عيادة رمضان
اعداد/وردة العواضي من حكمة الصوم أنه وقاية وعلاج للفرد والمجتمع من الفقر والجهل والمرض وهي آفات الأفراد والمجتمعات الإنسانية التي تركت القانون الإلهي واتبعت قوانين الإنسان وأهواء النفس الأمارة بالسوء ، فهو الخير من أبعاد للذات وللغيز قال عز وجل "وأن تصوموا حيراً لكم إن كنتم تعلمون" ففي الصوم وقاية وشفاء من الأمراض الجسدية وذلك شرط أن يلتزم الإنسان بقواعد الطلب القرآني في حقل التغذية وقد سبقت هذه القواعد العلوم الوضعية بقرون إذ أن القاعدة الأولى على أنه لا إسراف في المأكل والمشرب "كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تغطوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" .وقال عليه الصلاة والسلام "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" .فالقاعدة هنا هي أن لا أفتار في المأكل والمشرب فالأفتار في المأكل وقهر النفس بحزمانها من طيبات ما أحل اللَّه بحجة التقشف أو اتباعاً لمفهوم خاطىء عن التصرف هو مرفوض في الإسلام أما أن يتخم الصائم وقت الافطار لما أمتنع عنه من طعام خلال ساعات الصوم أو أن يكتفي بالقليل منه إعتقاداً خاطئاً بأن في هذا تقشفاً وتقرباً إلى اللَّه فهذا ليس من حكمة الصيام في شيء لأنه المرض عينه وقد وجدنا من خلال تجربتنا المهنية أن كثيراً من أمراض التغذية والجهاز الهضمي تكثر خلال شهر رمضان عند الذين لا يلتزموا أو يعقلوا قواعد التغذية في الإسلام إن ثلثي الوفيات في العالم اليوم هي نتيجة تصلب الشرايين وفي طليعة مسبباته السمنة فالسمنة مرض خفي ظاهر وهي من المسببات الرئيسة لارتفاع الضغط الشرياني وتصلب الشرايين والغضاريف والترسبات الدهنية في مختلف أعضاء الجسم والكبد خاصة ، وفي الصيام الوقاية منها شرط الالتزام بقواعد التغذية التي ذكرناها أعلاه ليس خلال شهر الصيام فقط بل طيلة أيام السنة ، إن الصيام خلال شهر رمضان يجب أن يكون ممارسة وتعويداً للنفس كي تلتزم بهذه القواعد الوقائية الشفافية طيلة أيام السنة التي لا يكون المسلم فيها صائماً ولو أن الإنسان فهم حكمة الصوم والتزم بها لحارب الفقر والجهل والمرض ولخفف من آلامه وآلام الآخر ولأسعد نفسه لكن الإنسان ولايزال ظلوماً لنفسه ولغيره لأنه فضل القانون الوضعي على القانون الإلهي رغم معرفته بهشاشة هذه القوانين . فقد كشف العلم بأن الإنسان يجب أن يصوم دورياً بصورة وقائية وخلال مرضه فكل عضو من الجسم بحاجة إلى الراحة الدورية وكذلك الجهاز الهضمي ، أما الأمراض التي تمنع من الصوم فلن ندخل في تفاصيلها إذ أن لكل حالة مرضية خصائصها وعلى المريض أن يسأل طبيبه وذلك لإن كل مرض يتطلب تغذية معينة أو تناول الدواء بصورة دورية أي مرات عدة خلال النهار يعفي المريض من الصيام .فنرى مشرعون شرعوا وأباحوا بأكل وشرب ما لا يسمح به الدين الإسلامي وأثره السلبي المدمر على الجهاز الهضمي وذلك ما هو إلاّ دليل لجهل أولئك المشرعون فمن هذه النزوات البشرية مثلاً الخمرة وشربها رغم العلم بالمآسي الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية وبالأصح الصحية التي هي محور حديثنا وأثرها على جهازنا الهضمي .