أ.د/ علي محمد الصبري :لم تول اليمن حتى الماضي القريب اهتماماً يذكر المشكلة الخصوبة العالمية، حين لم تكن الخصوبة تمثل مشكلة على قدر ما كان ارتفاع معدل الوفيات هو المعضلة الأساسية التي واجهت المجتمع اليمني، لذلك كان نظام الإخصاب الطبيعي يعمل بأقصى طاقاته الممكنة، لقد كان المعدل العالي للمواليد يمثل إستجابة طبيعية لمستوى الوفيات العالي، ويعكس الرغبة الغريزية في البقاء عند اليمنيين كما هي عند سائر المجتمعات التقليدية. ومنذ بداية التسعينات، وهي بداية مرحلة الإستقرار السياسي والاقتصادي النسبي دخلت اليمن مرحلة جديدة في التحول الديمرغرافي، إذ نلاخط انكساراً ملحوظاً في نمط الواقعات من الحيوية يتمثل في ارتفاع معدل المواليد مع انخفاض معدل الوفيات، وهذا النمط من التحول عادة ما يطلق عليه بالمرحلة الثانية من التحول الديمرغرافي للسكان. وتؤرخ هذه الفترة لبداية تصاعد معدلات النمو الطبيعي للسكان وارتفاع معدلات الخصوبة الكلية، وإرتفاع متوسط توقع الحياة.[c1]المحددات والعوامل المؤثرة في الخصوبة في اليمن منظومة القيم والمفاهيم :[/c]تمثل العادات والتقاليد والأعراف والمعتقدات والثقافات الشعبية، الآلية التي يعمل بها نظام الإخصاب في اليمن، وهذه الآلية يمكن أن تطلق عليها أسم (منظومة القيم) فكثير من سكان اليمن لا يزالون يعتقدون بأن حجم الأسرة الكبير يعطيهم مكانة كبيرة في مجتمعهم المحلي، وأن الإنجاب المستمر لعدد كبير من الأطفال وخاصة الذكور يخلد اسم الأسرة ويعزز قوتها ومكانتها وهيبتها داخل القبيلة أو المجتمع الذي تعيش فيه كما أن أفضلية المولود الذكر على الأنثى يجعل بعض الأسر تستمر بالإنجاب حتى ترزق بالمولود الذكر حتى وإن كان قد وصل عدد أطفالهم من الإناث إلى أرقام عالية، وبعضهم قد لا يكتفي بمولود ذكر واحد فيسترسلوا بالإنجاب حتى يحقق العدد المطلوب من الذكور.كما أن الخوف من العجز لدى رب الأسرة وعدم وجود من يعولها من بعده يجعل الإنسان اليمني يفكر بإيجاد الطفل الذكر وبشكل مبكر حتى لا يصل إلى مرحلة العجز إلا ولدية البديل الذي يتحمل بعد الأب مهمة إعالة الأسرة كما أن نمط الحياة الريفية عامل مساعد للخصوبة العالية لدي الكثير من اليمنيين الذين يرغبون في أن يساعدهم أطفالهم في أعمال الفلاحة و غيرها. كما أن بعض النساء تسعى إلى الإنجاب في مرحلة مبكرة وبشكل متكرر تدعيماًً لوظيفتهن المحددة وتأكيداً لمكانتهن في الأسرة.[c1]الخدمات الطبية والصحية :[/c]مما لاشك فيه أن هناك علاقة مباشرة بين مستوى الرعاية الصحية وكذا الوعي الصحي للمواطنين من جانب والسلوك الإنجابي من جانب أخر، فتوفر مستؤ جيد من الرعاية الطبية والصحية بما فيها رعاية الحوامل، والرعاية التوليدية، ورعاية الطفل، ويمنح الأطفال فرصة أكبر للبقاء على قيد الحياة وهذا بدوره ينعكس على خلق وعي لدى الأفراد بحيث يصلون إلى قناعة تامة بالتخلي عن النظرة السابقة للسلوك الإنجابي المتسارع تحسباً للإحلال والتعريض عن المعدلات العالية للوفيات وبالتالي تتبنى الأسرة طوعياً سلوك إنجابي معتدل أو بطئ، وبالمقابل فإن تدني مستوى خدمات الرعاية الصحية الأولية سيؤدي إلى استمرار معدل عال للوفيات (أو خفض ضئيل لها) وهذا بدوره يؤدي إلي معدل خصوبة مرتفع، وبالتالي تتبني الأسرة النمط المرتفع للسلوك الإنجابي.