عدن ثغر اليمن الباسم وعاصمة اليمن الاقتصادية والتجارية,مدينة ساحرة بمناظرها, تأسر الألباب بموقعها الجميل, بخليجها الهادر وجبالها الشماء وقلاعها المنيعة, يتطلع إليها كل من في الشرق وفي الغرب حيث تستقبل شواطئها الخلابة آلاف السياح والزائرين من كل أقطاب المعمورة. تحقق لها بعد تحقيق الوحدة المباركة في مايو 90م ما لم يكن لها في ما قبل ذلك , فقد زادت تطوراً وازدهاراً, وانتعشت أسواقها وهي التي كانت تشتهر في أول عهدها كسوق من الأسواق العربية الكبرى, وهي اليوم من أهم المراكز التجارية في الجزيرة العربية, وتزينت سواحلها فتاريخيا هي الميناء الأول للحميريين, عرفت في ما بعد بالميناء الأسواني, وقد كانت كذلك منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد حيث ورد اسمها في الكتب المقدسة والتوراة والإنجيل وكذلك في النقوش المسندية وفي الأسفار ومن ضمنها سفر(حزقيال). ولكلمة (عدن) معانٍ كثيرة ، فعدن بمعنى الإقامة، وعدن البلد التي يسكنها الناس ، وهي أيضاً ساحل البحر. أما المصادر التاريخية العربية فتنسبها لعدن بن عدنان كما جاء عند أقدم المؤرخين كالطبري, وكانت عدن بمثابة حلقة الوصل بين قارات العالم القديم مهد حضارة الإنسان ( آسيا شرقاً وأفريقيا غرباً وأوروبا شمالاً). عدن كما استعادت مجدها يوم الثاني والعشرين من مايو المجيد قبل عقدين من الزمن , حينما كانت ولا تزال حاضنة للوحدة الخالدة, فعلى ترابها رفرف علم الجمهورية اليمنية خفاقاً عالياً ولم يزل كذلك, عدن رمز الثورة ضد الاحتلال الغاشم وموطن الثوار الأحرار والمناضلين الذين يشار إليهم بالبنان. عدن عاشت البارحة أجمل لياليها بل وليالي اليمنيين كلهم , فهي تحتضن بين جنباتها إخوة أعزاء جاؤوها من كافة دول مجلس التعاون الخليجي والعراق, بل ومن كل قطر عربي, عاشت على إيقاع احتفالات قرعة بطولة خليجي عشرين التي ستنطلق بعون الله في نوفمبر القادم, وكما ازدانت سماؤها بالألعاب النارية شهدت أرضها حركة دؤوبة تمثلت في الإعداد والتهيئة لهذا الحدث الكبير. عدن أعلنت للمشككين أن ظنونهم خابت, وأمنياتهم المشؤومة ذهبت بها سواحل عدن أدراج الرياح, فكل من راهن على عدم الوصول لهذه اللحظة الفاصلة , يموت كمدا وغيظا, ويتحسر على أمنياته التي تبخرت, فعدن البارحة استقبلت أشقاءنا في الخليج العربي ليكتمل بناء ذلك العقد الجميل الذي يطوق الجزيرة العربية. عدن شهدت قرعة البطولة التي انتظرها اليمنيون ومنذ اليوم الأول الذي تم فيه إسناد الاستضافة للجمهورية اليمنية, وبإجراء القرعة يكون العد التنازلي قد بدأ فعلاً لهذه البطولة الغالية, ويكون ذلك إعلاماً بان عدن وأبين قد اقتربت فعلاً من افتتاح المشاريع العملاقة سواء الرياضية أو الفندقية أو الخدمية على اختلاف أنواعها. عدن اثبتت للعالم أن رهان اليمن قد تحقق ويأتي ذلك بفضل الله ثم الجهود الكبيرة للأخ قائد الوحدة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله, الذي هيأ كافة الظروف لأن يقام هذا الحدث في موعده , وكان دوماً يراقب عن كثب الاستعدادات بل ويقوم بالنزول الميداني ليطمئن بنفسه على ما تم انجازه, ولن ابالغ ان قلت ان نصف ما تحقق يعود بالمقام الأول لفخامة الأخ الرئيس, فهو قد هيأ الأجواء عبر سياسته الحكيمة والعلاقات المتينة التي أسسها مع دول مجلس التعاون الخليجي, وتلك العلاقات هي التي مكنت اليمن من الانضمام لبعض مؤسسات وهيكل المنظومة الخليجية, وقد كان فخامته الداعم الإعلامي الأول لإقامة البطولة عبر تصريحاته القوية عن قدرة اليمن ونجاحها في الاستضافة, في ضوء ذلك الدعم اللامحدود من قبل الأخ قائد الوحدة شرعت كافة الأجهزة الحكومية في تسريع من الأعمال الإنشائية حتى انتهى بعضها فيما قارب البعض الآخر الانتهاء, كما عملت اللجنة المكلفة بخليجي عشرين برئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن وزير الادارة المحلية الدكتور رشاد العليمي, ورئيس الاتحاد العام لكرة القدم الشيخ احمد صالح العيسي وكل اللجان المعنية عملت جميعها بجد واجتهدت من اجل الوصول لهذه الليلة التاريخية . عدن برهنت البارحة للجميع أنها بلد الأمن والاستقرار وهي تحتضن احتفال القرعة الخليجية, وتبدد الأوهام والمخاوف التي زرعها المغرضون وهم للأسف من أبناء جلدتنا في مساعٍ خبيثة لإثناء الأشقاء عن التواجد بيننا, فهم يدركون تماماً المعنى الحقيقي لتواجد الأشقاء في عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن الموحد, فذلك دحضٌ عملي لافتراءاتهم وتكذيب لزيف قولهم, وتفنيد لمزاعمهم . عدن لم تستقبل الرياضيين فقط , بل فتحت ذراعيها أمام المستثمرين من دول المجلس كافة, الذين سيجدون فيها غايتهم المنشودة, وستخلق لهم بمقوماتها المميزة بيئة استثمارية ستعود بالخير لعدن وساكنيها ولليمن كله, لقد أدركت القيادة السياسية ذلك البعد المهم حين وجهت بان تحتضن عدن أحداث بطولة خليجي عشرين. الشكر كل الشكر للأشقاء الخليجيين الداعمين بقوة لليمن في استضافتها للبطولة رغم إلغاء الاجتماع الذي كان مقررا في الكويت إما لعدم اكتمال النصاب بمعارضة معظم الاتحادات الخليجية أو بقرار الكويت إلغاءه, فالجميع اتفقوا على ان تكون عدن هي وجهة التقائهم جميعا في ليلة رمضانية جميلة, فمرحبا بالإخوة في بلد الكرم, اليمن السعيد مهد الحضارة وموطن العرب الأول, نزلتم أهلا وحللتم سهلا وسكنتم قلوبنا قبل بيوتنا . [c1]* باحث دكتوراه بالجزائر [email protected] [/c]
أخبار متعلقة