مع الأحداث
لأول مرة في تاريخ رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها، يتشرح رجل «أسود»، وينجح في خوض الانتخابات الرئاسية التمهيدية، ويصبح مرشحاً رسمياً عن الحزب الديمقراطي ليتبوأ منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حيث لم تبق من المعركة الانتخابية النهائية إلا شهران، وتكون المعركة الحاسمة بينه وبين منافسه «ماكين» المرشح عن الحزب الجمهوري «الحزب الحاكم حالياً»، بيد أن كل الدلائل والمؤشرات حتى الآن ترجح كفة المرشح الديمقراطي «أوباما»، الذي اصبح قاب قوسين أو أدنى من دخوله البيت الأبيض الذي ظل مقصوراً ـ على الرؤساء البيض فقط.ولكن ما يعنينا نحن العرب من السياسة الأمريكية ـ في المقام الأول ـ هو المواقف المعلنة وغير المعلنة للبيت الأبيض، والكونجرس الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، ونزاعنا مع دولة الكيان الصهيوني، وهو نزاع طال أمده منذ أكثر ستين عاماً، عندما قامت «إسرائيل» في قلب الوطن العربي، وما ترتب على قيامها من تشريد شعب واحتلال الأرض بقوة السلاح، وبتأييد ودعم العديد من دول العالم الكبرى والصغرى على السواء.وما يهمنا ـ أيضاً ـ من السياسة الأمريكية أن تنهي احتلالها العسكري الغاشم على أرض العراق الشقيق الذي تسبب في مقتل أكثر من مليون عراقي، وتدمير بنيته الأساسية، ومبانيه العمرانية، ومعالمه التاريخية الأثرية والثقافية، وتشريد ملايين العراقيين في أجزاء مختلفة من الوطن العربي والعالم، ونهب ثرواته النفطية بدون حسيب ولا رقيب.والمعروف أنه يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي ستة ملايين يهودي، نشط عدد كبير منهم في الدعوة لإسرائيل والمطالبة بمزيد من الحماية والرعاية لها من خلال المناصب الرئيسية التي يشغلونها في الهيئات والمؤسسات الرسمية والأهلية .. انهم دعاة الصهيونية والمؤثرون في السياسة الأمريكية تأثيراً كبيراً وفعالاً، ولهذا السبب قام «أوباما» المرشح للرئاسة الأمريكية بزيارة خاصة إلى أرض فلسطين المحتلة للقاء حكومة أولمرت وقادة إسرائيل ـ ضمن حملته الانتخابية النهائية ـ وذلك لغرض بث الطمأنينة في نفوسهم، والتأكيد على حماية وجود «دويلة» إسرائيل، وصون أمنها القومي ودعمها بكل السبل المتاحة في تعزيز قوة بقائها الدائم، واحتضان عملية السلام، ورعايتها، وتفعيلها بين أسرائيل والسلطة الفلسطينية حتى تؤتي ثمارها المرجوة.ختاماً نقول إنه من السابق لأوانه، ان يحدد العرب موقفهم من رئيس أمريكا القادم في هذه المرحلة المبكرة رغم ما قيل عن مواقف الرجل من قضيتنا الكبرى، والقضايا الأخرى المتعلقة بسوريا ولبنان والعراق .. إن موقفهم اليوم لايمكن أن يتجاوز موقف الانتظار والترقب والأمل في اقرار سلام دائم وشامل في المنطقة.