يمكن القول إن هناك إتفاقا على نطاق واسع وكبير بين الكتاب والباحثين في مجال السكان والتنمية في أن النمو السكاني المرتفع يخلق اعباء حقيقية على تحسين معدلات الدخل الفردي ومن ثم تحسين مستوى معيشة السكان وان اخفاق البلاد سريع النمو السكاني انما يؤدي الي عدد من المشكلات والاثار والنتائج السلبية ومن ثم تراجع نصيب الفرد من الدخل القومي ومستوى ناهية ومعيشة المجتمع إن المعدلات المرتفعة للنمو السكاني تقف اليوم عقبة حقيقية لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم البلدان النامية وتحول دون نجاح الجهود التي تبذلها هذه البلدان لرفع مستوى معيشة السكان وتحقيق التنمية المستدامة [c1]النمو السكاني والدخل[/c] تولي جميع البلدان في العالم النامي والمتقدم موضوع الدخل القومي وزيادة نصيب الفرد منه أهمية قصوى بوصف نصيب الفرد من الدخل مقياساً لمستوى معيشة المجتمع وتطور حياة السكان مقارنة بسكان المجتمعات الأخري، فما من شك أن ارتفاع نصيب الفرد من الدخل في أي مجتمع إنما هو انعكاس او تعبير عن زيادة قدرة أفراده في الحصول على المواد والمنتجات الغذائية ذات القيمة المالية والمحتوية على معدلات مرتفعة من الفيتامينات والبرتينات وغيرها ومن ثم تحسين مستوى تغذية أفراد هذا المجتمع كما يمكنة التمتع بمستوى أعلى من الخدمات الصحية والحفاظ من ثم على قدرات الفرد الصحية والجسمانية والعقلية ويسمح الدخل المرتفع للفرد كذلك من الحصول على الافضل من الخدمات مثل السكن الملائم المزود بخدمات الإنارة والاتصالات والمياه والصرف الصحي وغيرها ذلك بعبارة أخرى يسمح ارتفاع نصيب الفرد من الدخل بزيادة خيارات الفرد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتوسع هذه الخيارات بما يحقق مستوى معيشة أفضل والاستمتاع بصحة وعمر اطول وحياة أرغد للسكان وعلى النقيض من ذلك يؤدي الدخل المنخفض للسكان في أي مجتمع إلى انخفاض وتدني مستوى الاستهلاك وتعريض السكان لمشكلات سوء التغذية والانتقال الى السكن الملائم الذي تغيب عنه الخدمات الاساسية في انارة وصرف صحي وغيرها ويتكدس فيه عدد اكبر من الافراد خصوصا في البلدان الفقيرة مرتفعة النمو السكاني.[c1]النمو السكاني والمقدرة على الإدخار والاستثمار:-[/c]تتراجع المقدرة على الإدخار ومن ثم الاستثمار في المجتمع الذي ينمو فيه السكان بسرعة كبيرة وذلك نتيجة زيادة أعباء الاعالة لفترة العمل المنتجة المترتبة على تزايد اعداد في السن ما دون 15 سنة وهي الظاهرة التي تصاحب عادة النمو السكاني السريع وما يعنيه من توزيع الدخل على عدد اكبر من افراد الاسرة وكما هو معلوم فإن الادخار ما هو الا الجزء الذي يمتنع عن استهلاكة من الدخل والقاعدة الاقتصادية هي ان الادخار ينخفض مع انخفاض مستوى الدخل وذلك نتيجة ارتفاع ما يسمى بالميل الحدي للاستهلاك الذي يعبر عن توجيه الافراد عادة للجزء الاعظم من الدخل الإضافي إلى الاستهلاك الإضافي عندما تكون الدخول منخفضة [c1]النمو السكاني والتعليم:-[/c] يعد تعليم وتأهيل العنصر البشري شرطاً اساسيا للتطور الاقتصادي والاجتماعي في أي مجتمع فضلا عن ان التعليم أصبح في الوقت الحاضر حقاً طبيعيا تكفله الدساتير عادة وينبغي على الدولة توفيرة لكل فرد في المجتمع وما من شك فيه أن تسارع النمو السكاني إنما يؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الاطفال في سن المدرسة بصورة متصاعدة وهو ما يؤدي الي صعوبة توفير الفرص التعليمية الكافية لهم وزيادة الكثافة الطلابية في الفصول ويؤدي من ثم الي تراجع العملية التعليمية ان عدم التوازن بين فرص التعليم من ناحية ونمو عدد الاطفال في سن الدراسة من ناحية اخرى، إنما ينعكس سلبا على نوعية مستوى التعليم ومؤشرات الالتحاق في النظام التعليمي من حيث تدني معدلات الالتحاق في المدارس وكثافة الفصول الدراسة وعدم التناسب بين عدد الطلاب والمدرسين...الخ[c1]النمو السكاني والصحة[/c]ترتبط الخدمات الصحية بعلاقة قوية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لذلك فإن غياب أوضعف هذه الخدمات ينعكس سلبا على عملية الحفاظ على صحة وقدرات العنصر البشري ومن ثم انخفاظ إنتاجية الفرد والمجتمع بينما توافر الخدمات الصحية وتطورها وإنتشارها على مستوى الحضر والريف يعزز عملية المحافظة على صحة وقدرات الإنسان الجسمانية والذهنية والنفسية ويرفع إنتاجية الفرد والمجتمع معا وهو ما يعد شرطا اساسيا لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية غير ان النمو السكاني السريع عادة ما تصاحبة مشكلات كثيرة في جانب توفير الخدمات الصحية الكافية للاعداد المتسارعة والمتزايدة من السكان وينعكس هذا الوضع سلبا على المؤشرات المتعلقة بمعدلات الوفيات المحققة سنويا فيها وخصوصا في معدلات وفيات الاطفال والرضع وكذا في عدد الاطباء وعدد المستشفيات والاسرة المتاحة.