رغم صدور توجيهات من رئيس الجمهورية وصدور ثلاثة قرارات وزارية بمجانية الولادة في المرافق الصحية الحكومية
تشير المؤشرات الصحية في بلادنا الى أن وفيات الامهات في اليمن لا تزال من أعلى المعدلات في العالم على الرغم من الجهود والمساعي الكبيرة التي تبذلها الدولة لتخفيض نسبة وفيات الامهات التي وصلت الى (366) حالة وفاة لكل (100,000) ولادة حية ووفقاً لأهداف السياسية الوطنية للسكان للفترة (2025-2001م) تسعى الحكومة الى تخفيض نسبة وفيات الامهات الى (75) حالة لكل (100ألف ) ولادة حية عام 2015م والى أقل من (65) حالة بحلول عام 2025م كما أنه ووفقاً لبرنامج العمل السكاني للفترة (2010-2006م) والخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2006-2010م) فإن الجهود الحكومية تتجه نحو تخفيض وفيات الامهات من (366) حالة لكل (100,000) ولادة حية الى (238) حالة في عام 2010م وزيادة الولادات بإشراف طبيعي من (26,8 %) الى (45 % ) في نفس الفترة ..عرض / بشير الحزمي ولأن مضاعفات الحمل والولادة تسبب وفاة ما يقارب ثلاثة آلاف امرأة سنوياً وتمثل أول أسباب الوفاة بين النساء في سن الانجاب وهو ما بات يشكل أحد التحديات الرئيسية التي تتطلب مجابهتها من خلال إتخاذ الخطوات والاجراءات لخفض وفيات الامهات ولذلك فقد اتخذت وزارة الصحة العامة والسكان عام 1999م قراراً وزارياً بمجانية الولادة في كافة المرافق الصحية الحكومية استناداً لتوجيهات من فخامة الاخ رئيس الجمهورية عام 1998م ولأن القرار الوزاري الذي صدر عام 1999م لم يجد طريقه الى التنفيذ فقد صدر قرار وزاري جديد عام 2002م غير أنه هو الآخر لم ينفذ وتأكيداً على القرارات السابقة صدر قرار وزاري جديد في عام 2006م بمجانية الولادة في المرافق الصحية الحكومية ولا زالت حتى الآن توجد العديد من العراقيل والاسباب التي تقف عائقاً أمام تنفيذ هذا القرار ..(صحيفة 14 أكتوبر) تقدم عرضاً موجزاً لإحدى الدراسات التي أعدت من قبل اللجنة الوطنية للمرأة بالتعاون والتنسيق مع منظمة أوكسفام البريطانية عن مدى تطبيق القرار الوزاري التي أجريت في سبع محافظات مختارة هي (أمانة العاصمة , عدن , الحديدة , شبوة , عمران , صنعاء , لحج) خلال الفترة (يوليو – أغسطس 2006م).الدكتورة / نجيبة عبدالغني – الاستاذ المشارك بكلية طب المجتمع في جامعة صنعاء كانت قد أعدت ملخصاً لهذه الدراسة أشارت فيه الى أن اللجنة الوطنية للمرأة قد أرتأت أن تقوم بالدراسة في المرافق الصحية الحكومية بمعرفة مدى الالتزام بتنفيذ هذا القرار والاسباب وراء عدم تطبيقه بهدف مساعدة وزارة الصحة العامة والسكان على وضع الآليات لتنفيذه.الدراسة تمت بالتعاون والتنسيق مع اللجنة الوطنية للمرأة ومنظمة اوكسفام البريطانية خلال الفترة يوليو ـ أغسطس 2006م وذلك بتعبئة الاستبيانات من خلال مقابلة مدير ورئيس قسم التوليد في جميع المرافق الصحية الحكومية التي تقدم خدمات التوليد على مستوى مراكز المحافظات السبع التي اجريت فيها الدراسة وأيضاً المرافق الصحية الحكومية الريفية التي تقدم الخدمات التوليدية بها والتي تبعد عن مركز المحافظة المختارة بما لا يزيد عن سفر نصف ساعة بالسيارة، هذا بالاضافة الى مقابلة مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان ورئيس لجنة الخدمات في المجلس المحلي في كل المحافظات المختارة بما في ذلك النساء اللائي تلقين رعاية التوليد في المرافق الحكومية ممن