الكاتبة القطرية (هدى النعيمي) عندما سردت حكايتها للقارئ اليمني :
لقاء/ فاطمة رشادللوهلة الأولى تقف عند تفاصيل حكاية سردية ترتب أحرفها على عجل لكي تمارس فعل البقاء على أوراق بيضاء ينسجها خيال امرأة اختارت للحكاية منحنى لتسير على مهل وليبقى هاجسها الأول الكتابة السردية لتأخذ وقتاً وتبني جسرها الجميل وتصل لقارئها الذي طالما انتظر حكاياتها على أحر من الجمر. ولبعض من حلمها جاءت إلينا إلى يمننا الحبيب البلد الذي شمت رائحته منذ أن وضعت قدمها لتستقبلها قطرات المطر تراقص حلم امرأة كانت مليكة السرد.الكاتبة هدى النعيمي كان لها لقاء خاص مع صحيفة 14 أكتوبر أبحرت معنا وأبحرنا معها بكل حب..* بداية سألناها عن رأيها في الكاتبة القطرية بحكم أنها من بلد متحفظ وجزء من الخليج العربي؟- أجابت بكل هدوء قائلة :الكاتبة القطرية دأبت على النشر منذ السبعينات أو منذ أواخر الستينات. وهناك أصوات كتبت في تلك المرحلة ومنها من لازال يكتب ويتواجد ومنهم من اختفى عن الساحة مثل أم أكثم وأسمها الحركي «سارة» اختفت عن الساحة وهي من الأقلام الأولى التي تحركت ووجدت لنفسها مكانة مرموقة بالفعل. هناك أقلام أخرى مثل الدكتورة: كلثم جبر وحصة العوضي وبشرى ناصر مازلن يكتبن ومازلنا نعتز بكتاباتهن. هذا التحفظ في المجتمع لم يكن مانعاً أمام كتابات المرأة القطرية وأمام كثير من الأسماء ربما هناك بعض الأسماء التي حجبت.* (مقاطعة) سألناها عن أسباب اختفاء بعض الكاتبات عن الساحة الأدبية؟- أجابت بسرعة :بالمناسبة هذه لا تقابل فقط المرأة وإنما تقابل الرجل الكاتب. يعني في المقام الأول مدى إيمانه وارتباطه بالكتابة وماذا تعني له. إذا تساءل عن جدواها وتحجج بانشغالات أو أعباء إدارية فليكن. وهناك أسماء كثيرة اختفت خرجت لسنوات بسيطة ثم اختفت بالنسبة للجنسين وبالنسبة للنساء دائماً وأبداً. فالعذر الشرعي لاختفائهن هو انشغالهن بالأسرة والأطفال والبيت وبالتالي تطمح لتلك الشعلة الجميلة.. شعلة الإبداع التي كانت تمتلكها ومع الأيام تنطفئ ولا يعود لها تلك البهجة داخل النص ولا تعود قادرة على الاشتعال مرة أخرى.* ما رأيك فيمن يصنف الأدب إلى أدب رجالي وأدب نسائي؟- بكل صراحة تجيب :لا بأس من هذا التصنيف إذا لم يكن القصد منه النظر إليه بدونية أو الحط من منزلة أدب المرأة بمقابل أدب الرجال. فقد كانت المرأة تتحدث عن قضايا المرأة ومشاعرها لأن المرأة لها خصوصياتها في الكتابة كما للرجل خصوصياته في الكتابة. إذا نظرت إلى قضية المجتمع من زاوية ما كتبه الرجال وما كتبته النساء دون أن انظر إلى كتابة المرأة كمنزلة أقل أو كمرحلة أدنى مما يكتبه الرجال هي زاوية تلحق حيفاً بأدب المرأة كونه أدباً له فكرة وفضاؤه الإبداعي المختلف وهي نظرة لا تأتي إلا من قبيل التمييز كما للأقليات والطوائف وهكذا.* من هم أبطال قصصك؟- أبطالي اغلبهن نساء متفاعلات مع المجتمع يحاولن أن يعلن صوتهن أحياناً بالرفض لا يجدن إلا الخضوع باعتباره نوعاً من الحلول السليمة خوفاً على الآخرين كالأطفال وغيرهم.* لا تستطيع المرأة أن تتكلم عن جسدها. في نصوصها لهذا توضع خطوط حمراء على ما تكتبه، ما رأيك أنت بهذا؟- باهتمام واضح تجيب :لكل منا رقيبه الخاص ورقيبي يصنع سقفاً ما ورقيب الأخرى يرفع السقف لأعلى من ذلك.الخطوط الحمراء موجودة لدى كل منا ليس بفعل السياسة أو المؤسسة الثقافية وإن كان ذلك موجوداً بالفعل ولكن الخطوط الحمراء في داخلنا نحن الذين نتحكم فيها.* إلى أين تأخذك القصة؟- برومانسية تجيب :تأخذني إلى بحور كثيرة وواسعة وإلى كل الشواطئ والأزمنة والفضاءات.. القصة القصيرة لم تحدني ككاتبة وكمبدعة.. بالعكس هي سمحت لي بالقفز وبالتفاعل مع كل لحظة أخرى كل لحظة هي متفردة هي مشهد متكامل من الأحاسيس والقرارات والانفعالات والعصف الداخلي.* كيف يحافظ الكاتب على نصه من السرقات الأدبية؟- لكل كاتب حقوق فكرية ولكن السرقات الأدبية للأسف موجودة في العالم كله حتى البحوث العلمية تسرق ونسمع عن ذلك الكثير. وأنا شخصياً لم أتعرض للسرقة الأدبية على حد علمي. وأتمنى أن تختفي هذه السرقات والتي تنم عن ضعف وخلل في الشخصية والتكوين الفكري فلماذا أنسب لنفسي ما كتبه الآخرون ؟ما الذي سيضيفه لي أن أسرق نص غيري؟.* ماذا تعني لك القصة؟- هي لحظتي الانفعالية ولحظة الإبداع فمتى تولد لا أدري أين تولد أسبابها. هذا تحكم فيها لحظة الإبداع.* ما رأيك ببلدك الثاني اليمني؟- بكل سعادة تجيب :أحببتها منذ اللحظة الأولى. كانت بالطائرة التي نقلتني إلى اليمن تجلس بجانبي فتاة يمنية جميلة كالبدر أنني تذكرت أغنية أبوبكر سالم «ظبي صنعاء» وتحدثنا كثيراً عن اليمن وقالت: في صنعاء ستشمين رائحة الأرض وبالفعل بمجرد ما هبطت الطائرة كانت أمطار خفيفة تهطل وهذا لا نجده في بلدي الدوحة ولا نجد أمطار الصيف وكانت رائحة الأرض ترحب بالقادمين بشكل تلقائي جميل.* ثلاث وردات لمن تهديها هدى؟- الأولى اهديها لأميوالثانية أهديها لأميوالثالثة أهديها لأمي وهنا تنزل عبراتها لأن ذاكرة مؤلمة ذكرتها بأمها.[c1] بطاقة تعريفية[/c]هدى النعيمي كاتبة من قطرحاصلة على الدكتوراه في الفيزياء.تعمل في مؤسسة طبية تدبر إدارة الأمن والسلامة.تكتب القصة القصيرة منذ التسعينات.نشرت لها ثلاث مجموعات (مكحلة - أباطير - أنثى).وكتاب عبارة عن قراءات عن الشعر والسرد بعنوان «عين ترى».ترأس الآن القسم الثقافي في جريدة (الراية) القطرية.