والذي يسمح بأكله لحم الخنزير وهو يعلم اليوم خطورة الأمراض التي يسببها أكل لحم الخنزير وهناك من أن لا ضرر في أكل الميتة الذي كشف علم المكروبات أن في الأنف والفم والبلعوم والجهاز الهضمي والجلد أنواعاً من المكروبات والفطر تعشش وتنمو بصورة طبيعية من دون أن تؤدي السليم من الأحياء لا بل هي مفيدة له ولا تصبح مؤدية إلاّ في ظروف معينة كالمرض وغير ذلك أيضاً الدم ولحم الخنزير المؤلف من طبقات متداخلة من الشحم واللحم لا يمكن فصلها عن بعض فهو يحوي أكبر نسبة من الدهن الحيواني المؤلف من حوامض دهنية مشبعة ضارة جداً هي من المسببات الرئيسة لحصى المرارة وغير ذلك من الأمراض ، ولذا نرى حكمة التشريع السماوي.بما في ذلك الصيام وحكمته في الجهاز الهضمي هذا من ناحية وأما من ناحية علم التغذية وأثره على جهازنا الهضمي فقد وجد أن الإسراف في المأكل مدعاة لغضب اللَّه أولاً وضرر بني البشر ثانياً قال عليه الصلاة والسلام : "ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه" . "إن من السرف أن تأكل كلما اشتهيت" وأما الماء فقد رأينا نصائح التشريع الإلهي تعلمنا دروس ونصائح لكي لا نؤثر على أجهزتنا ونلقي الضرر عليها فقد وجد العلم بأن الإنسان يجب أن لا يشرب دفعة واحدة بل مثنى وثلاث كما قال عليه الصلاة والسلام : "لا تشربوا واحداً كشرب البعير ولكن اشربوا مثنى وثلاث إذا أنتم شربتم وآحمدوا إذا أنتم رفعتم" .فهناك قاعدة وقائية في اتباعها منعاً للماء من سلوك طريق خاطىء ونرى ذلك منتشراً بطريقة كبيرة عندما نرى الصائم يبدأ بالفطر فيمسك بالماء ويشرب مرة واحدة إلاّ أن ينقطع نفسه أو يصاب بنوبات اختناق عارضة ومزعجة جداً وآلام في بطنة شديدة لذلك نرى نهى النبي صلى اللَّه عليه وسلم عن الشرب بهذه الطريقة وأيضاً النفخ في الطعام أو الشراب لأن هناك ميكروبات وفيروسات تنتقل بواسطة الهواء واتنفس قبل أن يكشف العلم ذلك من القرن التاسع عشر ونشير إلى حقائق أساسية متعلقة بالسمنة وذلك نتجه سوء الوظيفة سواء في جهازنا الهضمي وجراء نظام التغذية السلبية ومن ضمن ذلك السمنة فهي نتجه وغالباً من الإسراف في الطعام وهي من الأسباب الخطيرة لأمراض القلب والسكري عند البالغين وهي من العوامل الرئيسة في تلف الغضاريف المفصلية وما يتبعها من آلام مزعجة ملازمة غير قابلة للشفاء بصورة جذرية والسمنة بصورة عامة حالة مرضية خفية وظاهرة وعامل سبب لكثير من الأمراض الخطيرة .- الأفتار : لقد شدد التشريع الإلهي على مضار الإسراف في المأكل والأفتار فيه على حد سواء فالأفتار في المأكل وكبت النفس ومنعها من التمتع بما أخرجه لنا المولى عز وجل من زينة وطيبات خاصة إذا كان الفرد قادراً على ذلك مرفوض في الاسلام وقد بين علم التغذية أنه يجب أن تتوافر لكل فرد بالغ ما بين 1800 - 3500 وحدة حرارية تؤمنها له 100 - 200 جرام من البروتينات و200 - 350 من النشويات 15 - 25 غرام من الدهنيات إضافة إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية هذا الطعام المتوازن الذي لا يتوفر إلاّ من خلال ما أنزله الباري من الطيبات من الزرق ، والنباتيون الذينم يتبعون نظاماً صارماً في طعامهم دون تناول أي أطعمة مستقة من مصدر حيواني عرضة لكثير من أمراض التغذية .