لازلن يرقدن في تلك الاثناء في قسم الولادة في تلك المرافق الصحية التي تمت زيارتها من قبل من قام باعداد هذه الدراسة، كما تتضمن الدراسة مقابلة مدير كل من الاربع الجمعيات غير الحكومية التي تعمل في هذا الجانب وهما (سول، جمعية رعاية الاسرة اليمنية، جمعية للقابلات، جمعية الاصلاح الاجتماعية الخيرية). وتضمنت العينة 34 مرفقاً صحياً حكومية 10 منها مستشفيات على مستوى المحافظة 10 على مستوى المديرية الباقي كانت مراكز صحية وقد تم استجواب 147 شخصاً منهم 47 امرأة من منتفعات الخدمة.واشارت الدكتورة في هذه الدراسة انه لا يتم تطبيق قرار مجانية الولادة في أي من المرافق الصحية التي تمت زيارتها حيث تبين ان قرار مجانية الولادة لم يتم توزيعه على كافة الجهات ولم يحظ بالاهتمام الكافي من مسؤولي الصحة بالرغم من صدوره ثلاث مرات، المرة الاولى في عام 1999م والثانية في عام 2002م والثالثة في عام 2006م.وقالت ان نسبة منتفعات الخدمة اللاتي افدن بسماعهن عن قرار مجانية الولادة بلغت 14 % فقط وهذا ان دل فانما يدل على عدم نشر الوعي في اوساط المجتمع بقرار مجانية الولادة وذلك لتفادي المطالبة بتنفيذ هذا القرار من قبل المنتفعات.كما أشارت الى ان هناك تحايلا على تطبيق القرار بسبب عدم وجود الميزانية الكافية من الدولة، ولم تعط البدائل وعدم توفر المستلزمات والادوية وعدم وضوح آليات التنفيذ للقرار.وذكرت الدكتورة في ملخص الدراسة بانه قد تبين من هذه الدراسة ان مستشفيات المديريات والمراكز الصحية تعاني من ركود في تقديم خدمات التوليد ولا تستغل امكانياتهما وانما يقع العبء الاكبر من الولادات في مستشفيات المحافظات 91 % من الولادات الطبيعية، 9% من الولادات القيصرية بسبب عدم توفر الكوادر الطبية المتخصصة في مستشفيات المديريات مع وجود نقص في القابلات العاملات في قسم التوليد في المراكز الصحية.وقالت ان نتائج المقابلات التي اجريت قد أظهرت ان معظم المرافق الصحية تعاني من (نقص في المعدات والمستلزمات الصحية، عدم وجود الأدوية الأساسية، ضيق مساحة قسم التوليد ناهيك عن عدم ملائمتها صحياً، غياب التدريب المستمر للكوادر في الرعاية التوليدية الطارئة، شحة الميزانية الحكومية، سوء الادارة مع التغيب الكامل لنظام الاحالة الفاعلة، عدم وجود الحوافز للكوادر، تدني جودة الخدمات التوليدية.وأوضحت انه ومن خلال هذه الدراسة تبين ان رسوم الولادة اكانت طبيعية او جراحية تختلف من مرفق صحي حكومي لآخر حتى في نفس المحافظة وهذا يؤكد على عدم وجود معيار واحد لرسوم خدمات التوليد حتى على مستوى المحافظة ، كما تبين ان رسوم الولادة الطبيعية في المستشفيات هي ضعف الرسوم في المراكز الصحية.أما الجمعيات غير الحكومية الاربع التي شملتها الدراسة فقد افادت بان دورها في قرار مجانية الولادة ينحصر في الترويج ونشر الوعي عن قرار مجانية الولادة.ونوهت في ختام ملخص هذه الدراسة بانه وحسب ما تشير الدراسات لبلدان استطاعت ان تخفض نسبة وفيات الامهات الى أدنى من 50 حالة وفاة لكل 100 ألف مولود حي دون التكلفة المباشرة من المنتفعات وبتمويل من حكوماتها بانه يمكن لليمن ان تحد من وفيات الامهات بتحسين فرص الحصول على الرعاية التوليدية وتحسين جودتها مع وجود نظام احالة فعال مع مختلف مستويات الرعاية التوليدية لضمان التدبير العلاجي بسرعة وكفاءة للمضاعفات التي تهدد حياة الامهات وتطبيق قرار مجانية الولادة ووضع آليات لتنفيذ القرار.