إن الصلة بين الدعاء والصوم وثيقة ؛ حيث يقف السياق قبل أن يمضي في بيان أحكام تفصيلية خاصة بالصيام؛ ليحدثنا عن الدعاء تأكيدًا لهذه الصلة الوثيقةولكن الاستعجال في طلب الإجابة يحرم العبد خير الدعاء حين يتسرب اليأس إلى نفسه فيدع الدعاء وهذا لا شك من مكائد إبليس، فالمؤمن لا يقنط من رحمة الله أبدًا؛ تمتلئ نفسه يقينًا أن الله يكرمه بالخير لا محالة، لكن زمان الخير ومكانه لا يعلمه ولا يقدره إلا الله وحده. فقط علينا أن ننعم بالقرب من الله فندعو بقلب حاضر خاشع مقبل على الله، ونقرن دعاءنا بالعمل الصالح والبعد عن المعاصي، ونتحرى أوقات الإجابة المعروفة، وإن كان الله تعالى قد قرن بين الصوم والدعاء لحكمة رائعة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرن بين الصوم والدعاء لنفس الغاية وبشكل لافت للنظر ومثير للتأمل.فعن الدعاء في شهر رمضان قال ا بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال يومًا وقد حضر رمضان: “أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته؛ فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإن الشقي من حرم فيه رحمه الله عز وجلَّ” رواه الطبراني ورواته ثقات.وكذلك الدعاء في ليلة القدر، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت أن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنّي” رواه الترمذي.والصائم أقرب الدعاة استجابة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم..” وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- أعلم الأمة بالله ورسوله -صلى الله عليه- وسلم وأفقههم في دينه؛ لهذا كانوا يعرفون للدعاء قدره، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستنصر به على عدوه، وكان يقول لأصحابه: “لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء”.وإن كان الدعاء نعمة عامة ذات قيمة عالية، فهو في رمضان نعمة خاصة لا غنى لنا عنها؛ ليست من أجل ذات الدعاء، ولكن لأنه لا غنى لنا عن الله. وإذا أردت أن تعرف قيمة الدعاء بحق فاعرف قيمة من تدعو، وإذا عرفت قيمة من تدعو، فمن المؤكد أنك ستعرف قيمة الدعاء، وليس المهم أن ندعو وندعو فقط، بل القيمة الحقيقية أن نكون أهلاً لهذا الدعاء.
|
رمضانيات
الاستعجال في الدعاء
أخبار متعلقة