584 فضائية تسبح في الفضاء .. ماذا قدمت للعرب؟
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: حتى وقت قريب كان العالم العربي يعاني من التفرقة الإعلامية بينه وبين دول العالم المتقدم ، أما الآن يموج الفضاء العربي بالأقمار الصناعية والقنوات الفضائية التي تزيد عن 584 قناة فضائية ، هذا فضلاً عن سبع قنوات فضائية تبث بغير اللغة العربية والسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. هل حقق الإعلام العربي والقنوات الفضائية العربية الأهداف التي أنشئت من أجلها؟ في هذا التحقيق نعرض لآراء المتخصصين ورؤيتهم للإعلام العربي .يقول : د· شريف درويش وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة: إن علاقة الإعلام بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات هو حديث العصر ومع أن البعض يهاجمون الكثير من وسائل الإعلام لكنه بأي حال من الأحوال لا يمكن الاستغناء عنه ، فكل هذه التكنولوجيا جعلت الإعلام شديد التطور ومشاركا لنا في جميع مناحي الحياة ، بجانب أن تكنولوجيا الاتصال أثرت على علاقات الأسرة الواحدة . ويوضح أنه مع امتلاك العرب لما يزيد على 584 قناة فضائية فمع ذلك لم تحقق الأهداف والوجود الذي تسعي إليه وكانت حجة العرب في إنشاء تلك القنوات الرد على الإباحيات من دول الغرب لكنها أصبحت أشد انفلاتا من القنوات الغربية بسبب الانتشار اللاواعي .ويشير درويش إلي أن القنوات التي تحظي بالإنفاق والمشاهدة هي قنوات الفيديو كليب والأفلام والرياضة ، وكان يمكن لتكنولوجيا الاتصال توصيل الثقافة إلي المجتمعات العربية الأخري والمحو علي الأمية التي تتراوح نسبة الأمية في الدول العربية من 40 إلي 60 % لذلك استثمر العرب الإنفاق في تكنولوجيا الاتصال أكثر من تنمية البشر ، بالإضافة إلى أن هذه القنوات لم يكن عليها أي نوع رقابي لأن أكثر هذه القنوات هي قنوات خاصة ، وفي المنطقة العربية هناك قنوات خاصة لكن تحكمها الحكومة من تحت الستار كقناة الجزيرة وهناك قنوات حزبية وقنوات أنشأها أفراد من أصحاب الربح أنشأها رجال أعمال من أجل الوجاهة الاجتماعية وهناك البعض منها أنشأها رجال أعمال بهدف غسيل الأموال والقنوات الحكومية التي بها فارق بين الخبراء المتخصصين ومتخذي القرار ، ويوضح أن معظم القنوات الفضائية العربية دورها الأساسي نشر ثقافة الآخرين وثقافتنا إلا أنها جاءت لقتل رموز ثقافتنا والقضاء علي ملامح الشريعة الإسلامية من خلال بث الثقافة الغربية التي لا تتماشي مع هويتنا والسبيل الوحيد هو تنشئة الشباب تنشئة دينية .[c1]مليارات[/c]ويري د. أحمد فاروق مدرس الإعلام بجامعة حلوان أنه مع زيادة ظاهرة القنوات الفضائية وانتشارها في العالم العربي اختلفت الفضائيات بين عامة ومتخصصة واختلفت في المضمون أو قنوات مفتوحة وأخري مشفرة ولكل قناة مجموعة من الأهداف التي تعمل جاهدة من أجل تحقيقها وتوصيل رسالتها لقاعدة عريضة من الجمهور حتي إذا كان مضمون القناة ترفيهيا يعتمد علي البرامج الخفيفة وأغاني الفيديو كليب .