من الصعوبة بمكان أن نضع حدوداً فاصلة بين وعي المصفوفة الحزبية والسياسية بضرورة الحوار كوسيلة حضارية لتعميق التفاهم وتقريب وجهات النظر إزاء القضايا والموضوعات التي تتباين فيها الرؤى والاجتهادات وبين الدور الذي ينبغي أن تلعبه هذه المصفوفة من أجل أن يفضي الحوار إلى النتائج المرجوة منه ، وفي حقيقة الأمر أن المعُضلة لا تكمن في التوافق على الموضوعات والأفكار المطلوب مناقشتها والاتفاق عليها بل في الاختلاف الذي يحُول دائماً دون بلوغ تلك الحوارات أهدافها خاصة أن هناك من يجد في ضعف الثقة بين تلك الأحزاب الفرصة للتشويش على مناخات الحوار أو عبر الاطروحات الإعلامية غير المسؤولة أو من خلال التسريبات التي تسعى إلى إثارة الشكوك بين أطراف العمل السياسي والحزبي.ولعل مثل هذا التداخل قد انعكس على واقع العلاقات القائمة بين هذه المكونات السياسية والحزبية التي ظلت للأسف الشديد تتأرجح بين تأثيرات المناكفات الإعلامية ومشيئة من يريدون أن تبقى في حالة تباعد مستمرة وبين المهام والمسؤوليات التي تفرضها عليها قواعد الشراكة الديمقراطية.ومن ميزات وحكمة فخامة الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أنه دائماً يتيح الفرصة لملامسة تلك الثغرات مباشرة ومنها ما ورد في كلمته التي تصدرت عدد الثورة ليوم الجمعة الماضية بمناسبة ذكرى الـ17من يوليو وتوجيه الدعوة للجميع من أجل التصالح والتسامح والحوار وتجنب المهاترات الإعلامية وكل الممارسات التي تخلق مناخات التوتر وتعكر صفو السلم الاجتماعي لما من شأنه استلهام التطلعات الوطنية على صعيد البناء والتنمية والنهوض الحضاري بالوطن وتمتين أواصر التآخي والتلاحم والوحدة الوطنية وإذا ما سلمنا بمثل هذه الدلالات فإن الجلوس على طاولة الحوار لا يحتاج إلى دليل يتضمن القضايا والعناوين التي يتعين مناقشتها من قبل شركاء العملية السياسية لأن أي حوار لابد أن تكون له أجندته المحددة والواضحة على كافة الجوانب المتعلقة بالإصلاحات السياسية والدستورية والديمقراطية وغيرها من الجوانب المرتبطة بمسارات المستقبل ، وعليه فإذا كان التوافق على هذه الأهداف وغيرها سينعكس بالفائدة والمصلحة على الوطن وأبنائه فإن من الواجب عدم السماح لأي من الموتورين بالوصول إلى مبتغاهم عبر زرع الأشواك في طريق هذا الحوار خصوصاً وقد اثبتت التجارب السابقة أن هناك من يروق له صفاء الحياة السياسية من مكدرات الخلافات والتباينات كونهم لا يطيب لهم العيش إلا بإحداث الوقيعة وإثارة الزوابع والفتن ونشر الكراهية التي تلحق الضرر بالوطن وتسيء إلى تجربته الديمقراطية.ونعتقد أن جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية في وطننا مطالبة بتحمل مسؤولياتها في إسقاط تلك الرهانات التي اعتادت على التكسب والتمصلح من وراء خلافاتها وتبايناتها إلى جانب إنها معنية بدرجة أساسية بتقديم البرهان على أنها جادة في العمل والفعل وصادقة في النوايا ومخلصة في الأداء ومؤمنة بأن لا شيء يعلو على مصلحة الوطن.ومن لوازم هذا المنهج والمسلك أن نجعل من الحوار نافذة للمزيد من التوافق والتلاحم ومن الديمقراطية منهجاً للبناء والإصلاح والانتقال باليمن الجديد إلى المستقبل الأفضل والمنشود للجميع....
أخبار متعلقة