المفتتح
مآثر الاحداث التي تختزنها الذاكرة العربية، حاضرة في لبنان وهذا جعل من السهل وضع الوقائع المأساوية اليوم، في مدرج للهبوط الناتج عن غياب الفهم الصحيح ووضوح الاسلوب المرتشي في تفسير احداث تتكرر لكن نوعية هذ التكرر يدل أننا لم نفهم التاريخ لكي نستفيد بقدر ماكان التاريخ ذاته لسبب لهذه الازمة التي نعيشها اليوم.قد لا اقف مناقضاً لهذه المقولة مع الذين يتفقون في الكثير من المواضع في كيفية اعادة التاريخ لنفسه ربما الخطأ الذي نملكه احياناً يكتنف بوضوح ما نعانيه من إبهام في التعبير لنحمل طرفاً دون آخر جريمة مايقع من قتل وإبادة وهدم ومجازر لنقول بعد كل هذا إن هذه هي طريقة اليهود الغدر والقتال والتلذذ بالدماء فهذه حقيقة واضحة وليست بحاجة الى دليل يكشف الستار عنها وليس هناك من يقف رافضاً إن هذه الطريقة لم تكن وليدة بل كانت موروثة لكن كلمة التاريخ يعيد نفسه تثير انطباعات مختلفة يجعل من المستحيل فهم التاريخ ومعرفة حكاياته ووقائعه بشكل اوضح وأكثر عمقاً فالتاريخ يعيد نفسه بين طرفين بحيث لايجب أن نقيم طرفاً دون أن نضع اقدامنا على الطريقة نفسها في التقييم لان هذا نوع من الوعي السطحي في معرفة خفايا ماحملته تلك الاحداث وماخلدته تلك التجارب التي ناضلت من أجلها الشعوب لتصنع حاضرها الراقي من مآسي ماضيها وهذا يدلنا على تجربتنا العربية في تاريخ يعيد نفسه ليكون أكثر بشاعة في صنع مآسي الحاضر.وقد لايقف التاريخ عند الاعادة ليقدم دليلاً على أن الطبع يغلب التطبع بل قد يأتي كاشفاً فضيحة ما كما هو اليوم من الانهماك العربي في تصوير الجرائم الاسرائيلية دون أن يعترفوا أن الانقسام في الرؤى والافكار والسياسات هو الذي يشجع اسرائيل على التمادي لكي ترتكب المزيد فالضحية العربي في لبنان سواء كان قتيلاً أو جريحاً أو فاراً من دياره كان بمقدوره أن يعيش حراً غير هارب بأهله ومعرض للقتل لوكان هناك موقف عربي ثابت وموحد تجاه قضية لبنان وشعب لبنان لكن التاريخ ذاته اليوم ليقول لنا أننا من يرتكب جريمة لبنان بأيدي اسرائيلية وبموقف امريكي داعم.لكن مجرد المباغته في طرح الاقوال وتدليك المفاهيم وقياس الفضائح من باب آخر لايعطي الشيء حقه ولن يعيد الارض ولن يوقف الهمجية الاسرائيلية في ارتكاب المزيد من الجرائم ولتكن اسرائيل أم الجرائم تحت مقولة التاريخ يعيد نفسه دون أن نذكر أن الانقسام الحاصل اليوم لنا هو من باب المقولة نفسها لكن الانقسام ذاته هو حالة من الهالة التدميرية في البناء الفكري والاجتماعي في تحديد الواجبات الضرورية التي نتفق عندها في المجابهة وتحديد العدو حتى نتمكن من قطع جزء من حياة العذاب التي نعيشها مقابل كرامة نطلبها.وهذا لايعني أننا نبرئ الاسرائيليين من القتل فهذا شيء واضح وجلي وليس بحاجة الى من ينذر نفسه ليدافع عن الارهاب الصهيوني بقدر ماهو احاطة عن عمق مانرتكبه نحن العرب بحق انفسنا وندعي أننا حريصون ومحبون مع أن الامر قد خرج من نطاق الحرص والمحبة ليستوجب الوقوف بثبات مع لبنان وشعب لبنان وقد يكون صحيحاً أن التاريخ يعيد نفسه لكننا جزء من هذه الاعادة بالايجابية والسلبية ولايمكن الانفلات إذاً عن هذه المقولة وتحميلها طرفاً مع إننا جزء من هذه الاعادة البشعة اليوم التي تجري فصولها على أرض وشعب لبنان. * عبد الرب الفتاحي