ويشير إلى أن النظرة الحالية للقنوات الفضائية علي أنها جزء لا يستهان به من الآلة الإعلامية التي تمارس وتسيطر علي شعوب العالم العربي ورغم ما يتبادر إلي الذهن أن هذه القنوات ترفيهية حيث إن هذه القنوات تمثل نسبة كبيرة من وضع الأمة العربية وأن حجم ما يصرف على الفضائيات العربية من أموال يبلغ المليارات سنويا بدلا من توجيه تلك الأموال إلى النهوض بالأمة العربية بجانب أن هناك قنوات تبث إرسالها وهي تعلم ماذا تفعل ودورها معروف ومدفوع الأجر وتحاول أن تخلق صراعات عربية بلا مبرر وهناك قنوات تبث أفكاراً عرقية وحزبية وأفكاراً جاهزة من المطبخ الغربي لا تتناسب مع مجتمعاتنا وأخرى تقوم بإفساد التذوق الفني والثقافي للمشاهد العربي كالعري والإباحية والفيديو كليب وموضة الفتاوى وقنوات تبث أفكارا ذات نزعة عدوانية ، ويأتي ذلك الانحدار لأن القنوات الفضائية تتجاهل دورها الأساسي في عرض القضايا العربية وتعميق العلاقات الاجتماعية وتأكيد السلوك الاجتماعي المقبول وتأكيد الأصالة والمعاصرة والحرص على مواكبة العصر.ويطالب بضرورة وضع قواعد وتشريعات وقوانين وتشريعات تحكم هذه القنوات لما يعد إنقاذا وإنصافا للمشاهد العربي وأن تكون هناك اتفاقيات دولية تلزم الدول العربية بعدم الإضرار بالسلوك وخدمة المجتمع ، وعلى الرغم من ذلك فإن المشاهد العربي هو المستفيد الأول من هذا التنوع في القنوات الفضائية ، ولكن مع وجود ميثاق يحكم العمل الإعلامي بتلك القنوات والالتزام بقراراته حتي لا تخرج عن تقاليد وقيم الشعوب العربية والإسلامية وتطبيق تلك القواعد التي تلتزم بالضوابط الشرعية والأخلاقية والمتمثلة في ميثاق شرف إعلامي يتناسب مع طبيعة القنوات الفضائية.تقول د. سهام نصار أستاذ الإعلام بجامعة حلوان :إن هناك عددا كبيرا من المحطات التليفزيونية الفضائية العربية وتلك الظاهرة تبدو في ظاهرها إيجابية فإنطلاقها له مزايا إعلامية إيجابية لكنها نسبة ضئيلة أمام السلبيات ومن تلك الإيجابيات إنتهاء التعتيم الإعلامي والتمهيد لتنامي المعرفة الدولية لدي المشاهدين وأصبح في تناول المشاهد التعرف على أشكال مختلفة من المعرفة بيسر بالإضافة إلي تحريك الراكد العربي وطرح الرأي والرأي الآخر بجانب الاهتمام بالإعلام الديني إلى جانب التميز الإعلامي . وتقول : بدأ الإعلام يتحرر من الحصاد الذي ظل مفروضا على القائمين عليه من قبل الدول والأنظمة دون أن يجدوا متنفسا وقد أدى كل ذلك إلي تشكيل وعي جماهيري في كيفية تكوين الرأي أما عن السلبيات الناتجة عن كثرة الفضائيات فهي انتشار برامج مقتبسة من دول الغرب على الفضائيات العربية والتي تجمع شبابا وفتيات في مكان واحد وذلك لأنها تسهم في تعميق الانحراف الاجتماعي وتدمير قيم الشباب الإيجابية وهويتهم الثقافية بجانب أن المحطات الفضائية العربية قد شاركت بدور أساسي في تعميق الغزو الإعلامي الأجنبي من خلال مدة ساعات البث المخصصة للمواد الأجنبية دون أن تأخذ بعين الاعتبار قيم المجتمع العربي وأنماطه وتقاليده الاجتماعية بالإضافة إلى أن القاسم المشترك لبرامج القنوات الفضائية العربية هو المادة الترفيهية وأفلام الجريمة والعنف والرعب