وان التقدم الكبير الذي احرزته البشرية في مختلف المجالات الطبية والعلاجية والوقائية لايزال بعيدا عن الكثير من بلدان العالم النامي التي تعاني من ضغط وارتفاع في نموها السكاني وفي نفس الوقت ان تتوافر لها الموارد والامكانيات الكافية وهو ما ينعكس على ارتفاع معدل الوفيات فيها خصوصا بين الاطفال والرضع وعدم قدرة وعجز في توفير وتعميم الخدمات الصحية ونقص شديد في عدد الاطباء والمستشفيات بالنسبة للسكان في هذه البلدان ويلاحظ في حالة اليمن أن النمو السكاني المرتفع في الماضي الذي يؤدي إلى تضاعف عدد السكان في مدة وجيزة تقل عن 20سنة قد أدى إلى خلق وبروز عدد كبير من المشكلات والصعوبات أهمها :1.ارتفاع معدل الإعالة الاقتصادية للقوة المنتجة نتيجة لزيادة السكان الذين هم دون سن الخامسة عشر التي أحدثها النمو السكاني المرتفع حيث بلغ معدل الإعالة الاقتصادية ، بموجب تعداد 1994م نحو 40439 بمعنى أن كل شخص في قوة العمل المنتجة يعد مسؤولاً عن إعالة ما يزيد عن أربعة أشخاص من السكان غير المنتجين ، وهي نسبة مرتفعة جداً مقارنة بالوضع في البلدان الأخرى ، حيث يبلغ هذا المعدل ما بين 100 إلى 200 في حالة البلدان المتقدمة.2.أدى النمو السكاني السريع إلى ارتفاع متوسط أفراد الأسرة في اليمن بحيث أصبح لكل أسرة عدد كبير من الأطفال يتجاوز قدرتها على توفير احتياجاتهم الغذائية والاستهلاكية ومن ثم تفاقم مشكلات سوء التغذية ، وتدني مستوى الاستهلاك في الأسرة اليمنية .3.تراجع المقدرة الادخارية في المجتمع اليمني وهو ما انعكس على ضعف الادخار المحلي الإجمالي في الاقتصاد اليمني.4.زيادة الإنفاق الحكومي وتوسعه باستمرار لمواكبة الاحتياجات المتزايدة للسكان من هذه الخدمات والمرافق والبنى التحتية المختلفة ، وتواجه الحكومة اليمنية صعوبات كبيرة في توفير هذه الخدمات في ظل قيود الموازنة العامة ومن المعروف عدم كفاية هذه البنى والمرافق الأساسية أو تردي مستوى نوعية خدماتها إنما يخلق معه مناخاً غير مشجع وملائم لجذب الاستثمارات ومن ثم النمو الاقتصادي والتنمية.5.تفاقم مشكلة البطالة نتيجة لتزايد عدد السكان الداخلين لسوق العمل سنوياً بمعدل 4.35 % وهو عادة يفوق معدل النمو السكاني المرتفع أصلاً في المجتمع اليمني .6.تدهور مستوى التعليم والعملية التعليمية في اليمن ، حيث أدى نمو السكان المرتفع إلى زيادة أعداد الأطفال في سن التعليم مع عجز في توفير الفرص التعليمية اللازمة لتلبية احتياجات أعداد الأطفال المتزايدة ، وهو ما خلق مشكلة عدم القدرة على استيعابهم في المدارس وظاهرة الازدحام الشديد في الفصول الدراسية ، الأمر الذي أدى إلى تدهور العملية التعليمية ، والإخفاق في تعميم فرص التعليم لجميع السكان بوصفه حقاً لكل مواطن ، تحترمه الشعوب المختلفة في الوقت الحاضر .7.أدت الزيادة السكانية الكبيرة إلى تراجع الخدمات الصحية وتدني نوعيتها ، وعدم القدرة على تعميم هذه الخدمات لاسيما بين أوساط سكان الريف والمناطق النائية والبعيدة، ومما لاشك فيه أن ضعف وتدني الخدمات الصحية يضر كثيراً بالإنسان ويحول دون تنمية قدرته والحفاظ والتمتع بأجسام وعقول سليمة ، وهو ما يؤثر سلباً في النهوض بالتنمية ويضعف ويؤخر من فرص تحسين مستوى المعيشة في المجتمع .8.بسبب النمو السكاني المرتفع زادت الهجرة الواسعة لسكان الريف إلى المدن في اليمن ، ويقدر أن النمو الحضري يتحقق بمعدل 7% سنوياً ، وقد ترتب على هذا الوضع المتسارع لظاهرة الهجرة المتسارعة إلى الحضر من الريف اليمني تفاقم مشكلات إزدحام وانتشار السكن العشوائي حول المدن في المناطق الحضرية في ظل انعدام المياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات وساعد هذا على الهجرة الواسعة من الريف إلى المدن سياسات الحكومة في الماضي في تركيز الاستثمارات والخدمات في عدد محدود من المناطق الحضرية.
أبعاد ونتائج النمو السكاني السريع
أخبار متعلقة