إلى متطلبات النهوض الوطني وتحقيق غايات وأهداف المواطن التي تصب دوماً في رغبته تجسيد مفاهيم الحوار لكل القوى السياسية في البلد ,ومع ذلك فإن رغبات وطموحات المواطنين لازالت بعيدةً عن أهداف تلك القوى السياسية وكأن هذه الأخيرة تستجيب دوماً لرغبات وطموحات قوى صغيرة معقدة وتجد فيها وللأسف كل فئات الشعب وشرائحه ,ومن هنا فليس من الغريب أن تتعرقل كل الخطوات الوطنية التي تلامس هموم وتطلعات وأماني المجتمع برمته.وإذا أستقرأنا واقع الحوار الدائر بين الحزب الحاكم وحلفائه والمشترك وشركائه فإننا نتأكد من تواجد عناصر لا يسرها استمرار الحوار وكأن كل اتفاق يتحقق هو عبارة عن صخرة عظيمة تسقط على رأس هؤلاء المتمصلحين الذين لا يجدون بداً من اختلاق الأزمات والصعوبات التي من شأنها أن تؤدي إلى مشكلة دستورية في حال تعنتها وعدم تجاوبها مع منطق العقل والحكمة وكذا في حال استمرارها للبحث في متاهات لا نهاية لها ولا هدف ولا يمكن أن تحقق شيئاً في حال تواجدها على الواقع.فالخلاف الذي بداء يلوح في الأفق عبر البيانات الصادرة من الطرفين يأتي ليؤكد من جديد ارتباط الفعل السياسي بقوى لم تفهم حتى الآن ماهية الحوار المفترض أن يكون والكيفية التي تحقق له النجاح,فالحوار في المفهوم العام والطبيعي عدم وقوف أحد الأطراف في زاوية محددة وعند مطلب بعينه يريده مهما كان تحقيقه منافياً للدستور ويظل يعزف على هذا المطلب شهوراً وسنين وإن استجيب لذلك الطلب فإنه يسعى إلى بعثرة أوراقه وإخراجه من دائرة الواقع العملي إلى دوائر مطلبية متسلسلة يجري استغلالها كلما حان الوقت لذلك وراء أنها قد تستطيع أن تجد له مخرجاً تلبي طموحاته غير العقلانية وغير الشرعية.حقيقة مثل الاتفاق حول الحوار الذي تم التوقيع عليه في 17 يوليو المنصرم غايات وطموحات الشعب اليمني برمته ومثل انتصاراً حقيقياً للرغبة اليمنية في الخروج من أزمات الواقع المتعددة الأنواع والأوجه كما جاء أيضا تجسيداً عملياً لسمات ذلك الواقع بأزماته المركبة وموازين القوى فيه لذلك فإننا نتمنى أن يكون هذا الخلاف حول اللجنة العليا للانتخابات سحابة صيف تنتهي وتمر بسلام وإن كان الغريب في هذه السحابة مصاحبتها لرعود البيانات والتصريحات التي تنقلها - ببهجة وفرح- وسائل الإعلام غير المنصفة. أمنياتنا بأن تكون سحابة صيف هو قناعتنا بل ومعرفتنا بطبيعة الحوار كونه إفرازاً لخارطة الواقع السياسي المتناقضة والمتباينة بين أطرافه وأقطابه الرئيسة كما يمثل أيضا امتدادا لإشكالات الواقع وأزماته لاسيما في ظل غياب الرؤية الواضحة لمستقبل الوطن ومصالحه ,وهو غياب دام طويلاً ولا ندري متى يفيق هؤلاء وينظرون إلى مصالح الوطن وأمنه واستقراره بدلاً عن اختزالهم لكل مصالح الوطن في مصالح ذاتية غير مستجيبة لصيرورة الحياة واشتراطاتها التي تفرض نفسها علينا لمواكبة ما يدور حولنا من بناء بأدوات عصرية نهضوية ,فيما نحن لازلنا متقوقعين في أمكنة لا تتجاوز مساحاتها نقاط خلافاتنا .أملنا من جميع الأطراف العودة إلى الرشد وعدم تضييع هذه الفرصة والأمل كبير برعاية فخامة الرئيس لهذا الحوار الذي انطلق من فكره ووعيه المستنير لذا عليه رعايته لتحقيق غايات الوطن وأهدافه,وإفشال كل المخططات الرامية إلى وأد كل خطوة ايجابية تنفع الوطن والمواطن.
أخبار متعلقة