[c1]الوضع التعليمي :[/c]هناك عدد من الدراسات التي أجريت تؤكد على وجود علاقة وارتباط بين التعليم والخصوبة، فالتوسع الافقي و الرأسي في مجال التعليم يحدث أثراً على الخصوبة إما بشكل مباشر أو غير مباشر.فبالنسبة للأثر المباشر يؤدي تعليم الذكور والإناث إلى تأخير سن الزواج، وخصوصاً إذا امتدت فترة التعليم إلى مراحل متقدمة في السلم التعليمي، وبحسب ما تبينه المؤشرات المتوفرة عن الخصائص الديمغرافية للسكان فأنه يتضح أن 15.9 % من الذكور الأميين يتزوجون قبل بلوغهم سن الخامسة عشر، بينما هي5.5 % لدي نفس الفئة العمرية من الذكور الذين لديهم مستوى تعليمي ابتدائي فما فوق.وكذلك بالنسبة للإناث، والمتزوجات قبل بلوغهن سن الخامسة عشرة وصلت نسبتهن8.5 % بينما هذه النسبة 5.5 % لدى نفس الفئة العمرية، واللاتي لديهن مستوى تعليمي أبتدائي فما فوق.أما فيما يتعلق بالأثر غير المباشر الذي يحدثة التعليم في الخصوبة فيمكن إجماله في أن نشر التعليم يزيد من الوعي الصحي، كما أنه يضعف نفوذ العادات والتقاليد الشعبية التي تفرض هيمنتها على السلوك الإنجاني، فلقد أثبتت العديد من المسوحات أن الخصوبة الكلية تتراجع كلما زاد تعليم الإناث.[c1]مكان الإقامة :[/c]تختلف معدلات الخصوبة في الجمهورية اليمنية بإختلافي محافظاتها، وكذا وفقاً لمكان الإقامة في مكان محافظة على حدة (حضر، وريف) ونجد أن مستوى الخصوبة يختلف وفقاً لمكان الإقامة حضرا و ريف ، حيث وجد وفقاً لمعطيات المسح لصحة الأسرة 2003م أن معدل الخصوبة الكلي يساوي 4.5 في الحضر بينما هو 6.7 في الريف، وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت لعام 2004م فأن معدل الخصوبة الكلي وصل إلى (4.8) مولود لكل إمراة وفي الريف إلى (6.7) مولود لكل امرأة. لكننا لا نستطيع القول بأن الخصوبة أعلى في الريف عنها في الحضر في كل المحافظات، حيث توجد بعض المحافظات تكون فيها الخصوبة أعلى الحضر عنها في الريف.[c1]الزواج المبكر :[/c]يؤثر الزواج المبكر تأثيراً مباشراً على تكاثر السكان، الذي بدوره يتحدد وفقاًَ لمجموعة من العوامل والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا بالعادات والتقاليد السائدة في المجتمع اليمني.فمن الملاحظ نزوع المجتمع اليمني في الغالب إلى شيوع الزواج المبكر للأثاث كاحتراس وحصانه اجتماعية للأنثى، والذي باب مع مرور الزمن جزء من منظومة القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، لكن الحق يقال بأن حصانة الأنثى ليس بالضرورة بزواجها المبكر بقدر ما هو مرتبط بتربيتها الصحيحة ومنعها قدر أكبر من صنع القرار، واستقلالية الرأي، وإعطائها فرصة لمناقشة المواضيع التي تهمها وتهم الأسرة.إن التأثير المباشر للزواج المبكر للإناث على الخصوبة يمكن في زيادة الفترة الزمنية للإنجاب الفعلي التي تقضيها المرأة في سن الإنجاب وبالتالي زيادة احتمال حدوث الحمل والولادة وخاصة إذا ما استبعدت إمكانية استخدام أي وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة.[c1]المدير التنفيذي لمركز التدريب والدراسات السكانية بجامعة صنعاء [/c]
الخصوبة في اليمن والعوامل المؤثرة فيها
أخبار متعلقة