والجنس أو بمعنى آخر أن ثقافة تطغي عليها أكثر ما ينتج عنه ظاهرة سلبية تتمثل في الاغتراب والقلق وإثارة الغريزة والفردية والعدوانية ودافعية الانحراف وسلطة المال والنساء وحب الاستهلاك والأنانية والتمرد مما يؤثر علي إدراك الشباب وسلوكهم ومعارفهم بحث تتحول من صورة ذهنية إلي نشاط عملي عن طريق المحاكاة والتقليد وعمليات التطويع الاجتماعي ومن المحتمل أن تخلق برامج الفضائيات العربية الاضطراب الاجتماعي وعدم الاستقرار في العلاقات العامة الاجتماعية وتنمية الفردية والروح الاستهلاكية والهروب من التصدي لواقع الحياة والاستسلام له وتوطين العجز في النفوس وإضعاف الروابط الأسرية وقيمها وتعميق المشاعر الذاتية أكثر من الالتزام الجماعي والانهيار بالثقافة والموديلات الأجنبية على حساب الهوية الثقافية بالإضافة إلي ازدياد اليأس والإحباط .وأشارت إلى أنه يجب ضرورة الانتباه إلي تلك الظاهرة علي أنها قد تحمل توجهات سياسية وفكرية ملغومة تهدف إلي تدمير الواقع العربي وثقافة المجتمع وقيمه موضحة أن يكون هناك مواجهة تستند على خطة تتعلق بالطرق والوسائل للتقليل من طوفان المادة الإعلامية الأجنبية في الإعلام العربي مع أهمية تحصين الشباب سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتربويا وتعميق وعيه بمضامين الغزو وسلبياته وتطوير صنع القرار الإعلامي بالإضافة إلي اللجوء إلي التراث العربي الإسلامي باعتباره مصدرا ثريا لمواجهة تحديات وإفرازات العولمة وعاملا مساعد لتشكيل تجانس ذهني وروحي بين شباب المسلمين والعرب .[c1]تخصص نوعي[/c]ويشير د. صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة إلى أن القنوات القضائية العربية قد زادت فاتجهت بعضها إلي التخصص فكانت قنوات للرياضة والموسيقي والشباب والمرأة والأخبار والاقتصاد وغيرها وتعد مصر ولبنان ودبي أكثر البلدان العربية تنوعا في القنوات الفضائية ، فهناك فضائيات تبث من بلدان عربية وأخرى غير عربية لكنها تخاطب المواطن العربي أما العاملون فهم خليط من أقطار عربية مختلفة والممولون من أقطار أخري وغالبا من تلك البلدان الأكثر ثراء وهذه القنوات لا تفصح عن هويتها ، وهناك قنوات أرضية تحولت إلي فضائية وهي قنوات محلية تبث من بلد معين تعبر عنه وتمثل ذلك البلد إلا أن التطور حتم عليها الارتقاء لتصبح قنوات فضائية لكنها ظلت محتفظة بسمات القناة المحلية من قصور في مسايرة التقدم العلمي والإعلامي وعجزت عن اللحاق بما يقتضي أن تكون عليه الفضائيات لارتباطها بالمؤسسات الرسمية والروتين المتفشي فيه فهي في الغالب قنوات حكومية وتحرص على تقديم برامجها الوطنية مع تطعيمها بما هو عربي وأجنبي مثل قنوات مصر وسوريا والمغرب والأردن وتونس ، بالإضافة إلي أن هناك فضائيات بدأت فضائية من الأصل وهي قنوات أكثر تطورا وشمولا من القنوات المحلية فهي عربية التوجه منذ تأسيسها دون أن تهمل ما هو محلي وهي غالبا ما تكون محمولة من دول أو شخصيات شديدة الثراء وبعض الدول قد تمول هذه القنوات دون أن تتدخل تدخلا مباشرا في سياستها الإعلامية إلا عند الضرورة القصوى .