الباحثة التونسية في الإسلام ترد بقوة الفكر على منتقديها:
تونس/متابعات:أوضحت الأستاذة بالجامعة التونسية والباحثة في الفكر الإسلامي السيدة ألفة يوسف أن الخطأ في أن يتكلّم البعض باسم الله تعالى في حين أنّ أغراضهم سياسية دنيوية’، مشيرة إلى أن بعض المفسّرين والفقهاء قدموا قراءات لكلام الله تعالى حتى غدت بحكم الزّمان والتراكم التاريخي أكثر قداسة من القرآن نفسه.جاء ذلك رداً على مكفريها في حملة التشهير الني استهدفتها و كتابها ‘حيرة مسلمة’ عبر عدد من المواقع والمنتديات الأصولية والتي اتهمتها بـ ‘الزندقة’ و”الكفر”، مؤكدة بالقول: ‘إني لا أملك إلاّ أن أتصدّى لهم أنا وغيري بقوّة الفكر والحجة وبأخلاق المسلم لا بالثّلب والسبّ والشتم’. وأشارت السيدة ألفة يوسف في حوارها مع الموقع الاليكتروني إيلاف إنّ كتاب “حيرة مسلمة” اتخذ الميراث والزّواج والجنسية المثلية مجرّد أمثلة لبيان الفرق الموجود بين معان للقرآن ممكنة وما قدّمه المفسرون والفقهاء من قراءات لكلام الله تعالى غدت بحكم الزمان والتراكم التاريخية أكثر قداسة من القرآن نفسه. موضحة إنّ الكتاب مناقشة للمفسّرين وبيان لمغالطاتهم أحيانا ولحدودهم التاريخي أحيانا أخرى وهو محاولة للكشف عن معان أخرى ممكنة في القرآن.وأوضحت إن الله تعالى عرض الأمانة على كلّ من الرّجال والنساء و أمر كليهما بعبادته وطاعته وحاسب النّساء والرّجال. ولو كانت المسائل الدّينيّة شأنًا “ذكوريًّا” خالصًا، لما وجدت نساء مسلمات ولاقتصر الإسلام على “أتباع” من الذّكور. مؤكدة أنّ البعض من هؤلاء يمتعضون إذ تتحدّث امرأة في مسائل دينيّة وفقهيّة. وهذا في حدّ ذاته مثال آخر على الفرق الممكن بين كلام الله تعالى المنفتح للقراءات والتّفاسير وبين المقولات التّاريخيّة البشريّة النّسبية الّتي تتغيّر وتتبدّل. وأن يناقش بعض القرّاء كتابي حجّة بحجّة وفكرة بفكرة فهذا طبيعيّ بل لازم، أمّا أن ينبروا للشّتم والقدح وأن يقول بعضهم بصريح العبارة: “ارتدي الحجاب ثمّ تكلّمي”، فهذا من المضحكات المبكيات لأنّه يبيّن أنّ الإسلام دين الحبّ والخير لا علاقة له بهؤلاء المرضى الّذين يتكلّمون باسم الله تعالى ويسمحون بالكلام لمن أرادوا ويسكتون من أرادوا وكأنّهم هم الّذين وهبوا الإنسان الحياة حتّي يسلبوها منه وكأنّهم هم الّذين منحوه نعمة الكلام والتّعبير حتّي يمنعوه إيّاهما. وأكدت أنها لا تندرج في صراع الجنسين وليست نسويّة بالمعنى التّقليديّ لهذا المفهوم. وما يثيرها ليس صورة للمرأة نمطيّة بل صورة للمجتمع يدّعي البعض أنّها مستقاة من القرآن والسّنّة في حين أنّهما منها براء، موضحة أن يصبح الاستعباد والقمع وإلحاق الأذى بالآخر رجلا كان أو امرأة عقيدة وفعلا يدّعيان الاستناد إلى كلام الله تعالى ويكتسبان مشروعيّة وقداسة وهميّة ويقدّمان صورة خاطئة عن الإسلام وذلك بالخلط بين جوهر الشّريعة المحمّديّة من جهة وأعراضها التّاريخيّة من جهة ثانية.وأشارت ان كتابها لا يدعو إلى مراجعة أيّ شيء، وأنه ليس كتابًا في التّشريع، ولكنّه كتاب في فلسفة التّشريع والدّول هي الّتي تشرّع، وحتّى إن كانت الدّول “إسلاميّة” وإن ادّعت أنّها تعتمد شرع الله فلا يمكن أن ننكر أنّ البشر هم الّذين قرؤوا شرع الله ولا أدلّ على ذلك من أنّ تشريعات الدّول “الإسلاميّة” قد تختلف في مسائل عديدة. أمّا أن يجد البعض أنّي حين أؤكّد أنّ اللواط في القرآن ليس مرادفًا للجنسيّة المثليّة، وأنّه اغتصاب قوم لوط للرّجال من ضيوف القرية، فمعناه في رأيهم أنّي أبيح المثليّة أو الزّواج المثليّ فإنّ هذه قراءتهم الملزمة لهم في حين أنّها لا تلزمني في شيء. وبعبارة أخرى قد يستند البعض إلى كتابي كي يفهم معاني القرآن أو السّنّة بشكل مّا وهذا لا يزعجني فما فائدة كتاب لا يدعو إلى التّفكير وإلى إعمال النّظر؟ ولكن أن ينسبوا لي أحكامًا لم أصرّح بها فإنّ هذا يؤكّد مرّة أخرى الخلط الواضح في أذهاننا بين معنى قول مّا من جهة والمعاني الّتي يسقطها عليه قرّاؤه من جهة أخرى.وأضافت انها لم تقل إنّ كلّ القراءات والاجتهادات السّابقة خاطئة وإنّما هي بشريّة تاريخيّة أي نسبيّة كما أنها لاتقول إنّ قراءتها أو قراءة غيرها للنّصوص الدّينيّة صائبة وإنما هي تخضع بدورها للنّسبيّة البشريّة ، مؤكدة أنّ المعنى الأصليّ للقرآن في اللّوح المحفوظ لا يعلم تأويله إلاّ الله وهو تعالى الّذي سينبّئنا يوم القيامة بما كنّا فيه نختلف. وخلصت إلى القول ان كل القراءات اجتهادات بشرية تختلف وتتعدد ونتناقش حولها فنختار الأصلح للمجتمعات في رأينا ما لم يتعارض مع جوهر الشّريعة ومقاصدها التي حدّدها الشاطبي وعاد إليها ابن عاشور ، مشيرة. إنّ الخطأ كلّ الخطإ في أن يتكلّم البعض باسم الله تعالى في حين أنّ أغراضهم سياسيّة دنيويّة. موضحة انها لاتقف موقفا سلبيّا من السّياسيّ و إنّ الإنسان الّذي يستحي من الله لا يعتمد ما للدّين من قداسة لكي يكذب على بسطاء النّاس ويغالطهم ويخفي الحقائق التّاريخيّة عنهم في حين أنّه لا ينشد إلاّ أن يبلغ هدفا سياسيّا معيّنا.وقالت إن علي بن أبي طالب يؤكّد أنّ القرآن حمّال أوجه فهل كان يدعو إلى “فوضى فقهيّة”؟ ، مشيرة إنّ تعدّد معاني القرآن واختلاف القرّاء فيها ليس أمرا مستحدثا وإن سكت عنه الكثيرون. معتبرةان هذا الاختلاف ثراء وإضافة من المنظور الفكريّ أمّا من المنظور التّشريعيّ فإنّ اختلاف قوانين البلدان الإسلاميّة لا يعني وجود فوضى وإنّما يثبت فحسب إمكان تعدّد القراءات، والتعدّد يعني النّسبيّة ووعينا بالنّسبيّة يمكّننا من الاجتهاد شأن أسلافنا. وأشارت انها لاتعرف أنّ هناك من كفّر عمرًا لأنّه عطّل في إحدى السّنوات الحكم بقطع اليد، ولا ترى في الأعمّ الأغلب من يكفّر أولئك الّذين منعوا الرّقّ رغم أنّ القرآن والسّنّة لم يمنعاه بصريح العبارة. متسائلة هل نعتبر الغزالي أو ابن تيمية كافرين لأنّهما يعترفان بالرّقّ ويشرعان له أم هل نعتبر المفكّرين المحدثين بل أولي الأمر المحدثين كافرين لأنّ قوانين البلدان الّتي هم مسؤولون عنها تمنع الرّقّ؟